0
الجمعة 11 تموز 2014 ساعة 01:11

انها «حرب الرعب» في غزة

وعيب ان يستمر اغلاق معبر رفح في وجه الجرحى يا حاكم مصر
انها «حرب الرعب» في غزة
انها «حرب الرعب» في غزة
حالة الذعر تسود اوساط المستوطنين الاسرائيليين الذين تمتعوا بحال من الهدوء رفعت معدل الدخل الفردي في اسرائيل الى مستويات قياسية تقترب الى الاربعين الف دولار سنويا، بينما ليس لها الا القليل من الاثر في اوساط ابناء قطاع غزة رغم غارات طائرات “اف 16″ التي بلغت اكثر من 200 غارة القت خلالها 400 طن من المتفجرات.

مساء امس اتصلت بالصديق فريح ابو مدين وزير العدل الفلسطيني الاسبق ضمن مجموعة من الاصدقاء الآخرين لاستطلاع الاحوال وردود الفعل على الغارات الاسرائيلية فقال لي ان المقاهي مليئة بالناس الذين يتابعون مباراة البرازيل والمانيا في كأس العالم، بينما القذائف الاسرائيلية تسقط بالقرب منهم ولا يعيرونها اي اهتمام.

هذا الشعب الذي يخرج من اجتياح اسرائيلي ليدخل في آخر، ومن حصار اقتصادي وسياسي خانق انتظارا لآخر اكثر شدة، لا يمكن ان يهزم، فهذا قدره، واختاره العلي القدير لكي يكون ممثلا لهذه الامة، وسدا لها في مواجهة هذا العدو الدموي المتغطرس، ولن يهرب من هذه المهمة مطلقا، ولن يتخلى عن قدره ودوره، وهو المؤمن الشجاع.
بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي يبحث عن تهدئة، بل يستجدي الوسطاء من اجل الوصل اليها رغم كل جعجعته وتهديداته، بينما يبحث ابناء القطاع عن كسر لحصار عربي اكثر عنفا وايلاما من الحصار الاسرائيلي، والعيش بكرامة، ولكن دون ان ينسوا المقاومة وحقوقهم المغتصبة في وطنهم وارضهم في الوقت نفسه.

الصواريخ التي بدأنا نحفظ اسماءها، مثلما نحفظ مداها عن ظهر قلب، مثل كلمات اعذب الاغاني الى قلوبنا، من “R160 ” او “ام 75″ الى “فجر 5″ و”البراق”، ستصل حتما الى مطار بن غوريون في قلب تل ابيب، وتعطل الملاحة الجوية الاسرائيلية، ولكن هذه الخطوة ربما تكون مؤجلة الى حين، وورقة “رعب” اخرى يجري استخدامها في الوقت المناسب وهو قادم حتما، فاهل المقاومة يحترمون كلمتهم، ويقولون ويفعلون.

فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها “حماس″ ليست قوة عظمى، ولا تملك جيوشا جرارة واسلحة نووية وكيماوية، ودبابات “ميركافا” ولا صواريخ “كروز″، ولذلك لن تزيل اسرائيل من الوجود في الحرب الحالية، والانتصار “نسبي” هنا، ويكفي ان جميع رؤساء الوزارات الاسرائيليين جربوا حظهم، وحاولوا هزيمة قطاع غزة، الذي لا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا، ووقف اطلاق الصواريخ منه وانهاء المقاومة فيه، وفشلوا جميعا، وذهبوا وبقيت الصواريخ، مثلما بقيت المقاومة، بكل جبروتها وقوتها وعزتها، ولن يكون نتنياهو استثناء.

نصف مساحة فلسطين المحتلة باتت تحت رحمة صواريخ المقاومة الفلسطينية على تواضعها، والنصف الثاني في الطريق، والمفاجآت واردة، ولن يخشى ابناء القطاع ورجال مقاومته تهديدات نتنياهو بالحرب البرية، بل لا نبالغ اذا قلنا انهم ينتظرونها ويستعجلونها، فقد خاضوها في الماضي، وسيخوضونها في الحاضر، ويستعدون لها في المستقبل، فطالما استمر الاحتلال ستستمر الحروب باشكالها كافة، والزمن في صالح اصحاب الحق وان طال.

نقولها للمرة الالف انها حرب عض اصابع، وقدرة اهل فلسطين وقطاع غزة بالذات على التحمل اكبر بكثير من قدرة اعدائهم الاسرائيليين، فلتطل الحرب، وسنرى من يصرخ اولا ويستنجد بالوساطات لوقفها، مثلما حصل في حرب “عمود السحاب” في عام 2012، وقبلها “الرصاص المصبوب”، فها هو ايهود اولمرت قائد الاخيرة في السجن، وها هي تسبي ليفني تتلاشى سياسيا.

الفلسطينيون لم يعودوا يعولون على القادة العرب، ولا يتابعون تصريحات السيد نبيل العربي امين عام الجامعة العربية، ولا يرجون خيرا منه او جامعته، او اجتماع وزراء خارجيتها الذي سيعقد في تونس الاسبوع المقبل، ويرون في لاعبي الجزائر الذين اهدوا انجازهم الكروي في مونديال كاس العالم وتبرعوا بمكافأتهم المالية (9 ملايين يورو) لابناء القطاع المحاصر عنوانا للشرف والرجولة والبطولة والتضامن والاخويتين العربية والاسلامية، ويقدرون مبادرتهم الرجولية اكثر من جميع مبادرات الزعماء العرب بما في ذلك مبادرة الهوان المسماه مبادرة السلام العربية.

لم نسمع اي رسالة تضامن من “اصدقاء الشعب الفلسطيني” او دعوة لاجتماعهم او اي حديث عن اسلحة نوعية او غير نوعية، ولم نقرأ عن اي دعوة للجهاد نصرة لاهل غزة من بعض الدعاة وانتم تعرفونهم واحدا واحدا، هل لان حركة “حماس″ متهمة بالانتماء للاخوان المسلمين التي صدر فرمانا باتهامها بالارهاب وخشية من بطش السلطان وقمعه، ولكن نذكرهم جميعا بأن اهل القطاع بشر، وغالبيتهم العظمى ليست من منسوبي “حماس″، والمقاومة “فرض عين” على الجميع مثلما يقولون ولكن في اماكن اخرى فيما يبدو.

المقاومة للاحتلال الاسرائيلي يجب ان تكون فوق كل الخلافات السياسية، وزعيمة لكل المقاومات الاخرى، وتستوجب اسقاط كل الخلافات والحواجز المذهبية والعرقية، والتوحد خلفها، والقتال تحت مظلتها.

مصر الشقيقة الكبرى تغلق معبر رفح امام المئات من الجرحى الذين تعجز مستشفيات القطاع الخالية من الادوية والمعدات عن استيعابهم، مثلما تغلقه امام الاطباء وشحنات الادوية القادمة من الاتجاه الآخر تلبية لنداء الواجب، فأين الانسانية والعروبة والاسلام ولا نقول اكثر من ذلك، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

الرئيس عباس يقول سنذهب الى مجلس الامن، وسننضم الى منظمات الامم المتحدة، وسنقدم طلبا الى محكمة الجنايات الدولية، وسندين العدوان، يا رجل افعل شيئا، وتوقف عن استخدام حرف “س″ هذا، احترم دماء الشهداء وانين الجرحى، افعل شيئا يرتقي الى مستوى تاريخ حركة “فتح” المشرف التي تتزعمها وبفضلها وصلت الى هذا المنصب الذي تتربع عليه، ولا تريد مغادرته.

غزة هاشم بن عبد مناف، والقوم الجبارين، ستظل عنوانا للشموخ والصمود والتضحية والمقاومة، ولهذا هي مستهدفة دائما، فشلت كل عمليات التجويع والقتل في تركيعها، وستظل كذلك، ابية رافعة الرأس، ورافعة راية المقاومة، مثلما فعلت لاكثر من ثمانية آلاف عام ونيف، فبقيت وذهب كل الغزاة.

بقلم: عبدالباري عطوان
رقم : 398739
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم