0
الأحد 17 حزيران 2012 ساعة 03:48
نصر الإسلام وخاض أنبل معاركه ضد الحركة الصهيونية

رحيل الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه غارودي كاشف زيف الهولوكوست

رحيل الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه غارودي كاشف زيف الهولوكوست
رحيل الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه غارودي كاشف زيف الهولوكوست
وكان (غارودي) عضواً في الحوار المسيحي الشيوعي في الستينيات، لكنه في وقت لاحق بدأ يميل إلى الإسلام، قبل أن يتحول إليه في الثاني من تموز 1982م
ويختار لنفسه اسم (رجاء)، ويبدأ نضاله الفكري والسياسي ضد الحركة الصهيونية العالمية ودولة الاحتلال الصهيوني في فلسطين. ما جعل منه شخصاً منبوذاً في المجال الإعلامي والسياسي الغربي، خاصة بعد صدور كتابه «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» عام 1996م. وفي مقابلة نشرت له في الآونة الأخيرة قال (غارودي) إن «الولايات المتحدة هي التي نظمت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2011م». 

وقد حصل صاحب كتاب «الولايات المتحدة الأمريكية طليعة الانحطاط» في ثمانينات القرن الماضي على شهرة واسعة في العالم الإسلامي، وقد حاول القيام بمساع شخصية في طهران وبغداد. وحصلت مؤلفاته على تقدير من قبل القيادة السياسية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ورأى فيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله نموذجاً لإدانة «نفاق» الغرب و«ازدواجيته».
وفي نبذة أصدرتها صحيفة «لومانيتيه» الشيوعية بعنوان «رحيل روجيه غارودي، من ستالين إلى محمد»، أشادت الصحيفة بـ(غارودي) الذي «اضطلع، في نظر عدد كبير من المفكرين الشيوعيين في الحقبة الستالينية، بدور «الفيلسوف الرسمي»، الذي لا يمكن تصوره اليوم للحزب الشيوعي الفرنسي». 

والمفكر (غارودي)، مولود لأم كاثوليكية، تحول إلى المذهب البروتستانتي ثم الشيوعية، وكان لفترة طويلة كبير المفكرين الشيوعيين الفرنسيين, ثم عاد مجدداً للكنيسة الكاثوليكية قبل أن يعتنق الإسلام في نهاية الأمر. 

انضم (غارودي) عام 1945م، إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي، وفي 1956م إلى المكتب السياسي. وكان قد حصل في العام 1953م، على درجة الدكتوراه الأولى عام 1953م عن «النظرية المادية في المعرفة»، ثم حصل على درجة الدكتوراه الثانية عن «الحرية» عام 1954م. وانتخب نائباً عام 1954م، وأعيد انتخابه في الجمعية الوطنية بين عامي (1956 و1958م)، ثم في مجلس الشيوخ بين عامي (1959 و1962م). 

وقد طرد (غارودي) من الحزب الشيوعي الفرنسي عام 1970م بعد انتقاده الغزو السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا، فقام بتأسيس «مركز للدراسات والبحوث». 

حياة حافلة بالعطاء والجدل ..
كانت حياته حافلة بالمواجهات، وتاريخه حافل بالصراع الفكري والصراع السياسي مع تيارات بارزة مثل الماركسية ومثل الشيوعية، وخاض منذ الربع الأخير من القرن العشرين حرباً في مواجهة عنيفة مع الحركة الصهيونية. 

وقد عرف جاردوي من خلال كتبه وأفكاره - كواحد من أبرز الفلاسفة الغربيين الذين ظهورا خلال القرن العشرين، وقد أثار جدلاً واسعاً من خلال كتاباته وأفكاره وانتماءاته الماركسية والشيوعية، ومعاركة التي خاضها فيما بعد مع هذه الأحزاب والأفكار، حتى أعلن إسلامه في المركز الإسلامي في جنيف عام 1982م وكتب كتابين: «الإسلام دين المستقبل» و«وعود الإسلام» وحصل بهما على «جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام» عام 1985م. 

وفي أحد الحوارات التي أجريت معه يقول (غارودي): «أعتقد أنه ليس هناك إلا حرب واحدة في حياتي هي من أجل السلام ومن أجل حوار الحضارات، هذا سبَّب لي بعض المضايقات: أطردوني- مثلاً- من الحزب الشيوعي الفرنسي عندما قلت: «إن الاتحاد السوفيتي ليس بلداً اشتراكياً»، وتحاورت طويلاً مع الناس عندما انتقدت التطرف في الأديان، عندما قلت أن تعاليم المسيح لا يمكن أن تسمح بالهيمنة ولكن بالحرية، وانتقدني- أيضاً- كتابٌ مسلمون من أجل نظرياتي حول الإسلام، ولكن عندما كتبت كتاباً حول التطرف الصهيوني هنا لم يكتفوا بانتقادي ونقدي، ولكن جرجروني أمام المحاكم». 

وفي حوار آخر، قال (غارودي): «إن اشد ما يحملني على الفخر هو تمسكي بالحلم الذي راودني في سن العشرين، اعني وحدة الأديان الثلاثة المسيحية واليهودية والإسلام». وكثيراً ما كان المفكر الفرنسي يصف نفسه بأنه «دون كيشوت» يناضل ضد «طواحين الهواء» الرأسمالية. 

معاركه مع الحركة الصهيونية
كانت أول محطات التصادم بينه وبين الحركة الصهيونية ـ التي قال أنه أعلن الحرب عليها حتى النهاية ـ بعد مذبحة صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982م، بعدما نشر مقالاً مدفوع الأجر في صحيفة «لوموند» الفرنسية في السابع عشر من حزيران بعنوان «معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان». 

وكانت معركته الثانية عند صدور كتابه «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، متحدياً بإصداره قانون «جيبسو»، الذي صدر في فرنسا سنة 1990م، والذي حوكم بسببه أمام إحدى محاكم باريس. 

وقد كان هذا الحدث الأبرز في حياته، عندما دانته محكمة فرنسية عام 1998م بتهمة «التشكيك في الهولوكوست». وقد حكمت عليه المحكمة بالسجن «تسعة أشهر مع وقف التنفيذ وبدفع غرامة قدرها حوالي (25 ألف يورو)»، بتهمة «إنكاره وقوع جرائم ضد الإنسانية والتشهير العرقي والتحريض على الكراهية العرقية». وتم تثبيت الحكم نهائياً في العام 2000م. 

وكان (غارودي) قد شكك في كتابه هذا بالأرقام المتعلقة بإبادة يهود أوروبا في غرف الغاز، ناقضاً فيه وجود هذه الغرف أصلاً، و«فكرة مقتل ستة ملايين يهودي تمت تصفيتهم بأيدي النازيين».
وظل مصراً على فكره هذا حيث قال إنها من ابتكار رئيس وزراء بريطانيا (ونستون تشرتشل) والرئيس الأميركي (دوايت آيزنهاور) والفرنسي (شارل ديغول) لتبرير تدمير ألمانيا واحتلالها خلال الحرب العالمية الثانية. 

ورغم أن هناك من سبق (غارودي)، في الاقتراب والبحث من موضوع «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، إلا أن (غارودي) تجاوز من سبقوه بالإحاطة الشاملة بكل «الأساطير الإسرائيلية». وفي كتابه هذا (الواقع في 373 ص) يقدم مجموعة أساطير صهيونية يعرضها إجمالاً على النحو التالي: «الأرض الموعودة لليهود في فلسطين»، و«اليهود شعب الله المختار؟»، و« أرض بلا شعب لشعب بلا أرض؟»، و«المحرقة النازية Holocaust»، و«العقيدة اليهودية والصهيونية السياسية؟»، و«المسافة بين الاثنين؟». 

وقد حرص (غارودي) أن يجعل من الوقائع نسيجاً للحقائق. وهو عند تعرضه لكل أسطورة من «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، لم يشأ أن يناقش بنفسه أو يناقض، وإنما جاء بالوقائع من مصادرها الأولية، ومن وثائقها الأصلية ثم تركها تجري في سياقها. 

يشار إلى أن (غارودي) وضع منذ العام 1946م وحتى تاريخ رحيله حوالي سبعين كتاباً معظمها في الماركسية والفلسفة، ونقد السياسات الصهيونية والأمريكية الاستعمارية، ونصرة الإسلام، نذكر منها: «حوار الحضارات»، و«حفارو القبور: الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها»، و«كيف صنعنا القرن العشرين»، و«لماذا أسلمت»، و«المسجد مرآة الإسلام», و«الإسلام وأزمة الغرب», و«كيف أصبح الإنسان إنسانياً»، و«فلسطين مهد الرسالات السماوية», و«مستقبل المرأة»، و«الولايات المتحدة الأمريكية طليعة الانحطاط»، وغيرها. وقد بلغ عدد رسائل الدكتوراه التي أُعدت في جامعات العالم المختلفة عن فكر (غارودي) حوالي ثلاثين رسالة جامعية. 

Aws1948@gmail.com 

/ انتهت المقالة /
كاتب : أوس داوود يعقوب
رقم : 171883
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم