0
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2013 ساعة 13:10
عبد الباري عطوان :

الايرانيون الكاسب الاكبر من الاتفاق التاريخي مع الغرب .. والعرب ايتام على مائدة اللئام

الايرانيون الكاسب الاكبر من الاتفاق التاريخي مع الغرب .. والعرب ايتام على مائدة اللئام
الايرانيون الكاسب الاكبر من الاتفاق التاريخي مع الغرب .. والعرب ايتام على مائدة اللئام
وقال عطوان : لیس من عادة المسؤولین السعودیین الرد بسرعة على الاحداث السیاسیة ، حیث یفضلون دائما التریث ، لکن من غیر المتوقع ان یکونوا ممنونین لتوقیع هذا الاتفاق الذی یشکل صدمة بالنسبة الیهم ، وهم الذین هیئوا جبهتهم الداخلیة طوال الاعوام الاربعة الماضیة لحرب مع ایران ، وتصعیدها الى رأس قائمة الاعداء ، واستخدام الخلاف المذهبی معها ارضیة للتحریض ضدها ، والدول الحلیفة لها.
 
اما بنیامین نتنیاهو رئیس الحکومة الصهیونیة فقد کان اکثر وضوحا عندما فتح سرادق للعزاء فی قلب القدس المحتلة ، وبدأ یستقبل المعزین . فمنذ اللحظة الاولى اعلن ان هذا الاتفاق “خطأ تاریخی” بینما قال وزیر خارجیته افیغدور لیبرمان انه “خطر” على «اسرائیل» ، و بدأ الحدیث عن قدرة ایران على امتلاک قنابل قذرة تسرب الى “الارهابیین” . واضاف : بموازین الربح والخسارة یمکن ان نقول وبکل ثقة، ان ایران التی “دوخت” المفاوضین الغربیین ، ولعبت على اعصابهم من خلال ادارتها لتعجلهم ، والامریکی منهم على وجه الخصوص ، للتوصل الى اتفاق ، خرجت هی الرابح الاکبر ، لانها رسخت حقها فی تخصیب الیورانیوم على ارضها، ولم تتنازل عن هذا الحق حتى اللحظة الاخیرة.وعلینا ان نتذکر ان الازمة بین ایران والغرب بدأت قبل عشر سنوات تخللتها حشود عسکریة ، وتهدیدات بالحرب ، بسبب اقدام ایران على تخصیب الیورانیوم بدرجة اقل من خمسة فی المئة ، والتشکیک فی نوایاها من هذا التخصیب ، ای ان الازمة لم تکن بسبب نسبة التخصیب ، وانما مبدأ التخصیب نفسه ، والاتفاق “شرعن” هذا المبدأ من قبل الدول العظمى . و اوضح عطوان ، ان جون کیری وزیر الخارجیة الامریکی قال ان الاتفاق مؤقت ، وان النص لا یقول ان لایران الحق فی تخصیب الیورانیوم ، وهذا صحیح ، ولکن الاتفاق لم یقل ایضا بانه محرم علیها التخصیب ، مضافا الى ذلک ان جمیع الاتفاقات المؤقتة تتحول الى دائمة ، وعلمنا التاریخ انه عندما تبدأ المفاوضات فانها لا تتوقف ، وان توقفت فلفترة مؤقتة .
 
واکد ان هناک عدة نقاط یجب التوقف عندها عند اجراء دراسة سریعة للاتفاق ومواقف الدول المختلفة منه :
*اولا : حالة العداء التی استمرت ثلاثین عاما بین ایران والغرب باتت شبه منتهیة ، وان الغرب على وشک الاعتراف بایران قوة اقلیمیة عظمى یجب تقاسم النفوذ معها فی منطقة الشرق الاوسط.
*ثانیا : فشلت «اسرائیل» فشلا ذریعا فی منع تخصیب ایران للیورانیوم ، مثلما فشلت فی منع اتفاقها مع الدول العظمى ، وهذا یعنی تراجع «اسرائیل» وتقدم ایران فی الحسابات الغربیة.
*ثالثا : نجحت ایران فی تأسیس “مدرسة” جدیدة فی علم التفاوض ، عندما صمدت فی مسابقة “عض الاصابع″ ، فلم تتنازل مطلقا عن خطوطها الحمر ، وان قدمت تنازلا ففی الهوامش ونسب التخصیب.
*رابعا: حافظت ایران على ابقاء وسلامة جمیع منشآتها النوویة بما فی ذلک اجهزة التخصیب (الطرد المرکزی) ، والاهم من ذلک ان العلماء والعقول الایرانیة باقیة ومستعدة لمواصلة عملها فی ای لحظة، هذا اذا لم تکن مستمرة.
*خامسا: الاتفاق وما نص علیه من تخفیف للعقوبات ، سیؤدی الى تحسن تدریجی للاقتصاد الایرانی ، وارتفاع الانتاج القومی الایرانی من 480 ملیار دولار حالیا الى 900 ملیار دولار فی سنوات معدودة ای ما یوازی الانتاج القومی الترکی .
العرب ، و«الخلیجیون» منهم على وجه التحدید ، ونحن نتحدث هنا عن انظمة ولیس شعوبا ، هم الخاسر الاکبر من هذا الاتفاق ، فقد تخلت عنهم امریکا والغرب ، بعد ان سرقت اموالهم فی صفقات اسلحة تزید عن 130 ملیار دولار، بعد ان ضخمت من الخطر الایرانی لتصعید مخاوفهم ، ودفعتهم للوقوف موقف المعادی من ایران وکل معتنقی المذهب الشیعی تقریبا. 

وبعد ان طرح عبد الباری عطوان سؤالا عن الاستراتیجیة التی یمکن ان یتبعها هؤلاء فی مواجهة هذا التحول الاستراتیجی فی موازین القوى فی المنطقة وتحالفاتها ؟ .. اعرب عن اسفه ، للقول بانه لا توجد استراتیجیة ولا یحزنون ، فالدول الثلاث التی کانت تحقق التوازن الاستراتیجی فی المنطقة ای العراق وسوریة ومصر دمرها العرب ، وحکام الدول العربیة فی الخلیج (الفارسی) بالذات من خلال قبولهم بأن یکونوا ادوات فی السیاسة الخارجیة الامریکیة ومصالحها فی المنطقة ، فالعراق یعیش حربا اهلیة ، وسوریا تشهد حربا بالانابة على ارضها ، اما مصر فمقسمة بین نظام عسکری تدعمه السعودیة والامارات، وحرکة الاخوان المسلمین التی تقول انها صاحبة الشرعیة وتدعمها قطر . وتابع کاتب المقال : العرب یتقاتلون على ارضهم ، ویمزقون ارکانهم الاستراتیجیة ویغرقون المنطقة فی الحروب الاهلیة الطائفیة ، فهل هؤلاء یستطیعون وضع استراتیجیات لحرب ایران او حتى منافستها ، وبعد ان القى بهم الحلیف الامریکی فی سلة المهملات ؟ لا اعتقد ذلک .

واکد عطوان ، ان نقطة التحول الرئیسیة التی ادت الى توقیع هذا الاتفاق وقلب المعادلات الراسخة فی المنطقة ، هو ان امریکا تشعر بالقرف من العرب و «الاسرائیلیین» معا، وقررت تغییر سیاستها الخارجیة والکف عن خوض الحروب بالنیابة عنهم ، واول قرار فی هذا الصدد هو التطبیع السیاسی مع ایران بعد ثلاثین عاما من العداء ، مضافا الى ذلک ان جمیع حروبها فی الشرق الاوسط التی ورطها فیها العرب و«الاسرائیلیون» انتهت الى کوارث ، ولم تحل المشلکة التی ذهبت من اجلها بل خلقت مشاکل اکبر لامنها واقتصادها ، وانظروا ما حدث فی افغانستان والعراق ولیبیا وما یحدث حالیا فی السعودیة .

ونوه ، الى ان العرب یحتاجون الى مراجعة جذریة لکل اخطائهم ، ومرة اخرى نقول اننا نتحدث عن حکام منطقة الخلیج ( الفارسی) الذین یهیمنون حالیا بمالهم على القرار العربی ، مراجعة تعترف بالواقع الجدید ومتغیراته ، وتبدأ فی وضع خطة طویلة المدى لاعادة العرب على الخریطتین الاقلیمیة والدولیة بقوة ، لیس کمشترین لاسلحة لا تستخدم وانما لتصنیعها ، وبناء مشاریع القوة السیاسیة والعسکریة ، والکف عن سیاسة المناکفات ، مثلما هو حادث بین السعودیة وقطر حالیا ، ورصد عشرات الملیارات فی هذا الصدد .

واردف قائلا : العرب اصابتهم عدوى ادارة الرئیس بوش ، ای اصبحوا خبراء فی التخریب ، ای تخریب دولهم ، والعجز عن البناء ، ای بناء قوتهم ، مثلما اصبحوا متمیزین فی خلق الاعداء دون ان یملکوا اسباب القوة لمواجهتهم . وحتى تتم هذه المراجعة الاستراتیجیة ، لا بد ان یعترف العرب بایران قوة اقلیمیة عظمى ویتعاطوا معها على هذا الاساس ، ویتحاورون معها تماما مثلما فعلت امریکا والغرب.
 
/ انتهت المقالة /

رقم : 324815
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم