0
الجمعة 1 شباط 2013 ساعة 03:15

ماذا بعد الانتخابات النيابية الأردنية؟!

ماذا بعد الانتخابات النيابية الأردنية؟!
ماذا بعد الانتخابات النيابية الأردنية؟!
وجرت الانتخابات البرلمانية وسط مقاطعة واسعة من قبل مختلف القوى السياسية الفاعلة في هذا البلد وعلى رأسها الحركة الاسلامية التي قادت حراكا واسعا لمقاطعة الانتخابات باعتبارها خطوة غير كافية في طريق الاصلاح السياسي ، على اعتبار أن تلك الانتخابات جاءت في ظل قانون الصوت الواحد الذي يسهم في نتائج أقل ما يقال فيها بأنها غير عادلة على أساس أن هذا القانون قد سن على مقاس العشائر. 

وحينها صرح زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن، بالقول ان "نسبة الاقتراع غير معقولة وغير منطقية ابدا وكان بالامكان اخراج المسرحية بشكل افضل اقرب للتصديق". واعتبر ان "المبالغة في رفع نسبة الاقتراع يؤكد على ان حجم التزوير كان كبيرا وبليغا". 

وبالتدقيق بين النسبتين الرسمية والمعارضة، يلحظ أن الحكومة الاردنية قد بالغت في النسبة التي قدمتها ، وذلك لعدة أسباب، أهمها أن الحركة الاسلامية وفي ظل مشاركاتها السابقة كانت تحصد على الأقل 15% من مقاعد الانتخابات يضاف اليها مجموع القوى الاخرى وان كانت نسبة فوزها أقل من الحركة الاسلامية ، الان مجموع تلك النسب يؤكد على أن مقاطعة الانتخابات قد أعطت مفعولها ، وأثبتت أن نسبة العزوف عن المشاركة كانت مربكة للحكومة ، فالانتخابات الماضية في ظل مشاركة جميع القوى فيها لم تتعدى نسبة المشاركة 52% ممن يحق لهم التصويت ، وهذه مفارقة كبرى لا تستطيع القوى المنضوية في ظلال النظام أن تقدم تفسيرا منطقيا لها ،
 
حيث تشير النسبة الجديدة الى زيادة في أعداد المشاركين في الانتخابات بدل أن تنقص ، وان دل هذا الامر على شيئ في حساب النسب بين الانتخابات الماضية والانتخابات الحالية فأنه يدل على عمليات تزوير واسعة قامت بها الحكومة لاملاء الفراغ الناجم عن المقاطعة ، واذا سلمنا جدلا بارقام الحكومة فهذا يعني أن القوى القومية والاسلامية والتي اثبتت حضورا واسعا في البرلمانات السابقة أصبحت اليوم لا وزن لها ، والمفارقة الاخرى يمكن رصدها من خلال تصريحات سابقة لرئيس الحكومة الحالي عبد الله النسور قال فيها تعقيبا على مطالبات المعارضة في اجراء اصلاحات جذرية في النظام السياسي في الاردن تشمل صلاحيات الملك المطلقة في ادارة البلاد" ان الاردن غير مؤهل اليوم لتلك الاصلاحات بسبب حداثة التجربة الديمقراطية في الاردن" وهذه الحداثة في التجربة التي اشار اليها النسور وفي ظل مقاطعة القوى السياسية الكبرى في البلاد للانتخابات ووفق بيانات الحكومة تثبت أن أكثر من نصف من يحق لهم الاقتراع قد شاركوا بالفعل بها ، 

ففي ظل مجتمع مشارك الى هذه النسبة والدرجة ، فان الحياة السياسية في الاردن تثبت عكس ما ذهب اليه النسور في تلك التصريحات ، لكن المشهد السياسي في الاردن يحمل تناقضات كبرى لأن من يمسك في تلابيب ومفاصل مؤسسات الدولة هو الذي يتحكم في كل شاردة وواردة.
ومهما قيل في نتائج الانتخابات فانه لن يمنع من مراقبة الواقع على حقيقته وأن كل الادعاءات السابقة من قبل السلطات بإجراء إصلاحات جذرية هو مجرد ذر للرماد في العيون من أجل تمرير الوقت لا أكثر ولا أقل ، وأن مقاطعة القوى الاسلامية والقومية لتلك الانتخابات لم تذهب أدراج الرياح ، فربما تؤتي أكلها بعد حين. لأن المسألة مرتبطة بمواقف القيادة العليا من مطالب عادلة ومستحقة ينشدها المواطن الاردني ، وأن اجراء الانتخابات البرلمانية هو بداية طريق التغيير والاصلاح المنشود الذي لم تتشكل ملامحه بعد ، فالتغير لا ينطلق من مؤسسات تابعة وهامشية وليس لها أدوار لا تشريعية ولا تنفيذية. 

الكثيرون يعتقدون بأن هذا البرلمان لن يعمر طويلا ، لأنه لن يستطيع حل مختلف المشاكل السياسية المستعصية ، وأن هذا البرلمان هو برلمان انتقالي مؤقت ، وفي فترة لا حقة ستجرى انتخابات جديدة يسبقها حوار وطني شامل يصار بعده لاجراء انتخابات جديدة ، وربما يلتقي الطرفان في منتصف الطريق في ظل تمنع الحالة الاردنية على توليد انفراجات عامة على مسار الحياة السياسية .
بالرغم من الملاحظات والانتقادات على العملية الانتخابية، والتي أقرت الهيئة المستقلة للانتخاب أنها لم تكن مثالية، إلا أنها مع ذلك قدمت حالة مختلفة، بعد أن ركزت على معايير النزاهة لأعلى درجة ممكنة. 

البعض رأى أن ثمة دروس يمكن استخلاصها من الانتخابات أهمها فشل الاقصائيين في تحشيد المجتمع الأردني بدليل أرقام ونسب النتائج المتواضعة التي حصدها هؤلاء من صناديق الاقتراع. فالوصول إلى أردن الإصلاح والتغيير، يتطلب لغة وطنية جامعة؛ لا يفرق بين مكونات المجتمع، ويقوم على أساس المواطنة والعدالة وتكافؤ الفرص والإخلاص للوطن. 

كذلك، كشف الأوزان الحقيقية لشخصيات تقدم نفسها على أنها قيادات للمجتمع والمرحلة، حيث كشفت صناديق الاقتراع عكس ذلك. فلا برامج أو طروحات تجذب الناخب وتجعله يشعر بالثقة من هذه الشخصيات. التي لم يتمكن بعضها من الحصول على مقعد في المجلس النيابي.
في الواقع، نتائج المجلس السابع عشر وضعت الجميع أمام استحقاق التفكير في ماهية النخب التي تقود المجتمع، فالبعض يضع اللوم على الأغلبية الصامتة لعدم تحركها في تفويت الفرصة على الانتهازيين في حجز مواقع قيادية. إذ لم تعد تجدي المواقف السلبية!، لأنه لو تمكنت القوى الإصلاحية من توسيع انتشارها وفاعليتها، لتوافرت فرص أفضل للأردنيين لانتخاب قيادات جديدة، تعكس مصالحهم وتتبناها، فالتغيير في النهاية من الشارع وليس من أي طرف آخر. 

/ انتهى التحليل /
كاتب : محمد ابوشریفه
رقم : 236338
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم