0
الأربعاء 12 تموز 2017 ساعة 15:46

ما حرره الجيش السوري بشهرين يعادل سيطرته بست سنوات

ما حرره الجيش السوري بشهرين يعادل سيطرته بست سنوات
بدايةُ التطورات على الخارطة الميدانية السورية، بدأت بعد الاتفاق على إنشاء مناطق خفض التصعيد في سوريا والتي ضمّت أربع مناطق هي (محافظة إدلب وبعض أجزاء الجوار – أجزاء محددة من شمال محافظة حمص – الغوطة الشرقية وبعض مناطق جنوب سوريا)، حيث جرى هذا الاتفاق في العاصمة الكازخية "أستانا" في الرابع من أيار العام الجاري، ونصّ على أن تكون كل من روسيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية وتركيا دولاً ضامنة لمراقبة وقف إطلاق النار في تلك المناطق.

ظنّ الكثير من السوريين أن هذا الاتفاق يمسك يد الجيش السوري عن متابعة عملياته العسكرية ضد الإرهاب في مناطق عديدة في سوريا، لأنه ينصّ على وقف الاشتباكات بين الجيش والمجموعات المسلحة شمال ووسط وجنوب البلاد، إلا أن ما أنبأ عنه الميدان السوري في الأيام اللاحقة، أظهر عكس ذلك تماماً، فكان هذا الاتفاق مقدمة لتحقيق انتصارات كبيرة وساحقة، دارت عجلتها في الميدان دون أن يستطيع أحد إيقافها.

وبالفعل بدأ الجيش السوري عدة عمليات عسكرية في عدة اتجاهات، بعد أن تمركزت قواه في الفترة الحالية لمحاربة تنظيم داعش الذي يمتد في عمق البادية وصولاً إلى الحدود السورية العراقية.

خطّان متوازيان بدأهما الجيش في عمق البادية السورية، الخط الأول تمثًل في توسيع السيطرة على أطراف مدينة تدمر في الريف الشرقي لمدينة حمص، بعد أن استعاد الجيش السوري المدينة الأثرية من براثن داعش للمرة الثانية على التوالي، فكان لابد من عملية عسكرية لإبعاد هذا الخطر بشكل نهائي.

الأهداف الاستراتيجية التي حققها الجيش السوري في أطراف مدينة تدمر، تجلّت في السيطرة على حقول النفط والغاز التي تشكّل أهم دعائم الاقتصاد السوري، وأهم هذه الحقول حقل "آراك" النفطي الذي سيطر عليه الجيش السوري بتاريخ 16-6-2017 والذي يبعد حوالي 40 كيلومترا شمال شرق مدينة تدمر، وبتحرير الجيش السوري حقل آراك يكون بذلك قد سيطر على الغالبية العظمى من المنشآت النفطية والغازية في البادية السورية، حسب ما صرح مصدر عسكري في وقت سابق لوكالة تسنيم، وليقترب من السيطرة على منطقة "السخنة" الاستراتيجية التي تعتبر بوابة الدخول إلى حدود دير الزور من الجهة الشرقية.

الخط الثاني الذي عمل عليه الجيش السوري في عمق البادية، هو تأمين الخط الواصل بين دمشق حتى الحدود السورية العراقية والوصول إلى معبر "التنف" الحدودي، حيث تقدّم الجيش السوري وحلفاؤه في خطوات متسارعة بدءاً من الريف الشرقي للعاصمة متجها شرقا، ليستشعر الأمريكي مباشرة خطر هذا التقدم السريع وينفذ أكثر من استهداف بطيرانه الحربي على مواقع تابعة للجيش السوري عند حاجز "ظاظا" الذي يبعد عن معبر "التنف" حوالي 55 كيلومتراً، أدى إلى استشهاد عدد من الجنود السوريين، حيث كان الأمريكي يهدف من عدوانه هذا إلى منع الجيش من التقدم والوصول الحدود السورية العراقية.

لم يأبه الجيش السوري وحلفاؤه بالتهديد الأمريكي، بل تابع مسيره بثبات إلى أن وصل إلى مبتغاه، والتقى مع القوات العراقية شمال معبر التنف بتاريخ 10-6-2017 بعد أن حرّر ما لا يقل عن 20 ألف كيلومتر مربع، قاطعاً بذلك الطريق على القوات المدعومة أمريكياً ومبدداً أحلامها في الوصول إلى مدينة دير الزور؛ الهدف الاستراتيجي الذي يسعى الجيش السوري لتحقيقه.

وصول الجيش السوري وحلفائه إلى الحدود مع العراق، أبطل أي مفعول للقوات المدعومة أمريكاً لأنها باتت مطوقة من كل جانب، وبنفس الوقت شكّل هذا الإنجاز منطلقاً للجيش السوري ليبدأ الخطوة اللاحقة وهي التحرك باتجاه مدينة دير الزور لفك الحصار عنها وتحريرها من تنظيم داعش الإرهابي، وبالفعل وسّع الجيش من نطاق سيطرته واتجه شمالاً ووصل إلى الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور بعد أن سيطر بتاريخ 24-6-2017 على منطقة "الضليعات" الواقعة على مشارف منطقة "حميمة" على الحدود الإدارية بين حمص ودير الزور.

وبهذا الصدد قال وزير الإعلام السوري رامز ترجمان في حديثه لمراسل وكالة تسنيم في دمشق: "من خلال تقييمنا للنتائج رأينا أن ما قامت به قوات التحالف الأمريكي خلال هذه السنوات من ضرب قوات داعش، لم تستطع أن تخفف أو تبطئ من انتشار داعش أو تقضي على قوته، بينما ما قام به محور المقاومة خلال فترة بسيطة جداً من التركيز على استهداف الإرهابيين بشكل عام وداعش بشكل خاص أدى إلى تقهقر قوة داعش في المنطقة سواء في العراق أو سورية"

إنجاز نوعي نفذه الحلفاء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بتاريخ 18-6-2017 تجلّى بإطلاق سبعة صواريخ أرض – أرض من نوع "ذو الفقار"، انطلقت من قواعد الصواريخ لقوات جو فضاء التابعة للحرس الثوري في محافظات كرمانشاه وكردستان دكّت، مواقع إرهابيي تنظيم داعش في دير الزور، وأسفرت عن مقتل العديد من قادة التنظيم وتدمير مستودعات للأسلحة والذخيرة، حيث وصف العديد من الخبراء العسكريين هذه العملية بأنها غيّرت قواعد الصراع مع العدو الأمريكي وأدواته في المنطقة.

وتعليقاً على إطلاق الصواريخ الإيرانية على مواقع لداعش في دير الزور، قال معاون وزير الإعلام السوري الدكتور بسام أبو عبد الله: "الإيرانيون قالواً أنها رسالة تحذير ناعمة، وبالتالي ما هو آت سيكون أكثر قساوة وأكثر وضوحاً ولا يوجد مشكلة، بمعنى أن الرسالة تقول للأمريكي: إذا كنت متجها نحو الصدام فأهلاً وسهلاً ولا يوجد لدينا مشكلة مطلقاً للصدام إلى أعلى درجة تريدها"

بالتزامن مع العمليات العسكرية في المنطقة الوسطى والمنطقة الجنوبية من البادية السورية، كان الجيش السوري يخوض عمليات أخرى في الشمال السوري وتحديداً في الريف الشرقي لمدينة حلب، حيث تقدم الجيش السوري وسيطر بتاريخ 4-6-2017، على منطقة "مسكنة" الاستراتيجية التي تعتبر آخر معاقل داعش في الريف الشرقي لمدينة حلب، ليكون الجيش قد حرر بذلك مساحة وصلت إلى 1400 كيلومتراً مربعاً وسيطر على عشرات القرى والبلدات وقتل أكثر من 1200 داعشياً حسب ما صرّح مصدر عسكري سوري.

لم تتوقف عمليات الجيش السوري في الشمال على تحرير ريف حلب الشرقي بالكامل، بل تبع ذلك تقدم الجيش السوري وحلفائه وبإسناد جوي من الطيران الروسي، باتجاه الشرق أيضاً ليدخل إلى ريف الرقة الجنوبي، ويسيطر بتاريخ 19-6-2017 على مدينة الرصافة الاستراتيجية الواقعة على بعد 30 كيلومتراً جنوب مدينة الرقة المعقل الأبرز لتنظيم داعش، إضافة إلى سيطرته على أكثر من عشرين قرية ومزرعة كما صرح مصدر عسكري سوري.

سيطرة الجيش السوري على مدينة الرصافة، كانت منطلقاً لهدف استراتيجي لا يقل أهمية عن أي إنجاز حققه الجيش منذ شهرين حتى الآن، وهو تأمين الشريان الحيوي لمدينة حلب؛ طريق "أثريا – خناصر"، حيث عمد الجيش إلى تضييق الخناق على تنظيم داعش في المساحة الواقعة بين مدينة الرصافة جنوب الرقة ومنطقة أثريا التي يسيطر علها الجيش جنوب حلب، مشكّلاً بذلك فكي كماشة، جعلت الدواعش يستشعرون خطر الحصار المطبق، ما اضطرهم للانسحاب من مواقعهم باتجاه عمق البادية السورية، ليحرر الجيش السوري مساحة وصلت إلى 5000 كيلومترً مربع ويعلن بتاريخ 30-6-2017 طريق "أثريا – خناصر" مؤمناً بالكامل بعد أن كان عرضة لأكثر من ثلاث سنوات لاستهداف داعش بالقذائف والألغام والسيارات المفخخة.

العاصمة السورية دمشق، شهدت إنجازات نوعية أيضاً، تجلت بسيطرة الجيش السوري على حي "القابون" الدمشقي، الذي كانت تسيطر عليه "جبهة النصرة" و"فيلق الرحمن"، حيث خاض الجيش السوري عمليات نوعية، أسفرت عن فصل حي القابون، عن حي "جوبر"، قبل أن تقوم قوات الحرس الجمهوري بالتعاون مع فرقة المهام الخاصة في الجيش السوري بتضييق الخناق على من تبقى من إرهابيين، ليجبرهم بالنهاية على تسليم الحي، مقابل إرسالهم إلى مدينة إدلب شمال البلاد، وبذلك يكون الجيش قد طهّر إحدى أهم الأحياء شمال شرق العاصمة السورية، والذي كان منطلقاً للقذائف الصاروخية التي تستهدف المدنيين في العاصمة دمشق.

بالتوازي مع العمليات العسكرية التي تجري على امتداد الأراضي السورية، تسير الدولة السورية بملف التسويات والمصالحات في عدد من المدن والبلدات، لتصبح خالية من المظاهر المسلحة وتعود بذلك إلى كنف الدولة السورية، ومن أهم تلك التسويات، تسوية حي "الوعر" الواقع شمال مدينة حمص وسط سوريا، حيث تمكنت الدولة السورية من إخراج أكثر من 14 ألف مسلح مع عوائلهم وذلك على عشر دفعات، منهم من اتجه إلى مدينة إدلب شمال غرب البلاد وآخرون توجّهوا إلى مدينة "جرابلس" شمال شرق البلاد، حيث تسيطر قوات "درع الفرات" المدعومة بشكل مباشر من تركيا، ليصبح حي "الوعر" خالياً من المسلحين بالكامل ويزداد نطاق الأمان حول مدينة حمص.

بالمجمل، فإن ما حققه الجيش السوري خلال الشهرين الماضيين من إنجازات عسكرية على امتداد الأراضي السورية، يعكس مدى الارتياح الكبير للدولة السورية، في مقابل الترنح والانكسار الذي أصيبت به الأطراف المعادية لسوريا، إن كان تنظيم داعش الذي يتقهقر بشكل واضح، أو الأطراف المدعومة أمريكياً والتي أصبحت مطوقة من جميع الجهات، لا حول لها ولا قوة، بانتظار أن تعلن الدولة السورية المزيد من الانتصارات حتى تطهيرها من آخر مسلح فيها، كما يقول بعزيمة دائماً، جنود الجيش السوري.
رقم : 652911
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم