0
الثلاثاء 24 أيلول 2013 ساعة 19:55

ما هي المواقف الدولية من المحادثات الايرانية الأميركية المحتملة؟

ما هي المواقف الدولية من المحادثات الايرانية الأميركية المحتملة؟
ما هي المواقف الدولية من المحادثات الايرانية الأميركية المحتملة؟
أسفرت التكهنات بشأن فتح باب الدبلوماسية في العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والولايات المتحدة، عن تكوين اصطفافات متباينة على الساحة الدولية.

ويمكن التعرف هنا على تكوين مواقف متباينة لثلاثة مجموعات حول هذه المفاوضات المحتملة؛ فبعض الدول تتخوف بشدة من اي تحسن وتطبيع للعلاقات بين ايران واميركا، وتسعى بمختلف الانحاء لعرقلة حصول اي نتيجة محتملة في هذه المفاوضات. بينما تمتاز مواقف دول اخرى بالاعتدال، الا انها تميل الى مواقف المجموعة الاولى، لأن هذه الدول استطاعت ان تحقق مصالح سياسية واقتصادية مناسبة خلال سنوات الحظر والضغوط الاميركية على ايران، واستطاعت ان تحتل الخيار الوحيد بالنسبة لطهران على الساحة الدولية من اجل تعديل التهديدات الاميركية، ومن جهة اخرى تدرك هذه الدول ان التعقيدات والعقبات البنيوية الراهنة، ستحول دون إرساء علاقات وثيقة بين طهران وواشنطن، لذلك فإن الحد من الحظر واقامة علاقات محدودة من شأنه ان يوفر مصالحها، وبناء عليه تتخذ هذه الدول مواقف معتدلة تجاه المفاوضات المحتملة بين ايران واميركا. والمجموعة الثالثة تتمثل في الدول التي كان في السابق من أبرز الشركاء التجاريين لإيران وكانت لديها مشاركة فاعلة في مختلف المشاريع داخل ايران، الا ان الحظر الاميركي تسبب في فقدانها لسوق ايران الكبيرة، لذلك تتطلع هذه الدول بشوق الى تحسين العلاقات بين ايران والولايات المتحدة لكي تتمكن من تحسين اقتصاداتها التي تعاني نوعا ما من الركود. 

* المجموعة المعارضة
في الساعات الاولى التي تلت عملية الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة في ايران، وانتخاب الدكتور روحاني رئيسا للجمهورية، اتخذ قادة الكيان الصهيوني مواقف متطرفة ضد الرئيس الايراني الجديد، في محاولة منهم للإيحاء بأن ايران كانت وماتزال تشكل خطرا على امن المنطقة، ليحولوا دون حصول تغيير في السياسات الغربية المعادية لإيران. ويسعى الكيان الصهيوني من خلال لعب دور المظلوم على الساحة الدولية، واختلاق تهديد يعرضه للخطر، من اجل الحصول على تعاطف ودعم دولي اكثر، الا ان الفريق الدبلوماسي الايراني الجديد وبإدراكه لهذه النقطة، سعى لسحب هذه الورقة من الكيان الصهيوني. ومع ازدياد التكهنات حول المفاوضات بين ايران والولايات المتحدة، قرر القادة الصهاينة، ان يبذلوا محاولاتهم للتقليل من احتمال حصول هكذا اتفاق الى الحد الادنى، لذلك يسعى رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، الى جعل احتمال التوصل الى نتيجة امرا مستحيلا، من خلال طرح شروط مسبقة غير منطقية للمفاوضات المحتملة بين الولايات المتحدة وايران.

ومن جهة اخرى، الانظمة العربية في المنطقة ايضا تتخوف بشدة من التحسن المحتمل للعلاقات بين ايران والولايات المتحدة. ففي السنوات التي تلت انتصار الثورة الاسلامية، سعت الانظمة العربية بالمنطقة وخاصة الدول المطلة على الخليج الفارسي، الى الحصول على هامش امني من خلال تفويض استقلالها السياسي بشكل غير رسمي للولايات المتحدة، متخذة مواقف مضادة لإيران الاسلامية. الا ان اعتماد هذه الدول على الولايات المتحدة ومواقفها المنفعلة تجاهها، ادت الى انحسار تأثير مواقف هذه الدول على سياسات واشنطن، بل في بعض الحالات، تأثرت بها بشدة، مثلما حصل في الغزو الاميركي للعراق، فرغم التضاد مع مصالحها، لم تر بدا الا في التماشي مع الرغبة الاميركية. وما الصمت المطبق من قبل الدول المطلة على الخليج الفارسي بشأن احتمال فتح باب المفاوضات بين ايران والولايات المتحدة، الا مؤشر على يأس هذه الدول من التأثير على سياسات البيت الابيض.

وتقتضي مصالح الكيان الصهيوني والدول العربية ان يتم تحجيم ايران اكثر فأكثر، وأن يفرض عليها حظر اكثر تشددا، للحد من القوة النسبية والنفوذ الاقليمي لإيران الاسلامية بالتدريج. وفي الحقيقة ترى المجموعة المعارضة لإرساء العلاقات بين طهران وواشنطن ان ايران بصدد استخدام الآليات الدبلوماسية للحد من الحظر، وتسعى لمتابعة سياساتها السابقة من خلال زيادة قدراتها الداخلية.

* المجموعة المعتدلة
يمكن اعتبار روسيا والصين من الدول التي تتخذ مواقف معتدلة إزاء احتمال بدء المفاوضات المباشرة بين طهران وواشنطن. فمن جهة ادت سنوات الحظر والضغوط الاميركية على ايران، الى ان تعتمد طهران سياسة النظر نحو الشرق كخيار وحيد من اجل تحقيق التوازن مع الغرب على الصعيد الدولي، الامر الذي ادى ان تستفيد هاتان الدولتان من المشكلات بين ايران والغرب على الصعيدين السياسي والاقتصادي. فعلى الصعيد السياسي سعت روسيا دوما الى الحصول على امتيازات ومصالح من الغرب من خلال اللعب بورقة ايران. لذلك لا ينبغي التوقع ان يرتاح الروس كثيرا لازدياد احتمال بدء المفاوضات بين ايران والغرب. وعلى الصعيد الاقتصادي، استطاعت الصين ان تستفيد من الحظر المفروض على ايران، وان تجعل نفسها اكبر شريك تجاري لإيران، فقد وضع الحظر فرصا كبيرة امام التجار والشركات الصينية للإمساك بأسواق ومشاريع متنوعة في ايران. لذلك قد يضع تحسن العلاقات بين طهران وواشنطن قيودا امام المصالح الاقتصادية الصينية في ايران.

لكن من جهة اخرى، تدرك روسيا والصين جيدا ان هناك عقبات وتعقيدات بنيوية وذهنية كبيرة امام التحسن التام في العلاقات بين ايران والولايات المتحدة، الامر الذي لن يجعل الدولتين قادرتين على التوصل الى اتفاق شامل على الامد القصير، لذلك فإن الإلغاء الجزئي للحظر وعدم إقرار علاقات كاملة، سيؤدي الى الحد من بعض القيود الغربية على التبادل التجاري بين ايران والشرق، ويبقى الشرق كخيار لإيران امام الغرب.

* التيار المؤيد
يمكن اعتبار دول الاتحاد الاوروبي ودول جنوب شرق آسيا، من بين الدول التي ستكسب اكبر المصالح من تحسن العلاقات بين ايران والولايات المتحدة، لذلك تسعى هذه الدول الى تسهيل مسار التصالح بين طهران وواشنطن، لتتمكن عبر ذلك من ضمان تواجد اكثر نشاطا في الاسواق الاقتصادية في ايران، من اجل ان تعزز من اقتصاداتها المتعثرة بسبب الازمات المتفاقمة. وبشكل تقليدي تنضم هذه الدول الى كتلة الغرب، وكانت دوما تابعة لسياسات واشنطن، لذلك فإن تحسن العلاقات بين ايران والولايات المتحدة يوفر لها مصالح كبيرة.

* النتيجة
نستخلص من مجموعة المواضيع المطروحة آنفا، انه بالدرجة الاولى ينبغي لجميع التيارات والاصطفافات الموجودة على الساحة الدولية، ان تؤيد ضرورة التأكيد على مصالح الشعب الايراني.

وثانيا، تحظى ايران الاسلامي بأهمية خاصة على الصعيد الاقليمي والدولي، بحيث تؤدي القضايا والمواضيع المرتبطة بها الى تكوين اصطفافات مختلفة على الصعيد الدولي.

وثالثا، تمكن الشعب الايراني طيلة السنوات التي تلت انتصار الثورة الاسلامية ومن خلال تمسكه بمواقفه المبدئية، الى ان لا يكون امام الطرف المقابل سبيل سوى التفاوض والتعامل مع الشعب الايراني العظيم.

ورابعا، ان المفاوضات المحتملة بين الجانبين، تضع فرصة امام الجانب الاميركي لإرساء علاقات متكافئة مع الشعب الايراني، وتعديل اخطائه التي ارتكبها بحق هذا الشعب.

وخامسا، ان المفاوضات مع ايران، تضع فرصة امام قادة البيت الابيض، ليثبتوا استقلاليتهم في اتخاذ القرارات لضمان مصالح بلادهم، لأن اي عرقلة وتذرع في المفاوضات المحتملة طهران، سيثبت ان مصالح الولايات المتحدة يتم تحديدها في تل ابيب.

وسادسا، ينبغي للجانب الايراني ان يتجنب اي تسرع قد يؤدي الى تعريض مصالح البلاد للخطر، وان لا يتصور ان تتم تسوية القضايا العالقة بين البلدين ايران والولايات المتحدة على الامد القصير نظرا للعقبات والتعقيدات التي تواجهها، لأن تحسين العلاقات بين البلدين بحاجة الى فترة طويلة.

وسابعا، من اجل الحد من تكاليف عدم التوصل الى نتيجة في المفاوضات، من الانسب ان تبدأ المفاوضات المحتملة بين الجانبين على المستويات الادنى.

وثامنا، ان التأكيد على "المصالح المتبادلة" و"الاحترام المتبادل" والتفاوض المتكافئ، يمكنه ان يحل الكثير من المشاكل العالقة بين الجانبين.

وأخيرا ينبغي للجانب الايراني، ان يوضح للمسؤولين الاميركيين ان فرصة التوصل الى اتفاق مع ايران لن تكون مفتوحة.

/ انتهى التحليل /

رقم : 305087
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم