0
السبت 15 آذار 2014 ساعة 23:43

16 مارس.. توقف نبض الساعة وتحرّكت كرة الدم

16 مارس.. توقف نبض الساعة وتحرّكت كرة الدم
16 مارس.. توقف نبض الساعة وتحرّكت كرة الدم
يُصبِحون وصوتُ الحق “الله أكبر” “الله أكبر” يعلو مِئذنةَ الدوار، لِيقف الشيعي بصف السني في صلاة موحدة ودعاء واحد: “اللهم أحفظ البحرين وأهلها”. لم يخلد في أذهانهم أنهم سيُفيقون يوما على غير العادة. 

ليأتي السادس عشر من مارس.. يوم تجردت فيه المؤسسات الأمنية البحرينية من الوطنية والإنسانية عبر قتل الشعب.
مع شروق شمسه، تحول “دوار اللؤلؤة” -تلك البقعة التي احتوت جميع مكونات الشعب- لساحةِ حربٍ، ارتوت فيها الأرض بِدماء الشهداء والجرحى. 

ما أن وقَف نبضُ الساعة على السادسة فجراً إلا وتحرّكت عجلة الشيطان نحو أكبر عملية تنجيس لتاريخ البحرين أو تطهير -كما سمّوها- مدعومةٍ بجيش درع الجزيرة. 

كلُّ ذلك لِمَن؟ لشعبٍ مسالمٍ أعزل، بين صَبي يحلم بالحرية، وشيخٍ يدعو أن يتحقق حلم الصّبي.
استخدمت الجيوش في عمليتها جميع الأسلحة التي عادة ما تستخدم في الحروب، ضربت بكل قوتها وجبروتها، فالشوارع تكسوها أدخنة المسيلات، والأزقة كانت محلاً لعبور الدبابات، والأرض كانت منطلقاً للرصاصات، والسماءُ كانت مضماراً لأربعِ مروحيات، علَّ أحدهم ينجو بالفرار فُيراقَب من كبِد السماء. 

لم يشفِ غليلَ الجيوش القتل وجرحُ المئات في الدوار، فتوجهت جنوباً متعطِّشةً لمزيد من الدماء نحو مجمع مستشفى السلمانية الطبي. لَم نتخيّل يوماً أن المشفى -وهو محل دواءِ الجرحى وإنقاذ الأرواح- قد يتحوَّل لساحةِ قتل وإزهاق الأرواح. (1) 

مفجعا كان غروب شمس يوم السادس عشر من مارس ٢٠١١… حتى شمس ذلك اليوم الكئيب غادرت باكية، فما ان انقضت ساعات ذلك اليوم الأحمر الدموي، إلا وقد أعلن عن استشهاد ٥ مواطنين، كان أولهم الشهيد المصور محمد جعفر الكراني الذي عرف بتصويره للمسيرات ومظاهر القمع التي مارسها النظام ضد الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في ١٤ فبراير، حيث استشهد بطلق ناري مباشر لحظة الهجوم الغادر في الساحة المقابلة لأبراج اللؤلؤة ومجمع الدانة التجاري.
 
غادر الكراني حاملاً وسام الشهادة، فتلاه الشهيد أحمد عبدالله حسن الذي توفي فور وصوله إلى المستشفى الدولي بعد أن مزقت أحشاءه طلقات الشوزن من أعلى الجسر المطل على الدوار.
تمضي الساعات بوحشية النظام لاستباحة المزيد من الدماء ويعلن بعدها عن استشهاد جعفر عبدالله معيوف في المنطقة الواقعة بين إشارتي السنابس وجدحفص بعد أن عمد الجيش إلى تصويبه بشكل مباشر ليفارق الحياة لحظة نقله إلى لمستشفى.. 

حينما خيم الليل، توارد نبأ استشهاد امرأة بالقرب من دوار القدم، لتكشف الوفاق في وقت متأخر من الليل عن استشهاد المواطنة بهية العرادي إثر جرح غائر في الرأس بسبب طلق ناري واستهدافها دون سبب يذكر. 

وكأن كأس الدم يغري الذئاب… ففي اليوم التالي، أعلنت عائلة الشملان عن استشهاد جواد الشملان بعد اختفائه في يوم ١٦ مارس متأثرا بفتك الرصاص.. هي آلة القتل التي استمدت روحها من الفتح الغادر قبل قرنين ونيف من الزمان.. عالم الغاب المتوارث في زمن تسحق فيه أنظمة الحيوان.. كرامة الإنسان. 

كان يوماً تلطّخت فيه الساعات والثواني باللون الأحمر القاني، يوماً (اسودّ) فيه وجه النظام لوحشيته، ودخَل في قبره المظلِم الأسود. 

ويوماً (ابيَضَّ) فيه وجه الشعب لسلميته، و(احمرَّت) الأرض خجلاً مِن شهدائه، فَرسمت علم الوطن الجميل. 

بقيت صفحة الشعب وثورة ١٤ فبراير ناصعة البياض، منيرة إلى عنان السماء، كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء يستنشق نسيم العدل والحرية. 

وأما صفحة النظام، فكانت قاعاً صفصفاً أسودَ.. “فالطوفان بدأ لا ليهدأ.. وما يمتنع عن إعطائه للشعوب اليوم، لا ترتضيه غداً على مضاعفته”.. فالأيام حبلى بالثمار!
هوامش: 

(1) وحدات من قوة دفاع البحرين أعيد نشرها خلال تنفيذ العملية الثانية إخلاء الدوار مجلس التعاون الخليجي التي بدأت في الساعة الخامسة والنصف من صباح يوم ١٦ مارس ٢٠١١ وفي تلك المناسبة أرسلت قوة دفاع البحرين قوة أكبر شملت دبابات وحاملات جنود ومدرعات وحوامتين قتاليتين. 

كما شارك عدد كبير من جنود قوة دفاع البحرين في إخلاء أراض ومباني مجمع السلمانية الطبي من المحتجين.. المادة 1100 من تقرير تقصي الحقائق “بسيوني”.
 
(2) بعد عمليات الإخلاء نفذت وحدات من قوة دفاع البحرين حظر تجوال في بعض مناطق المنامة وأقامت حواجز في الطريق ومنعت الأفراد والمركبات من دخول أي منطقة محظورة بما في ذلك دوار مجلس التعاون الخليجي والطرق المجاورة. وقد نشرت في هذه الحواجز وحدات مسلحة بأسلحة مثل بنادق M16 القتالية ومدافع برواننج الرشاشة الثقيلة 50 وحملت المدافع الرشاشات على آليات المدرعات. المادة 1101 من تقرير تقصي الحقائق “بسيوني”

تقرير: زينب علي
رقم : 362270
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم