0
الاثنين 28 أيار 2018 ساعة 12:49

تفاهمات غزة: الممكن والمستبعد

تفاهمات غزة: الممكن والمستبعد
 
لكن الوضع في غزة، الصعب إنسانياً وسياسياً والمغلق على أي حلول، والهادئ نسبياً من الناحية العسكرية، يبدو مريحاً أكثر لـ"إسرائيل" من الذهاب إلى هدنة طويلة، قد تحوّل قدرات "حماس" في غزة إلى ما يماثل قدرات "حزب الله" في لبنان، وهو ما لا تريده دولة الاحتلال ولا بعض الأطراف التي تسعى إلى إبرام التهدئة.

على الأرض، تؤكد مصادر "العربي الجديد" أنّ ما يُقدم حتى الآن لغزة "مجرّد أفكار تهدف لتخفيف الإجراءات المفروضة على القطاع عبر إدخال المزيد من البضائع وفتح المعابر من دون أي ذكر لفكرة إنهاء الحصار بشكل كلي".

وتشير المصادر إلى أن "إسرائيل" تبدو معنية بالقيام ببعض الإجراءات في غزة من أجل تنفيس المشهد المحتقن منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار أواخر مارس/آذار الماضي"، وأن ما يجري تداوله حالياً "لا يعدو كونه دعايات إعلامية".
لكن مصدراً فلسطينياً مقرباً من السلطة الفلسطينية في رام الله، يؤكد لـ"العربي الجديد"، أنّ حركة حماس "ليست طرفاً مباشراً حتى الآن في مفاوضات الهدنة طويلة الأمد، وهناك مفاوضات متقدّمة تقوم بها قطر ومصر ودول أخرى، إضافة إلى أطراف في الأمم المتحدة للوصول إلى مثل هذا التفاهم".
ويشير المصدر إلى أنّ ما وصل لـ"حماس" من الوسطاء، "هو إجراءات تخفيف الحصار والرؤية الإسرائيلية فقط في ذلك، لكن التفاصيل الكاملة لم تُنقل لها حتى الآن، ويبدو أنها لن تنقل في وقت قريب، إلا إذا وافقت "إسرائيل" وغيّرت بعض شروطها، وباتت الأمور أسهل".
ويعزّز كلام المصدر نفي قيادات في "حماس" العروض المقدمة، إضافة إلى ما انفردت به "العربي الجديد" قبل أيام، حين أكدّت أنّ الحركة والفصائل في غزة ستمضي في مسيرات العودة بقواعد عمل ميدانية مختلفة، لكنها لن توقفها حتى تتحول الوعود إلى واقع على الأرض.

وفي هذا الإطار، يقول القيادي في حركة "حماس" والنائب عنها في "المجلس التشريعي"، يحيى موسى، إنه "لا توجد أي عروض محددة قدمت للحركة من أجل الوصول إلى اتفاق هدنة طويل الأمد أو قصير خلال الفترة الحالية، مقابل وقف مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار"، مؤكداً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "أيّ مقترح لا يلبي رفع الحصار بشكل كلي وشامل عن القطاع الذي يعانيه منذ ما يزيد عن 12 عاماً، لن يكون مقبولاً، لا سيما أن القانون الدولي والإنساني ينصّ على حق الشعوب في العيش، وهو ما ينطبق على الشعب الفلسطيني".

ووفق موسى، فإن الحديث الإسرائيلي الموسّع في وسائل الإعلام حول الهدنة والعروض المقدمة، "يندرج ضمن محاولات تنفيس مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، وحرف البوصلة عنها وإفقادها حالة الزخم الجماهيري عبر طرح قضايا من شأنها إحداث حالة من الخلاف"، مشيراً إلى أنه "في حال قدمت أي طروحات أو مبادرات أو أفكار للوصول إلى اتفاق تهدئة في غزة، فإنّ ذلك سيجري نقاشه مع المجموع الفصائلي الفلسطيني بغزة، ولن يتم بحث ذلك بشكل فردي أو أحادي".
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم المدهون، مع موسى، مبدياً اعتقاده بأنه "لا توجد عروض حقيقة للتهدئة بين إسرائيل وقطاع غزة وما يجري حالياً محاولة من الاحتلال للمراوغة، في ظلّ استمرار مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، وهو ما يستنزف قدراته".
ويقول المدهون لـ "العربي الجديد"، إن مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار "نجحت في تحقيق مجموعة من الأهداف، وبقي هدف كسر الحصار الذي لن يُرفض نقاشه حال وصلت عروض حقيقة للفصائل الفلسطينية في غزة وحركة حماس على وجه الخصوص، لبحثها وبحث الالتزامات المترتبة عليها".
ويوضح المدهون أنّ "ما يريده الاحتلال الإسرائيلي اليوم هو الهدوء، إلا أنّه يريده بدون ثمن وبدون العمل على رفع الحصار المفروض على القطاع مع القيام ببعض الإجراءات التخفيفية، وهو ما لم تعد تقبل به حركة حماس والمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني". وبحسب المدهون، فإن الشروط التي يضعها الاحتلال للتهدئة هي "نزع سلاح المقاومة وحركة حماس واعترافها به، والاعتراف بالاتفاقيات الموقعة والموافقة على شروط الرباعية، وهو ما ترفضه الحركة بالمطلق، في الوقت الذي لا يريد فيه الجميع الولوج إلى مواجهة عسكرية تتصاعد لحالة الحرب المفتوحة".

ويضيف المدهون أنه "من الممكن لبعض الوسطاء التدخّل والعمل على الخروج بفكرة واحدة تقوم على تهدئة من دون الاعتراف بإسرائيل، يتم من خلالها ضبط سلاح المقاومة الفلسطينية بغزة بطريقة أو بأخرى من أجل كسر الحصار، إلا أن ذلك غير ناضج حتى الآن".

على الجانب الآخر، لا يستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة "الأمة" بغزة، حسام الدجني، إمكانية الوصول إلى هدنة طويلة أو متوسطة الأمد، بين الفصائل الفلسطينية في غزة والاحتلال الإسرائيلي، "في حال لبّت أي مبادرة سياسية تطلعات وطموحات الشعب الفلسطيني".

وتتمثل هذه الطموحات، وفق ما يقول الدجني في حديث مع "العربي الجديد"، في إقامة الميناء والمطار في قطاع غزة، والعمل على إنهاء كل تداعيات الحصار، بالإضافة إلى إلغاء الإجراءات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحق القطاع، لا سيما أن الفصائل باتت تدرك أن المشهد الإقليمي والدولي بات صعباً للغاية".

ويوضح الدجني أنّ الاحتلال الإسرائيلي "أعطى العديد من المؤشرات المهمة في الآونة الأخيرة على الفصل بين العمل السياسي والعمل الإنساني، في التعامل مع أزمات القطاع، وهو ما قد يعني أنه سيتخلّى عن مطالبه لحماس بالاعتراف به ونبذ العنف ومختلف شروط الرباعية، الأمر الذي قد يسهل اتخاذ قرار رفع الحصار"، مبيناً أنّ فكرة تجاوب المقاومة الفلسطينية بغزة مع مقترحات تخفيف الحصار "مرفوضة، لا سيما أن نموذج عام 2014 حاضر لديها، إذ تمكّنت حينها من تحقيق انتصار ونجاحات على الصعيد العسكري، لكن على المستوى السياسي لم تتم تلبية المطالب، وتم تخفيف الحصار لبعض أسابيع وأشهر، ليعود الواقع لما كان عليه قبل العدوان".

وتبحث المقاومة، وفق الدجني، "عن سيناريو كامل لرفع الحصار الإسرائيلي الذي تجاوز عامه الثاني عشر، وتريد ضمانات قوية وكبيرة من أجل حماية رفع الحصار والوصول إلى الميناء والمطار حتى وإن كان عليه رقابة أممية، إلا أنّ الأهم هو أن يكون مفتوحاً على العالم الخارجي".
مصدر : اسلام تايمز
رقم : 727898
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم