0
الأربعاء 24 آب 2011 ساعة 22:50

أمواج الصحوة في قلب اوروبا

أمواج الصحوة في قلب اوروبا
أمواج الصحوة في قلب اوروبا
ان الدخان والدماء والنيران تملىء اليوم شوارع بريطانيا حيث اتسعت شدة الاعتراضات لتشمل العديد من المدن علاوة على العاصمة لندن .
بعد شروع تلك الاحداث بمدة قليلة جاء مقتل الشاب "مارك دوغان"البالغ من العمر 29 عاما في مدينة تاتنهام على ايدي الشرطة البريطانية زاد من حدة الغضب الشعبي والهب الجماهير على الطرقات مما شكَل مأزقا امام حكومة ديفيد كاميرون. 

تشير النتائج الاولية لهذه التحركات الى عدم الرضا الشعبي الشديد من الحكومة فعمد كاميرون الى قطع اجازته الصيفية وعاد من ايطاليا حيث اقدم في المرحلة الاولى على اصدار مرسوما يقضي بزيادة عدد افراد الشرطة بنحو 10 الاف فرد .

عقدت لجنة الطوارىء في حكومة بريطانيا التي تضم خبراء في السياسة والامن المعروفة باسم "كوبرا"اجتماعا عاجلا لوضع خطط من اجل السيطرة على تلك الاحداث.
وقد تم القاء القبض على المئات من المتظاهرين بواسطة الشرطة حيث ذكرت صحيفة التايمز ان السجون في لندن امتلأت بالمتظاهرين.
واقدمت افراد الشرطة في قمعها للمتظاهرين الى التوسل بالقتل حيث توفي شاب في 26 من عمره في منطقة كريدون لندن متأثرا بجروح جراء اصابته بطلقات نار من قبل الشرطة. 

وامتدت هذه الاعتراضات الى بعض الملاعب حيث تم الغاء العديد من مبارات كرة القدم من جملتها المبارة الودية بين بريطانيا وهولندا.
وتفيد التقارير المنتشرة ان المحللين والخبراء يقدرون خسائر الاحداث في مختلف المدن البريطانية جراء الحرائق وتدمير الاماكن والممتلكات العامة بنحو 900 مليون بوند ما يعادل 74.1 ميليار دولار.
خلال هذه الاحداث إدَعت المقامات الامنية والحكومة البريطانية ان المظاهرات ناتجة عن تجمع بعض الاوباش الدمنين على المخدرات وأدوية الاعصاب. 

وقد ذكر "نيك كلغ" مستشار رئيس الوزراء البريطاني بعد زيارة مدينة تاتنهام الاثنين الماضي قائلا:"قامت هذه الاحداث من اجل احداث الشغب والسرقة وليس من اجل شيء اخر".أما الامر المضحك ما ذكرته بعض الصحف البريطانية الاخرى من جملة الغاردين والاندبندنت حيث عنونت ان الاحداث الجارية ناتجة عن تدخل معم القذافي في الشؤون البريطانية جراء انتقام القذافي من مشاركة بريطانيا في حملات الناتو داخل ليبيا. 

ان دراسة الاحداث الاخير في بريطانيا والمظاهرات الشعبية الواسعة في لندن والمدن الاخرى تؤدي الى استنتاجات مهمة تحوي نقاطا عديدة قابلة للذكر: 

1- بدون شك ان الامور الاقتصادية تشكل السبب الرئيسي في بروز الاعتراضات ووقوع الاحداث في مختلف المدن البريطانية.ويعتقد المحللون وخبراء الاقتصاد ان المشكلة الاقتصادية متاتية من برنامج الحكومة الاقتصادي حيث عمدت من جهة الى زيادة اقساط الجامعات في مختلف الاختصاصات ثلاثة اضعاف ومن جهة اخرى عمدت الى تخفيض الموازنة المخصصة للجامعات وزادت منسوب الضرائب وحمَلت المواطنين اعباءاً إضافية. 

في المقابل فان زيادة الضرائب وأقساط الجامعات وتحميل الشعب اعباءاً ثقيلة وخفض الموازنة المخصصة للضمان الاجتماعي جاءت من اجل تأمين المبالغ الطائلة المخصصة للحروب ما أدى الى زيادة حدة الاعتراضات من قبل الشعب. 

ان زيادة التضخم والبطالة في المجتمع البريطاني قد ظهر جليا وتفيد التقارير الصادرة عن مراكز الدراسات الاقتصادية الى احتمال بروز موجة جديدة من الازمة الاقتصادية في البلاد.
ان تراكم الفقر واتساع البطالة في البلادو ايجاد الشرخ العميق بين الطبقة الفقيرة والمتوسطة والاغنياء ما أدى الى زيادة حدة الاعتراضات.
2- يعد التمييز العرقي والطبقي من العوامل المؤدية الى قيام الاعتراضات والمظاهرات ضد الحكومة البريطانية الامر الذي جعل سكان لندن وباقي المدن يشعرون انهم مواطنون من الدرجة الثانية خاصة ذوي الجلدة السمراء حيث يتم نقض حقوقهم بالرغم من ادعاء القادة في بريطانيا حرصهم على الدفاع عن حقوق البشر. 

والجدير بالذكر ان التمييز العنصري والتفرقة الطبقية سياسة متبعة من الحكومة وسائر اركان الحكم في بريطانيا .حيث اصدر العديد من مراكز حقوق الانسان في بريطانيا تقاريرا تشير الى انتهاك حقوق الانسان خلال الاحداث الاخيرة من قبل الشرطة داخل بريطانيا.

3- اما العامل الاهم هو فقدان الثقة بالقضاء بعبارة اخرى ,عدم تطبيق جهاز القضاء العدالة في بريطانيا.
تشير التقارير المنتشرة الى فقدان الثقة بالقضاء من قبل المواطنين داخل بريطانيا,خاصة ذوي الجلدة السمراء الذين لو لم يتم اعتبارهم مواطنين درجة ثانية ولم تنتهك حقوقهم لما ازداد حجم الضغينة والانزجار من الحكومة . 

ضمن ذلك فان مقتل احد المواطنين السود على ايدي الشرطة وعدم اعتناء المسؤولين القضائيين والامنيين بهذا الامر وعدم اكتراثهم باعتراض الشباب في منطقة تاتنهام على هذه المسألة زاد من حدة المظاهرات ضد سيسة الحكومة البريطانية.

4-وأخيرا يجب الاشارة الى السبب الاصلي لنشوء هذه الاعتراضات ووقوع تلك الاحداث في لندن وباقي المدن البريطانية حيث يفوق الاسباب الاقتصادية ,الامنية ,القضائية وسياسة التمييز العنصري ويتمثل بتركيبة النظام المبني على حب السيطرة وتحقيق الارباح على حساب القتل والحروب. 

ان الاحداث التي تشهدها اليوم بريطانيا ناتجة عن عجز السياسات الليبرالية وعدم جدوى الاقتصاد الكابيتالي في المجتمع حيث تزداد معيشة الشعب صعوبة يوما بعد اخر.وتحقيق الارباح على حساب القتل والحروب. 

يعيش الكثير من المواطنين والطبقة المستضعفة شروطا حياتية صعبة من الناحية الاقتصادية كذلك يعانون من التمييز العنصري مما جعلهم يفقدون الثقة بسياسات الحكم والحكومة.

في الواقع ان الديموقرطية الغربية والشعارات الصاخبة من قبيل حقوق الانسان,الرفاه ,العدالة الاجتماعية والحرية قد فقدت مصداقيتها ليس بالنسبة الى الشعوب الحرة بل ايضا بالنسبة الى الشعب الاميركي والاوروبي حيث يشاهدون بأم العين سياسات دولهم غير العادلة والظالمة بحق كافة الشعوب .
خلال السنوات الثلاث الاخيرة ومع بداية الازمة المالية في الغرب انكشفت الكثير من الحقائق والوقائع الدالة على وصول النظام الرأسمالي العالمي الى طريق مسدود


في موازاة التركيب الخاطىء وغير العادل للانظمة والحكومات الغربية فان الامم المتحدة اصبحت تركيبتها موضع تساؤل بالنسبة لشعوب العالم كافة.

هل تتحرك الامم المتحدة ومجلس الامن لمواجهة انتهاك حقوق الانسان في بريطانيا هل يتم ارسال مراقبين دوليين في مجال حقوق الانسان الى لندن؟

ان الاجابة على هذه التساؤلات يظهر جليا يوما بعد اخر من خلال الازدواجية في المعايير والتمييز العرقي والطبقي ما يؤدي الى قيام الشعوب والانتفاضة ضد الجكومات الظالمة انطلاقا من منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا امتداداً الى قلب اوروبا ومركز التمدن في العالم.
/ انتهى التحليل /
مترجم : هاني زعیتر
رقم : 94292
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم