0
الأربعاء 30 كانون الثاني 2013 ساعة 05:41

فرنسا تُعيد المشهد الليبي إلى مالي

فرنسا تُعيد المشهد الليبي إلى مالي
فرنسا تُعيد المشهد الليبي إلى مالي
 ولكن كما أصبح واضحاً ـ بل كان منذ البداية واضحاً عند الكثيرين ـ، إنّ الأهداف من شنّ الحملة العسكريّة على ليبيا، كانت أطماع الغرب بالسيطرة على خيرات ذلك البلد الغني بالمعادن النفطيّة والطّبيعيّة وغيرها، فإنّ ليبيا إحدى الدّول التي تمتلك أفضل غاز في العالم. والذي يشهد على أطماع تلك الدّول وأهدافها الخبيثة، سكوتها عن الظلم كلّ فترة حكم الطاغية، لإتّفاقها معه وحصولها على ما تريد. 

إلّا أنّه بعد قيام الثورة أصبحت مصالحها مهدّدة ـ خصوصاً فرنسا ـ فقامت بما قامت به من حرب عسكريّة. وحصل ما حصل من دمار وقتل، وإلى الآن لم يحصل الشعب اليبي على حرّيّته وديموقراطيّته، والفوضى لا زالت تعمّ البلاد دون أن يتمكّن أحد من فرض الأمن والإستقرار والهدوء. نعم الشيء الوحيد الذي تحقّق هو الهدف الخبيث والفاسد الذي كان يسعى وراءه الغرب. 

وها هو المشهد نفسه يتكرر في مالي إحدى الدّول الأفريقية الغنيّة بالمعادن والأحجار الطبيعيّة، فأرضها مليئة بالذهب وغيره، وفرنسا مجدّداً لها مصالحها في مالي وفي الدّول المجاورة لها أمثال النيجر، بل أكثر دول غرب أفريقيا. ولذلك كانت منذ فترة تخطّط من أجل تدخّل عسكري في مالي فيما لو تطلّب الأمر ذلك وهدّدت مصالحها في تلك البلاد. وهذا ما حصل بالفعل فإنّ المصالح الإقتصاديّة لفرنسا أصبحت مهددّة بفعل الجماعات الإسلاميّة التي تحاول السيطرة على الحكم، ونزع السلطة من الحكومة الحاليّة. 

وليس الموضوع كما يحاول البعض تصويره ـ خصوصاً الوسائل الإعلاميّة الفرنسية ـ من أنّ التّدخل الفرنسي هو تدخّل من أجل الإنسانيّة والدّفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الإرهابيين والمتطرّفين، وأنّ فرنسا مستعدّة لتحمّل الخسائر الماديّة والبشريّة من أجل قضيّة إنسانيّة. وإنّما الموضوع كلّ الموضوع هو المصالح الفرنسيّة الشخصيّة، ولا أساس للقضايا الإنسانيّة التي يتغنّى بها الغرب ووسائل إعلامه. والشاهد على ذلك أنّ هذه الجماعات الإسلاميّة الموجودة في شمال مالي، هي جماعات وقبائل عربيّة كان يعتدى عليها لفترة طويلة من قبل الحكومة والجيش المالي، بأبشع أنواع الإعتداء الجسدي والروحي، ولم تكن تتحلى بأقل الحقوق الإنسانيّة والمعيشيّة. إلّا أنّ فرنسا والدّول الغربيّة لم تكن تكترث لذلك الأمر ما دامت مصالحها محميّة. 

وتشكلّ هذه الجماعات وتسليحها إزداد بعد الحرب على ليبيا وفرار الكثيرين من ذلك البلد إلى شمال مالي. مضافاً إلى أنّ هذه الجماعات لم تقم حتّى الآن بجزء قليل مما قامت به الجماعات التكفيريّة والإرهابيّة في سوريا، فلماذا لم تتدخّل القوات الفرنسيّة وغيرها لحماية النظام هناك والقضاء على الإرهاب، ومن أجل حماية الإنسانيّة؟ أليس من الأولى إنسانيّاً وقف نزيف الدم والقتل والتعذيب في سوريا؟ أليس ما يحصل هناك هو عين الإرهاب؟ 

ثمّ أيّ إرهاب هذا الذي يتحدّث عنه الغرب وفرنسا! أليست الدّول الغربيّة هي التي جاءت بالإرهاب إلى بلادنا وأشعلت الفتنة بين المسلمين؟ لو راجعنا التاريخ قليلاً، لوجدنا أنّ كلّ تلك الجماعات الإرهابيّة وقياداتها هي صناعة الولايات المتّحدة الامريكيّة والمخابرات الصهيونيّة والبريطانيّة والغربيّة. فلولا تلك الدّول ومطامعها في السيطرة والحصول على خيرات المسلمين وبلادهم، لما إنتشرت الفتنة والفوضى في بلاد المسلمين. 

كفى كذباً، فقد ملّ العالم من ألاعيب الغرب الخبيثة التي لم تجلب لنا إلّا العار والذّل والفقر والفتنة والدّمار. فكلّ ما أصابنا وشتّت الصفّ الإسلامي هو بسبب تلك الدّول والفكر الصهيوني الفاسد، وأدواته من العرب والمسلمين الذين تنازلوا عن قيمهم ومبادئهم وأخلاقهم الإسلاميّة والإنسانيّة، بل عن أبناء شعوبهم، من أجل المال وكرسي العرش وحبّ الدّنيا. 

لكن لا يخفى أنّ العرب والمسلمين هم شركاء في الجريمة والفتنة التي تعمّ البلاد الإسلاميّة. فالبعض منهم شريك فعلي من خلال مشاركته في قتل المسلمين. والبعض الآخر شيطان أخرس، لا يستنكر الأفعال الإرهابيّة، ولا يعمل على محاربة الولايات المتّحدة الأمريكيّة والفكر الصهيوني. وهنا لا يحقّ لأحد أن يدّعي عدم تمكّنه فعل شيء، فإنّ الجميع قادر على القيام بعمل ما وكلّ بحسبه. فالبعض يستطيع الإستنكار بالقول والآخر يستطيع ذلك بالفعل. وهكذا لا بدّ للجميع العمل على رفض ذلك الفكر الإرهابي التابع للولايات المتّحدة الأمريكيّة والصهيونيّة. ولا بدّ من العمل على تفهيم العالم الإسلامي من أنّ أساس البلاء آتٍ من الغرب، وأنّ الغرب لا يكترث لأيّ قضيّة إنسانيّة يصاب بها المسلمون، طالما مصالحه بخير. 

/ انتهى التحليل /
كاتب : محمود علي مطر
رقم : 235881
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم