0
الأحد 17 آذار 2013 ساعة 11:54

طفل في وزارة الخارجية الاميركية!!!!

طفل في وزارة الخارجية الاميركية!!!!
طفل في وزارة الخارجية الاميركية!!!!
ضمن مسلسل الرقص على انغام الحرية التي حركت الشعوب العربية، رقصت الادارة الاميركية على وتر "الاسلاميين"، وتدخلت لحرف ابواق الثورة عن وجهتها الحقيقية، ولانها ثورات تحركت بوجه الاستبداد والارتهان للخارج، ظن الجميع بان الشعوب العربية ستفرض على العالم احترام ديمقراطيتها الجديدة، وبان التخلص من الارتهان سيؤدي الى زعزعة امن العدو الاسرائيلي، الذي سيصبح محاصرًا بين القلق والخوف. 

بعد ظهور نتائج الثورات، ظهر الهدوء على اوجه حكام تل ابيب، ولاستغلال الهياج العربي الحاصل لاجل مصالحها، قامت الادارة الاميركية مع حلفائها الاقليميين باستلام زمام المبادرة، وتحويل ابواق الثورة باتجاه دمشق، لضرب محور المقاومة والممانعة من الوسط وتشتيت اطرافه. 

دون العودة الى تفاصيل المواجهات الدامية الحاصلة في سوريا منذ سنتين، يكفي استقراء النتائج التي وصلت اليها، والتي قلبت السحر على الساحر، فعلى الرغم من ان الحملة الدولية على سوريا استنزفت النظام وحلفاءه الممانعين والمقاومين، الا انها اوصلت حلفاء الولايات المتحدة الى حائط مسدود، يمنع اسقاط الرئيس الاسد ويهدد نفوذهم وصورتهم في المنطقة، اضافة لتعريض النفوذ الاميركي لخطر التقاسم والمشاركة مع الاقطاب الدوليين الجدد. 

اعلن الرئيس باراك اوباما عن نيته بحل المشاكل الدولية العالقة بالطرق السلمية، ليتفرغ للشأن الداخلي الاميركي، الذي تعرض لمشاكل كبيرة في الآونة الاخيرة بدأت تهدد استقراره وراحة شعبه. 

في ظل استحالة التدخل العسكري لوجود الفيتو الروسي في مجلس الامن، والاساطيل الروسية في البحر الابيض المتوسط، والقوة الايرانية على حدود تركيا والخليج، وفي ظل الثبات القوي للرئيس الاسد ونظامه وشعبه امام الهجمة الدموية عليه، لم يبق امام ادارة اوباما سوى السيناريوهات الديبلوماسية السلمية لسحب حلفاءها الاتراك والخليجيين من الرمال السورية المتحركة التي زجهتم، وزجوا انفسهم، فيها. 

وزير خارجية الولايات المتحدة، او "المبعوث الالهي" كما هو في نظر معظم حكام العرب، قادم الى المنطقة، ولانه يحمل في لقبه كلمة "الولايات المتحدة"، فهذا يعني الكثير للذين يرتبكون امامه لدرجة ينسون فيها دينهم وعقائدهم ونبيهم... والمسجد الاقصى والقدس. 

مخطئ من يظن ان جون كيري قادم الى المنطقة ليستمع، ومن من العرب يستطيع ان يتكلم في حضرة "المبعوث الالهي"، فجل ما يسعون اليه عند كل زيارة اميركية، هو الافصاح عن بعض الاماني والاحلام التي لا ينتبه اليها الزائر لانشغاله بارسال الرسائل للخصوم والحلفاء اثناء الاحاديث. 

الادارة الاميركية ليست معنية بما يريده حلفاؤها من العرب، وجون كيري قادم الى المنطقة ليستقرئ الواقع من المنظار التركي والاسرائيلي، واسماع العرب ما يجب ان يسمعوه من ادوار لهم في المرحلة القادمة. 

التقارب الاميركي – الروسي اخذ مجراه في الفترة الاخيرة من الموضوع السوري، وبعد استيضاح الرؤية الروسية الصلبة والثابتة من الازمة السورية، اصبح مجيء كيري الى المنطقة ضرورة لحسم الخيار الاميركي لواحد من السيناريوهات الموضوعة على طاولة البيت الابيض. 

يمكن للبيت الابيض، وحسب التقارير التي سيتلقاها من وزير خارجيته، ولانه لم يرض بتقاسم النفوذ الذي عرضه عليه الكرملين، ان يستنتج بضرورة تسليم الملف السوري لتركيا والعدو الاسرائيلي، اللتان ستعمدان الى تسليح المجموعات الاصولية بالاموال القطرية، مما سيؤدي الى استنزاف النظام السوري للحدود القسوى، دون الاهتمام لتأثيرات القوة التي ستتمتع بها الحركات الاصولية من بعدها. 

او يمكن للبيت الابيض ان يسلّم لبقاء الاسد ونظامه، عبر تسوية سياسية تعطي النفوذ الروسي والايراني حصة وازية في المنطقة، مقابل فتح المجال للحركات الاصولية بالتغلغل داخل الاراضي اللبنانية، في مهمة جديدة تهدف لضرب المقاومة عبر صراع داخلي، يبقي حلف الممانعة ضمن خطر الاستنزاف. 

واما في حال صدق النوايا السلمية لاوباما، يكون مجيء جون كيري الى المنطقة عبارة عن خطوات تمهيدية لابرام تسوية سياسية شاملة لمعظم القضايا العالقة بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا وايران وباقي حلف البريكس من جهة ثانية، فيدخل العالم في مرحلة انتظار لمجيء عهد الجمهوريين المولعين بالحروب. 

"المبعوث الالهي" جون كيري قادم الى العرب، ومهما كانت نتائج جولته، الا ان المصالح العربية لن تشغل تفكيره، بل انه سيضطر لصرف بعض من وقته لسماع بعض الاصوات العربية الشاذة عن الموضوع، قبل ان تتلقى جميعها الاوامر التي سيطلقها سيد البيت الابيض، وطبعًا، ستنفذ بحذافيرها، لان تأثيرها عليهم اشبه باوامر "الهية". 

في اول زيارة له لمبنى وزارة الخارجية عند استلامه للمنصب، تساءل جون كيري ممازحًا امام الموظفين الذين احتشدوا لاستقباله، وفي اشارة منه الى ان معظم وزراء الخارجية الاميركية الذين سبقوه كانوا اناثًا، بـ"هل يمكن لرجل فعلاً ان يدير وزارة الخارجية؟", رجل؟ مخطئ جون كيري، لانه مع هكذا ادوات اقليميين في الشرق الاوسط، يمكن لطفل ان يدير وزارة الخارجية. 

/ انتهى التحليل /
كاتب : عباس منذر
رقم : 247129
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم