0
السبت 30 آب 2014 ساعة 04:05

لا يستقّرَ آلوضع حتّى يُفْهَمَ آلدِّين!

لا يستقّرَ آلوضع حتّى يُفْهَمَ آلدِّين!
لا يستقّرَ آلوضع حتّى يُفْهَمَ آلدِّين!
لكن المشكلة الأساسيّة التي رافقت المعتنفين للدِّين شرقاً و غرباً خصوصاً القتلة الأرهابيين في العراق و آلشام .. و كلّ عربيّ و مسلم .. حتى المرجعيّات هي عدم وصول الدين الصحيح و آلتعاطي معه طبقاً لإرادة الله أو من يمثله على أرض الواقع بحقّ .. يضاف لذلك سوء فهمهم للدّين و فلسفة الرّسالات السّماوية بجانب إستغلال البعض له إستغلالاً سيئاً للغاية لأجل المنافع المادية و الشخصية و الحزبية و آلعائلية, و هكذا سبب ذلك التعاطي الخاطئ إنتشار الجرائم و الظلم بين الناس حتى ترك العرب و العراقيون في مقدمتهم الأسلام و رجعوا للوراء متمسكين بأحكام العشائر الجاهلية .. فالأكثريّة حتّى المثقفين منهم تصوّروا بأنّ الدّين ما هي إلاّ مجموعة طقوس عبادية و أحكام شريعية لا يُكلف الله فيها الأنسان إلا بقدر وسعه و كفى و لا علاقة له بصميم الحياة الأجتماعية و السّياسية و الأقتصاديّة و الأدارية و غيرها, حيث يجهلون تماماً علاقة الدين بتلك المحاور الحياتية الأساسية!

و قسم من الملتزمين فهمه بآلإضافة لذلك؛ بكونه إلتزام بآلمظهر مع المشاركة في إحياء بعض المناسبات و آلشعائر الموسمية كولادة النبي(ص) أو الأئمة أو إحياء مراسم عاشوراء, و آخرين فهموه بكونه بآلأضافة لما ذكرنا دفع الخمس و الزكاة و آلحج!
أما لماذا يدفع الخمس؟
و لمن يدفعه؟
و إلى أين تذهب تلك الأموال الكبيرة؟
فلا يعرف عنها شيئاً إطلاقاً!

و القسم الأخير و هم طلبة الحوزة(المعمّمون) قد فهموه بكون الدِّين بآلأضافة لما ذكرنا؛
هو الوصول للأجتهاد ليؤشر له بآلبنان من قبل العوام السُّذج .. لينال في نهاية الأمر مرتبة مرجع دين أو المرجع الأعلى للطائفة ليتربّع على عرش المرجعيّة التقليدية في بيته و يستفيد من عوائد الخمس و الزكاة و آلأبهة و الخُيلاء و تقديس الناس السُّذج له ليعيش مع نسائه و أبنائه و مقربيه أفضل عيشة يتعدى حتى حياة الملوك الذين يتحملون مسؤولية إدارة الممالك و الدول وتبعاتها, بعكس المرجعيات التقليديّة التي تعيش بنفس الدّرجة من آلأكتفاء المادي و الحسابات المليونية لكن بدون أية مسؤولية عملية أو واجبات التصدي لأدارة و متابعة شؤون الأمة والدولة و آلنظام!

حيث يقتصر جلّ إهتمامه في إصدار رسالة عمليّة و بعض الفتاوى الجانبية – ربما السياسية - أحياناً و ليلتزم من يلتزم بها, و ليُقلّد من يُقلِّد و ليترك الدّين من يترك و كفى الله المؤمنين القتال!؟

بإختصار لا يهمها إن كفرت الامة أو تمّ إستعمارها أو آمنت الأمة و تحقق نجاتها!؟
فآلأمر عندها سيان, المهم هو بقاء تلك المجاميع الخرفانية تُسدد الخمس والزكاة لها لأستمرار حياتها على تلك الوتيرة التي يعتبرها النائل لها قمة الخير و الحياة و الملذات!

هذا هو فلسفة و معنى الدِّين في العالم العربي و معظم دول الأسلام بإستثناء إيران طبعأً التي يتحمّل فيها الولي الفقيه بكونه المرجع الأعلى للأمة و للأنسانية مسؤولية البلاد و العباد و البشر في الأرض نيابة عن الامام الحجة(عج), يعاونه في ذلك بحدود خمسة آلاف مجتهد و مرجع دين هم حصيلة النتاج العلمي للحوزة العلمية الحقيقية! 

أتذكر الفرق العملي الكبير بين منهج الصّدر الأول(منهج التصدي الحقيقي) و منهج بقية مراجع الدّين في وقتها كمنهج مقابل يمثل(التقليد العرفي التراكمي), و كيفية تعاطي كل منهج مع الأسلام و أحكامه و مبادئه من جهة و مع المسلمين و الناس من آلجهة ألأخرى!

و لعلي كنتُ الوحيد الذي أتباحث بجدٍ في بداية السبعينات مع العلماء و الشّهداء حول أسس و جذور كلّ منهج من تلك المناهج و مستقبله بُغية الوصول إلى ما توصل إليه الصّدر الأول في وقتها يوم لم تفي المرجعية التقليدية بعهودها بعد وفاة السيد الحكيم(رض) أو دراسة منهج أستاذه الأمام الخميني(رض) الذي كان يخطط جذرياً لخلاص الأسلام و المسلمين من براثن التخلف و التقليد الأعمى و سوء الأستفادة من إسم الدين من خلال المرجعية و توابعها!

و إن مواقفهم و مؤلفاتهم و بياناتهم أعتقد بأنّها كافية جداً لمعرفة حقيقة مناهج تلك الحدود الكبيرة في المدرستين؛ (التقليدية) , و (الحقيقية) أللتان تدّعيان آلأنتماء لمذهب آل البيت(ع), و هنا لا نناقش منهج المذاهب الاسلامية الأخرى فشأنها معروف للقاصي والداني و أعمالهم و مواقفهم هي خير شاهد عما نتحدث عنه!

و تجدر الأشارة إلى أنني حين لجئتُ للغرب كانوا لا يعيرون أيّ إهتمام للمؤمنين بآلمنهج التقليدي, ولم يضايقوا على أي مسلم سنّي أو شيعي بإستثناء الذين كانوا يقلّدون و يسيرون على منهج الصّدر الأوّل أو الأمام الخميني رضوان الله عليهم, خصوصاً إذا لم يتعاون المعني معهم!

بل كانوا يدعمون بقية مناهج المذاهب الأخرى و المراجع التقليديون خصوصاً الشيرازيون منهم و يسهلون أمورهم عند فتح مركز أو مسجد أو حتى محطات فضائية لهم و بإسمهم لكونهم كانوا يعادون المنهج الأسلامي الحقيقيّ!

و لا أنسى مواقف الغربين نهاية القرن الماضي؛ كيف إنهم كانوا يُتابعون و يُحاصرون و يضيقون الخناق على كلّ من ينتمي لذلك الخط الحقيقي الأصيل الذي مثله خط الأمام الخميني الراحل(قدس)!

و تلك قضية معروفة للجميع .. و قد كتبتُ عنها الكثير في وقتها و لاحقاً و حتى آلآن, و الذي كان معنا من الواعيين يتذكر و يعرف ذلك تفصيلاً, و يتذكر أيضاً كيف إن الناس كانوا يتعاملون مع مقالاتي و بحوثي بإستغراب شديد .. لكن بعد مرور الأيام و السنيين بدأ الناس للتو يفهمون تلك الحقائق الأليمة التي حملناها بصبر و أمانة و تحدٍ أمام طغاة الأرض كلهم!

إن خلاصة المشكلة في تلك المدرستين – ألمنهجين - يُمكننا إجمالها في مسألة واحدة و هي: فهم فلسفة الدّين و التعاطي مع توحيد الله عملياً في كلّ منها؛

فآلمدرسة التقليدية .. قد روّجت بكونها تؤمن بمجموعة من الطقوس و العبادات و المعاملات الشخصية والأهتمامات الخاصة, يلتزم بها المسلم سواءاً تحت ظلّ الأنظمة الظالمة أو العادلة من معارضة الحاكمين و الظالمين أو القيام بأية نهضة إصلاحية سواءاً على مستوى الفكر أو التطبيق .. بل لا يهمها إنْ كان الحاكم ظالماً أو عادلاً أساساً .. شرقياً كان أم غربياً!

و قد لا أجانب الحقيقة لو قلت بأنّ بعض تلك المرجعيات كانت و ما زالت تتعاون و تتماشى في منهجها مع مناهج الأنظمة الغربية و تشاركها عبر سكوتها أو في دعم إقتصادها و برامجها عبر إيداع الأموال في بنوكها و إستثماراتها للأسف!

و آلعدالة بمفهومها المطلق او النسبي الكبير؛ لا توجد طبعاً في أيّ نظام حاكم في الارض اليوم بإستثناء إيران, و في جميع الدول التي تصل أعدادها إلى أكثر من 250 نظام و دولة في العالم!

أمّا منهج المدرسة الحقيقة؛ فقد ركّز و بيّنَ بأنّ فلسفة العبادة في الأسلام تتركّز على محور أساسي هو بناء الذّات الأنسانيّة على أساس التوحيد العملي على كل صعيد من أجل خدمة المجتمع طبقاً لموازين العدالة العلويّة و آلوقوف بوجه الظالمين والمستكبرين!

و بناء الذّات الموحدة يتمّ عبر فهم و هضم المبادئ و الأحكام الأسلاميّة من خلال معرفة أبعادها العرفانية في مدرسة اهل البيت(ع)!

و هذا هو بيت القصيد الذي ميّز هذه المدرسة الربانيّة التي مثلّت بحقّ منهج و مدرسة أهل البيت(ع) من دون المدارس التقليدية الأخرى التي طغت عليها حالة الخمول و التحجر و الهوان وحتى النفاق و الشكليات و العناوين الخداعة الكاذبة كآلأعلمية .. و الرّأي الأجتهادي .. و آلتبحر في الفقه و الأصول و ما إلى ذلك من عناوين و مصطلحات خداعة لتخدير الناس و العقول السّاذجة من دون وجود نتاج عملي حقيقي في السّاحة الأقتصادية أو العلمية أو الأجتماعية أو السياسية أو التربوية, رغم مرور أكثر من ألف عام أو يزيد عليها من دون فائدة أو إنتاج حقيقي على الصّعيد العمليّ!

و قد كتبتُ تعليقاً مقتضباً على أحد المواقع في الفيس بوك يوم أمس وضحت فيه معنى و فلسفة الدّين كجواب على منهج الأرهاب و السياسيين الحاكمين في العراق أو بلاد الشام, أو حتى العالم .. أرى من المناسب جعله كمسك آلختام لموضوعنا هذا آملين الأستفادة منه إن شاء الله.

مشكلة القتلة الأرهابين؛ بما فيهم السياسيون هي إنّهم يجهلون أو يتجاهل بعضهم فلسفة الحياة كما يجهلون أو يتجاهلون معنى الدّين!

و إن آلحياة و الدِّين توأمان لا يفترقان .. من حيث لا يوجد دين و إلتزامات تعبدية في الآخرة بل الدين للحياة الدنيا لأمتحان البشر و في آلآخرة جزاء و ثواب أو عقاب و نار!
و كما قيل ؛ في الدنيا عملٌ و لا حساب و في الآخرة حساب و لا عمل!

أمّأ حقيقة تعليقي المشار إليه .. هو حول معنى الدِّين و فلسفة العبادة؛
و أنني أكرّر هنا للجميع كي يستفيدوا منه .. عسى أنْ نتخلّص من جهنم الحياة العراقية و العربية التي إختلقوها لأنفسهم بعمد أو جهل بسبب مرجعياتهم التقليدية المتحجرة, لأن النتيجة كانت واحدة للأسف الشديد!
بدايةً؛ أسأله تعالى أن يحفظ الجميع من كل سوء و مكروه .. و يجمع أُلفتكم و وحدتكم على الخير و المحبة و الأحترام و الإيثار الذي لا يتحقق إلاّ بفهم فلسفة الدّين و آلخلق و الحياة على أساس التوحيد لله لا للمستكبرين و الحاكمين, هذا قبل كلّ شيئ لأنه يتقدم على كل علوم الدين و الحياة و الدراسات التكنولوجية و الطبية .. فما فائدة التكنولوجيا و الطب إذا كان المهندس و الطبيب و السياسي و حتى المرجع لا يفهم معنى التوحيد و الدّين الحقيقي!؟

ثمَّ إنّ آلحياة بعد ذلك بدون الأيثار و المحبة لا تستمر بآلعدل سواءاً داخل العائلة أو المجتمع و بآلتالي لا تتحقّق السعادة أبداً, مهما طغت الظواهر الأسلامية و الشعائر الحسينية و آلمساجد و الحسينيات!
و يحتاج ذلك إلى معرفة أبعاد و فلسفة الأحكام و المسائل الفقهية(المتحجرة) القديمة و كسر الحدود المفروضة التي أوجدها الجهلاء من المراجع التقليدين و التي إنتشرت بين العراقيين بكثرة و العرب عموماً من دون وعي أبعادها و فلسفتها!
بإختصار شديد أيّها الأخوة المثقفون:
كلّ العبادات والأحكام الشخصيّة و حتى المعاملات و كما تعلّمنا من اساتذتنا الكبار من أمثال الصّدر الأول و الأمام الخميني و الشيخ المطهري و الدكتور شريعتي؛ الغاية منها هو خدمة الناس و آلأحسان إليهم خصوصا للأهل و الأرحام و الجيران و كلّ إنسان يرتبط بنا في المجتمع(1), و لا تتحقق هذه الفلسفة بدون محبة الأنسان .. و محبة الأنسان لا تتحققُّ في قلب المؤمن المُتقي ما لم ينفتح على معرفة الله التي تحتاج إلى طيّ مُدن العشق السّبعة التي فصّلنا الحديث عنها في بحوثنا السابقة بعنوان:
(أسفارٌ في اسرار الوجود)!

و نورد لكم عناوين تلك المحطات لأستذكاركم بها .. آملين الرّجوع إليها و دراستها و من ثمّ عبورها بأسرع وقت ممكن للوصول إلى شواطئ الأمن و السعادة و الحياة و الدين الحقيقي, لأنّ الدّين بدون عبور تلك المحطات يبقى ديناً تقليدياً جامداً متحجراً لا يخدم الأنسان و بآلتالي المجتمع ككل, و هي:

الطلب --- العشق --- المعرفة --- التوحيد --- ألأستغناء --- الحيرة --- الفقر و الفناء.
ليستْ الغاية من العبادات كـ (الصوم ؛ الصلاة ؛ الحج ؛ الدعاء) هو لعبادة الله حصراً كما فهمه الناس و مراجع الدين التقليديون, لأن الله غنيٌ عن العالمين .. بل الحقيقة تعتبر العبادات الشخصية مقدمات لأعداد و بناء الأنسان كي يتعامل مع الآخرين و مع الناس بآلحسنى و المعروف و الأحترام, و ذلك بأن يكون منتجاً و عنصراً مفيداً, لا طفيلياً كما هو حال معظم رجال الدين و المراجع و السياسيين الذين يأكلون من دون إنتاج مفيد للمجتمع!
و للأسف لم يتحقّق ذلك وسط العراقيين و العرب بسبب عدم فهمهم لمعنى العبادة!
يعني؛ لم يتحقق معنى الدِّين في سلوك و وجود الأنسان, الذي إختصره الباري تعالى في آية معروفة بظاهرها من دون باطنها للناس و لجميع مراجع الدين التقليديون, و هي:
[و ما خلقت الجن و الأنس إلا ليعبدون - صدق الله العلي العظيم](2).
عزيز الخزرجي
https://www.facebook.com/AlmontadaAlfikryللتواصل/
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لو نُطبّق حديثاً واحداً للرّسول(ص) في المجال الأجتماعي بشأن إحترام الجار و بناء علاقات طيبة معه لكفانا بأن نجعل من كلّ المجتمع البشري عائلة واحدة كبيرة, حيث أوصى الرسول(ص) بوجوب بناء علاقات طيبية مع آلجار الأربعين, و لو طبّق كل واحد منا ذلك لنفعه و لتوسعت العلاقة بين كلّ الناس و لشمل جميع البشرية في نسيج واحد, لأنّ كل عائلة لو توطنت علاقته مع جاره فيكون الجميع يرتبطون مع بعضهم البعض من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب و من الشمال إلى الجنوب!
لكن كم مسلم من المسلمين يطبق هذا الشعار!؟
و الله هنا في الغرب رغم إختلافنا عنهم, لكن يسلم الناس بعضهم على بعض حتى و إن لم يعرفوا بعضاً, بينما أتذكر في العراق لو نظر شخص إلى شخص آخر نراه ينزعج و يثور و ربما يشتم المقابل لكونه نظر إليه, و العراقيون يعرفون ذلك .. خصوصا أهل بغداد المتخلفين جداً من الناحية الأجتماعية!
(2) سورة الذاريات / آية 56.
رقم : 407292
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم