0
السبت 20 تموز 2013 ساعة 11:39
الخبير الاستراتيجي أنيس النقاش:

حكم "الإخوان" انتهى .. وجنيف ٢ أنجز

حكم "الإخوان" انتهى .. وجنيف ٢ أنجز
حكم "الإخوان" انتهى .. وجنيف ٢ أنجز
و قال النقاش في هذا الحدیث : "لقد انتهى حکم الإخوان المسلمین فی مصر قبل بلوغ عام على تولی حرکتهم السلطة بوصول الرئیس محمد مرسی إلى سدة الحکم ، فإن هی إلا مرحلة أرید منها أن تحرق ورقة الإخوان وصولاً لتقبل أنظمة حکم لیبرالیة فی المنطقة تنهی دور الإسلام السیاسی" . و رأى النقاش أن مفاعیل "جنیف ٢" انتهت بالتوافق الروسی - الأمیرکی على الحل ، و لم یعد المؤتمر الدولی المذکور سوى هیکل خاو لا دور له إلا إخراج التسویة السوریة إلى العلن . و تناول النقاش أمورا عدیدة فی حدیثه ، معرجاً على مستجدات المرحلة ، وانکفاء الولایات المتحدة عن العالم، وتوافقها مع روسیا على تقاسم النفوذ . 

و فیما یلي نص الحدیث :
النقاش : "لیس هناك من سر ، فمن یقرأ ویعرف ما ورد فی الوثائق الأمیرکیة أنه فی برامج الأمیرکی مرحلة إخوانیة یجب أن تأتی إلى السلطة ، لکن لکی تفشل . و جاء فی مراکز دراسات أمیرکیة متعددة أن "دمقرطة" الإسلام تتم عن طریق إدخال الإسلام السیاسي بالسلطة لکي یفشل ، و بعد ذلک یقبل الناس بما لم یکونوا یقبلونه سابقا ، أی بتغییب الإسلام السیاسي . فیصبح المسلمون دیمقراطیین بدون إسلام سیاسی أو جهادی ، وضمن مفهوم أن الإسلام یصبح رأیه فی العالم مثل الکاثولیکی والأرثوذکسی وما شابه . لذلک، عندما قیل أن الإخوان مخیفون، قلت أن الخوف هو على الإخوان ، ولیس منهم، وهم لن یُترکوا أبدا فی السلطة. والأمیرکیون لیسوا منزعجین مما یجری فی مصر وأی بدیل سیکون بدیلا لیبرالیا" .

-ما رأیک بدور الخارج فی تحریک الشارع: هل یتحرک الشارع لوحده؟ أم ترى أن عناصر التدخل الخارجی تتلاقى مع واقع الناس فی الداخل؟
النقاش : "منذ البدایة ، أسمیت التحرک فی العالم العربی بـ "المرقط" أی أن فیه من کل الألوان بالمعنى السیاسي الشعب المصري عندما یتحرک، فیه من السلفی إلى الإخوان المسلمین إلى الللیبرالیین المرتبطین بالأمیرکان. هذا من حیث الجوهر السیاسی . أما من حیث الأدواتی، فالغرب لیس بریئا. الیوم لا أحد ینکر دور الإعلام والتلفزیون، وأنه هو صانع للعقول، ومحرک للرأی العام. فی فترة سیطرت "الجزیرة" مثلا ، ونقول استثمرت الحدث، وبمجرد سقوط نظام مبارک أسست عشرات التلفزیونات المحلیة المصریة ، وسحبت من "الجزیرة" الکثیر من مشاهدیها ، لأن الصراخ على التلفزیون صار مصریاً - مصریاً، وصار المصریون مهتمون بتلفزیوناتهم...هکذا صار هناک بدائل، فالمحرک الیوم هو التلفزیونات المحلیة، المصریة المعارضة للأخوان، والإعلام عنده دور أساسی فی صناعة الرأی العام، وبالتالی هو لیس بریئاً، ولم یثبت أن هناک إعلاماً بریئاً ومسکیناً وحرفیاً ١٠٠٪".

- التغییر إلى أین یوصل؟ هل یسهّل عقد جنیف ٢؟
النقاش: "جنیف ٢ لم یعد له جوهر . صار مجرد شکل ، والتسویة جرت فی سوریا و یجب أن یقام لها جنیف ٢ ، و سیکون العنوان الأساسی التنسیق الروسی-الأمیرکی من أجل رسم خرائط العالم بمشارکة دولیة خارج الأمم المتحدة، وبمشارکة رمزیة لها، وسیکون القرار للاتفاق الروسی - الأمیرکی. العنوان الرئیسی لکل هذا الحراک جوهره هو الفراغ الاستراتیجی الذی أعقب الانسحاب الأمیرکی من المنطقة وبالتالی، کان یجب إعادة ترتیب الأوضاع لأن السیاسة لا تقبل الفراغ . المتحمس والمتضرر الأساسی من عدم التوازن بالخروج الأمیرکی هو بعض الدول العربیة ولیست أمیرکا، لأن أمیرکا عندما تخرج، فوفق حساباتها، أو عندما ترى أنها غیر قادرة على استمرار التمویل لمشاریعها، والحفاظ على موقعها العسکری. ولکن حلفاءها فی المنطقة، والذین عملوا معها طوال هذه الفترة، سیکونون میتمین، وهم المتضررون الأکثر. ولذلک کان رأیی منذ البدایة أن رأس الحربة فی کل هذه الهجمة التی نشهدها، والمحرک الأساسی هو دول عربیة وإقلیمیة قبل أن تکون أمیرکا، رغم أن أمیرکا مستفیدة تماما. انضم إلى هذا الحراک الدول التی أعطت وعودا کثیرة براقة أنها قادرة على قلب الموازین، وتغییر النظام فی سوریا بسرعة، وعلى السیطرة على المنطقة، وإعادة حتى الموازین بالعراق لتکون لصالحها. ضمن هذه الوعود أدخلوا ترکیا معهم فی هذا الصراع، وهی لم تکن بوارد أن تدخل. ظنوا أنهم سیستفیدون أکثر بدخولها ... بعد سنتین أصبح من الواضح أن الحسابات غیر صحیحة، وأن الأمور قد تفلت بأکثر من اتجاه لیس لصالح الولایات المتحدة، لأن الولایات المتحدة، والأهم وقبل کل شیء، عندها تفاهم استراتیجی مع روسیا على أساس أن تکونا شریکتین فی إدارة العالم، ولیس على الشرق الأوسط فقط. والتزمت الولایات المتحدة الأمیرکیة أن لا تدیر العالم لوحدها، وذلک لیس منة أو أخلاقا، بل لأن هزیمتها تفرض ذلک. والآن هی تحتاج للصین فی بعض الملفات، وتحتاج لروسیا بملفات أخرى. تحت هذا العنوان، هی مضطرة أن تتعامل مع روسیا ضمن خطوط حمر بحیث أن لا تفلت الأمور فی المنطقة تحت أی سبب، وتحت سقف المصالح المشترکة. الخطر الثانی أن تعم الفوضى والحروب فی المنطقة، وتصبح سوریا هی صومال أو أفغانستان جدیدة. وبالتالی لن تبقى هنالک لا مصالح غربیة، ولا مصالح روسیة، ولا سواها" . لذلک "إن الولایات المتحدة لا ترید أن تنخرط أکثر فی الساحات المختلفة، والتصریح عن الرغبة بتسلیح المعارضة السوریة ما هو إلا نوع من جذب المعارضة السیاسیة من أجل إدخالها فی جنیف ٢، وإعادة رفع السقف للتفاوض مع حلفائهم أکثر مما هو للتفاوض مع الروس. الدول الأخرى کقطر والسعودیة تجد أنه کلما ابتعدت أمیرکا عن الساحة صارت أعباؤهم أکبر، وکلفة الحروب أکثر خصوصا مع الصمود السوری".

- ماذا عن تغییر سیاسة قطر فی ضوء التغییرات الحاصلة؟
النقاش : " أنا لا أرى بتغییر الحکم فی قطر ما بین الأب وابنه، إلا تغییر سیاسات ولیست مسألة مرض . هناک سیاسة ستتغیر . وثمة معلومات أن الإیرانیین وجهوا إنذارا کبیرا لأن الوضع لم یعد مقبولا بوجود هذه الوجوه، ولم یعد أی من الحکام القطریین مقبولا ، خصوصا أن أمام الحاکم القطری الالتقاء بمسؤولین إیرانیین ، لینسقوا ، او یتعاملوا مع بعض ، وسیکون ذلک متعذرا مع الحکام السابقین بعد أن کشفت إیران شبکات تخریب قطریة تعمل عندها" .

- هل سیعاد النظر بـ«سایکس بیکو» فی ضوء کل هذه التطورات؟
النقاش : "هناک یالطا جدیدة فی العالم ، وهی توزیع نفوذ ولیس تقسیم خرائط. شرق البحر المتوسط هو للروس الذین وضعوا أساطیلهم فیه ، و الأسطول الأمیرکی لم یتحرک . کما أن الروس ، من جهة ثانیة ، یریدون إرجاع کل دول الاتحاد السوفیاتی السابق لإقامة ما یشبه "الکومنولث" الروسی ، و تبقى لهذه الدول استقلالیة شکلیة کأسترالیا ونیوزیلندا" .
"الرأي الأخیر لـ رئیس الولایات المتحدة الأمیرکیة باراك أوباما أنه لن تکون الولایات المتحدة الأمیرکیة قویة إلا إذا اهتمت بداخلها . لذلک هو سیخسر أقل ما یمکن لکی یهتم بالداخل لکی یظل قویا. وإذا استمر فی الخارج، فسیستمر استنزاف الجیوش والأموال، وسیضعف فی الداخل أکثر، وتکون النتیجة تقسیم الولایات المتحدة. لذلک، هدف أوباما الاستراتیجی عدم تقسیم الولایات المتحدة، وإبقائها تحت عنوان "دولة عظمى" فی العالم، ولیس الأعظم طبعا".

- کیف تصف السیطرة الدولیة على مناطق التقاسم فی العالم ؟ هل ستکون مباشرة أم غیر مباشرة؟
النقاش : "السیطرة ستکون بالنفوذ و لیس بالحضور المباشر . ما یهم الروسي حالیا أن لا تکون المنطقة شوکة في خاصرته ، و یهمه أن یخرج منها الإسلام السیاسي کي لا یتمدد إلى الجمهوریات الإسلامیة ، و یهدد بتفکیك روسیا الفدرالیة، والصین تأخذ الأمور بنفس عین الاعتبار ، فقد وقعت فیها أحداث مع المسلمین مؤخرا . فروسیا والصین لا تریدان أن یکون الإسلام السیاسي شوکة في خاصرتیهما . النفوذ بالنسبة لروسیا هو الحصول على الغاز الموجود في المنطقة لأن سوق الغاز لها و لیس لأحد آخر فی العالم . الجانب الآخر من النفوذ - الأمني والسیاسي وغیره - ستتفاهم علیه القوى الاقلیمیة ، و سیکون التنسیق بین ترکیا و إیران . لیس هناک سایکس بیکو جدید بمعنى أن تنقسم الخرائط إلى أصغر أو أکبر" .

- أي شکل لمستقبل المنطقة إذن ؟
النقاش : "ما أراه کمشروع هو الکونفدرالیة المشرقیة . و المنطقة لکي تنقذ نفسها ، وتخرج من الهویات الفرعیة التي تتقاتل في ما بینها ، یجب أن تذهب إلى فضاء رحب جدید، وهویة جدیدة وواعیة. وهي مطروحة، ویجري التداول بها في المستویات السیاسیة الإقلیمیة. وإلا فما هو الحل للمنطقة؟ مجلس تعاون؟ أم وحدة بین بلدین؟ هناك من طرح توحید سوریا والعراق. کان هناک مشروع رباعي أردن - لبنان- سوریا - العراق، کان موجودا، وکان البدء بتنفیذه سیبدأ نحو شهر أو اثنین قبل انفجار ما یسمى "الربیع العربی". ومن مقتضیاته، إلغاء تأشیرات الدخول بین هذه الدول، وإقامة مشاریع اقتصادیة کبیرة. الاقتصاد یحتاج لأمن ومن هذا المنطلق، یمکن إقامة کونفدرالیة. لن یتم تغییر الخرائط، وتبقى الدول کما هي، ولکن بالسیاسة الخارجیة، تنسق في ما بینها، وکذلك بالأمن الخارجي، وبالاقتصاد. بذلك یمکن أن تنقذ المنطقة، وتعیش في رفاهیة واستقرار، وتعید الروح إلى حضارتها.

- في هذا المنظور، بقیت قضیة فلسطین من دون حل. کیف ترى الحل؟
النقاش : "الأمیرکیون ما فتئوا یقولون أنهم قبل الخروج من المنطقة ، لن یترکوا الأوضاع تتفجر، لأنهم یریدون أن یخرجوا و "اسرائیل" محمیة من الخطر . و "اسرائیل" لا تزال "معندة" في موقفها ولم تفهم أن حمایتها هي فقط بالتسویة السیاسیة. الأمیرکیون یسعون بجهد کبیر، بحسب نظریة جون کیري، ان یتوصلوا لتسویة. باعتقادي أنه "سیدق راسه بالحائط"، و"إسرائیل" لیست متجهة إلى تسویة . لکن مصیر "إسرائیل" محسوم وقدرها معروف. ولذلک سیتعب لکن من دون أن یصل إلى نتیجة".

- إلى این الأزمة السوریة؟
النقاش : "لن تنتهي في الأشهر القلیلة القادمة . تنتهي الأحداث في سوریا بطریقة من اثنتین ، إما بانفجار کبیر یحدث في المنطقة فتذوب المسألة السوریة في ذلک الحدث الکبیر ، أو بعد فترة أطول من سنة أو اثنتین ، لکن بالأشهر القادمة سیثبت أن إسقاط النظام صار وراءنا . منذ شهرین أسمیت القتال السوري بالقتال العبثي . القتال یجري لکن الموضوع انتهى ، القرار الدولي والاقلیمي لا یطرح إسقاط النظام ، و الوقائع على الأرض لا توحي بإسقاط النظام . المسألة السوریة أصبحت مسألة وقت لکن مقولة إسقاط النظام اصبحت وراءنا ، و القتال الجاري قتال عبثي من دون رؤیة سیاسیة". و"من غیر المستبعد بقاء الأسد في السلطة لولایة جدیدة إذا ترشح في الانتخابات ، وظهر أنه بطل قومي أنقذ سوریا من التقسیم ، و من أن تقع بأیدي الخلیجیین، وأیدي أمیرکا، وسیکون شریکاً في معرکة تحریر فلسطین، لأنه عندئذ ستفتح جبهة الجولان ، وسیعود لیأخذ دوره القومي الوطني أقوى من السابق".
 
/ انتهت المقابلة /
رقم : 284999
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم