QR CodeQR Code

ما هي دوافع الإرهابيين السوريين لخوض الحرب في أوكرانيا؟

موقع الوقت , 19 كانون الثاني 2023 09:17

اسلام تايمز (أوروبا) - منذ النصف الثاني من القرن العشرين، أدى وجود أسلحة دمار شامل متطورة في جيوش القوى العظمى الدولية إلى زيادة كبيرة في إمكانية شن حروب مباشرة دون منتصر وبتكاليف باهظة على جميع الأطراف، وهو ما أدى إلى مزيد من الحروب بالوكالة على المستوى الدولي.


تتضمن الحرب بالوكالة حكومة أجنبية تدعم جهات فاعلة معينة للتأثير على نتيجة الصراع العنيف لمصلحة الأهداف الاستراتيجية للحكومة الأجنبية. كانت سوريا وليبيا واليمن والآن الحرب في أوكرانيا أمثلة واضحة على حروب بالوكالة ذات أبعاد داخلية وخارجية كارثية بين القوى الإقليمية والدولية خلال العقد الماضي.

منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أثيرت احتمالية وجود قوات بالوكالة والمرتزقة على طرفي الحرب، ونشرت في وسائل الإعلام تقارير عديدة عن تجنيد مقاتلين أجانب، وأحد أهم مصادر تصدير المرتزقة إلى أوكرانيا، من سوريا.

 خلال الحرب الأهلية التي استمرت 10 سنوات، أصبحت الأراضي السورية مرتعاً لتجمع ونشاط الجماعات الإرهابية والتكفيرية الدولية، واستخدمت الحكومات الغربية والعربية الإرهابيين كأداة لخدمة مصالحهم الجيوسياسية في سوريا ومناطق أخرى. أما الآن فقد أصبحت مصدراً للمرتزقة في أوكرانيا من قبل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة.

وحسب تقرير جديد نشر في وسائل الإعلام بهذا الشأن، فإن الإرهابيين المتمركزين في إدلب يتوجهون إلى أوكرانيا للقتال ضد الجيش الروسي. وبناءً على ذلك، فإن معظم الجنود الذين تم نقلهم إلى أوروبا الشرقية هم من إرهابيي كتائب الشيشان والقوقاز والأوزبك والطاجيك ومجموعة من الجنود الألبان، والغالبية العظمى منهم ينتمون إلى هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني.

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه منذ تشرين الأول الماضي، غادر أكثر من 170 مقاتلاً سوريا وتوجهوا إلى دولة أوروبية بناءً على طلب وضغط من وفد هيئة تحرير الشام. كما تم نشر مقطع فيديو يظهر عبد الحكيم الشيشاني، زعيم جماعة جنود القوقاز، وهو يقاتل إلى جانب قواته في أوكرانيا ضد القوات الروسية. نشرت وسائل إعلام روسية هذا الفيديو الذي يظهر أن الولايات المتحدة بدأت في استخدام الجماعات الإرهابية لدعم الجيش الأوكراني.

نقل الإرهابيين السوريين إلى الحرب في أوكرانيا ليس خبرا جديدا، ومنذ بداية هذه الحرب أعلنت السلطات الروسية مرارا أن الولايات المتحدة أرسلت عشرات الإرهابيين إلى أوكرانيا وحذرت من ذلك.

يأتي إرسال الإرهابيين إلى أوكرانيا في الوقت الذي زعمت فيه هذه الجماعات في العقد الماضي أنها كانت تقاتل من أجل إحياء الشريعة الإسلامية في المنطقة وطالبت بإسقاط الحكومات الحاكمة في الدول الإسلامية، والتي زعمت أنها انحرفت عن معتقداتها، ولكن أظهروا الآن أن القتال في بلاد الكفر إذا اقتضت الضرورة يعتبر أيضًا من أعمال الشريعة.

دوافع الإرهابيين للذهاب إلى أوكرانيا

بالنظر إلى أنه لا يوجد احتمال واضح لإنهاء النزاعات في أوكرانيا، حيث أصبحت الآن شبيهة بالمستقنع، يحتاج الغربيون إلى قوات جديدة لإدارة ومواصلة الحرب ضد روسيا باستخدام الإرهابيين، والذين اكتسبوا تجارب عديدة خلال عقد من الزمان، ويمكنهم الآن مساعدة الغربيين في هذا المجال.

بصرف النظر عن جهود الغرب لإرسال الإرهابيين إلى أوكرانيا لإيقاف روسيا، هناك دوافع أخرى وراء هذا البرنامج توفر حوافز للإرهابيين. حيث لطالما اعتبر الإرهابيون الوجود الروسي القوي في الأزمة في سورية السبب الأول والرئيسي لفشلهم في إسقاط حكومة بشار الأسد، وكانوا يبحثون عن فرصة للانتقام من هزائمهم، وقد وفرت لهم حرب أوكرانيا هذه الفرصة.

قضية أخرى هي أنه في بداية الأزمة في سورية، كان الإرهابيون يتلقون الدعم المالي من الدول العربية في الخليج الفارسي، ولكن الآن هذا الدعم قد اختفى تقريبًا، وبقاء هذه الجماعات يعتمد على المساعدات المالية، والآن الحملة الأوكرانية هي الطريقة الأنسب لتوفير الدخل، لأنهم يتلقون الأموال لمحاربة الروس، والتي يبدو أن أمريكا والدول الأوروبية تتحملها.

لكن هناك قضية مهمة أخرى تتمثل في اشتداد الخلاف في جبهة الإرهابيين السوريين، ما أدى إلى إرسالهم إلى أوكرانيا. في بداية الحرب السورية، كان الإرهابيون على ما يبدو على جبهة واحدة بمساعدة المثلث العبري - الغربي - العربي، لكن التكفيريين الآن لا يطيعون القادة السابقين، والصراعات الدموية التي حدثت بين هذه الجماعات في السنوات الأخيرة تظهر هذا جيدا.

 وفي هذا الصدد، كتب علي العرجاني، السلفي المنفصل عن هيئة تحرير الشام، في تلغرام: "مجموعات القوقاز والألبان تغادر إدلب إلى أوكرانيا لأنهم وجدوا أن أوكرانيا أكثر حرية لهم من إدلب والمعارك هناك حقيقية. " يبدو أنهم يتبعون فتوى أيمن حروش القديمة بأن الذهاب إلى بلد كفر أفضل من البقاء في إدلب تحت حكم الجولاني.

تركيا تنقل الإرهابيين إلى أوكرانيا

إضافة إلى الحوافز المالية والمواجهة مع روسيا، تلعب تركيا أيضًا دورًا مهمًا في إرسال الإرهابيين إلى أوكرانيا. على الرغم من تبني تركيا سياسة محايدة فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا وأنها تلعب دور الوسيط لإنهاء الحرب، لكن هناك أمرًا واحدًا واضحًا، وهو أن خطط أنقرة في الأشهر الأحد عشر الماضية أظهرت استمرار رجب طيب أردوغان في جهود الوساطة.

 الحرب بين الغرب وموسكو سوق مربحة لتركيا. ومع إطالة أمد الحرب، تستطيع أنقرة ابتزاز الأموال من طرفي الصراع، وإضافة إلى بيع الأسلحة لأوكرانيا وتقديم الدعم السياسي لهذا البلد، فإنها تحصل على نقاط من الغرب، وخلال هذه الفترة، من خلال بيعها طائرات دون طيار إلى كييف ومعارضة الهجوم الروسي، فإن هذا البرنامج تقدم بشكل جيد.

من ناحية أخرى، استغلت تركيا فرصة العقوبات الغربية ضد روسيا لصالحها وتمكنت من تحسين مستوى تفاعلاتها التجارية مع هذا البلد، ووفقًا للإحصاءات، زاد حجم التبادل التجاري بين الدولتين بعد الأزمة الأوكرانية بحوالي 1.3 مليار دولار. في ظل غياب الشركات الأوروبية، تحاول تركيا الاستيلاء على السوق الروسية وفي الوقت نفسه، من خلال نقل الغاز الروسي إلى الأسواق الأوروبية، تحاول تركيا تحويل نفسها إلى مركز للطاقة في المنطقة، وتم إبرام الاتفاقيات في هذا الصدد. لذلك، طالما استمرت الحرب في أوكرانيا، فإن ذلك في مصلحة أنقرة ويمكنها جني الكثير من الأرباح بهذه الطريقة.

كما أن التوتر بين روسيا وأوروبا مفيد جدًا لتركيا من وجهة نظر السياحة، وعشرات الآلاف من الروس الذين اعتادوا السفر إلى الدول الأوروبية كل عام، يضطرون إلى اختيار تركيا مع إغلاق الحدود الأوروبية، وبهذه الطريقة ستحصل أنقرة على الكثير من الدخل. وبالتالي، فإن إحدى طرق إطالة أمد الحرب هي نقل الإرهابيين الذين تدعمهم تركيا إلى أوكرانيا.

في الأزمة السورية، لعبت تركيا أيضًا دور معبر الإرهابيين من الخارج إلى هذا البلد، وبعد تدريب أولي، أرسلتهم إلى الأراضي السورية، واتخذت هذه المرة هذا الإجراء في أوكرانيا. كما كشف سعيد فارس السعيد، المحلل السوري لقضايا الأمن الاستراتيجي، بعد أسابيع قليلة من الحرب في أوكرانيا، أن حوالي 2500 إرهابي تحت إشراف المخابرات التركية يستعدون لدخول أوكرانيا للقتال في عمليات عسكرية ضد الجيش الروسي.

على الرغم من أن تركيا تعتبر الأزمة في أوكرانيا فرصة لتعزيز العلاقات والحصول على تنازلات من روسيا، إلا أنها تسعى أيضًا إلى تسوية الحسابات مع موسكو. تركيا غاضبة للغاية من أن موسكو لم تسمح للإرهابيين بإسقاط حكومة بشار الأسد وتدمير الجماعات الكردية الانفصالية في شمال سوريا، والنفقات التي أنفقتها في السنوات الإحدى عشرة الماضية كانت بلا نتائج، لذا فهي تحاول الانتقام؛ ووضع الإرهابيين ضد القوات الروسية يمكن أن يرضي أنقرة إلى حد ما.

من ناحية أخرى، يعتبر أردوغان، الذي يخطو خطوات نحو تطبيع العلاقات مع دمشق، إرهابيي إدلب عقبة خطيرة لسياساته الإقليمية، وبالتالي يخطط للتخلص من الإرهابيين بإرسال هذه الجماعات إلى أوكرانيا وتمهيد الطريق للتطبيع.

 تكفيرو إدلب غاضبون من العلاقات الوثيقة بين أنقرة ودمشق، وهناك احتمال أن يقوموا بأعمال إرهابية ضد هذا البلد في المستقبل للانتقام من داعمهم السابق، وإخراج هذه الجماعات من حدود تركيا يمكن أن يقلل من التهديدات الأمنية من هذا البلد.

اعتبرت تركيا الحرب في أوكرانيا علامة على تغيير العالم نحو تشكيل عالم متعدد الأقطاب، تلعب فيه دورًا نشطًا ومؤثرًا في التطورات الإقليمية والعالمية. وتدرك أنقرة أن نيران هذه الأزمة لن تنطفئ قريبًا وتحاول الاستفادة القصوى من التوتر بين موسكو والغرب وإنقاذ اقتصادها المتدهور.

أمريكا وحلفاؤها الذين لم يتمكنوا من تحقيق النجاح في سوريا ويعتبرون السبب الرئيسي لذلك هو دعم روسيا لبشار الأسد، اختاروا هذه المرة الجبهة الأوكرانية لتعويض هزائمهم، وبمساعدة الإرهابيين، يحاولون توجيه ضربات قوية إلى المنافس التقليدي، لكن هذه المرة أيضًا يراهن الغرب على حصان خاسر بالفعل


رقم: 1036388

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.org/ar/article/1036388/هي-دوافع-الإرهابيين-السوريين-لخوض-الحرب-في-أوكرانيا

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.org