QR CodeQR Code

اوباما ومتغيرات ما بين الزيارتين للمنطقة ... والنتائج؟

اسلام تایمز , 7 نيسان 2014 15:12

اسلام تايمز - قبل عام من الان جاء اوباما للمنطقة و في جعبته خطة توخاها لحسم الوضع السوري عسكريا لمصلحة المشروع الصهيواميركي ، و بما يرضي شهوات من يسميهم "حلفاءه في المنطقة "، حسم طمح دعاته الى اسقاط سورية الدولة و النظام و الموقع الاستراتيجي و استبدلها بما يحقق لاميركا رغبتها في "شرق اوسط جديد" يستجيب لخططها الاستعمارية ، مع وعد للحلفاء المزعومين بتلبية طموحاتهم في السلطة او الفضاء الاستراتيجي او احياء امبراطورية سقطت منذ قرن .


وفي نهاية جولته في العام الماضي اطلق اوباما "خطة اسقاط سورية " و تشظيها ، و تبعا لهذا السقوط المظنون او المفترض ، تخيل التركي انه سيقيم الامبراطورية العثمانية الجديدة ، و حلم القطري بفضاء حيوي استراتيجي يجعل من قطر دولة اقليمية عظمى تنافس المملكة السعودية التي تلهث من اجل الابقاء على وضعها المتقدم في المجموعة العربية و المجموعة الاسلامية حيث مكنتها ظروف سادت في العقود السابقة من احتلال المقعد الاول في هاتين المجموعتين ، و هي تحرص الان على المحافظة على هذا الموقع متكلة على القوة المالية الذاتية و القوة العسكرية الاميركية التي عودتها تدمير او شل او تعطيل قدرات اي دولة اقليمية يمكن ان تنافسها في هذا الامر.

حلم الثالوث غير المقدس (السعودي - التركي - القطري) بالانتصار في الهجوم على دمشق ، و تعاظم حلمهم الى الحد الذي جعلهم يظنون بان اميركا لن تقبل بالفشل و لن تتراجع عن تحقيق الانجاز المطلوب ، حلم جعلهم يظنون بان الجماعات الارهابية المسلحة ستشكل الموجة الاولى من العدوان فاذا حققت المطلوب و نجحت فيما اسمي "بركان دمشق زلزال سورية" كان به ، و ان اخفقت فان اميركا لن تتردد في تكرار المشهد الافعاني او العراقي او اقله المشهد الليبي ، و لن تتورع عن ارسال جنودها من اجل تحقيق اهداف عدوانها على سورية لتحقيق المصلحة الاميركية - غربية الذاتية اولا و من اجل مصالح حلفائها الاقليمين المنضوين في المثلث المذكور ثانيا و قد كانت السعودية الاشد حماسة بين الثلاثة في الامر دون ان يعني ذلك تردد تركي و قطري بشأن العدوان في صيغتيه ( الاصلية على يد الجماعات المسلحة و الاحبتياطية على يد القوات الغربية و في طليعتها الاميركية ) .

نام المثلث الحالم بالنفوذ و السيطرة و الامبراطورية على انقاض سورية الدولة و انقاض المنطقة و الامة ، نام على حلم النجاح الاكيد و غادر اوباما المنطقة و ترك الحالمين يسعدون باحلامهم على وقع اندفاعة الارهابيين باتجاه دمشق و مدن سورية اخرى . لكن الميدان السوري جاء برد كذب الاحلام و اجهض امال الجميع ، و بدل ان تحدث موجة الارهاب الممول خليجيا و المدعوم تركيا صدمة تزلزل الدولة السورية كما كان المنفذون يظنون ، حصل العكس تماما ، حيث تكسرت الموجات الارهابية على الصخور السورية و ارتدت على مطلقيها سلبياً و رسم مشهد سوري ميداني توزع تحت عناوين ثلاثة : اولها نجاح الجيش العربي السوري في التحكم بزمام المبادرة في الميدان و الانطلاق في عمليات التطهير المتتابعة و سد المنافذ و محاصرة الارهابيين ، و الثاني تفجر الصراعات بين الجماعات الارهابية و و تحولها الى دموية الغائية ، و الثالث بدء التحرك المعاكس للارهابيين و خروجهم من سورية هربا من اتونها و بدء تهديد المصالح الامنية للدول الراعية .

بنتيجة انكسار الصيغة الاولى من خطة اوباما لاسقاط سورية كان التصور السعودي اليقيني بان اميركا لن تتأخر في وضع "الخطة ب " موضع التنفيذ اي خطة الهجوم العسكري الغربي على سورية ، و الكل يذكر تلك الايام من شهر آب الماضي التي تلت استعمال الارهابين في سورية للاسلحة الكيماوية و كيف كان تواطؤ دولي رافق خداع و كيد غربي اميركي لانتاج بيئة تبرر العدوان على سورية بحجة استعمالها للسلاح الكيماوي ، سلوك يذكر بالتلفيق و النفاق الاميركي حول اسلحة الدمار الشامل المزعومة كذبا في العراق لتبرير العدوان عليها .

و مرة جديدة ينام السعودي و القطري و التركي قريري الاعين حالمين بالتدخل العسكري الاميركي الذي يحسم المسألة في سورية و يعوض على مثلث الادوات هزائم ارهابييهم في "الخطة أ" و صيغتها الاجرامية .

و بالفعل اوحت اميركا لهؤلاء و بمناورة سياسية دعائية ، بانها ذاهبة جدياً "للخطة ب" و انعا ستبدأ هجومها العدواني على سورية في وقت قصير ، فطرب المثلث الاقليمي المذكور و هو يسمع تهديد اوباما لسورية و تلويحه بقرب الحرب عليها ، لكن نسي هؤلاء بان سورية ليست عراق صدام و ليست ليبيا القذافي ، و نسي هؤلاء ان سورية هي القلعة الوسطى في محور المقاومة و ان هذا المحور يملك من قدرات الرد ما يجعل المعتدي يندم اذا انطلق في عدوانه ، و بين التهديد و المناورة السياسية و الاستعدادات و المرونة و الذكاء الدفاعي طويت صفحة الحرب ، و طارت "الخطة ب" من الملف و طارت احلام المثلث الاقليمي حتى و طار صواب السعودية التي ادركت بان اميركا خذلتها ، و باعتها في سوق المصالح و الحسابات الدولية التي لا تفهم السعودية او لا تتقن قراءتها كما يجب .

هنا كانت الكارثة التي نزلت بالمثلث الاقليمي المضطلع بالعدوان على سورية ، فكان زلزالا بخّر الاحلام و تصدع معه البنيان القائم على الشر و العدوان ، و حتى تكتمل الصورة المؤلمة لهؤلاء خاصة السعودية عقدت اميركا الاتفاق الاولي مع ايران حول ملفها النووي ، و استبعد مع هذا الاتفاق اي تفكير بعمل عسكري اميركي او اسرائيلي ايضا ضد ايران . و هنا اسودت الصورة اكثر بوجه مثلث الادوات الاقليمية و شعرت ان الاميركي تخلى جديا عنها و تركها لمصيرها تتخبط بعجزها .

و الان يأتي اليهم اوباما بعد عام زخر بهزائهم و خيباتهم التي تقابلها انجازات و انتصارات محور المقاومة التي صنعتها بطولات الجيش العربي السوري و القوات الحليفة و الرديفة ، فما الذي يستطيعه اوباما و كيف تكون وعوده و احلامهم ؟

يبدو ان زيارة اليوم تتم في بيئة دولية و اقليمية و ميدانية سورية معاكسة لطموح الجميع ، فخسائر الغرب متعددة العناوين و الميادين من سورية الى اوكرانيا مرورا بايران ، و ان الاوراق التي كان من الممكن ان تهدد بها اميركا يبدو انها افرغت من محتواها او انها عطلت او انتفت فعاليتها و صلاحيتها فلا التهديد بالحرب بات امرا يخيف ، و لا التهديد بالعقوبات بات امرا مرعب و لا التلويح باقامة الاحلاف و التكتلات الدولية و فتح الجبهات بات امرا يؤخذ على محمل الجد ، فالغرب يتخبط في ازماته الاقتصادية ، و جيوشه تئن من الارهاق الذي اصابها في حروب العقود الثلاثة الماضية ، و من كان من الخصوم او الاعداء او المنافسين يحاذر اغضاب الغرب خشية عقابه ، انقلب الى موقع لا يخاف من تهديد و لا يأبه لوعيد ، و بعد هذا المشهد يطرح السؤال حول معنى الجملة التي تمخضت عنها زيارة اوباما للسعودية " اميركا و السعودية متفقان استراتيجيا مع وجود اختلاف تكتيكي " و هي الجملة التي تصلح لتكون عنوان نتائج زيارة اوباما للمنطقة نتائج نراها ما يلي :

- ستيقى اميركا تسمع حلفاءها من المثلث الاقليمي اجمل الكلام فيما يرضيهم لكنها لن تكون جاهزة للانخراط من اجلهم او من اجل اي احد اخر في حرب و لن تفتح جبهات جديدة اينما كانت الجبهة و اميركا ارادت ان تفهمهم موقفها حيالهم وقولها " اذهب و قاتل و انا قاعدة هنا انتظر " ، لانها لن تعكر صفو تحضيراتها للانسحاب من افعانستان و لا يمكن ان تغلق ممرات الخروج في اتجاه روسيا او ايران .

- انا ما قامت به اميركا تجاه ايران ليس زلة و هفوة بل هو تخطيط استراتيجي لا تراجع عنه لانها لا تملك البديل و بالتالي غضب الحلفاء ام رضوا فلا تراجع عن المسار السلمي للملف النووي الايراني .

- اميركا لن تستمر في الرهان على متغيرات في سورية من قبيل اسقاطها او اسقاط نظامها ، بل ان الواقعية تفرض الاعتراف بما هو قائم و بقدرات الخصم و بما هو ممكن الحصول فاذا اراد الادوات شيئا اخر فعليهم المغامرة بانفسهم و لكن تحت سقف تحدده اميركا سقف ترفض اميركا خرقه لانه قد يمس مصالحها او يجبرها على فعل لا تريده ، و لهذا لن يكون اردغان حرا في جر الاطلسي الى حرب فب المنطقة.

- اميركا لن تتدخل الان في ابرام مصالحة بين "الاعدقاء " اركان مثلث العدوان ، و تنافرهم يريحها و من يفرض نفسه منهم على الاخر تكون معه و من يمسك بامر بلاده فانه يكون محل ترحيبها و لكن من يخسر منهم في داخل دولته او في مواجهة الاخرين لن يجد لديها ما تعوض عليه فيه ، و لهذا فهي ستترك السعودية تتعامل مع ارتدادات قراراتها في مسلسل تعيين الحكام ، و ستراقب من بعيد نتائج الانتخابات التركية و آلام اردغان ، و ستواكب العلاقة المتفجرة بين قطر و السعودية ، و هي تعلم ان حلفاء هذا حالهم لا يمكن المراهنة عليهم في اي حرب او مواجهة .

و في الخلاصة نرى ان زيارة اوباما هذه المرة لم تكن من اجل اطلاق خطط حرب اخرى كما فعل في السنة الماضية ، بل جاء في مهمة التحضير للتراجع و حفظ ماء الوجه ، و ضخ حزمة من المواقف الكلامية لمثلث الحلفاء يخفف فيها من فجيعتهم في الشكل و يحملهم فيها مسؤولية فشلهم المستقبلي في سورية و المنطقة ، و باختصار اوباما 2013 جاء الى المنطقة مهاجما و تعلقت به امال مثلث العدوان ، و في 2014 جاء محضرا للتراجع محطما امال المثلث نفسه ، و مع هذا التغيير نعتقد انه من الموضوعية و الواقعية القول ان الغرب بدأ يتصرف فعليا على اساس انه خسر الحرب في سورية كما خسرها في اوكرانيا .

العميد د. امين محمد حطيط


رقم: 370179

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.org/ar/fori_news/370179/اوباما-ومتغيرات-بين-الزيارتين-للمنطقة-والنتائج

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.org