0
الثلاثاء 22 نيسان 2014 ساعة 13:36
بقلم: عبدالله علي صبري

حال ومآل الشراكة الوطنية بعيد الحوار اليمني

حال ومآل الشراكة الوطنية بعيد الحوار اليمني
حال ومآل الشراكة الوطنية بعيد الحوار اليمني
فإذا كانت عملية الوفاق السياسي الناجمة عن توقيع المبادرة الخليجية، قد شملت اللقاء المشترك وشركاؤه من جهة والمؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه من جهة ثانية، فإنها تحولت في جانب المشترك إلى غطاء لصالح حزب الإصلاح وشركائه من خارج المشترك، بل لقد اشتكت بعض قيادات الإصلاح كون حصة شركاء الإصلاح ( المجلس الوطني) كانت الأكبر على حصاب أحزاب المشترك سواء في الحكومة أو في التعيينات اللاحقة.

أما حلفاء المؤتمر الشعبي، فقد كانوا ولا يزالون يمثلون ديكوراً للحزب السابق، الذي يعيش بدوره أزمة قيادية دفعته إلى معارضة الحكومة القائمة، رغم أنه ممثل فيها بالنصف، إضافه إلى سيطرته شبه المطلقة على مختلف أجهزة الدولة. 

ونتيجة لاهتزاز الثقة داخل المشترك، فضلت أحزاب المشترك المشاركة بمؤتمر الحوار في ظل اليافطات الحزبية، ما جعل حصة " المجلس الوطني " هي الأدنى في المؤتمر بشكل عام ( ولعل هذا ما يفسر جانباً من امتناع حميد الأحمر عن المشاركة في المؤتمر)، وعلى العكس من ذلك تمسك المؤتمر الشعبي بالاشتراك مع حلفائه ككتلة واحدة بمؤتمر الحوار الوطني. 

على أن قائمة التمثيل داخل مؤتمر الحوار، قد منحت أطرافاً سياسية واجتماعية أخرى حق المشاركة في التوافق على صياغة مستقبل الدولة اليمنية شكلاً ومضموناً. وتطلع أعضاء المؤتمر والمتابعون لأعماله عن كثب إلى رسم خارطة جديدة للمشهد السياسي تجعل من " الشراكة الوطنية الحقيقية " العنوان الأبرز لمرحلة ما بعد الحوار، خاصة أن التمثيل في مؤتمر الحوار قد شمل المعنيين بأهم قضيتين وطنيتين: القضية الجنوبية، وقضية صعدة. 

غير أن الأيام الأخيرة لمؤتمر الحوار أبانت عن ضيق لدى القيادة السياسية بالشراكة الوطنية مع كل القوى المشاركة في مؤتمر الحوار، وبدلاً من الحوار المسئول، اتجهت الأطراف إلى التفاوض خارج " موفنبيك " وبرعاية رئاسية. وإذا كانت هذه الخطوة قد نجحت في حلحلة الموقف إزاء المعالجة الوطنية للقضية الجنوبية، فإن هذا النجاح قد أفضى إلى اخفاق فيما يتعلق بالوفاق والتوافق الوطني، حيث ترى بعض القوى الوطنية بمؤتمر الحوار أن الإخراج النهائي لمؤتمر الحوار فرض عليها فرضاً، وخاصة ما يتعلق بتحديد عدد الأقاليم، وضمانات تنفيذ مخرجات الحوار، والتمديد لمفاعيل المبادرة الخليجية، بالإضافة إلى استدعاء القرار الأممي 2140، الذي يشمل اليمن ببنود الفصل السابع للأمم المتحدة. 

وإذ كان بالإمكان استعادة الوفاق الوطني بما يسمح بنفاذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بعيداً عن لغة الفرض، والتهديد بالعقوبات الدولية، فإن المشهد السياسي قد تأزم من جديد، فحل العنف محل الحوار، وعادت أساليب التفاوض بمختلف الأساليب لتهيمن على العملية السياسية، بل وثمة من يضغط باتجاه توريط الجيش في الاحتراب الداخلي مجدداً، على الضد من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. 

ليس هناك عاقل يتغافل عن مخاطر "الحرب الحوثية الإصلاحية" على السلم الاجتماعي واستقرار الدولة. وبعيداً عن التهوين أو التهويل، فإن حرباً كهذه يجب أن تتوقف، لكن بلغة الحوار، والتفاوض، وليس بإقحام القيادة السياسية كطرف في مواجهة مكون يمني أصيل، كان لممثليه إسهام إيجابي ملحوظ في مؤتمر الحوار الوطني، الذي أسدل الستار على جلسته الختامية بفاجعة اغتيال عقل الحوار الوطني الشهيد الدكتور أحمد شرف الدين. 

للأسف، فإن القيادة السياسية لم تتخذ بعد الموقف المسئول تجاه الحادثة الأليمة، ورغم أن رئيس الجمهورية وعد باتخاذ قرارات قوية، إلا أن الأيام والأسابيع مرت ولم تصدر هذه القرارات، ومعروف أن القوى التي تمترست في الدفاع عن الحكومة القائمة، وعدم ادخال تعديل جوهري عليها، تتحمل مسئولية لجوء هذه القوة أو تلك إلى العنف، فإذا كان الحوار الوطني والحشد الجماهيري السلمي لم يحظى بالاستجابة السياسية لمطالب المواطن اليمني، فما الفرق إذاً بين نظام سابق وآخر قائم؟ 

لقد كان منتظراً أن تتسع دائرة الوفاق الوطني بتمثيل الحراك الجنوبي وأنصار الله في الحكومة، وفي المحافظات ( حسب ما تنص عليه ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار )، إلا أن المؤتمر والإصلاح تمسكا بتمديد مفاعيل المبادرة الخليجية، ليضمنا سيطرتهما على الحكومة وأجهزة الدولة، وبل وقالها ممثل الإصلاح أنه لن يوافق على تمثيل الحوثييين في الحكومة ما داموا يمتلكون السلاح الثقيل!! 

إذاً ما معنى الشراكة الوطنية إذا كانت الحكومة مغلقة في وجه أحد شركاء مؤتمر الحوار؟ 

اهتزار الوفاق لم يقتصر على أنصار الله، بل امتد كذلك إلى الحزب الاشتراكي اليمني، الذي لم يجد من يناقش – مجرد مناقشة – أطروحته بشأن تحديد عدد الأقاليم، وإذا لم يكن هناك تفاعل مع رأي الحزب الاشتراكي بشأن القضية الجنوبية، وأقاليم الدولة الإتحادية، فهل تبقى للشراكة الوطنية مدلولاً حقيقياً؟ 

تجاهل مقتضيات الشراكة الوطنية لم يقتصر على القضايا أعلاه، فلجنة صياغة الدستور لم تشمل جميع القوى والفعاليات المشاركة بمؤتمر الحوار، وحتى الآن لم تشكل الهيئة الوطنية المعنية بمراقبة تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، ومع أن نصوص ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار واضحة وجلية بشأن قوام الهيئة، إلا أن ثمة اصرار على تقليص قوام الهيئة ( بزعم التخفف من التكلفة المالية ). 

وإذ نفهم أن المؤتمر والإصلاح قد فرضا التمديد لمجلس النواب، فإن الإبطاء في تشكيل الهيئة الوطنية، يعد التفافا على مخرجات الحوار الوطني، كما أن البحث في تقليص قوام الهيئة، يعني التفافاً مضافاً على موجبات الشراكة الوطنية. وإذ يكشف هذا الأسلوب في التعامل مع شركاء الحوار عن جانب من أسباب التأزم والعنف القائم، فإن الحل يبقي مرهونا بإعادة الاعتبار لمقتضيات الشراكة الوطنية بعيداً عن حسابات ضيقة باتت تحتكر صكوك الوطنية فتمنحها لهذا الطرف وتحجبها عن ذاك!
رقم : 375388
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم