QR CodeQR Code

ثبات النظام القديم

اسلام تایمز , 15 تشرين الثاني 2013 12:47

اسلام تايمز - نقترب من الذكرى الثالثة لبدء موسم الانتفاضات العربية، او ما سُمي خطأ "الربيع العربي"، حين وقف الشاب التونسي محمد البوعزيزي وسط شارع في بلدة سيدي بوزيد، بعد مواجهة مهينة مع الشرطة، وصبَّ البنزين على جسده وأشعل النار ليحرق نفسه والعالم القاسي الذي كان يعيش فيه مع الملايين من التونسيين والعرب.


الاحداث المتلاحقة بشكل مذهل في الاسابيع القليلة التي تلت معمودية النار في تونس استحضرت ملاحظة صائبة لفلاديمير لينين: "أحيانا تمر عقود ولا يحدث فيها شيء، واحيانا تمر اسابيع تحدث فيها عقود".

في تلك "اللحظة الحماسية" ، كثر الحديث عن وعد الثورة والتغيير، عن الحركة الشبابية التي عبأت المجتمع باستخدامها الخلاق لوسائل الاتصال الاجتماعي، وعن التحولات الجذرية التي ستعصف بالمنطقة وتجرف معها الارث السلطوي الجاثم على المجتمعات العربية، منذ استقلالها.

بعد مرور ثلاث سنوات على النشوة الاولية، حتى الذين سموا الانتفاضات "الربيع العربي" يعترفون الان بأن ربيعهم، ربما في ما عدا تونس، تحول بسرعة شتاء مظلما، وان سقوط الطغاة في مصر وليبيا واليمن لم يسفر عن أكثر من التخلص من قمة الهرم القمعي، لكن الهرم، بمعنى البنية التحتية القمعية السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية، بقي كما هو الى حد كبير. في البحرين قمعت الانتفاضة بقوة من الداخل وبتدخل عسكري من مجلس التعاون الخليجي. في سوريا أدى القمع الوحشي للتظاهرات السلمية والممارسات الطائفية للنظام الى تحويلها انتفاضة مسلحة اكتسبت لاحقا بعدا دينيا ومذهبيا خطيرا.

الاكاديميون والمؤرخون كتبوا الكثير عن جذور الانتفاضات وشحّ انجازاتها. آخر الدراسات وهي بعنوان "لماذا الحصاد المتواضع" للانتفاضات، ركزت على سببين منعا الانتفاضات من النجاح: عائدات النفط التي تمنع التغيير في الدول النفطية (ليبيا الاستثناء لأن القذافي سقط بتدخل خارجي) وطبيعة الانظمة الوراثية، ومنها سوريا، التي تسمح للحاكم باقامة علاقة وثيقة مع وسائل القمع المتوافرة لديه من شرطة وجيش.

لكن ثمة تفسيرات اخرى أبعد من النماذج الاكاديمية التي تسعى الى رسم أطر نظرية تخرج منها بتفسيرات "علمية" تكون احيانا بعيدة من الواقع.

الموروث الثقافي والديني والاجتماعي المحافظ وطبيعة المجتمع البطريركي والقبلي، والطغيان السياسي والتهميش الذي استهدف الاقليات غير العربية او غير المسلمة، كلها تضافرت لتمثل "الثورة المضادة" للنظام القديم وأدواته التي أجهضت وعد الانتفاضات. التقرير الاخير لوكالة "رويترز" عن الوضع المخزي للمرأة في دول الانتفاضات، وخصوصا ان مصر هي أسوأ دولة عربية بالنسبة الى المرأة، هو تأكيد صارخ لثبات النظام القديم ولاخفاق الانتفاضات، ولا سيما المصرية، في تحقيق الحد الادنى من أهدافها الاولية.

بقلم: هشام ملحم 

/ انتهى المقال /


رقم: 321162

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.org/ar/article/321162/ثبات-النظام-القديم

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.org