0
السبت 4 كانون الثاني 2014 ساعة 01:25

الناتو والهجمة الكيميائيّة المزعومة على تركيا

الهدف هو شنّ عدوان عسكريّ على سوريا
الناتو والهجمة الكيميائيّة المزعومة على تركيا
الناتو والهجمة الكيميائيّة المزعومة على تركيا
آخر الحلقات في هذه السلسلة من السيناريوهات الفاشلة وغير المثمرة تمثّل في الهجمة الكيميائيّة التي زعموا أنّ النظام السوريّ شنّها على تركيا، تلك الهجمة التي كانت بتنفيذ إرهابيّي ما يُسمّى بـ الجيش السوريّ الحرّ، والتي كان الهدف منها الإتيان بقوّات منظّمة حلف الأطلسيّ (الناتو) إلى سوريا، وشنّ حملةٍ عسكريّة عليها، وذلك بهدف الانتقام لفشلهم الذريع والفاضح في إنجاح مؤامرتهم التي خطّطوا لها ومارسوها ضدّ سوريا شعباً ورئيساً وحكومةً. 

مصادر مطّلعة أفادت موقع إسلام تايمز أنّه في هذه الأيّام، وبالنظر إلى هزيمة ما يُسمّى الجيش السوريّ الحرّ في سوريا، هذه الجماعة الإرهابيّة المسلّحة التي هي صنيعة القوى والجهات المتآمرة على سوريا من أجل إسقاط الدولة والنظام السوريّين، فإنّ هذه القوى والجهات وجدت نفسها اليوم مضطرّةً إلى التعامل مع خيارات جديدة فرضتها عليها ضرورات المرحلة، بعد أن رأت نفسها غارقةً في أوحال المستنقع السوريّ الذي ألقت بأنفسها إليه. ومن هذه الخيارات الجديدة المطروحة: إقدام قوّات حلف الناتو على شنّ هجمةٍ عسكريّة على سوريا، والهدف الحقيقيّ من وراء هذه الخطوة المشؤومة: هو التخلّص ـ بزعمهم وأوهامهم ـ من النظام السوريّ، وفوق ذلك، التخلّص من محور المقاومة والممانعة في المنطقة، والذي أبدى في هذه الأزمة قوّة وصلابةً منقطعة النظير. 

"الجيش السوريّ الحرّ" الذي يُعدّ ـ في حقيقة الأمر ـ مجرّد أداةٍ بيد الغرب وحلفائه العرب، والذي لم يتشكّل أساساً إلّا لغرض توجيه ضربةٍ قاصمةٍ لمحور المقاومة والممانعة في المنطقة، يبدو في هذه الأيّام في طريقه إلى الانقراض، حيث إنّ الخبر الوحيد الذي يصل عن هذه الجماعة الإرهابيّة المسلّحة من الداخل السوريّ هو خبر هزائمها المتلاحقة والمتتالية. وما فاقم من شدّة هذه الهزائم على هذه الجماعة الإرهابيّة ومن يقف وراءها، ودفعهم أكثر إلى الاعتقاد بأنّ ورقة ما يُسمّى "الجيش السوريّ الحرّ" قد باتت اليوم على مشارف السقوط، هو أنّ أكثر الأفراد الذين كانوا في الماضي القريب منتمين إلى هذه الجماعة قد أعلنوا اليوم انشقاقهم وخروجهم عنها وتخلّيهم عن عضويّتها، بل إنّ كثيراً منهم أعلن ندمه عن الانخراط فيها، وقرّر العودة إلى أحضان النظام السوريّ، كما أنّه ـ ومن ناحيةٍ أُخرى ـ وردت أخبار عديدة عن فرار كثيرٍ من هؤلاء والتجائهم إلى دولٍ وبلدان مجاورة. 

وبحسب الخبراء والمحلّلين، فإنّ هؤلاء الذين يقفون وراء المؤامرة على سوريا، بعد أن فقدوا في هذه الأيّام كلّ ما كان بأيديهم من أدوات إثارة الفتنة وإذكاء نيرانها في سوريا، فمن الطبيعيّ جدّاً أن يلجأوا إلى أيّ طريقٍ يرون فيه خلاصهم، مهما كان هذا الطريق سيّئاً ومأساويّاً. هذا بالرغم من أنّ آخر الأخبار الواصلة تفيد أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة وفرنسا وبريطانيا وسائر الدول المتحالفة معهم لا زالت تواصل تقديم دعمها الماليّ والتسليحيّ لهذه الجماعات الإرهابيّة. المضحك في الأمر أنّ السبيل والخيار الوحيد الذي خطر لهؤلاء أن يلجأوا إليه هو الخيار العسكريّ نفسه الذي جرّبوا هم أنفسهم فشله في السابق، حيث تعرّضت هجمتهم العسكريّة على سوريا إلى فشلٍ ذريع، لكنّهم هذه المرّة لا يريدون خوض هذا الخيار العسكريّ بأنفسهم وبالدعم الذي يصلهم عن طريق أمريكا والدول العربيّة، بل عن طريق استجرار قوّات الناتو لتقوم هي بشنّ حربٍ على سوريا.

كذبة "السلاح الكيميائيّ" إلى الواجهة مجدّداً
ولهذا السبب، ومن أجل تحقيق مخطّطهم هذا، كان لا بدّ مجدّداً من إعادة طرح كذبتهم الكبرى التي تتحدّث عن استخدامٍ مزعوم للسلاح الكيميائيّ قام به النظام السوريّ، وفي هذا السياق، ومن أجل إنجاح هذه الخطّة الشيطانيّة يُطلب من عددٍ من عناصر الجيش السوريّ الحرّ أن يقوموا ـ وبتنسيقٍ مسبق ـ بشنّ هجماتٍ عديدة في مناطق عدّة داخل الأراضي التركيّة مستخدمين فيها الأسلحة والموادّ الكيميائيّة، ليُصار لاحقاً إلى توجيه أصابع الاتّهام بهذا الفعل الوحشيّ الإرهابيّ القذر نحو قوّات الجيش السوريّ الوطنيّ.
وأمّا المرحلة اللّاحقة من هذا المخطّط، وعقيب هذا الاتّهام الكاذب والمزيّف، تُقدم قيادة حلف الناتو على شنّ هجوم عسكريّ على سوريا، تحت ذريعة أنّ إحدى الدول الأعضاء في منظّمة حلف الناتو قد تعرّضت لهجوم مباشرٍ من قبل الجيش السوريّ النظاميّ، وهكذا يُتّخذ القرار باقتحام تلك القوّات عسكريّاً ودخولها عنوةً إلى الأراضي السوريّة بدعمٍ وتغطيةٍ مباشرة من قبل الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وعندئذٍ يتمّ لهم ما أرادوه من الانتقام والأخذ بالثأر من النظام السوريّ ومحور المقاومة في المنطقة والذي هو ـ برأيهم ـ السبب وراء ما تكبّدوه من هزائم متتالية. 

ومن ناحيةٍ أُخرى، قيل أيضاً أنّ «راسموسن» ـ الأمين العامّ لمنظّمة حلف شمال الأطلسيّ ـ كان قد أشار مرّاتٍ عديدة إلى تركيا معلناً، وبكلّ صراحة، أنّ أيّ هجمةٍ تتعرّض لها تركيا فهي بمثابة هجمةٍ على كافّة الدول الأعضاء بمنظّمة حلف الناتو، معتبراً أنّ هذا يستدعي ردّاً سريعاً وقويّاً وحاسماً من قوّات الناتو!
يأتي هذا في وقتٍ كان وزير الخارجيّة الروسيّ قد حذّر آنفاً من احتمال إقدام المجموعات الإرهابيّة المسلّحة في سوريا على استخدام السلاح الكيميائيّ لشنّ هجماتٍ متفرّقة داخل سوريا وغير مكانٍ من بلدان المنطقة.

ما هي علاقة الناتو بالكذبة الكبرى حول استخدام النظام السوريّ للأسلحة الكيميائيّ؟
في الجواب عن هذا السؤال لا بدّ من القول: إنّ افتضاح الرئيس الأمريكيّ «باراك أوباما» في كذبته الكبرى التي حاول أن يضلّل بها الرأي العامّ الأمريكيّ والعالميّ حول استخدام النظام السوريّ للسلاح الكيميائيّ ضدّ شعبه، لم يبقَ أمامهم لتمرير هذا المخطّط الكذبة سوى أن تتبنّى منظّمة الناتو هذه الكذبة من أجل أن تبرّر أمام الرأي العامّ هجومها العسكريّ التي هي بصدد القيام به ضدّ سوريا، وذلك تحت ذريعة أنّ تركيا مهدّدة باستخدام السلاح الكيميائيّ ضدّها. وإلّا، فإنّ القوى المتآمرة على الشعب والنظام السوريّ كانت قد اختبرت في السابق زيف هذه الكذبة، وعدم إمكان تمريرها، بل هي كانت قد وجدت نفسها مرغمةً ـ وبكلّ ذلّةٍ ـ على التراجع عن كذبتها هذه والتبرّؤ منها. 

وفي هذا الإطار، لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار تصريحات الصحافيّ والكاتب الأمريكيّ الشهير «سيمور هيرش»، الذي أزاح النقاب ـ خلال الأسابيع القليلة الماضية ـ عن الكذبة الكبرى التي حاولت الحكومة الأمريكيّة أن تمرّرها. حيث صرّح هيرش بأنّ الحكومة الأمريكيّة لم تكن صادقةً مع الشعب الأمريكيّ، وأنّ الاتّهام الذي وجّهته الإدارة الأمريكيّة ضدّ النظام السوريّ حول إقدام الأخير على استخدام غاز السيرين ضدّ شعبه كان اتّهاماً فارغاً عارياً تماماً عن الصحّة.
جدير بالذكر هنا، أنّ وزير الخارجيّة الأمريكيّ «جون كيري»، كان قد صرّح أوائل شهر سبتمبر من العام المنصرم أنّ أمريكا تمتلك وثائق ومستندات تؤكّد أنّ الهجوم بواسطة غاز الأعصاب على غوطة دمشق قد تمّ بأمرٍ مباشر من الرئيس السوريّ الدكتور بشّار الأسد!! 

وبعد أيّام قلائل على هذا التصريح قال الرئيس الأمريكيّ «باراك أوباما» في خطابٍ كان قد وجّهه إلى الشعب الأمريكيّ: «نحن نعلم يقيناً أنّ حكومة الرئيس السوريّ بشّار الأسد كانت هي المسؤولة عن هذا الهجوم»، وبتعبيره: فإنّ الرئيس بشّار الأسد قد تجاوز الخطوط الحمر! 

غير أنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أنّه: لماذا لم يتحرّك الناتو لحدّ الآن ويُقدم على شنّ هجوم عسكريّ على سوريا؟ 

وفي الجواب لا بدّ من القول: إنّ الغرب يعلم جيّداً أنّه في هذه المعركة التي يخوضها على الجبهة السوريّة لا يقف في مواجهة النظام السوريّ في دمشق فحسب، بل الذي يقف في مواجهته ـ حقيقةً ـ هو محور المقاومة والممانعة في المنطقة بأكمله. وعلى هذا الأساس، فإنّ منظّمة حلف الناتو أدركت جيّداً أنّ عليها أن لا تزجّ بنفسها وقوّاتها في هذه المعركة الخاسرة، والتي باتت نتيجتها اليوم واضحةً لكلّ أحد. وهذا هو ما يحول ـ حقيقةً ـ دون المباشرة في هذه الخطوة العسكريّة العدوانيّة المجنونة.
رقم : 337163
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم