0
الثلاثاء 8 كانون الثاني 2013 ساعة 19:55

دول الخليج ومواجهة ضرورات الربيع العربي

دول الخليج ومواجهة ضرورات الربيع العربي
دول الخليج ومواجهة ضرورات الربيع العربي
في الوقت الذي يعلنون فيه تأييدهم لأشكال حكومات أكثر ديمقراطية في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، ويسعون أيضا للحفاظ على التحالفات التقليدية مع الحكومات غير الحريصة جدا على التغيير الديمقراطي. لا عجب أن نظرية الاستثنائية الملكية – الأنظمة الملكية العربية بطريقة أو بأخرى أكثر استجابة للتحديات السياسية من نظيراتها الجمهورية – تصبح شعبية جدا. ولكن هل هذا صحيح؟ 

فكرة أن الأنظمة الملكية العربية في الخليج والأردن والمغرب هي أكثر قابلية للبقاء على قيد الحياة قد اكتسبت رواجا منذ الربيع العربي، استنادا إلى الملاحظة بأن القادة الجمهوريين هم الوحيدون الذين أطيح بهم حتى الآن. هذا صحيح بقدر ما ، ولكنها نظرة قصيرة الأمد تتجاهل حقيقة أن معظم الجمهوريات – بما في ذلك مصر والعراق وليبيا، التي رأت حكامها الوراثيين قد أطيح بهم بانقلابات عام 1950 و 1960 – كانت ملكيات في يوم من الأيام أيضا. ويبدو أنه من المرجح أن ملكيات اليوم قد بقيت في مكانها لأنها مرنة، وليس كونها مرنة لأنها ملكيات. 

لفهم هذه المرونة يحتاج المحللون إلى النظر في عوامل أخرى: ولاء القوات المسلحة؛ فعالية المعارضة، والدعم الذي تتلقاه من القوى الأكبر. في الواقع قد تساعد هذه العوامل على تفسير السبب في أن بعض الحكومات الجمهورية، مثل الجزائر، قد قامت على احتواء ضغوط الاحتجاج حتى اليوم. 

نظرية الاستثنائية الملكية قد تحجب اختلافات كبيرة بين الأنظمة الحاكمة في الدول العربية الثماني التي تتمتع بها والمبالغة في الخلافات مع الأنظمة الجمهورية. 

فكرتان يتم تقديمها لصالح صمود النظام الملكي. الأول، إنها تتمتع بشرعية تفوق شرعية أكثر الجمهوريات المشكلة حديثا، بأساليب تشاورها (الملكيات) المعترف بها وطرقها في بناء توافق الآراء، وخاصة في المملكة العربية السعودية والمغرب ، التي تدعي الشرعية الدينية. ثانيا، إن الأنظمة الملكية مجهزة جيدا للتكيف والإصلاح، ولديها نماذج أوروبية لتتبعها حيث الحكام قد تنازلوا عن السلطة تدريجيا مع الحفاظ على مكانتهم كرامتهم كرموز وطنية. 

ولكن هناك مشكلة واحدة مع الفكرة الأولى وهي أن مفاهيم الشرعية الملكية يصعب تقييمها في السياقات السياسية التي تفتقر إلى استطلاعات رأي يعتد بها أو صحافة حرة، والتي عادة ما تكون ضد قوانين ‘إهانة الحاكم’. أي ادعاء بأن الصحوة العربية قد تغاضت عن الملكيات غير دقيق. وهذا يعني، أنه سيكون من الخطأ أيضا افتراض أن جميع الذين يعيشون في ظل حكومات غير ديمقراطية بالضرورة يرون أنفسهم مضطهدين. 

بالتأكيد، هناك نشاط للمعارضة في جميع الممالك العربية، ولكن بدرجات متفاوتة. نواب المعارضة فازوا بـ 70 بالمئة من المقاعد في الانتخابات البرلمانية الكويتية عام 2012 ، و 45 بالمئة من الأصوات في انتخابات عام 2010 في البحرين. المعارضة البحرينية الرئيسية تقاطع اليوم البرلمان بسبب هشاشته، وهكذا تفعل الحركات الإسلامية في الأردن والمغرب، حيث الاسلاميون الاكثر ميلا للمصالحة، ومع ذلك، قد حصلوا على أكثر من ربع المقاعد في عام 2011. ومنذ بداية عام 2011، ست ملكيات من أصل ثماني شهدت احتجاجات. وكانت أكثر وضوحا في البحرين ولكنها ساهمت أيضا في التعديلات الدستورية في الأردن والمغرب وعمان، فضلا عن حل مجلس الوزراء في الكويت. وعلاوة على ذلك، حوكم ناشطون وكتاب ومدونون وسجنوا لـ ‘إهانة’ أو ‘تشويه سمعة’ الحكومات أو الحكام في البحرين، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت ومؤخرا سلطنة عمان . 

لكن معظم حالات الاحتجاجات لم تكن موجهة ضد نظام الحكم الملكي. فالنشطاء البراغماتيون يسعون لعملية إصلاح سياسي في ظل الحكام الحاليين، من خلال الدعوة لملكية دستورية حقيقية حيث تكون سلطات الحاكم محصورة ببرلمان أقوى وقضاء مستقل أو حكومة منتخبة. 

إرث التقاليد لا يشكل ضمانة بأن الملوك هم في مأمن إلى الأبد. فواحدة من الدروس المستفادة من الصحوة العربية هو أن الرد القاسي للدولة في التعامل مع الاحتجاجات يمكن أن يؤدي إلى تصعيد في مطالب المحتجين. 

وهذا يقودنا إلى الفكرة الثانية – وهو أن يكون لدى الملكيات المزيد من الخيارات لتقاسم السلطة. هناك أهمية في فكرة أن الأنظمة الملكية لديها مجموعة من الخيارات لتطوير أنظمتها السياسية في أسلوب تطوري، وليس ثوري. ولكن هذا لا يعني أن بقاءهم على قيد الحياة أمرُ لا مفر منه. ويعني أن استمرارهم يتوقف على الأفعال والتكيف والإصلاحات – وعلى حد سواء لاستيعاب التطلعات المتغيرة لشباب يعون حقوق المواطنة العالمية وسريعي النمو بشكل متزايد، ولبناء النماذج الاقتصادية المستدامة. ينبغي للنظرية أن تكون حافزا للإصلاح، وليس ذريعة للتهاون.

/ انتهى التحليل /
رقم : 229322
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم