0
الأحد 24 حزيران 2018 ساعة 14:41

الجنوب السوري ملف كبير يتجه نحو الحل

الجنوب السوري ملف كبير يتجه نحو الحل
حال مسلحي الجنوب هذا الذي استمر لأيام، منذ بدأت طلائع الجيش السوري بالتوجه نحو درعا والسويداء القنيطرة، الا أن اليوم كان مزوداً بتخلي واشنطن رسمياً عنهم عبر بيانها الذي يكشف من حيث الشكل والمضمون أن الحال في الجنوب حال لا يَسرُ اعداء الدولة السورية التي تحشد قواتها لتأدية واجبها وتعهداتها بتحرير كافة الأراضي التي تخضع لسلطتها من المجموعات الخارجة على القانون إرهابية أو "معتدلة".

اذاً ما هي الحالة الان في الجنوب السوري؟ وما هي السيناريوهات الممكنة؟ وماذا عن الدور الروسي؟ وما الذي ينتظر المجموعات الإرهابية المسلحة المتواجدة هناك؟ وماذا عن المجموعات المعتدلة؟.

ضرورة حسم ملف الجنوب

رصدت وسائل الاعلام باهتمام في الأيام القليلة الماضية ارتال قوات النخبة في الجيش السوري المتقاطرة باتجاه الجنوب الذي يشمل ثلاث محافظات سورية (درعا – القنيطرة  - السويداء) والتي تتفاوت اعداد وانتماءات المجموعات المتواجدة في كلّ منها وتتصدر محافظة درعا التي انطلقت منها في العام 2011 الشرارة الأولى للأحداث السورية.

على جانب اخر تعيش مناطق الجنوب السوري منذ سنوات سبع مرت حالة من عدم الاستقرار كما شهدت حالات تهجير قسري الى المخيمات المجهزة مسبقاً في الأردن في عملية تفريغ غير بريئة أشرفت عليها مجموعات تبين علناً انتماءها لتشكيلات مخابراتية ترعاها واشنطن وإسرائيل والأردن ودول عربية من دول الخليج الفارسي.

ومع اشتداد ضرورة حسم ملف الجنوب واستحقاقه تتجه اليوم كل الأنظار جنوباً في سورية فالأمان الذي تحقق في حزام دمشق بعد انهاء ملف الريف الدمشقي وجيوب دمشق بات من الضروري توسيعه نحو الجنوب، إضافة الى ضرورة إعادة الحياة للشريان الاقتصادي الذي يغذي سورية ولبنان والأردن عبر معبر نصيب الحدودي بين سورية والأردن، خاصة بعد الاحداث الأخيرة التي عاشها الأردن والتي رفعت حرارة الشارع هناك على نارٍ وقودها الحالة الاقتصادية والتي اسفرت عن تغييرات شاملة في الحكومة الأردنية لتتحول النار الى جمر تحت رماد الحكومة السابقة.

فائض قوة ومسار مصالحة موازي

في المقابل يمتلك الان الجيش السوري فائض قوة متمثل في القوات النوعية المزودة بالخبرة التي تراكمت اثناء معاركها لسنوات من شمال البلاد الى جنوبها، إضافة الى ما ينطوي عليه كلام الرئيس السوري بشار الأسد من ثقة ومرونة بالتعامل مع الحلول وحسم في الموقف باتجاه الانتهاء من الملف، فالخيار الذي طرحته الحكومة السورية بوساطة روسية او من دونها في مناطق الريف الدمشقي وحمص ودمشق وغيرها من المناطق لا يزال حتى ساعة كتابة هذه الكلمات مطروحاُ في الجنوب الا أن الحسم العسكري أيضا جاهز وحاضر وهو ما كشفه حجم التحضير الكبير الذي جهزته الحكومة السورية للدخول في مرحلة نهاية المعركة.

أميركا تنفض يدها

هذا يمكن له ان يعطي تفسيراً للبيان الذي صدر اليوم ونشرته تسنيم حول اعلان واشنطن عن موقفها من معركة الجنوب بين الجيش السوري والفصائل الإرهابية المسلحة التي تدعمها قوات دول عديدة.

الرسالة تحمل اشارة واضحة وغير مسبوقة فطلب واشنطن من الفصائل المسلحة ألا يتوقعوا حصولهم على دعم عسكري لمساعدتها على التصدي لهجوم ضخم يشنه الجيش السوري لاستعادة مناطق يسيطر عليها المسلحين جنوبي سوريا والمناطق المجاورة للأردن ومرتفعات الجولان السورية المحتلة، هو تطور نوعي يمكن قراءته أن واشنطن نفضت يدها من الملف وربما استخلصت ما تريد استخلاصه من النتائج والتي لم تكن ملبية لطموحاتها، وتريد أن تلتفت الى الشمال السوري، ما يمكن ان ينذر في أيام قريبة بخروج بشكل ما من التنف كون الملف الجنوبي يمر عبر التنف دون ان ننسى ان الجيش السوري يحاصر القوات الأمريكية الموجودة هناك.

    ودون ان ننسى ما أكده وزير الخارجية السوري "وليد المعلم" أن لا حديث عن اتفاق في الجنوب السوري قبل انسحاب القوات الأمريكية من التنف.

لا غطاء للمسلحين

خمسين فصيلاً مسلّحاً من المقاتلين في الجنوب تعدادهم ثلاثين ألفاً باتو بلا غطاء عسكري اميركي وبلا غطاء سياسي وربما أغلقت غرف المخابرات بعد ان استنفذت غرفة الموك امكانياتها، ويبقى الان امام بلدات المنطقة الالتحاق بالمسيرة المنطلقة في التسوية والمصالحة الوطنية على غرار ما حصل في غير منطقة سورية في العامين الأخيرين.

الوساطة الروسية في الجنوب السوري لا تزال سارية وزيارة قائد الشرطة العسكرية الروسية في الجنوب السوري لإسرائيل بحسب ما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية تأتي في إطار مسار المحادثات، وعندما تنتهي هذه الوساطة وينسحب الروسي منها، فإن بدء العملية العسكرية للجيش السوري على التنظيمات الإرهابية المدعومة من إسرائيل سيكون أمرا حتمياً.

تفوق عسكري حكومي

ميدانياً التعزيزات العسكرية من آليات عسكرية وراجمات صواريخ ومدرّعات وصلت إلى مدينة درعا مع تشكيلات من "الفرقة الرابعة" و"الحرس الجمهوري" و"المخابرات الجوية" وكلها قوات نظامية سورية من قوات النخبة، تعطي للبعد الناري للمعركة شكلاً مكتملاً ومتفوقاً، بعد التمهيد العسكري بعشرات عمليات القصف المدفعي والصاروخي خلال الايام الماضية ضد معاقل المسلحين، في الحراك والمليحة الغربية والغارية الغربية وبصَر الحرير.

إنضاج المصالحة بالنار

سياسيا يعتبر السيناريو الأقرب هو انضمام البلدات التي كانت في الأساس جاهزة للدخول في التسوية والتي تأخرت بسبب الحاجة الى قرار اقليمي يبدو أنه بات حاضراً، الا أن التجربة أكدت أنه في الملفات الكبرى لا بد من تسخينها حتى تنضج المصالحات فيها ويكون في النهاية سيناريو الحل قليل من النار المستندة الى قوة ممتلكة لزمام الأمر تنضج معها المصالحات وتتجهز حافلات النقل لإبعاد المسلحين الرافضين للتسوية خاصة وأن الحواضن الشعبية لم تعد تتقبلهم، ودخول من سيبقى في تسوية لطالما أثبتت نجاحها في عدة مناطق سورية.

وتبقى سيناريوهات الحل محصورة كما كانت في السابق بين المصالحة والنار ويسقط أي حديث عن التقسيم او التفتيت بجهود مستمرة من سورية وحلفائها واصدقائها اللذين استوعبوا منذ اليوم الأول الأهداف من وراء الحرب فعملوا على حلول تضمن استعادة الحكومة الشرعية للأراضي ولتدخل سورية بعدها في مسار سياسي بعيد عن الضغوط الإقليمية والدولية عبر المجموعات الإرهابية التي قطعت أوصال البلاد.
رقم : 733309
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم