0
الاثنين 14 نيسان 2014 ساعة 11:17
كتب: ناجي س. البستاني

معركة أوكرانيا الفعليّة بدأت الآن...

معركة أوكرانيا الفعليّة بدأت الآن...
معركة أوكرانيا الفعليّة بدأت الآن...
بداية، لا بدّ من التذكير أنّه بعد إطاحة الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، تصرّفت روسيا الإتحادية بكثير من الحنكة وبشيء من الخبث.

 وهي وضعت حالياً عينها على الجزء الشرقي في أوكرانيا، حيث بدأت بتطبيق نفس "الوصفة" التي إعتمدتها بنجاح في القرم. فعمدت خلال الأيّام القليلة الماضية على السيطرة على مواقع رسمية وأمنيّة، من خلال ميليشيات مسلّحة ترتدي بزات موحّدة من دون إشارات تدلّ على إنتمائها، وتتحرّك بشكل مُنَظم وضمن خطط عسكرية واضحة.
 
لكن كييف التي عجزت في المرّة الماضية عن المواجهة، نتيجة التأييد الشعبي الساحق لموسكو في منطقة القرم، قرّرت المواجهة في الجزء الشرقي من البلاد، لجهة العمل على إسترداد كل المباني والمراكز والمقار الحكوميّة التي وقعت تحت سيطرة مسلّحين موالين لروسيا.
 
وتوالت الإنذارات المتبادلة بين السلطات في كييف والمسؤولين الروس، بالتزامن مع إستنفار للجيش الأوكراني، وكذلك مع حشود روسية كبيرة. وفي هذا السياق، وبحسب أكثر من تقرير إستخباري وإعلامي فإنّ الجيش الروسي يواصل حشد قوات عسكرية عالية التدريب والتجهيز على طول حدوده المشتركة مع أوكرانيا. وحتى اليوم، قُدّرت هذه الحشود بنحو أربعين ألف جندي مدعومين بالدبابات وبطوافات هجومية وأخرى للإنزال، وببعض الطائرات الحربيّة، موزّعين على نحو مئة موقع ونقطة عسكرية، بعضها على بعد 6 إلى 7 كيلومترات فقط عن الحدود مع أوكرانيا. وعُلم أنّه في حال تلقّي هذه القوات العسكرية "الضوء الأخضر" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتحرّك، فإنّها تستطيع الوصول إلى الحدود الأوكرانية في فترة زمنيّة تتراوح ما بين ساعة واحدة وإثنتي عشرة ساعة للوحدات الأكثر بُعداً عن الحدود الفاصلة.
 
وهذا يعني أنّ هذه القوات قادرة مَيدانياً على تنفيذ إجتياح واسع للجزء الشرقي من أوكرانيا، الذي يضمّ أغلبيّة عدديّة موالية لروسيا، تتراوح ما بين 50 و74 % من السكّان. 

بعض المحلّلين الغربيّين رأى في التدابير الروسية إستعراضات إعلامية، ردّاً على إستعراضات أميركية تمثّلت بإرسال بضع مئات من وحدات البحرية إلى رومانيا، وتحريك بعض السفن إلى البحر الأسود، وإستندوا في رأيهم إلى أنّ نشر طائرات حربية مثلاً قرب الحدود لا يهدف إلا إلى تصويرها من الإعلام الغربي، لإثارة الذعر، لأنّ هذه الطائرات قادرة على التحليق لمئات الكيلومترات أصلاً، وبُعدها عن قواعدها الأساسية يعني الإبتعاد عن ذخائرها وعن منظومة تحريكها اللوجستية. لكن في المقابل، رأى الكثير من المحلّلين الغربيّين أيضاً، أنّ التحرّكات العسكريّة الروسية جدّية، وهي مُكتملة من حيث المُتطلبات اللوجستية للتحرك السريع والدعم والإسناد. حتى أنّ عدداً من الضبّاط الكبار في حلف "الناتو" دعوا إلى مواجهة هذا التهديد العسكري الروسي، مشيرين إلى أنّ الأجواء الأوروبيّة آمنة، والحركة البحريّة كذلك الأمر، بينما يتركّز الضعف على مستوى البرّ الذي يجب تعزيزه عبر نشر وحدات مشاة، لإيجاد توازن رعب مع الجيش الروسي. 

وبالنسبة إلى ما ينتظر أوكرانيا من أحداث، أجمع الكثير من المحلّلين الغربيّين على أنّ كييف إتخذت قرارها بمواجهة القوات الموالية لروسيا في الجزء الشرقي للبلاد بالقوّة العسكريّة، أيّا تكن النتائج، لأنّها لن تتخلّى عنه بدون قتال كما حصل في القرم، خاصة أنّ وضعها الإقتصادي متدهور جداً، وهي بالتالي لا تخاطر بالكثير. والأهم أنّ كييف تأمل هذه المرّة بحصول تدخّل غربي أكثر جدّية ضد الروس، ليس حبّاً بأوكرانيا، بل لأنّ الغرب لن يتفرّج على سقوط الجزء الشرقي لأوكرانيا، كما فعل عند سقوط القرم، باعتبار أنّ هذه الخطوة ستشجّع موسكو على إستعادة كل الدول والمناطق التي خرجت عن سيطرة الإتحاد السوفياتي السابق، ولوّ بشكل تدريجي بطيء. 

ومن المتوقّع أنّ يشهد الجزء الشرقي من أوكرانيا، مُواجهة حامية، قد تبدأ بمناوشات مسلّحة متفرّقة، لكنها قد تنتهي بمعارك واسعة يتمّ مدّ الأطراف المتقاتلة فيها بالسلاح والعتاد، من جهات خارجية مختلفة، في إستعادة لمشهد "الحرب الباردة"، ولوّ بنسخة جديدة تتناسب مع تغييرات القرن الواحد والعشرين.

(1) تظاهرت موسكو بداية بأنّها خضعت للصفعة التي تلقّتها بفعل تظاهرات "كييف" المناهضة لها، ثم عمدت بعد أيّام إلى تحريك الميليشيات الموالية لها في منطقة "القرم" مدعومة من وحدات "كومندوس" روسيّة دخلت إلى القرم من دون عراضات إعلامية، بالتزامن مع دفع المسؤولين المحلّيّين في تلك المنطقة إلى إعتماد قرارات إنفصالية مع أوكرانيا. وبعد تصويت الأغلبية الساحقة في القرم على الإلتحاق بروسيا، تجاهلت موسكو العقوبات الإقتصادية والسياسية الغربيّة، وإنتقلت إلى مرحلة ثانية من إنقضاضها المُضاد على محاولات نقل أوكرانيا من سيطرتها إلى الحضن الأوروبي والغربي. 

(2) حسب البلدة أو المدينة المعنيّة، بحسب آخر إنتخابات جرى تنظيمها والتي تنافس فيها الرئيس الأوكراني المخلوع وممثّل المعارضة آنذاك.
رقم : 372643
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم