0
الثلاثاء 17 نيسان 2012 ساعة 01:01

ماذا بعد مؤتمر بغداد ...!؟

ماذا بعد مؤتمر بغداد ...!؟
ماذا بعد مؤتمر بغداد ...!؟
لأن هذه التحركات لم تأت من فراغ وإنما جاءت تحت عناوين عدة براقة بالعلن كونها تنشد الحرية والتغيير والديمقراطية شكلا وتخفي بطياتها الخراب والفتن المتنقلة سرا ...! 

كونها جاءت بمضمون سياسي وتفكير استعماري بحت سعى وما زال يعمل نحو تحقيق مصالحه على مستوى المنطقة العربية التي كانت وما تزال هدفا استراتيجيا للدول الغربية والاستعمارية التي ما فتئت تسعى جاهدة منذ القدم لاقتسام حصصها وضمان مصالحها بالمنطقة العربية التي تعتبر اليوم مركزا للصراع العالمي ....! 

وهنا لا بد من العودة إلى بدايات القرن الماضي وتحديدا لعام 1905 حين افتتح رئيس وزراء بريطانيا آنذاك هنري كامبل بانرمان المؤتمر الذي سمي باسمه وشاركت به كل من فرنسا وبلجيكا وهولندا واسبانيا وايطاليا واستمر حتى العام 1907قال كامبل بكلمته الافتتاحية آنذاك : إن الإمبراطوريات تتكون وتتسع ثم تستقر إلى حد ما ثم تنحل رويدا ثم تزول ....! وتتلاشى والتاريخ مليء بالأمثلة مذكرا بالإمبراطوريات- الرومانية – أثينا – الهند – الصين – وقبلها بكثير كانت بابل وأشور والفراعنة....! 

وتساءل كامبل عندها هل لديكم أسباب أو وسائل يمكن أن تحول دون سقوط الاستعمار الأوروبي بعد أن بلغ ذروته ...! وخلص المؤتمرون عندها إلى وثيقة سرية بقيت حوالي قرن دون الإفراج عنها وأهم ما نصت عليه قيام حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم وتكون عدوة لشعوب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية ومصالحها وضمان سيادة الحضارة الغربية وفق مخطط طويل الأمد ...! 

وبعيدا عن التفاصيل كانت الترجمة الحرفية لمقررات ذاك المؤتمر تنفيذ وعد بلفور وزرع الكيان الصهيوني بقلب المنطقة ليأخذ دوره ومهامه الإستراتيجية التي تخدم مصالح الدول الاستعمارية وفي مقدمتها اليوم الشيطان الأكبر الولايات المتحدة التي تجفف منابع الخير أينما حلت لتحولها إلى مصدر للفتن والشر الدائم , وهذا ما نحصد نتائجه اليوم على مستوى الوطن العربي بعد أن كرس الاستعمار جهوده نحو نشر سياسة تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وخلق بؤر الصراع ألإثني والطائفي بين أبناء المجتمع الواحد وصولا إلى الفتنة والاقتتال الديني والدخول في حروب أهلية قد لا تبق ولا تذر عند اندلاعها لا سمح الله...! 

واليوم ورغم كل المحاولات التي نادي بها من قرؤوا جيدا المخاطر المحدقة وتنبهوا وحذروا كثيرا من نتائج تلك المخططات الاستعمارية التي دخلت إلينا بمائة لبوس ولبوس ...! إلا أن ذلك كله لم يردع من أعمتهم الشعارات البراقة و أزكمت أنوفهم رائحة البترودولار العفن وانساقوا وراء تلك الإغراءات كما غريزة القطيع ليتحولوا إلى أدوات رخيصة وخناجر مسمومة تطعن الجسد العربي من الظهر ....! لان سياسة التقسيم والتجزئة التي اتبعتها الدول الاستعمارية منذ قرون قد ساهم بها وبكل أسف بعض من أبناء وزعماء الدول العربية أنفسهم .
 
وهذا ما يذكرنا بكلام الملك الأردني الحالي منذ سنوات عندما أعلنها صراحة لإحدى الفضائيات الأجنبية محذرا من مخاطر نشوء وامتداد الهلال الشيعي الذي اعتبره الخطر الأول الذي يهدد المنطقة , متناسيا الكيان الصهيوني المتمثل بإسرائيل التي تهدد الوطن العربي برمته ...! وكلمة الهلال الشيعي الذي سوق لها فيما بعد العديد من زعماء الخليج العربي يقصد بها الامتداد الجغرافي من إيران وربما من أفغانستان وصولا إلى جنوب لبنان مرورا بالعراق وسورية .
 
هذا المحور الذي سمي بأسماء شتى منذ احتلال أفغانستان والعراق واعتبره هؤلاء\ محور الشر\ كفزاعة دائمة , أريد خلخلته لا بل ضربه وبالعمق بهدف الإجهاز عليه بعد تقطيع أوصاله , ومن هنا دأبت الدول الغربية على إيجاد المبررات لذلك ...! وما محاولات ضرب سورية اليوم كونها \الحلقة الأضعف\ حسب زعمهم سوى محاولة تفكيك هذا التحالف الاستراتيجي والحيوي للمنطقة كاملة , كما إن المحاولات المكشوفة التي عبر عنها زعماء الخليج قبيل انعقاد قمة بغداد مؤخرا , أثبتت وبالدليل القاطع الدور التآمري الذي تشارك بحياكته تلك الأنظمة العربية إن لم نقل كلها والمرتبطة بالغرب ..! 

ورغم إن قمة بغداد جاءت بعد مقاطعة دامت لأكثر من عقدين من الزمن ومع انخفاض مستوى التمثيل والذي لم يسجل الحضور فيها لأكثر من عشر رؤساء عرب إلا أن العراق أعلنها صراحة وعلى لسان المالكي رئيس الوزراء بأن العراق سيعود منذ الآن ليأخذ دوره الريادي على المستويين الإقليمي والدولي وسيعود أقوى مما كان ... ! هذا التصريح لم يرق للدول العربية الخانعة للاملاءات الأمريكية والغربية , والتي اعتادت أن يبقى العراق مفتتا ومثقلا بالحروب الداخلية محاولة مرة أخرى إجهاض هذا الصوت العربي الذي بدا يصدح من جديد إلى جانب قوى الممانعة والمقاومة في مواجهة قوى الاستكبار العالمي ...! 

وبالوقت ذاته تضاعفت الضغوط باتجاه تحريك الملفات الساخنة من جديد , وتم خلق شرخ وانقسام في القيادة العراقية عبر خروج الهاشمي عن التحالف الذي كان فيه وإعادة اللعب على الوتر الطائفي لتقسيم المجتمع العراقي والتهديد بمخاطر الحرب الطائفية وتقسيم العراق إلى كيانات مصطنعة , كما تم تحريك الملف النووي الإيراني والنتائج السلبية المفترضة على دول الجوار متناسين الرؤوس النووية والترسانة التي تمتلكها إسرائيل في اكبر تهديد لأمن المنطقة منذ عقود ..! 

كل ذلك جاء بهدف خلق عدم استقرار بالمنطقة من شأنه أن يضرب إعادة تشكيل محور داعم للمقاومة يستطيع الوقوف بوجه نظرية التوسع الاستيطاني للكيان الصهيوني والحد ما أمكن من توغل قوى الغي والعدوان بالمنطقة العربية وتمتين عرى التعاون والصداقة مع الدولة الأولى القطب الصاعد بقوة بالمنطقة والتي تشكل نقطة توازن وارتكاز حقيقي لمحور الممانعة والمقاومة وهي الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي ما فتئت يوما من تقديم الغالي والنفيس لصالح دعم القضية الفلسطينية وقوى المقاومة والتحرر في العالم ومن هذا المنطلق يمكن القول إن إعادة تشكيل محور يواجه مخططات الاستكبار الغربي من شانه أن يربك تلك الدول ويفشل مؤامراتها ويبدد خططها الاستعمارية ويضرب في العمق أذناب تلك الدول وأدواتها إلى غير رجعة وهذا ما تؤكده اليوم الأحداث بأن ما بعد مؤتمر بغداد يجب أن يكون غير ما قبله تماما ....! 

الكاتب : أمير سبور

/ انتهى التحليل /
رقم : 153965
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم