0
الثلاثاء 22 نيسان 2014 ساعة 19:02
كتب: عبد الباري عطوان

انتخابات رئاسية في سورية ومصر وبرلمانية في العراق هل ستحقق نتائجها الاستقرار؟

وماذا عن تباكي امريكا على الشرعية؟
انتخابات رئاسية في سورية ومصر وبرلمانية في العراق هل ستحقق نتائجها الاستقرار؟
انتخابات رئاسية في سورية ومصر وبرلمانية في العراق هل ستحقق نتائجها الاستقرار؟
فوز الرئيس السوري بشار الاسد في الانتخابات الرئاسية التي اعلنت المحكمة الدستورية الثلاثاء بدء طلبات الترشيح فيها مؤكد، والشيء نفسه يقال ايضا عن المشير عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر، فقد جرى تفصيل الانتخابات على مقاس الرجلين، ولن يزيد دور المرشحين المنافسين في هذه الانتخابات عن دور “الكومبارس″ او “المحلل” الديمقراطي في افضل الاحوال او اسوأها فالامر سيان. 

نعرف مسبقا ان السيد حمدين صباحي رئيس التيار الشعبي المصري سيكون المرشح الوحيد امام المشير السيسي بعد اغلاق باب الترشيح وانسحاب المرشحين الآخرين حفظا لكرامتهم، وايثارا للسلامة، لكننا لا نعرف عدد المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات امام الرئيس بشار الاسد، ولا نعتقد ان ايا منهم سيقدم على هذه المغامرة الخطرة دون ترتيب مسبق مع السلطات الامنية، والحصول على موافقتها، ولا نستغرب ان تكون هذه السلطات هي التي اوعزت لهم بالترشح نظرا للشروط التعجيزية المطلوب منهم تلبيتها.
 
نشرح اكثر ونقول ان قانون الانتخاب الجديد في هذه الانتخابات الرئاسية التي تتم لاول مرة منذ حكومة الرئيس شكري القوتلي بين 1943 – 1949 ثمّ 1955 – 1958، (في السابق كان هناك استفتاء على رئيس الجمهورية يطرح على الشعب)، ينص على ان يحصل طالب الترشيح على تأييد خطي من خمسة وثلاثين عضوا على الاقل من اعضاء مجلس الشعب (البرلمان)، ولا يجوز لاي من هؤلاء الاعضاء ان يؤيد اكثر من مرشح واحد للرئاسة، وان يكون المرشح متواجدا في سورية طوال السنوات العشر الماضية دون انقطاع وان يكون من ابوين سوريين، وان لا يحمل اي جنسية اخرى غير السورية. 

انها انتخابات اشبه بالاستفتاءات السابقة، بل تتطابق معها جوهريا، في الآليات والنتائج معا، فلن تكون هناك اي فرصة، ولو ضئيلة جدا، لاي مرشح بالفوز، او الحصول على اي نسبة معقولة من الاصوات، وحتى وان حصل عليها فسيكون ذلك بترتيب مسبق، ولاهداف اعلامية محضة. 

الغالبية الساحقة من المعارضين السوريين في الداخل او الخارج لا تنطبق عليهم شروط الترشح، فمعظمهم يعيش في الخارج، ويحمل جنسية اخرى غير سورية، او متزوج من عربية او اجنبية، او صدرت في حقه احكام بالسجن غيابيا، وحتى لو انطبقت الشروط على احدهم او اكثر، هل يجرؤ على العودة الى دمشق؟ وان امتلك الجرأة، وهذا من المستحيلات، هل يستطيع ان يجمع تأييد خمسة وثلاثين عضوا في مجلس الشعب؟! 

لا نعتقد ان ايا من اعضاء مجلس الشعب سيدعم مرشح آخر غير الرئيس بشار الاسد، لان جميعهم من الموالون، وسيتبارون فيما بينهم للحصول على شرف ترشيحه، ولا احد غيره، ومن يسمح له بدعم مرشح آخر سيكون ذلك باذن، ومن المؤكد انه سيعلن حظه العاثر الذي وضعه في هذا المأزق. 

الرئيس الاسد يتمتع قطعا بتأييد نسبة كبيرة من الشعب السوري، ويزداد هذه التأييد يوما بعد يوم بفعل عجز المعارضة المسلحة، وعلى مدى ثلاث سنوات، من اسقاط حكمه، وتدهورت صورة معظمها في اوساط السوريين بسبب الانقسامات الحادة والاقتتال في صفوفها، وتشدد بعضها اسلاميا، وبعض الممارسات غير المقبولة لدى قطاع كبير من السوريين، والمعاملة المهينة التي يواجهها السوريون في مخيمات الذل والهوان في دول الجوار وجحود الدول التي تدعي محبتهم وتبخل عليهم بفتات المساعدات. 

من الطبيعي ان تسخر الولايات المتحدة والمتحدثون باسمها من هذه الانتخابات والطريقة التي تتم عليها، والشيء نفسه يقال عن بان كي مون الامين العام للامم المتحدة، ولكن هل ابدى هؤلاء الموقف نفسه في الاستفتائين السوريين السابقين على رئاسة الرئيس بشار الاسد او والده من قبله؟ الاجابة قطعا “لا”، الامر الذي يجعل الكثيرون يسخرون بدورهم من نفاقهم وبقدر اكبر، فطالما الحاكم العربي موضع رضاهم، فانه الديمقراطي الاول، والديكتاتور العادل، اما اذا كان وطنيا يرفض كامب ديفيد والتطبيع مع اسرائيل، ويريد اسعارا عادلة للنفط، فالويل له و”الناتو” جاهز للتدخل لاطاحته.
السيد الاخضر الابراهيمي المبعوث الدولي ظهر على الساحة مجددا بعد ان افتقدناه منذ مؤتمر جنيف الثاني، وادلى بدلوه هو الآخر، وقال ان اجراء انتخابات رئاسية سورية يعني انهاء عملية المفاوضات، ورفض المعارضة بالتالي العودة الى مائدة المفاوضات، وسيبعد فرص الحل السياسي. 

تبدو هذه التصريحات الاممية مفاجئة هي الاخرى، وخاصة الشق المتعلق منها بالسيد الابراهمي الذي يتصرف وكأنه “مستشرق” اسكندنافي يتحسس طريقه لمعرفة المنطقة العربية، فالحل السياسي الذي يتحدث عنه، وتتطلع اليه المعارضة، كان وهما ومستحيلا، لان الرئيس الاسد لم يكن في وارد التنازل عن السلطة لمن يصفهم بـ”العملاء” و”الارهابيين”، ولم يرسل وفده الى مؤتمر جنيف من اجل تشكيل هيئة حكم انتقالي تجعله رئيسا، بلا صلاحيات، ثم اين هو مؤتمر جنيف ومتى سيعقد مرة ثالثة او رابعة؟ 

المسؤولون السوريون يقولون ان الذهاب الى الانتخابات يأتي لتجنب وقوع فراغ دستوري في البلاد، وهذه امر غريب فعلا، فمن من الزعماء العرب يحظى بشرعية دستورية؟ واذا كان هناك استثناءات فهي محدودة جدا. 

لنترك العرب جانبا، ونتحدث عن الرئاسة الفلسطينية التي تتفاوض معها الادارة الامريكية، وتعترف بشرعيتها وشرعية توقيعها على اي اتفاق كحل نهائي للقضية الفلسطينية، فها تجهل هذه الادارة والمتحدثين باسمها، ان الرئيس محمود عباس يترأس السلطة وصلاحيته كرئيس منتهية منذ اربع سنوات على الاقل، وكذلك حال كل المؤسسات الفلسطينية الاخرى؟ 

وحتى الفوز بالرئاسة في انتخابات حرة نزيهة لا يضمن الشرعية والاستمرار في السلطة، فاين الرئيس المصري محمد مرسي الآن، واين الرئيس الاوكراني المنتخب ايضا يانوكفيتش. وماذا عن فوز الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بولاية رابعة وهو على كرسي متحرك لا يستطيع المشي او النطق؟ 

قوات الجيش السوري حققت تقدما في ميدان القتال، مما دفع الرئيس الاسد الى التشجع والقول بان المعارك الرئيسية ستنتهي بنهاية العام، والمضي قدما في انتخابات الرئاسة بالتالي، ولكنه سيكون رئيسا على سورية ممزقة مقطعة الاوصال ومدمرة ماديا وبشريا، للاسف الشديد وبأيدي من يقولون انهم ابناؤها، ويظهرون حرصا عليها، وبمساعدة قوى اجنبية خططت لهذا الدمار جيدا منذ سنوات، ولمصلحة اسرائيل. 

بعد اربعين يوما سيحتفل بعضنا برئيسين جديدين “منتخبين” ورئيس وزراء ثالث، ودوامة العنف والارهاب ستستمر، والاستقرار الذي تتطلع اليه الشعوب ربما يكون ابعد مما كان عليه الحال قبل الانتخابات، المهزلة ليست في الانتخابات، وانما في الشعوب العربية التي غاب عن معظمها الوعي، وقبلت مخدوعة ان تكون اداة للقوى الاجنبية ومخططاتها التدميرية. 

اهلا بالثالوث الحاكم الجديد القديم: الاسد، السيسي، والمالكي، وكل انتخابات وانت بخير.
رقم : 375545
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم