0
الأحد 24 تشرين الثاني 2013 ساعة 18:17
كتب خضر عواركة:

هل سقطت الخمينية في طهران؟؟

هل سقطت الخمينية في طهران؟؟
هل سقطت الخمينية في طهران؟؟
الامر عمليا يشبه الاميركيين تماما، عملياتهم الحسابية والمناورات التي يلعبها الجنرالات على حواسيب المحاكاة اظهرت أن اي خيار اخر غير الاتفاق مفيد استراتيجيا لخصومهم اكثر مما هو مفيد لهم. 

الروس والصينيون ليسوا اعضاء في جمعية خيرية ولا شركاء عاطفيون للأميركيين في حركة كشافة اسمها المجتمع الدولي. اي صراع عسكري مع ايران سيتيح الفرصة للطرفين لضرب نفوذ الاميركيين العالمي من خلال منعهم من هزيمة ايران. التجربة السورية حاضرة. 

الصراع على سورية اعاد لروسيا قدرتها الدولية، والصراع على طهران سيجعل من التحالف الصيني الروسي بديلا عن العملاق الاميركي الرابض على صدر الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية.
الاتفاق مع ايران الان ، وللمرة الاولى منذ العام 1979 اقل كلفة من عدم الاتفاق.

ايران الرافضية كيف تحولت الى شريك متفهم للمخاوف الغربية ؟

لماذا قبلت ايران بما رفضته منذ الثورة ؟
اي الجلوس على طاولة واحدة مع الشيطان الاكبر؟
ولماذا وافقت الان على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين بالمئة، ولم تفعل من قبل؟
الايرانيون في السياسة تلامذة نجباء للمدرسة البراغماتية ايضا، وإن كان لدى الايراني حافز ديني وعقائدي، فان براغماتية التفاوض لا تعمل الا في ظل ثوابت العقيدة، وسواء صدقت نية المقرر الايراني ام كانت "اعمالهم مثل نواياهم" بحسب اتهامات خصومهم الاقليميين لهم، فان ما يبرر التراجع الشكلي هو حفظ الثوابت والمقدسات السياسية الايرانية. 

ليس في ايران الاسلامية شرعية اقوى من شرعية الانتماء الى إرث الامام الخميني. شعاراته واقواله هي النهج المقدس لفئة فاعلة واساسية من داعمي النظام في اوساط الشعب الايراني.
والخميني قال في وصيته: 

" لو قالت اميركا لا اله الا الله فلا تصدقوها"
فكيف يجرؤ رئيس او مرشد على التوقيع مع الشيطان الاكبر على اتفاق اول شروطه تصديق الموقعين لألتزامات بعضهم البعض؟ 

الامر ايضا بسيط: " لا نصدق اميركا بل اجبرناها على تصديق وقائع القوة الايرانية، حربهم معنا اكثر اذية لمصالحهم من اعترافهم بمصالحنا، و كلفة المواجهة عليهم اكبر بكثير من كلفة الاقرار بحقوقنا"
لحظة الحقيقة لكلا الطرفين....

على الضفة الاميركية يمكن التأكيد ان ما يتحكم باي تصرف اميركي هو البراغماتية السياسية التي تفرض التصرف بما يناسب مصالح حكام واشنطن لا ما يناسب شعاراتهم.
الهدف الاميركي يتبدل بتبدل المصلحة، او بتبدل ما يضمن تلك المصلحة. 

مصلحة القابضين على قرار واشنطن هو الاستفادة من النفوذ العالمي لبلادهم اقتصاديا، وضمان تلك الاستفادة مستقبلا وعلى امد بعيد. مع ما يفرضه ذلك من عدم التفريط بذلك النفوذ مهما تطلب الامر من عمل ديبلوماسي او امني او عسكري. 

فاذا تحققت المصلحة الاميركية وبقيت الثوابت آمنة بلا حرب كان به، وإن احتاج الامر لنشر قواعد عسكرية أو لحرب امنية او عسكرية فعلية... فليكن. 

اعتقد الاميركيون انهم قادرون على تحقيق مصالحهم وعلى حفظها من التهديد الذي تشكله ايران بالقوة والغصب. وعملوا وفقا لتلك القناعة طوال العقود الثلاثة الماضية . 

واما الان فقد وصل الاميركيون الى قناعة ثابتة ومؤكدة حيث تحولت المعطيات ، فثمن الحفاظ على مصالحهم (عبر الصدام العسكري مع ايران ) اكبر بكثير من مصلحتهم بتبريد الصراع. 

الاتفاق مبدأيا بين الغرب وايران هو تظهير لموازين القوة بين الغرب من جهة وبين ايران المستفيدة من احتمال استفادة الصين الروس من صراع مباشر بينها وبين اميركا. 

هو بالنسبة للأميركيين "اتفاق سالت" جديد، فلن تحل ايران مكان السعوديين كأداة اميركية، ولا مكان الاسرائيليين كحليف استراتيجي، ولن تعود ايران شرطيا للخليج بالنيابة عن الاميركيين. 

هو فقط اتفاق عدم اعتداء مسلح بين دولتين يشكل الصراع الساخن بينهما فوائد جمة لدول اخرى وليس لأي منهما. 

الصراع الايراني الاميركي المسلح لن ينهي الخطر الايراني بل سيضيف مخاطر اشد على المصالح الاميركية، ليس اقلها استفادة الروس والصينيين المتوثبين من ذلك الصراع لتحصين ايران ولتقليص النفوذ الاميركي لمصلحة موسكو وبكين. 

في السابق لم يقبل الاميركيون بالتنازل لإيران، ولم يقبلوا حتى بالاعتراف لها بدور وحق طبيعي كقوة اقليمية. 

و لم يجد الاميركيون في السابق انهم عاجزون مع الوقت عن اسقاط التمرد الايراني عليهم، وبالتالي راهنوا سابقا على الصدام من اجل تطويع ايران باسقاط تمردها على سياساتهم. وسواء كان ذلك سيحصل بالحرب الساخنة( في الثمانينات عبر العراق ودول الخليج) او بالارهاب والانقلاب(بني صدر وجماعة مجاهدي خلق) او بالحصار و العقوبات ومن ثم بمحاولة التعاون والاحتواء ثم بالحرب الناعمة(الثورة الخضراء) او بالذهاب فعلا الى تحضيرات لحرب ساخنة اخرى (العدوان على سورية واستتباعا على ايران) فأنهم الآن على قناعة بأن ثمن الاتفاق انسب بكثير من ثم الصدام . 

إيران الثورة ....وهدف حفظ ايران الدولة

على الضفة الايرانية فأن البراغماتية هي تكتيك تفصيلي في برنامج حماية النظام وحفظ الجمهورية الاسلامية من السقوط. 

الوضع الاقتصادي الايراني والحصار الخانق سبب اساسي ولكن انتفاء المصلحة الاكبر هي السبب الحقيقي، فأي مصلحة يمكن تحقيقها في المخاطرة بحرب مع الاميركيين(وهي بديل فشل التفاوض) يمكن ان تستمر لسنوات وستكون اقسى واشد في خسائرها من حرب ايران مع الدول الغربية في الثمانينات حين استخدم الغرب جيش صدام حسين واموال الخليجيين لمحاربة تمرد الثورة الايرانية على الاميركيين بهدف اسقاطه (التمرد). 

اميركا دولة عظمى وامكانياتها الاقتصادية تعتمد على مقدار سرعتها في استخراج الثروات من باطن ارضها، وإن حشرت في زاوية فاقصى ما قد يواجهها هو خسارة موقع المتحكم بالسوق المالي العالمي ومخاطرة باستبدال الدولار بعملة اخرى عالميا وبسؤ السمعة في حال ارادت استخدام مطابعها لتعويض الخسائر بالدولار الورقي المكلف لها بمقدار الحبر والورق واليد العاملة! 

لذا يكذب من يقول ان الولايات المتحدة منهارة اقتصاديا ولا تستطيع خوض غمار حرب اخرى.
ويكذب من يعتقد ان القيادة الدينية الايرانية ستخاطر بالنظام والدور والعقيدة من اجل مكاسب غير مضمونة لن يسمح لها الاميركي بالحصول عليها الا مرغما، وأول اوراق قوة ارغام الاميركيين هي استمرار حال العداء مع امريكا التي ان سقطت (حال العداء الفكري) سقطت شرعية النظام شعبيا. 

تكسب ايران في هذه اللحظة الرهان، فهي خرجت من الصراع على النووي باعتراف دولي (واميركي خاصة) بنظامها ودورها المستقبلي و بأقل الخسائر، بدل تحويل ذلك الملف الى عامل توريط وعامل انهيار. 

اميركا في ايران ليست اميركا عند العرب، اميركا في ايران هي الامبراطورية التي منعت الايراني من العودة بكسرى حيا بالنسبة للقوميين، وهي الامبراطورية التي منعت خلافة علي من تحقيق العدالة بالنسبة للجعفريين، ومنعته ايضا من هزيمة يزيد (صدام حسين) في بغداد. 

واميركا بالنسبة لكثير من الايرانيين هي التي منعت تحقيق حلم " الاصوليين الاصليين في ايران " بما قالوا انه "دولة المسلمين" في طهران، التي كان يمكن لها ان تمتد في كل العالم الاسلامي من لحظة إزالة اسرائيل على يد شعب لم ينسى انه بقي بأغلبيته الساحقة سنيا حتى القرن السادس عشر. 

العداء للأميركيين دين ايراني قومي سواء كان حامله "قوميا اريا"او "اسلاميا عقائديا" ولن يختفي ذلك الدين باتفاق. 

تنظيم الصراع الساخن وتبريده يجعل من دور الاتفاق النووي شبيها بماء صُبت فوق رأس مصاب بحمى. تأثيره هو التخفيف من الحرارة وليس ازالة الرأس. 

التفاوض سيستمر، والحوار سيتفاعل، والقضايا الخلافية قد تسوى بالحوار وقد تسوى بالنزاع المسلح عبر الادوات والوسطاء والحلفاء. 

فترة استراحة ستحصل ولا بد منها.
ايران مستفيد وشعبها سيلحظ الفرق، لكن اعدائها لن يشاهدوها في موقع المنتصر المطلق ولا حلفائها سيجدونها في موقع المتخلي والبائع لهم. هي هي، ستحتاج لأوراق القوة، وسواء كان الحلف عقائديا ام مصلحيا، هي بحاجة اليهم الان اكثر من اي وقت مضى. 

وكذا الاميركيون مستفيدون ولكنهم لن يتخلوا لا عن السعودية ولا عن اسرائيل.
ستكبل اميركا حلفائها اكثر من ذي قبل بمصلحة واشنطن المباشرة، وستمنع ايران اي من حلفائها من المشاغبة على الاتفاق الا في اطار تحقيق مصلحة التوافق الاشمل مستقبلا على قضايا قد لا يمكن الاتفاق عليها دون تسخين. 

هزيمة الارهاب مصلحة ايرانية في ظل التخوف من طوفان الوهابية .
لكن التلاعب الاميركي بالتكفيريين سيستمر لانهم ادواتها وإن كانت تخشاهم على مصالح حلفائها واهمهم اسرائيل.

خلاصة كل الكلام الذي قد يقال في تحليل الاتفاق الايراني - الاميركي : " إنه اتفاق لتنظيم العداء وليس توافقا بين حلفاء ".

/ انتهت المقالة /
رقم : 324229
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم