0
الجمعة 5 أيار 2017 ساعة 22:00

كيف تحقق الإخلاص لله؟

كيف تحقق الإخلاص لله؟
 فكما أنه يكون مع الله في تطهيرِ القلبِ من الرياء، فيكونُ مع الناس في تركِ نفاقِهم، وعدم التلونِ في التعامل معهم، وكما قال الشاعر: (لا تمش ذا وجهين من بين الورى :: شرٌّ البرية من له وجهان). أما الإخلاص مع الله، فهو أهمُّ المُهِمَّاتِ، وأوجبُ الواجباتِ، وأساسُ الأعمال، ولا يكون العمل إلا به،


كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات)، فلا يكون العمل مقبولاً إلا بنيةٍ خالصةٍ لله -سبحانه وتعالى-، فأي عبادةٍ لله إذا لم تكن خالصةً لوجهِ اللهِ تعالى، فلا يقبلها الله، ومن هنا تأتي أهمية الإخلاص لله -جلّ وعلا-. والإخلاص أساسُ دعوة الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ"، وهذه الآية كأنما تحصِرُ أوامر الله لعباده في الإخلاصِ له ؛ لأنه الأساس والركن والركين، (فأساسُ أعمالِ الورى نياتُهم ::: وعلى الأساسِ قواعِدُ البُنيانِ)، والإخلاصُ هو تصفية القلب من الشوائب التي تكدر النية، وتعكر صفاء القلب، والإخلاص تطهيرٌ للقلب من التعلقِ بغير الله -عز وجل-، وبه تسمو النفوس، وترتفع عن نظرات الناس وإعجابهم،


فالمخلص لله -سبحانه وتعالى- لا ينتظر من الناس حمداً ولا شكوراً، ولا ينتظر مدحاً ولا ثناءً ؛ لأن نفسه لا تتوق إلا لمرضاة الله -جل وعلا-، والوصول إلى مغفرته وعفوه. الإخلاصُ في القلب لا يمكن لأي شخصٍ أن يعلم حقيقة النيةِ لدى شخصٍ آخر، فمهما ظهر على المرءِ من علامات الخشوعِ والتعبُّدِ لله -عز وجل-، فلا يُمكِنُنا الجزمُ بحُسنِ نيته ؛ لأن النية مكانها القلب، والإخلاص هو من أعمال القلوب التي لا تظهر أمام الناس ؛ ولذلك فإن إخلاصَ النيةِ أمر متعلقٌ بين العبدِ وربه، فلا يستطيع أحدٌ أن يشقَّ قلبَ أحد فيطلِّعَ عليهِ، فالله وحده الذي يعلم بحقيقة نية الإنسان، ولا يستطيع أحدٌ أن يُزكي نفسه فيزعُمُ إخلاصَ نيتهِ، بل يسعى إلى تصفية نيتهِ لله -جل وعلا-، دون أن يشهدَ لنفسهِ بذلك. وكم من أُناسٍ تَظهرُ فيهم علامات الإيمان والتقوى، لكنهُ لا يكونُ مخلصاً، وإنما همه أن يصِلَ إلى ثناءِ الناس ومدحهم، فإن سمع مدح الناس شعر بالراحة والطمأنينةِ له،


وإن سمع ذماً حزِنَ واكتئب، ولربما ترك أبواباً من الخير لا يفتَحُها، لمجردِ أنها لا تُفضِي لمدح الناس، وقد تظهر علامات الإخلاصِ على الإنسانِ من خلال آثار أعماله الخيِّرةِ على الناس، ودون انتظارٍ للشكرِ أو الثناء، فيدل عليه سعيُه وعمله وجِده واجتِهاده في الخير، بما لا يعود بالمصلحة عليه شخصياً، لا مصلحةً ماديةً ولا معنوية، فهذا مما يدل على إخلاصه، مع ملاحظة عدمِ الجزمِ له بذلك، ولكن، وبشكلٍ أساسي، فإن الإخلاص أمرٌ قلبيٌ محض، مع كونهِ الأصلَ الذي تنبني عليه جميعُ الأعمالِ الظاهرةِ والباطنةِ، فلا يكونُ العملُ الظاهرُ مقبولاً إلا بنيةٍ صادقةٍ تدعمهُ وتُكَوِّنُ أساسه.
مصدر : اسلام تايمز
رقم : 633817
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم