0
السبت 27 نيسان 2013 ساعة 10:16

ولاءات وإملاءات هدفها خراب تفتيت "الشقيقة الكبرى"

تآمر العرش الهاشمي على سورية وتحالفاته السرية
ولاءات وإملاءات هدفها خراب تفتيت "الشقيقة الكبرى"
ولاءات وإملاءات هدفها خراب تفتيت "الشقيقة الكبرى"
وعلى الرغم من تقديرات مراقبين سياسيين أردنيين وأجانب من أن الأردن قد لا يتورط بأي تدخل عسكري مباشر، إلا أنه سيسمح للأمريكيين بنصب صواريخ (باتريوت) على الحدود السورية - الأردنية، وهذه الصواريخ لن تكون وظيفتها بطبيعة الحال، إلا تدمير سورية وإلحاق الأذى البالغ بالشعب السوري. كما سيقدم ملك الأردن عبد الله الثاني أراضيه وخدماته لقوة عسكرية أميركية أو دولية، هدفها الحقيقي احتلال أراضي سورية والعمل على إسقاط النظام السوري تحت شعارات إنسانية. 

ترجح تقارير استخبارية أنه يوجد في سورية اليوم المئات من الجهاديين الأردنيين، وأن شيئاً ما يحدث ويتعلق بتدريب جنود سوريين منشقين وعناصر من جماعة إخوان مسلمين سورية في معسكرات خاصة في الأردن تتسع للآلاف، وأن بعضهم بدأ بالتسلل إلى الأراضي السورية مدججاً بالسلاح الأمريكي والإسرائيلي، بما في ذلك أسلحة كتف مضادة للدروع والطائرات، وذلك تحت الرعاية الأردنية الرسمية، عبر سياسة غض الطرف. 

وتفيد تقارير أخرى أن شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس الماضيين، شهدا تدفّقات غير مسبوقة من المقاتلين المسلحين وشحنات الأسلحة المتوسطة، ومن بينها مضادات للدروع والطيران - محمولة على الكتف - وهو ما حدا بدمشق إلى إرسال مدير مكتب الأمن الوطني (القومي سابقاً)، اللواء علي مملوك في زيارة سرية إلى عمّان، في 17 آذار/ مارس الماضي، للقاء مدير الاستخبارات الأردنية، فيصل الشوبكي، المعروف برفضه لأي تدخلات في سورية، وتقويمه السلبي للغاية للجماعات السورية المسلحة وفصائل المعارضة السورية المرتمية في أحضان الرجعية العربية والعثمانيون الجدد والدول الغربية، وذلك لبحث المشكلة معه، والتوصل إلى حلّول إيجابية ناجعة.
 
بعد التأكيد السوري على أن البلدين يتعرضان للخطر الإرهابي نفسه، وأن السياسة الأمنية الأردنية يجب أن تتغيّر وتكون داعمة للمواقف السورية ورفض أيّ تدخلات في الشؤون الداخلية السورية.تبعية عمياء لحلف الشر العربي الصهيو – أمريكي الغربيالموقف الأردني المعلن هو غيره في الخفاء فقد كشفت وثيقة استخبارية متسرّبة نشرتها صحف لبنانية مؤخراً، عن جوهر المقاربة التي وضعت الأردن في ورطة التعاون مع الحلف العربي الصهيو – أمريكي الغربي المعادي لدمشق. وأن السعي إلى توريط الأردن كان بمبادرة من مشيخة قطر.
 
التي يعلن حكامها عن تصميمهم على إسقاط نظام الرئيس الأسد، ويريدون طمأنة قادة الكيان الصهيوني إزاء الأسلحة الكيماوية السورية، فاقترحوا صيغة للتعاون بين الدولتين بحيث يتم إيكال مهمة السيطرة على تلك الأسلحة إلى قوّة عسكرية أميركية - أردنية، من دون أن يضطر جيش الاحتلال الصهيوني إلى التدخل المباشر. وقد تم التوصل، بالفعل، إلى هذه الخطة في اجتماع رباعي عُقد في عمّان منذ أيام، وحصل السوريون على تفاصيله. تقوم الخطة، وفقاً للمعلومات المسرّبة، على أساس إنشاء محطة عمليات خاصة للمراقبة، تتولاها قوة أميركية أردنية، وتدريب عناصر من المنشقين عن الجيش السوري، وتسليحهم، وإرسال قسم منهم إلى سورية للقيام بمهمات الاستطلاع والتموضع، بينما يبقى قسم آخر منهم في الأردن بانتظار لحظة الصفر. وهي "سقوط النظام" أو سقوط الأسلحة الكيماوية في أيدي السلفيين الجهاديين، والقيام بعملية تدخل عاجلة لتأمين تلك الأسلحة. 

وفي حال كانت المعلومات الأنف ذكرها دقيقة، فإن ذلك يعني تبعية الحكم الهاشمي للحلف الشيطاني ضد سورية، وهو ما يؤكد أن الأردن لم يكن يوماً كياناً سياسياً مستقلاً، وإنما هو كيان مصطنع أفرزته السياسات البريطانية العدائية منذ مطالع عشرينات القرن الماضي (إمارة شرق الأردن عام 1923)، ليكون بمثابة قاعدة متقدمة للدول الغربية والكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية. 

وقد أكدت سياسات العائلة الهاشمية منذ عبد الله الأول وحتى يومنا هذا، صواب الحلف الصهيو – غربي، ومن ثم الحلف الصهيو - أمريكي الأطلسي. فالأردن لعب دوراً قذراً في شل العمل الفلسطيني المقاوم في ستينات وسبعينات القرن العشرين، والذي توج بمجازر أيلول الأسود عام 1970، والذي نتج عنه خروج المقاومة الفلسطينية من الأراضي الأردنية باتجاه لبنان. كذلك دور العائلة الهاشمية في التآمر على العراق، ومن قبله على الكويت.
 
واليوم تتالى التقارير الاستخبارية والإعلامية حول الدور المشبوه الذي يلعبه ملك الأردن وحكومته التاسعة والتسعين، في تفاصيل ملف الأزمة السورية الملتهبة نارها منذ ما يزيد عن العامين. والتي تعمل أمريكا وحلفائها على تسعير تلك النار لضرب سورية المقاومة في العمق، حتى وإن وجدت قاعدة نخبوية وشعبية في الأردن رافضة لدور الملك والسائرين في ركاب المشروع الصهيو – أمريكي، ذلك لأن "الأمريكيون لا ينتظرون قرارا وزارياً أردنياً لإرسال قوات أو أسلحة إلى الأردن. هم فقط يقررون ويرسلون بعد إبلاغ وكلائهم بنواياهم. هكذا كان الأمر إبان الحرب على العراق، وهكذا هو الأمر فيما يتعلق بعلاقات النظام التاريخية مع الحركة الصهيونية ومع (إسرائيل) بعد قيام الكيان. أمريكا تحتفظ بقوات في الأردن منذ سنوات طويلة، والسفارة الأمريكية في عمّان تحكم وتقرر..". حسب قول البروفيسور الفلسطيني الدكتور عبد الستار قاسم. 

تؤكد هذه التقارير وجود تفاهمات أردنية صهيونية غربية تجهز لعدوان عسكري ضد النظام السوري، وعن وجود قوات أمريكية في الأردن تعمل على تدبير بعض الخطط بشأن الأوضاع في سورية، وتتضارب أيضاً بعض التصريحات السياسية فمنها ما يؤكد وجود دور أمريكي عسكري واستخباراتي في الأردن، ومنها ما ينفي ومنها ما يشكك.
 
غير أن الحقائق التي لا يمكن تجاهلها هي أن الحدود الأردنية مع الوطن الفلسطيني المحتل لم تشهد أي عملية للمقاومة الأردنية أو الفلسطينية منذ ما يزيد عن الأربعين عاماً، بينما الحدود السورية الأردنية هي مسرح لتهريب المسلحين والمرتزقة لمدينة درعا ومنها لكافة أنحاء سورية. 

تشابك خطوط التداخل الأردني الصهيوني الغربي الأمريكي في ملف الأزمة السورية، تتقاطع رغم كل الاختلافات والخلاف مع تطلعات المجموعات "الجهادية السلفية" و"جبهة النصرة في بلاد الشام" التابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" الإرهابي، ولقد أثار شريط فيديو نشر على موقع اليوتيوب" (أنظر الرابط: http://www.youtube.com/watch?v=xLj-csmPoeY) جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية، بعدما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، والعديد من المواقع الإخبارية الالكترونية، والشريط لشيخ سلفي أردني يدعى ياسين العجلوني، وفيه يدعو كل ما أسماه "القوى الجهادية الإسلامية" في سورية والأردن وفلسطين والعراق، وكذلك زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري لمبايعة الملك الأردني عبد الله الثاني خليفة في الشام أولاً، باعتباره "الملك الفاتح"، فاتح القدس!!. غير أن تقارير عدة قللت من أهمية هذا الشريط، معتبرة إياه مجرد ثرثرة شيخ منفصل عن الواقع، حتى لو كانت هناك جهة استخبارية أردنية تقف خلفه. 

الرئيس الأسد .. "رسائل القوة الناعمة"
وجه الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد في اللقاء المسجل مع قناة الإخبارية السورية الرسمية، مساء يوم الأربعاء 17 نيسان/ أبريل الجاري، اتهامات كبيرة للأردن بعبارات حادة، تقترب من تحذير عمّان واتهامها بالتقصير بدلاً من الجنوح لتهمة التآمر. صحيح أن الرئيس الأسد تجنب بوضوح شديد توجيه اتهامات مباشرة للملك الأردني وحكومة عبد الله النسور بإدخال المقاتلين والسلاح عبر الحدود مع درعا، متحدثاً عن (دخول وليس إدخال) ألاف المسلحين، وعن التقصير في المراقبة عبر مقارنته الموقف من المسلحين الذين يدخلون سورية بالموقف الأردني من أي مقاوم فلسطيني يحاول اجتياز الحدود باتجاه أراضي فلسطين المحتلة. ولا شك أن رسالة الرئيس الأسد وتصعيده اللفظي الإعلامي وصلت للأردن، فالرجل حذر صراحة لا تلميحاً، من أن حرائق ستطال الجيران، موحياً ضمنياً بأن الجهاديين في حال دعمهم يمكنهم العودة للأردن، وهي مسألة يتحدث عنها في الواقع العشرات من السياسيين والمحللين الأردنيين.

وكان الرئيس الأسد قد تحدث في مقابلته مع الإخبارية السورية، عن إرساله مبعوثين واحد سياسي وآخر أمني لتحذير الأردن، وتعتبر رسالته الأخيرة هي الأخطر للأردن وملكها منذ بدء الأزمة الداخلية في سورية. 

وقد تزامنت رسائل الرئيس الأسد مع إعلان وزير الدفاع الأميركي "تشك هاغل" إرسال مائتين من جنود الفرقة المدرعة الأولى الأميركية لمساعدة الأردن في "ضبط الحدود" مع سورية. وهو ما أكده وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد حسين المومني، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المومني قوله إن "إرسال أفراد من الجيش الأميركي إلى الأردن يأتي ضمن التعاون المشترك المعتاد بين القوات المسلحة الأردنية والجيش الأميركي". 

كما أصدر الجيش الأردني في وقت لاحق بياناً قال فيه إن الجنود الأميركيين سيشاركون في مناورة مع الجيش الأردني تنظم تحت اسم " الأسد المتأهب- 2" وهي الحلقة الثانية من مناورة نظمت العام الماضي تحت اسم "الأسد المتأهب-1". 

غير أن تصريحات المسؤول الأردني، ينفيها ضمنياً وزير الدفاع الأميركي "تشاك هاغل"، الذي أعلن أمام الكونغرس، يوم الأربعاء الماضي، أنّ البنتاغون سوف "يرسل 200 عسكري أميركي لمساعدة الجيش الأردني على التعامل مع اللاجئين السوريين، والاستعداد لاحتمال استخدام الغاز السام وتوفير القيادة والسيطرة لعمليات الاستقرار، لاحتواء مرحلة ما بعد الأسد". وكشف هاغل أنّ هؤلاء العسكريين سوف يحلّون محل 150 عسكرياً أميركياً أسسوا العام الماضي، في الأردن، محطة متخصصة (آد هوك) في الاستخبارات والاتصالات ومراقبة الوضع عن كثب وتحديد الاحتمالات في سورية. 

وإذا كان "ضبط الحدود" مع سورية والتي تمتد لنحو ٣٨٠ كيلومتراً، هو السبب المعلن أردنياً، فإن ما خفي هو الأعظم، من ذلك الأنباء الواردة عن إدخال أسلحة كرواتية بتمويل سعودي للمعارضة عن طريق الأردن، والذي يعني انتقالاً في موقف القيادة الأردنية من المنطقة الرمادية إلى الانحياز للتمرد العسكري على الدولة السورية. 

كما أنه ووفقاً لصحيفة "القدس العربي" اللندنية، فإن القيادة السورية تؤكد سعي أمريكا والغرب والكيان الصهيوني لشن حرب غير مسبوقة على سورية تندرج ضمن المؤامرة الدولية الت تتعرض لها البلاد. كما أن هناك معلومات تشير بأن القيادة السورية تشك بأن منطقة محددة من الحدود الأردنية مع سورية والعراق (لا تحظى بالرقابة اللازمة) وتحفل بعمليات التهريب الإستخباراتية للرجال والأسلحة والذخائر. وهي منطقة تتميز بالوعورة ولدى الأمريكيين بالتعاون مع الجيش الحر أفضلية خاصة فيها. وهي نفسها الممرات التي كان بعض المهربين من الجانبين السوري والأردني بالعادة قبل اندلاع الأحداث والحرب يستخدمونها في تهريب الأغنام بخبرات واسعة وبسبب وجود عدة أنفاق تحت الأرض في عمليات كان بالعادة من الصعب السيطرة عليها من الجانب الأردني. 

ويبدو أن الرئيس الأسد، وبسبب تبنيه هذه القراءة اللوجستية على الأرض، تقصد تحذير عمّان بشدة حتى يدفعها لإغلاق مثل هذه الممرات. وهو ما دفعه (في انتقاده) للقول حرفياً: "الأردن نفى تورطه بكل ما يحصل، لكن ما هو مؤكد ان إرهابيين ومسلحين يدخلون من الحدود الأردنية". 

وفي ذات السياق، شككت تقارير دبلوماسية سورية بأن جهة ما غربية تدعم عمليات شراء أسلحة وذخائر بمال سعودي أو عبر وكلاء من عدة بلدان وتستخدم بعض الممرات الوعرة جداً في منطقة ضيقة على الحدود مع الأردن لتمرير السلاح للمقاتلين الإسلاميين، رغم "المبايعة الرسمية" (قبل أيام) لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري من جانب "جبهة النصرة في بلاد الشام"، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة عن نوعية العلاقات البينية بين المعارضة السورية المسلحة والقيادة الوهابية والسلفية الجهادية وتنظيم القاعدة والحكم الهاشمي والحلف الصهيو – أمريكي الغربي. 

لعل الأمر الذي لا يجب إخفاؤه أن الأحوال والموازين على الأرض كانت ستتغير فعلياً لو اتبعت عمّان إستراتيجية فتح حدودها للعمل العدائي تجاه النظام السوري. غير أن خشية الأردن من تصعيد عسكري سوري، لمحت إليه القيادة السورية في أكثر من مناسبة، أثنى الملك الأردني من مثل هكذا مغامرة. كما يعتقد محللون سياسيون أردنيون أن إتباع الرئيس الأسد لإستراتيجية (انتقاد) الأردن وتوجيه اللوم أكثر من إستراتجية الاتهام المباشر خطوة تكتيكية تهدف لبقاء عمّان في موقفها السياسي المعلن حالياً والقاضي بالعمل على حسم الصراع في سورية بتسوية سياسية متكاملة. 

لذلك كانت لهجة الرئيس الأسد في التحدث عن الشقيقة الصغرى (عمّان) أخف حدة من لهجته عندما تحدث عن تركيا حيث هاجم بالاسم رجب طيب آردوغان. كما أوضح الرئيس السوري بأن "الأردن معرض لما تعرضنا له"، وهي عبارة على شكل رسالة سياسية تحاول مساندة القوى النقابية والحزبية النشطة في موالاة سورية قيادة وشعباً في الأردن. وهي قوى تعتمد على ذريعة عودة تصدير الجهاديين لداخل الأراضي الأردنية في حال الاستجابة لضغوط وسيناريوهات خليجية وهابية اخوانية أو غربية أمريكية تنفذ أجندة صهيونية ضد الدولة السورية. 

تآمر وخيانة تحت لافتات وذرائع واهية ..
بعيداً عن رسائل الرئيس السوري التي تميزت بدبلوماسية "القوة الناعمة"، فإن القوى الأردنية الرافضة لأي تدخل أردني أو عربي أو أجنبي بالملف السوري تعي خطورة ما يقوم به الملك وحكوماته المتعاقبة من دور سلبي تجاه الشقيقة الكبرى (سورية). فقد حذر برلمانيون أردنيون من أي تفاهمات عسكرية مع الأمريكيين لها علاقة بالملف السوري، وطلب رئيس "مجلس الأعيان" طاهر المصري ترقب تطورات مهمة على الجانب الحدودي بين الأردن وسورية. وخلافاً لما سبق لا يبدو أن وجود عسكريين أمريكان يحظى بأي شعبية فالإعلان الرسمي عن وصول 200 جندي أمريكي مؤخراً، أعقبته حملة بيانات محلية شرسة تجاوزت تحذير الملك والحكومة من الغرق في المستنقع السوري ووصلت لحد التلويح باتهام نظام الأردن بالمشاركة بالمؤامرة على سورية. 

وهو ما أكده الشيخ همام سعيد "المراقب العام لجماعة الأخوان المسلمين"، بقوله أن: "الجماعة لن تشتري البضاعة الأمريكية الجديدة المتعلقة بسيناريوهات العمل العسكري ضد خصمها الرئيس بشار الأسد". ولهذا التصريح ما يبرره سياسياً وإعلامياً، فالجماعة تريد القول أنها لا زالت في الخندق الأخر المعادي للأمريكيين. 

وتأتي مواقف عدد من النواب وإشارة "المراقب العام للجماعة" بعد الأنباء التي تداولتها - منذ أيام - وكالات الأنباء والصحف الغربية والعبرية، والتي تفيد بأن ملك الأردن عبد الله الثاني قد يوافق على السماح لحكومة الكيان الصهيوني بتوجيه ضربة عسكرية ضد سورية عبر أراضيه. وهو ما أثار قلق الشارع الأردني والخبراء والمراقبين الذين اعتبروا القرار ينطوي على مخاطرة من قبل الملك عبد الله الثاني. حيث ذكرت صحف غربية وعبرية يوم الاثنين الماضي أن الملك قرر "فتح المجال الجوي لبلاده أمام طائرات سلاح الجو الإسرائيلي". 

وحسب صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية فإن القرار "المعروف لعدد قليل من أجهزة الاستخبارات الغربية" تم اتخاذه خلال زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للأردن الشهر الماضي. 

وكشفت الصحيفة الفرنسية أنه قد يتم فتح ممرين جويين للطائرات الإسرائيلية، أحدهما من جنوب الأردن من صحراء النقب، والآخر شمال عمّان، ما يتيح للطائرات التي تنطلق من قاعدة قرب "تل أبيب" وصولاً سريعاً إلى سورية. وأشارت الصحيفة إلى أن فتح المحور الأردني يتيح لـ(إسرائيل) إمكانية الابتعاد عن سماء جنوب لبنان، وعدم الاضطرار إلى المرور بالقرب من السواحل اللبنانية، خشية تعرضها لصواريخ مضادة للطائرات من قبل حزب الله. 

وذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية في تفاصيل الخبر أن دبلوماسياً غربياً ملماً في التطورات في منطقة الشرق الأوسط أبلغ الصحيفة الفرنسية، أن الخطوة الأردنية هي "بادرة حسن نية ممتازة للغاية وغير مسبوقة". وأوضح المصدر الدبلوماسي أن "الطائرات الإسرائيلية بدون طيار تقوم بأعمال التجسس وجمع المعلومات في ساعات الليل، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الطائرات مزودة بالأسلحة وبإمكانها توجيه ضربة عسكرية لأي مكان في سورية"، على حد قوله. 

وتابعت صحيفة "لو فيغارو" قائلةً إن الأردن اتخذ منذ اندلاع الأزمة في سورية موقفاً حذراً للغاية، ولكن الملك عبد الله، الذي أجرى مباحثات مع الرئيس السوري، د. بشار الأسد، غير موقفه الآن، وبات على استعداد للسماح لـ(إسرائيل) بتوجيه الضربة العسكرية لسورية، على حد تعبير الدبلوماسي الغربي. 

وقالت الصحيفة العبرية أيضاً إن مصدراً أردنياً رفيع المستوى كشف لأحد محرريها يوم الأحد الماضي النقاب عن أنه في الأشهر الأخيرة جرت عدة لقاءات سرية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وملك الأردن بهدف تنسيق مواقف البلدين من سورية، وخلال اللقاءات السرية. وأضاف المصدر الأردني قائلاً للصحيفة العبرية" "طلب نتنياهو من الملك عبد الله الثاني منحه الضوء الأخضر لمهاجمة الأسلحة الكيميائية السورية من الجو"، ولكن الناطقين الرسميين في المملكة رفضوا تأكيد أو نفي حصول (إسرائيل) على موافقة أردنية، ولكنهم مع ذلك أكدوا على أن الديوان الملكي الأردني والأجهزة الأمنية في المملكة قلقون جداً من إمكانية انتقال الأسلحة الكيميائية السورية إلى أراضي المملكة الهاشمية، على حد تعبيرهم. 

وفي السياق ذاته، أفادت صحيفة "هآرتس" العبرية، نقلاً عن مصادر سياسية وصفتها بأنها رفيعة المستوى في "تل أبيب"، إن لقاءات نتيناهو مع عبد الله الثاني، بحثت دور الأردن في تشكيل قوة سورية تتولى منع انطلاق عمليات عسكرية ضد (إسرائيل) من الجولان العربي السوري المحتل، لافتةً إلى وجود مباحثات أردنية إسرائيلية أمريكية لبحث دور الأردن في إقناع مجموعة من كتائب ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر" للتمركز في الهضبة المحتلة لمنع استهداف (إسرائيل)، وهو ما يعني تشكيل قوات موالية للكيان الصهيوني على غرار قوات لحد التي زرعتها (إسرائيل) في الجنوب اللبناني. 

أما الإذاعة الرسمية الإسرائيلية باللغة العبرية فقد نقلت عن نتنياهو قوله في جلسات مغلقة إن قدرة (إسرائيل) على مواجهة التحولات في العالم العربي تعتمد على التعاون مع الأردن، على حد تعبيره. 

ويرى محللون سياسيون أن عاصفة الاعتراض هذه المرة مبرمجة على مقاس الملف السوري الذي لا زال يتسبب بشرخ كبير داخل المجتمع الأردني عبر عنه بوضوح نواب وقادة من جماعة الأخوان المسلمين خلال الأيام الماضية. ذلك انه على مدار السنوات العشر الماضية كان الوجود العسكري الأمريكي شبه ثابت في الأردن، وعلى فترات ونظمت العديد من المناورات العسكرية مع الأمريكيين دون الاعتراض عليها خلافاً لهذه المرة. 

خلاصة القول في ختام مقالتنا هذه إنه مهما بلغ تآمر الحكم الهاشمي في الأردن على سورية قيادة وشعباً، استجابة للولاءات أو الامتلاءات القطرية والوهابية والصهيو – أمريكية الأطلسية، فإن الرئيس السوري ونظامه والجيش العربي السوري أقوياء، ويزدادون قوة. وهم وحدهم من يمتلكون المبادرة ميدانياً وسياسياً. وهم القادرون على دحر المؤامرة أياً كان دور الحكم الهاشمي في هذه الحرب الكونية المعلنة على الوطن السوري الممانع المقاوم. 

وأن الأردن برجاله الأخيار المخلصين لقوميتهم وعروبتهم سيقفون بالمرصاد للمخططات التي يفرضها حلف الشر العربي الصهيو - أمريكي على الملك وعلى حكومته. وأن هؤلاء الرجال وذريتهم من شباب وصبايا الأردن سيعلنون في قادم الأيام أن هناك رؤوساً متآمرة في الأردن قد أينعت وحان قطافها.

/ انتهى التحليل /
كاتب : وائل عزالدين
رقم : 257860
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم