0
الخميس 26 حزيران 2014 ساعة 15:15

بين مصر واميركا....«تجارة البشر»

بين مصر واميركا....«تجارة البشر»
بين مصر واميركا....«تجارة البشر»
وما إن فرغت وزارة الخارجية الأميركية من إطلاق تقريرها السنوي عن «وضع الإتجار في البشر في العالم» لعام 2014 ونظمت في ضوئه المؤتمرات وأفردت له التقارير، حتى قامت الدنيا في مصر ولم تقعد. فعلى رغم أن التقرير ركّز في شكل رئيس على أربع دول (مصر ليست بينها) هي: تايلاند وماليزيا وغامبيا وفنزويلا باعتبارها الأسوأ من حيث اتخاذ إجراءات حاسمة من أجل مجابهة الإتجار في البشر، وعلى رغم أنه يحوي تفنيداً – من وجهة نظر أميركية – على وضع الإتجار بالبشر في بلدان العالم كله منتقداً هذه وشاجباً تلك، إلا أن ردود الفعل المصرية بدت لافتة وكأن التقرير صدر خصيصاً لانتقاد ملف الإتجار بالبشر فيها وحدها.

التقرير الذي أخذت الخارجية الأميركية على عاتقها إصداره سنوياً، وغرّد الوزير جون كيري قبل أيام بأن «علينا مسؤولية للمساعدة في إنهاء العبودية»، مشيراً إلى التقرير الصادر باعتباره «خريطة طريق»، يذكر أن مصر دولة منبع وترانزيت ومقصد للنساء والأطفال الذين يجبرون على العمل والجنس. وتناول أزمة أطفال الشوارع المتفاقمة، لا سيما في العام الأخير بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتشغيل الأطفال في الأعمال الزراعية والمنزلية، واستمرار ظاهرة الزواج الصيفي أو الموقت، حيث تزوّج نساء وفتيات صغيرات إلى خليجيين أثرياء، ويجبر أطفال على العمل بالجنس في مدن عدة.

كما تطرّق التقرير إلى سفر مصريين إلى بلدان مجاورة مثل الأردن للعمل في أعمال البناء والزراعة وأعمال أخرى ضئيلة الدخل مع «حجز» جوازات سفرهم هناك. وأشار نقلاً عن منظمة دولية لم يذكر إسمها، إلى ان عدداً قليلاً من المصريات «قد» يكن ضحايا للإتجار الجنسي في سريلانكا!

وانتقد التقرير كذلك ظواهر مثل التسول الإجباري، وعمالة المنازل، وطبيعة العمل في قطاع التشييد والبناء.

ومضى التقرير قدماً في التطرق إلى العمالة القادمة من بلدان شرق آسيا وجنوب شرقيها، وتعرض بعضهم للإساءة الجنسية والجسدية والنفسية وحجب أوراقهم الرسمية. وأشـار إلى ما سماه بـ «حالات الإتجار بالبشر والتهريب والخطف والابتزاز التي يتعرّض لها مهاجرون غالباً من إريتريا، ومن السودان وإثيوبيا وساحل العاج في شبه جزيرة سيناء على أيدي مجموعات إجرامية.

وعاد التقرير مجدداً للإشارة إلى «منظمات دولية» مجهولة رصدت انخفاضاً وصفته بـ «الموقت» خلال عام 2013 لتوافد أولئك المهاجرين القادمين بسبب حملة عسكرية مصرية «شرسة» (لم تحدد سببها)، إضافة إلى بناء إسرائيل جداراً على حدودها مع مصر.

يذكر أن إسرائيل مصنفة مقصداً لرجال ونساء يستغلون في أعمال جبرية والإتجار بالجنس، ومصدراً لنساء يعملن في الإتجار بالجنس، وغيرها من أنواع الإتجار بالبشر.

«مؤامرة» و «ابتزاز»!

والمستغرب أن جهات في مصر صنّفت التقرير ضمن الحرب الأميركية الممنهجة ضد مصر. واعتبرته جماعات صحافية موجهاً ضد هذا البلد وسياسته. وعنونت الأخبار والتقارير»الخارجية الأميركية تتهم مصر بالتقاعس عن التحقيق في الإتجار بالبشر»، و «الخارجية الأميركية تدين مصر بالإهمال في ملف الإتجار بالبشر»، و «تقرير الخارجية الأميركية ابتزاز لمصر». وهو ما تأجج بردود أفعال رسمية مدافعة عن مصر وملقية بكرة الاتهام في ملعب أميركا.

واستنكر المجلس القومي للطفولة والأمومة مضمون التقرير وشجبه وندد به، منتقداً الاستعانة بتقرير منظمة دولية لم يذكر إسمها أصلاً ركزت على عدم وجود تحقيقات في جرائم الإتجار بالبشر، وهو ما نفاه المجلس، مشيراً إلى وجود بيانات كاملة حول الشكاوى التي يرسلها إلى النيابة العامة، وردود النيابة العامة في التحقيقات. وأشار كذلك إلى تضمين هذه الشكاوى في التقرير السنوي الذي يصدره حول جهوده في مناهضة الإتجار بالبشر.

وتطرقت الأمين العام للمجلس الدكتورة عزة العشماوي إلى ما وصفه التقرير بـ «تقاعس» مصر عن التحقيق مع فنانة اتُّهمت بالإتجار بخادمة فيليبينية، على رغم أن المجلس هو من أحال هذه الحالة إلى النيابة العامة.

كما تساءلت العشماوي مستنكرة أسباب وجود الـ «منظمة الدولية» المذكورة في التقرير في سيناء، وهي التي أفادت بأوضاع المهاجرين الأفارقة عبر سيناء، واصفة ذلك بـ «أنه إضرار بالأمن القومي لمصر وإساءة لسمعة مصر واستغلال لها»، مشيرة إلى أن استخدام التقرير لتوصيف «المهاجرين الضحايا» هو استخدام خاطئ، وأن الاستخدام الصحيح هو «مهاجرون غير شرعيين»، وأنهم لا «يدخلون» إلى سيناء بل «يتسللون» إليها.

وبعيداً من تسييس التقرير، أو قصص «البضائع» ذاتها الضالعة في هذا النوع من الإتجار التي ظلت بعيدة في المعركة السياسية بين الطرفين، لدى مصر تشريع وطني لمكافحة الإتجار بالبشر ومنعها وحماية الضحايا (القانون الرقم 64 لعام 2010).

كما تنص المادة 89 من الدستور الصادر هذه السنة على أنه «تحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسري للإنسان وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الإتجار بالبشر، ويجرّم القانون كل ذلك».
رقم : 395306
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم