1
0
الثلاثاء 14 آذار 2023 ساعة 11:54

قراءة في تأثير عودة العلاقات بين طهران والرياض على الملفات الإقليمية

قراءة في تأثير عودة العلاقات بين طهران والرياض على الملفات الإقليمية
ما هو تأثير إحياء العلاقات بين طهران والرياض على المنطقة؟

بعد توقيع الاتفاق بين طهران والرياض لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد 7 سنوات، تركز وسائل الإعلام الدولية وخاصةً الإقليمية اهتمامها على هذه القضية، وتقوم بالتحقيق في أبعاد آثار هذا الاتفاق على المنطقة والملفات الحساسة مثل الحرب في اليمن أو القضية الرئاسية في لبنان، وإلخ.

لكن هل يمكن لإعادة العلاقات بين إيران والسعودية، كما يعتقد بعض الأطراف، أن تؤثر حقًا على ملفات مثل الحرب في اليمن والأزمة السياسية في لبنان، وأن يكون لها آثار إيجابية عليها؟

للإجابة على هذا السؤال، وفي أي اتجاه ستسير التطورات في المنطقة بشكل عام بعد اتفاق طهران - الرياض، يجب أولاً تقييم ردود الفعل الإقليمية في هذا المجال.

كل الدول واللاعبين في المنطقة، - سواء الدول التي دعمت إعادة العلاقات الإيرانية السعودية من قبل، ولعبت دور الوسيط في هذا المجال مثل سلطنة عمان والعراق، أو الدول التي كانت محايدةً أو حتى عارضت استئناف هذه العلاقات، أيدت الاتفاق المذكور، وأعربت عن أملها في أن تكون خطوةً لتحقيق الاستقرار الإقليمي المستدام والتعاون البناء بين جميع الدول.

لكن كما كان متوقعاً، كان الکيان الصهيوني الطرف الأول الذي اعتبر نفسه الخاسر من الاتفاق الإيراني السعودي، وشعر أن هذا الاتفاق سيكون عقبةً أمام كل جهود تل أبيب في عملية التطبيع مع الرياض. وخاصةً أنه قبل فوزه في الانتخابات، كان رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، قد راهن كثيرًا على اتفاق التسوية مع السعودية كأول إنجاز له في الحكومة الجديدة.

التيارات المعارضة لنتنياهو وحكومته، بما في ذلك يائير لابيد ونفتالي بينيت، رئيسي الوزراء السابقين للکيان، استغلت هذه الفرصة لمهاجمة نتنياهو واتهمته بتبني سياسات خاطئة، ما دفع السعودية للتحرك نحو التقارب مع إيران بدلاً من الکيان الإسرائيلي. وعليه، يعتقد الخبراء والدوائر الصهيونية أن "إسرائيل" كانت الخاسر الأول وضحية الاتفاق بين إيران والسعودية.

الاتفاق الإيراني السعودي وبعض التساؤلات حول مصير الحرب في اليمن

في سياق آخر، كان الكثير ينتظرون تأثير إعادة العلاقات بين طهران والرياض على الحرب في اليمن، ويأملون أن تنتهي هذه الحرب قبل دخول عامها التاسع.

في هذا الصدد، يجب القول إنه کما أكد الجانبان السعودي والإيراني مرارًا، فإن نوع التفاعل بين البلدين منفصل عن أي ملف في المنطقة، ولا يمكن الاستنتاج بأن الاتفاق بينهما له تأثير مباشر على قضايا المنطقة.

لكن من المؤكد أن استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، كدولتين إقليميتين مهمتين، سيخلق بيئةً هادئةً ومناسبةً للتعامل مع مختلف القضايا والملفات.

فيما يتعلق بما إذا كانت الحرب في اليمن ستنتهي قبل دخولها عامها التاسع أم لا، تشير الإشارات الحالية إلى تقدم الجهود لإعلان وقف دائم لإطلاق النار في اليمن؛ وخاصةً بعد المفاوضات الأخيرة بين طرفي الحرب الرئيسيين، وكذلك دخول روسيا المباشر في خط الوساطة في هذا الملف.

إضافة إلى ذلك، وبعد توقيع الاتفاقية بين طهران والرياض، أعلنت مصادر يمنية استعداد وفد دبلوماسي إماراتي رفيع المستوى للسفر إلى صنعاء، وعلينا انتظار التطورات الأخيرة بشأن قضية حرب اليمن في المستقبل القريب.

دور الاتفاق بين إيران والسعودية في حل أزمة اليمن

بشأن الحرب السعودية اليمنية، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: "إن قضية اليمن هي دائماً من أولويات إيران. بطبيعة الحال، من المتوقع أنه مع المناخ الإيجابي الجديد لهذا التطور، يمكن أن يكون له نتائج جيدة فيما يتعلق بقضية اليمن. قضية اليمن بيد اليمنيين أنفسهم، ومنذ البداية كنا نعتقد أن الحرب ليست حلاً، وأنها ضارة للبلدين والمنطقة بأسرها".

وأضاف: "لطالما اتخذت إيران زمام المبادرة السياسية. بالطبع، وعدنا بأننا سنبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد، مع الأخذ في الاعتبار التأكيد التي تم خلال زيارة السيد أمير عبد اللهيان الأخيرة إلى جنيف، وبناءً على طلب الأمين العام للأمم المتحدة".

وتابع: "كان موضوع المفاوضات الإيرانية السعودية ثنائياً، ولن تتفاوض إيران نيابةً عن أي دولة أو حكومة ما لم يُطلب من إيران القيام بدورها الإيجابي، وستلعب إيران دوراً إيجابياً في ملف اليمن أيضًا، لكن شعب اليمن هم من يقرر مصيرهم بأنفسهم".

الاتفاق بين إيران والسعودية وأثره على علاقات طهران بالمنامة

قال ناصر كنعاني، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، في مؤتمره الصحفي الأسبوعي بشأن آثار الاتفاق بين إيران والسعودية على المنطقة: "أظهرت الدبلوماسية نتائجها بشكل جيد، والاتفاق بين إيران والسعودية يظهر فعالية الحل الدبلوماسي لحل سوء التفاهم. ولحسن الحظ، كانت هناك ردود فعل إيجابية للغاية حول هذه الاتفاقية، وهذا يدل على أن هذا التطور المهم يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في المنطقة، بما في ذلك بين إيران ودول أخرى."

وأضاف: "العلاقات مع البحرين ليست استثناءً من هذه القاعدة. لحسن الحظ، مع الأجواء الإيجابية التي نشهدها، يمكن أن يحدث هذا الجو الإيجابي أيضًا في بلدان أخرى في المنطقة."

اللبنانيون ينتظرون نتائج الاتفاق بين طهران والرياض علی الملف السياسي لبيروت

العملية ذاتها تنطبق على ملف لبنان والأزمة السياسية لهذا البلد. حيث إنه منذ انتهاء رئاسة ميشال عون في تشرين الأول/أكتوبر 2022، تنتظر أحزاب داخلية كثيرة في لبنان تأثير التطورات الخارجية على الوضع السياسي لهذا البلد.

بعد عقد 11 جولة من الاجتماعات غير الحاسمة في مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية، بات واضحاً أن الأحزاب اللبنانية لا تستطيع ولا تريد بالطبع التوصل إلى اتفاق داخلي.

في غضون ذلك، لم يكن لتحركات الجهات الأجنبية مثل الولايات المتحدة والسعودية وقطر وفرنسا نتيجة واضحة لحل قضية الرئاسة اللبنانية، ورغم مرور 3 أشهر من عام 2023، لا يزال القصر الرئاسي في هذا البلد خاليًا. وكما قلنا، كانت أطراف داخلية كثيرة في لبنان تنتظر تطورات خارجية، مثل المفاوضات المتعلقة بالقضية النووية الإيرانية ونتائج المفاوضات بين طهران والرياض.

وفي ردود فعل المسؤولين والشخصيات اللبنانية مثل نجيب ميقاتي رئيس وزراء الحكومة اللبنانية المؤقتة، وعبدالله بوحبيب وزير الخارجية، وجبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، على أنباء الاتفاق بين إيران والسعودية، يمكن ملاحظة أن اللبنانيين يأملون في الآثار الإيجابية لهذا الاتفاق لحل الأزمة السياسية في بلادهم.

لكن هل سيؤدي الاتفاق بين طهران والرياض حقًا إلى حل الأزمة السياسية في لبنان؟ الحقيقة أن ملف لبنان لا يتأثر بشكل مباشر بالعلاقات بين إيران والسعودية مثل اليمن، لكن بما أن الأحزاب اللبنانية الداخلية كانت تتطلع إلى هذا الاتفاق، يمكن القول إنه على المستوى النفسي على الأقل، فإن إعادة العلاقات بين البلدين المذكورين يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على موقف الجماعات السياسية اللبنانية.

وفي هذا الصدد، قال السيد صباح زنكنه، محلل شؤون المنطقة: يشعر اللبنانيون أنه لن يكون هناك مواجهة بين إيران والسعودية، وهذه القضية لها آثار نفسية وأبعاد سياسية على المحاور المقربة من البلدين في لبنان، ويمكنهم حل مشاكلهم داخلياً والتفكير في حل المشاكل الاقتصادية والمعيشية للشعب اللبناني، بدلاً من المواجهة والصراع.

وهکذا، ليس من المستبعد أن نشهد في المستقبل القريب انفتاحًا في الملف السياسي للبنان، وعمل أطراف هذا البلد على حل الخلافات الداخلية من أجل انتخاب الرئيس. لكن الذين ينتظرون التأثير المباشر للاتفاق بين طهران والرياض على الحالة اللبنانية، فبعض المحللين اللبنانيين لهم رأي مختلف.

يعتقد "إبراهيم أمين"، المحلل اللبناني البارز ورئيس تحرير جريدة الأخبار، في هذا الصدد: "من يتوقع نتيجةً مباشرةً من الاتفاق بين إيران والسعودية بشأن قضية الرئاسة اللبنانية، فقد أخطأ في قراءة هذا الاتفاق. لأنه لا السعودية تنوي تغيير موقفها تجاه لبنان ولا إيران تتدخل في الشؤون الداخلية للبنان، بما في ذلك القضية الرئاسية في البلاد. لذلك، فإن الخطوة الأولى لتسهيل العملية السياسية في لبنان، هي مراجعة الرياض للمواقف والإجراءات التي اتخذتها بشأن لبنان، وخاصةً خلال العقد الماضي".

كما أعلن إبراهيم أمين أن السعودية تسعى إلى عدة أهداف مهمة من التقارب مع طهران، وأحد هذه الأهداف هو خلق توازن حقيقي مع إيران كدولة مهمة ومؤثرة في المنطقة.

السعوديون يحاولون أيضاً المصالحة مع سوريا عبر إيران، لأنهم يدركون الثقل السياسي لطهران في المنطقة، ومدى الدمار والتآكل لنتائج السياسات العدائية السعودية في المنطقة على مدار العقد الماضي.

إيران تسعى إلى الاستقرار الإقليمي

كما تحدث هذا المحلل اللبناني البارز عن دوافع إيران لإحياء العلاقات مع الرياض، قائلاً إن جمهورية إيران الإسلامية تريد أولاً وقبل كل شيء تحقيق استقرار دائم في منطقة الخليج الفارسي دون أي تدخل أجنبي، وخاصةً من الأمريكيين. ويتطلب تحقيق هذا الهدف إقامة علاقات بناءة واستراتيجية مع جميع اللاعبين الداخليين في المنطقة، بما في ذلك السعودية، باعتبارها أكبر دولة عربية في المنطقة.

ووفقًا لهذا التحليل، تعتزم إيران أيضًا احتواء التدخلات السعودية السابقة في شؤونها الداخلية، وخلال فترات المفاوضات المختلفة بين طهران والرياض، بوساطة من العراق وسلطنة عمان، قدّم الإيرانيون العديد من الوثائق لنظرائهم السعوديين، أظهرت دور المخابرات والتمويل والإعلام السعودي في المشاريع التخريبية ضد طهران. ولذلك، يتوقع بعد الاتفاق المذكور أن يلتزم السعوديون بالتراجع عن مواقفهم السابقة تجاه إيران.

بصرف النظر عن التحليلات العديدة التي يقدمها الخبراء والمراقبون في الشؤون الإقليمية، حول الدوافع والأبعاد والآثار والآفاق العملية للاتفاق الإيراني السعودي، فقد اتفقوا جميعًا على نتيجتين من هذا الاتفاق.

بادئ ذي بدء، سيكون لاستعادة العلاقات بين طهران والرياض تأثير كبير في الحد من النفوذ والتدخلات الأمريكية في منطقة الخليج الفارسي. وفي المرحلة التالية، فإن استئناف هذه العلاقات سيؤخر مشروع التطبيع للسعودية مع الکيان الصهيوني لفترة غير معلومة، أو ربما يوقفه كليًا، وهو ما يقلق الصهاينة كثيراً.
رقم : 1046631
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

الحسن لشهاب _ بني ملال _ المغرب
صدق من قال:حاميها حراميها..و امريكا او بالاحرى النخب المصرفية العالمية، التي يعتقد الرأي العام انها تحمي العالم ،هي تحمي فقط زعماء العالم ، المؤيدين لمصداقية خططها الجهنمية،و هي من تدعم الصراعات و الفتن من لغاية ترويج الاسلحة الغربية الصنع ،و هذا ما يؤكد ان العالم اليوم في امس الحاجة الى نظام دولي جديد ،بديل عن النظام الدولي الراسمالي الغربي السائد و المهيمن مند الحرب الباردة،و منطق العقل يقول ان المستفيد من الحروب ،لا يحب السلم و الامن للعالم، و ما وقع في افغانستان و في الحرب بين ايران و العراق و في الحرب ضد العراق و ضد سوريا و ضد ليبيا و اللائحة طويلة ،لخير دليل ان ان تحالف النخب المصرفية بالسلاطين العرب و بالتوسعيين المحتلين الصهاينة،و مساومة امريكا للسعودية ابان الربيع العربي"المال مقابل حماية عرش السلطان من غضب الشعب السعودي "،و تراجع ديمقراطية الثورة الصناعية ،و ضعف كبار الموظفين الدوليين و النواب او الصحافيين الغربيين امام رشاوة و هدايا السلاطين العرب، يؤكد على ان النظام الراسمالي الغربي نظام فاسد بكل المقاييس،لكن و الحمد لله، الذي اوصل وقت التخلي عن الطغاة و التمسك بالدفاع عن كرامة الانسان,,,اما السلم و الامن العالمي فهو يتطلب،خلق نظام عالمي جديد قوي و عادل و صارم قادر على :اولا حصانة سيادة و جغرافية الاوطان،ثانيا حماية حرية ممارسة الطقوس الديني و المذاهب الفكرية الغير المتدينة ،ثالثا الالتزام بمقاصد و مبادئ ميثاق النظام الدولي الجديد، رابعا و اخيرا ردع اي نظام سياسي يتمرد او لا يحترم الشروط الثلاثة السابقة،و ذلك بقطع العلاقات الديبلوماسية مع هذا النظام السياسي المتمرد ,,,لان الدول ليست ضيعات لبعض الاشخاص و ان المواطن ليس رعية,,و لان مفهوم الامن و السلام و المبادئ الانسانية و حقوق المواطنة ،غير قابل للتجزئة,,
أهم الأخبار
إخترنا لکم