0
الثلاثاء 19 آب 2014 ساعة 14:38
كتب: د. جمال زهران

سيناريو «تبرئة» مبارك ورموز عصابته وغسيل سمعتهم

سيناريو «تبرئة» مبارك ورموز عصابته وغسيل سمعتهم
سيناريو «تبرئة» مبارك ورموز عصابته وغسيل سمعتهم
اللافت للنظر أن هيئة المحكمة التى تنظر إعادة المحاكمة لمبارك وعصابته، بتهم قتل المتظاهرين، وتصدير الغاز لإسرائيل، وتلقى رشاوى عبارة عن تسلم فيلات من حسين سالم.. إلخ، بعد نقض محكمة الجنايات للحكم الأول، أسهبت فى نظر القضية، وتتيح الفرصة للخروج من المحامين عن موضوع القضية، فى مقدمتهم فريد الديب (محامى الصهاينة والمخلوع الكنز الاستراتيجى لإسرائيل)، كما أسهبت بإتاحة الفرصة للمتهمين لكى يدافعوا عن أنفسهم بأنفسهم بغض النظر عن المحامين عنهم، ونقل ذلك عن طريق قنوات «الفلول» أنفسهم، دون التليفزيون الرسمي للدولة، الأمر الذى يوشى بأن هناك طبخة ما تُعد لإجبار الشعب المصرى بترويضه تدريجيا على قبولها فى النهاية وهى «تبرئة عمدية» لنظام مبارك، مما قد لحق به من أذى وأحكام سابقة وإعداد المسرح لقبول البراءة المتوقعة، وحصر المسألة أن ما حدث فى 25 يناير 2011 لم يكن سوى محاولات صبيانية تآمرية للنيل من حسنى مبارك وأسرته ورجاله، وهو الذى كان يعمل ليل نهار من أجل الفقراء، ونشر الأمن فى ربوع البلاد، وتقدم المجتمع، والدليل أن الحكومات المتتالية حتى حكومة مرسى وعصابته لم تخرج من صندوق مبارك!!

هذا هو السيناريو يا شعب مصر، حتى تكون فى الصورة، فإما عليك أن تقبل براءة مبارك وعصابته وسلامة سياساته العظيمة وأن سلالة هذا النظام مستمرة فى خدمة الشعب ولا يمنع نهبه وإفقاره والإتيان بسياسات معادية للفقراء، وإما فليكن البديل هو جماعة الإخوان الإرهابية وعصابات المتأسلمين المتاجرين بالدين الذين يصرون على الاستمرار فى المشهد السياسى دون خجل!!

إن ثورتين عظيمتين قام بهما الشعب المصرى، لا يريد أحد فى السلطة أن يتعلم منهما، ويصر من يدخل دائرة السلطة أن يبلعنا نظام مبارك وعصابته، وإلا فالبديل هم جماعة الإخوان الإرهابية أو نظراؤها، فهل هذا معقول؟! انظروا إلى ما يحدث فى المحكمة عند بدء نظر إعادة محاكمة مبارك وعصابته، من رفض هيئة المحكمة قبول دعوى المدعين بالحق المدنى، وهم الذين كانوا طرفًا فى القضية منذ بدايتها وصدر لهم حق التعويض «أهالى الشهداء» الأمر الذى يعكس توجهًا من المحكمة بالبراءة، انظروا أيضًا إلى تأثر رئيس المحكمة حتى البكاء وسقوط الدموع من مقلتيه، فى أثناء الاستماع لأحد المتهمين دفاعًا عن نفسه، وذلك على مسؤولية جريدة «التحرير» (11 أغسطس 2014) بالصفحة الأولى والصفحة (18)، فكيف لرئيس المحكمة أن يبدى تأثره بدفاع أحد المتهمين عن نفسه؟! أليس هذا تعارضًا مع القانون يستلزم تنحى هيئة المحكمة عن الاستمرار فى نظر القضية؟!

ألا يشير ذلك إلى إعمال سيناريو «التبرئة» لمبارك وعصابته، وصدور حكم بالبراءة؟! ألا يشير حديث القاضى على المنصة بأنه سيصدر حكم الإعدام بالإجماع، والبراءة بالأغلبية، إلى احتمالات الحكم المتوقع فى القضية؟! ألا تعكس ضحكات القاضى وقفشاته وهو فى دائرة جنايات أن الحكم المتوقع هو تحصيل حاصل لمسلسل البراءة لنظام مبارك وعصابته؟! الأمر يحمل كل الاحتمالات، ولكن الأغلب فى إطار قراءة ما يحدث فى المجتمع وعلى أيدى حكومة محلب، أن احتمالات البراءة أكبر، بل يكاد يكون هو الحكم المتوقع بكل أسف، وكأن مجتمع مبارك كان بريئًا ونظيفًا وعادلاً ومسرورًا!!

إن علم دراسة الثورات أيها السادة يؤكد أن الثورة لا تنجح إلا بخطوتين فى منتهى الأهمية وهما: العزل السياسى لرموز النظام الذى قامت ضده الثورة لإسقاطه، والمحاكمات الثورية عن جرائم الفساد السياسى والسياسات المعادية للشعب، وعن جرائمهم فى حق الشعب. والملاحظ أنْ لا هذا تم ولا ذاك. بل إن «القوادين السياسيين» الذين يرفضون علنا رموز مبارك وترشحهم، يفتحون لهم أبواب الأحزاب لغسيل سمعتهم وسط زفة كدابة، وحضور إعلامى. وأصبحت قنوات رجال الأعمال القديمة والجديدة بعد الثورة، بابا واسعا لغسيل السمعة، والحصاد هو ضياع الثورتين، واختطافهما، وضياع حق الشهداء، ولا ننسَ جريمة النائب العام السابق الذى طعن بالنقض على حكم جريمة موقعة الجمل، بعد فوات الأوان، فكانت النتيجة الرفض، والنائب العام الأسبق، الذى تستر على جرائم نظام مبارك ورموزه وقدم النذر اليسير الذى يسهل التبرئة كما يحدث الآن.

إن الغضب يشتعل فى نفوس الشعب المصرى مما يجرى، ونحذر من سيناريو التبرئة، ومصر لا تزال حُبلى بالثورة، وهى مستمرة حتى النصر الكامل، بإذن الله، ولا يزال الحوار متصلا.
رقم : 405611
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم