0
الاثنين 13 تشرين الأول 2014 ساعة 03:46
إعداد: نورا عيتاني

عن العراق و"داعش"..

عن العراق و"داعش"..
عن العراق و"داعش"..
فقد زخزت جزيرة العرب ببحار من دماء المسلمين التي سُفِكَت عدوانا باسم "التوحيد" الذي يدعوا إليه هؤلاء الخوارج، قطع الله دابرَهم، وأراح المسلمين من شرورهم، فما تجني الأمة من هذا الفكر الغالي إلا الدموع والجراح...

بعد إعلان قيام الدولة الإسلامية المسماة بتنظيم «داعش» في حزيران/يونيو الماضي وسيطرته على مدن مختلفة في العراق والشام، دعا الخليفة أبو بكر البغدادي الفصائل الجهادية الى مبايعته والإنضمام اليه تحت اسم الخلافة الإسلامية وسط أنباء تؤكد وقوع إعتداءات وتهديدات من قبل الدولة الإسلامية لإجبار المدنيين على الدخول في التنظيم. 

نسبة كبيرة من المتابعين للشأن السياسي الأقليمي لا يكادون يفهمون ما يحدث في المنطقة بالتحديد في العراق منذ أن إنهارت القوات العسكرية للجيش العراقي في مدينة الموصل وسيطرت داعش عليها خلال ساعات قليلة بحيث أصبحت داعش تسيطر على أجزاء كبيرة من العراق و سوريا.

العراق يدفع ثمن مجيء هذه الكائنات للبلاد في ليل الاحتلال ودسائس دول الجوار، وبعض الإرادات المريضة المسكونة بكراهية الحق والأسلام ..، هذه الكائنات المميتة تستفز الأسلام وتكرس صورة غريبة شاذة عنه، وهي تطلق نداء "الله أكبر " خلال ابشع عملية أهانة وتسقيط للسلوك الأنساني .
 
وحشية القتل على هذا النحو يعني ان الرسالة تتجه الى اعطاء صبغة وحشية دموية للعنوان الأسلامي، تنهض بين خطابات القرن الحادي والعشرين وتوجه العالم نحو الديمقراطية ومبادئ حقوق الأنسان والديمقراطية والسلام . 

المصالح السياسية وخندق الصراع الطائفي افرد خانات للعنف المسلح تحت شهية الدم الطائفي، والانتقام المفرط الذي ينتهي بإباحة هذا الشذوذ بممارسة أقذر طرق الإبادة انتهاكا وتعذيبا.

هل يعقل أن كل ما حققته داعش هو نتاج عبقرية خليفة الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ ومن أين لداعش هذه الإمكانيات الضخمة من الأموال والأسلحة المتطورة التي تفوقت على أسلحة الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية وكيف لعدة الآلاف من المقاتلين الذين جاءوا من أقطار الأرض المختلفة أن يهزموا فرق وألوية عسكرية مدربة؟ لابد أن يكون الإنسان بمستوى متقدم من السذاجة لكي يقتنع أن الصعود الصاروخي لداعش تم بقدرات ذاتية. وفي ظل تشابك المواقف وقلة المعلومات ربما تختلط الأمور على الكثيرين ويجدوا أنفسهم في حيرة في فهم ما يجري.

أما التمويل المالي لداعش فمن الواضح أن السعودية وجهات خليجية اخري وبالتحديدقطر وقفت خلف الإمكانيات المالية الكبيرة لداعش،أما الخزان البشري لداعش فهو مستمر في التدفق عبر تركيا من شتى الدول وفي مقدمتها السعودية التي بلغ عدد مواطنيها المنضمين لداعش أكثر من 2500 مقاتل وفق الاحصائيات.

تقول الكاتبة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى لوري بلوتكين بوغارت "فإن الواقع الراهن - أي استحواذ داعش على مصادر دخل كبيرة ومستقلة - يستلزم مقاربة لمكافحة التمويل الإرهابي، بما يؤدي إلى إضعاف التبرعات الخاصة التي يقدمها سكان السعودية ودول الخليج الأخرى، ذلك أن إضعاف القاعدة المالية للدولة الإسلامية بشكلٍ ملحوظ قد يتطلب الآن دحر قدرة التنظيم على النفاد إلى مصادر الدخل المحلية في سوريا.

الكاتبة الامريكية ركزت في مقالها على التمويل المحلي لداعش لكنها غضت نظرها عن حجم التسهيلات التي يقدم لها من قبل المنظومة المصرفية العالمية و شبكاتها بدئا من فروعها في آسيا وصولا الى الشبكات المالية في اروبا واميركا.
 
هناك تسائلات واضحة الاجابة حول طريقة تسويق داعش للنفط التي هيمنت عليه في المناطق الخاضعة لسيطرتها في كل من العراق وفي سوريا وكيف انها تستلم المبالغ و كيف تتحول اليها؟ بالطبع لولا الدعم التي تتلقاه داعش من المنظومة المصرفية التي تكون تحت رقابة عيون النظام المالي الغربي لما تمكن هذا التنظيم الارهابي من التمدد في العراق و سوريا بهذا النحو وذلك لم يترك ادنى شك بأن التحويلات المالية الداعشية تمر أمام انظار الامريكان والغربيين وكل ما نسمع ونرى منهم حول بنائها لتحالفات لمكافحة ارهاب داعش وتجفيف مصادرها المالية ليس الا سيناريوهات جديدة معدة للمنطقة كما لم تكن هناك نواياو ارادة حقيقية لازالة هذا التنظيم الارهابي البربري.

في ظل هذه المعطيات هل يمكن الوثوق بمواقف الدول التي أعلنت الحرب على داعش وفي مقدمتها أمريكا، وهل يعقل أن هزيمة داعش تحتاج إلى تحالف عشر دول كبرى لمحاربته وهل يحتاج ذلك لوقت طويل قد يصل إلى ثلاث سنوات كما صرح الرئيس الأمريكي أوباما، وهل يعقل أن تشارك السعودية في محاربة داعش في الوقت الذي يشكل مواطنيها نسبة كبيرة من مقاتلي داعش؟!فضلًا عن قنوات الدعم التي مازالت تعمل لداعش.

المعطيات المتوفرة تؤدي إلى نتيجة مؤداها أن دول كثيرة ساعدت ومازالت بشكل أو بأخر في ظهور داعش لتحقق مصالح معينة لها وأيا تكن هذه المصالح إلا أن محاربة داعش دون محاربة ثقافة التكفير التي تنتج “الدواعش” وهي البيئة الحاضنة لهذا الفكر في السعودية فإن ذلك سوف يكون كمن يستمر في تجفيف ما تضخه “حنفية” مفتوحة.

من كان جاداً في محاربة داعش فعليه أولاً غلق “الحنفية” بدلاً من إضاعة الوقت دون طائل في تجفيف ما يرشح عنها، وإلا فإن من السذاجة تصديق أن حلفاء الأمس أصبحوا أعداء اليوم.
رقم : 414365
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم