0
الاثنين 26 تموز 2021 ساعة 08:24

السعودية واستهداف المعارضين بالتعاون مع "إسرائيل".. التفاصيل والعبر؟

السعودية واستهداف المعارضين بالتعاون مع "إسرائيل".. التفاصيل والعبر؟
تجسس إسرائيليّ

مؤخراً، انتشرت معلومات في صحف عالميّة مهمة أكّدت أنّ السعودية وحليفتها الإمارات استخدمتا برنامج "بيغاسوس" الصهيونيّ للتجسس على المعارضين لتلك الأنظمة الاستبداديّة، وقد استهدف برنامج التجسس كلاً من الصحافيّ السعوديّ المغدور في قنصلية بلاده بإسطنبول، جمال خاشقجي، والصحفي الفلسطيني عزام التميمي، والأكاديمية والمعارضة السعودية مضاوي الرشيد، ونجل خاشقجي عبد الله، وكشف تحليل لهاتف الرشيد وجود أدلة عن محاولة اختراق في نيسان 2019 دون أدلة عن اختراق ناجح لبرنامج التجسس الإسرائيلي.

وفي هذا الصدد، شددت الأكاديميّة السعودية والعضو المؤسّس في حزب التجمع الوطنيّ المعارض لحكم آل سعود، على أن التطبيع مع الكيان الصهيونيّ عمل لا أخلاقي، ليس فقط بسبب معاناة الشعب الفلسطينيّ، بل لأنها تشكل تهديداً وجودياًّ لجميع مواطني الخليج الذين ينادون بالإصلاح السياسيّ في بلدانهم، وخاصة أنّ السعوديّة تؤكّد يوماً بعد آخر، حجم خيانتها ومدى عمالتها ضد الوطن العربيّ والإسلاميّ، والدليل على ذلك ما كشفته قناة العربيّة التابعة لنظام آل سعود قبل فترة، نقلاً عن وزير الخارجية السعوديّ، فيصل بن فرحان، والذي أعرب بكل وقاحة عن أمله بأن يكون لاتفاقات الخيانة بين العدو الصهيونيّ الغاصب وبعض دول الشرق الأوسط تأثير إيجابيّ، مضيفاً إنّ التوصل لاتفاق بين السعودية وتل أبيب يتوقف على تنفيذ ما أسماها "مبادرة التسوية العربيّة"، حيث اعتبرت تلك التصريحات خيانة واضحة من المملكة لدينها وأخلاقها وقيمها العربيّة والإنسانيّة.

كذلك، بيّنت عضو حزب "التجمع الوطنيّ" الذي يوثق انتهاكات حقوق الإنسان داخل السعودية، أنّها "كمواطنة بريطانيّة من أصول سعوديّة، قضت أكثر من نصف عمرها تكتب وتبحث وتدرس، ولم تكن تتوقع أن تتعرض للاختراق، إلا أنّ مثل هذه النشاطات المهنية تعدّ في مملكة آل سعود جريمة، حيث عقد حكام بلاد الحرمين العزم على التحكم بالسردية حول الماضي والحاضر والمستقبل"، بالتزامن مع إصرار سلطات البلاد على الاستمرار بنهج الاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، وما يرافقها من سلوك قمعيّ بأوامر من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان ضد المواطنين.

وفي ظل التعاونٌ الاستخباراتيّ بين السعودية والكيان الصهيونيّ المجرم، قالت الرشيد: تحقق أخيراً ما كان تنبأ به الصحافيّ البريطانيّ، جورج أوريل، الذي كشف اللثام عن حقيقة النظام الحاكم في السعودية، كنت أعلم أنه عاجلاً أم آجلاً ستحاول سلطات آل سعود اختراق هاتفيّ باستخدام برنامج "بيغاسوس"، الذي تصنعه الشركة الأمنيّة الإسرائيليّة الخاصة التي تسمى مجموعة (إن إس أو)، فيما يظهر الوضع السياسي المتأزم الذي تعيشه السعودية، مدى استماتة ابن سلمان، لتصفية واقتلاع جذور معارضيه، حفاظاً على عرشه المتهالك، والتي أوصلته إلى تقطيع معارضيه وتهديد أرواح عائلاتهم وأطفالهم داخل المملكة، لإجبارهم على الخضوع لسياساته الرعناء والمتهورة.

تعاون استخباراتيّ

تؤكد الوقائع الجديدة أنّ وليّ العهد السعوديّ، يقوم منذ سنوات بتكثيف التعاون مع الكيان الصهيونيّ الغاشم في مجال تقنيات التجسس، والتعاون مع "إسرائيل" في مجال الأمن والتقنيات، لأهداف كثيرة على رأسها إخفاء تورطه في جريمة قتل وتقطيع الصحافي البارز، جمال خاشقجي، لأنّ العائلة المالكة في بلاد الحرمين ترتعب من أدنى انتقاد لها، ولا توفر جهداً في التجسس على حسابات المستخدمين العاديين والبارزين، ومن ينسى فضائح تجسس النظام السعوديّ على موقع التواصل الاجتماعيّ "تويتر"، واختراق حسابات لمعارضين، عندما قامت السلطات السعودية عبر عملاء لها داخل شركة تويتر، بكشف آلاف الحسابات التي تنتقد النظام السعوديّ وأفراداً في عائلة آل سعود، وهو ما دفع العديد من النشطاء إلى رفع دعاوى ضد الانقلابيّ ابن سلمان، ومسؤولين استخباراتيين في المحاكم الأمريكيّة.

إضافة إلى ذلك، شكّلت السعودية والإمارات و"إسرائيل" جبهة من القوى العدوانيّة التي تستهدف إخماد النشاط وإحباط كل سعي من أجل الديمقراطيّة في المنطقة، إذ تقدم تل أبيب المعلومات، بينما يقدم الآخرون الأموال، ولا يشكل تخصيص جهاز الأمن التابع للعدو المجرم، وتنامي الشركات الخاصة التي يؤسسها عملاء سابقون في مؤسسات الدفاع والمخابرات الصهيونيّة، تهديداً فقط للفلسطينيين في الأراضي المحتلة وغزة والضفة الغربية المحتلة، لكنه أيضاً تهديد للمجتمع الخليجيّ، مع مبيعات برنامج التجسس الصهيونيّ للأنظمة الدكتاتوريّة في أرجاء الوطن العربيّ.

من ناحية أخرى، تحظى تل أبيب بإمكانية الوصول إلى الدوائر الاستخباراتيّة الداخلية والدول العميقة في دول الخليج، ما يمكنها من الاحتفاظ بها كرهائن للمستقبل، حيث تدعم الأنظمة المستبدة في شبه الجزيرة العربية، ظناً منها أن ذلك يضمن أمنها للأبد، إلا أن "إسرائيل" مخطئة في ذلك، وإن التطبيع مع عدو العرب والمسلمين الأخطر عمل غير أخلاقيّ، ويرسخ ما يطلق عليه "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" ونظام الفصل العنصريّ (الأبارتيد) لدى العدو، حتى لم يعد بإمكان أي قدر من الدعاية إنقاذها، ولا مفر من أن تتكثف المعارضة الشعبية القوية لتطبيع الأنظمة العربيّة مع القتلة في الأيام القادمة.

جذور القضية

مع تصاعد خيانة الإمارات عبر بالتطبيع مع العدو الصهيونيّ القاتل، بعد أن تحالف حكامها مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كل القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، تلعب أبو ظبي دوراً أساسياً في حكاية المراقبة التي تمارسها الشركات الصهيونيّة الخاصة، وقد افتتن محمد بن سلمان بنظيره الإماراتيّ محمد بن زايد، وغدا خاضعاً لتأثيره القويّ، حيث يجمع بين الاثنين كرههما للديمقراطيّة والتعددية السياسيّة وحرية التعبير وحقوق الإنسان، وكلاهما من أركان محور الشر الذي تشرف عليه التكنولوجيا الصهيونيّة الهدامة، التي تدعي أن غرضها هو مساعدة الحكومات في إلقاء القبض على المجرمين والإرهابيين، إلا أنها وببساطة تستخدم تلك الأنشطة ضد النشطاء السلميين.

وقد حصلت المنظمة الغير حكومية "حكايات محرمة"، والتي يقع مقرها في العاصمة الفرنسيّة باريس، والمتخصصة في الدفاع عن الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان، على أكثر من 50 ألف رقم هاتف تُستهدف عالمياً من قبل برامج تجسس تابعة للعدو لمصلحة زبائن "إن إس أو"، والذين هم في الأساس حكومات، قامت هذه المنظمة بتحذير منصات إعلامية متعددة، وبمساعدة من منظمة العفو الدولية أطلقت مشروع "بيغاسوس".

منهجٌ قمعيّ

بسبب غياب أيّ نية لحكام آل سعود بالسماح لأفضل وألمع المواطنين السعوديين بالتعبير عن آرائهم ذات التوجهات الإصلاحيّة، أو التوجه ببلادهم نحو التسامح والتقدم، تزداد فضائح النظام السعوديّ بحق مواطنيه ويعري ما يوجهه من تهم زائفة لهم، وخاصة أنّ تلك الأحكام لا تفي بضمانات الإجراءات القانونيّة الواجبة، والأسوأ من ذلك هو أنّ أحكام السجن الصادرة بحقهم يتم تأييدها أو حتى زيادتها بشكل ملحوظ بعد الطعن في إدانتها عند الاستئناف، في إجرام ممنهج ينفذه النظام الحاكم بحق شعبه.

وفي ظل غياب القانون الذي يحمي خصوصيّة المواطنين السعوديين، ينتهج مستبدو العائلة الحاكمة في السعودية سياسة "إرهاب الدولة" (أعمال الإرهاب التي تقوم بها الدولة ضد شعبها) بحق مواطنيهم من المفكرين والحقوقيين والنشطاء السياسيين في الداخل والخارج، وبالأخص منذ تولي محمد بن سلمان زمام السلطة في البلاد وقيامه بتطبيق نظامه الأمنيّ الجديد، بدعم من والده الملك سلمان، حيث توسعت سلسلة الاعتقالات لتشمل رجال الدين والدعاة والتجار والنشطاء وحتى الأمراء، وتنبع سياسات محمد بن سلمان الرعناء من مخاوفه بشأن فقدان منصبه كولي للعهد في البلاد وذلك لأنه وصل إلى هذا المنصب بسرعة خارقة بعد أن كان سابقاً أميراً عادياً داخل الأسرة السعودية الحاكمة، ما دفعه لسجن واعتقال الكثيرين.

ولا يخفى على أحد أنّ النظام الملكيّ الجاثم على قلوب السعوديين لن يتيح أيّ مجال لمعارضة سياسيّة في البلاد التي تحولت إلى سجن كبير بالنسبة للمعارضين أو من يُتهمون بذلك، حيث يقوم ابن سلمان باعتقالات تعسفيّة في كل مرة يشعر فيها بأنّ هناك ثورة شعبيّة تتنامى في الشارع السعوديّ ولهذا قام مراراً بجرائم الحبس والاعتقال والقتل للعديد من معارضيه الذين طالبوا بالعديد من الاصلاحات الحقيقة في السعودية، وترى تحليلات سياسيّة أنّ خوف العائلة الحاكمة في بلاد الحرمين من أن تجتمع جميع تلك الاصوات المعارضة تحت مظلة المطالبة برحيل النظام، هو ما يزيد من حملات ولي العهد المسعورة ضد المعارضين المؤثرين.

و يُعتبر المصير الوحيد لمن يُعبر عن آرائه في هذا البلد المستبد هو إقامة دائمة خلف القضبان، لمجرد ممارسة حقه المشروع في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، ما يجعل الكثيرين يخسرون سنوات طويلة من حياتهم لمجرد دعوتهم إلى التغيير والإصلاح في بلد لا تعرف من الحرية حتى اسمها، لأنّ السلطات السعوديّة جعلت هذا الوضع المُستبد أمراً واقعاً، حيث لجأت إلى قوانين وأحكام فضفاضة ومعقدة الصياغة، خاصة في قوانين العقوبات والإجراءات الجنائيّة وجرائم الإنترنت وغيرها من القوانين لاحتجاز الأفراد بشكل تعسفيّ ومحاكمتهم ومعاقبتهم، وساوت بين الأنشطة السياسية السلميّة والتهديدات لأمن الدولة، وفرضت قيوداً شديدة على التجمعات العامة والمظاهرات، وحظرت وحلّت المنظمات غير الحكوميّة المستقلة وحبست مؤسسيها، وجماعات المعارضة السياسيّة.

ولا يخاف حكام آل سعود من شيء أكثر من حرية الرأي والتعبير، لأنّهم يدركون جيداً حجم "المعارضة الدفينة" التي تشكل جمراً تحت الرماد في البلاد وخارجها، وهذا ما يدفعهم للتعامل بإجرام غير مسبوق مع قضيّة التعبير عن الرأي وإظهار أيّ نقد أو معارضة سلمية، وهذا ما كرسه ولي العهد السعوديّ من خلال البطش والقمع الممنهج الذي وصل حد اعتبار أي تعبير عن الرأيّ بمثابة مساس بالنظام العام، وجريمة قصوى تستوجب أشد العقاب الذي يصل إلى التقطيع وإخفاء الجثث.

في الختام، بفضل برامج التجسس الصهيونيّ والتواطؤ الإماراتي والاختراقات السعودية، سوف يتوجب على المنفيين خارج تلك البلدان العميلة والقمعيّة البحث عن أساليب آمنة لتبادل المعلومات والقيام بالتعبئة، وبما أن الكثير منهم لجؤوا إلى الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وعدد آخر من الدول الأوروبيّة، فإن تلك الدول تتحمل مسؤولية حمايتهم من التجسس السعوديّ والإسرائيليّ، وإلا فإن ثمة خطر حقيقيّ من تكرار "مأساة جمال خاشقجي"، وينبغي تنشيط الدبلوماسيّة لوقف محور الشر الجديد من نشر مزيد من التخويف والقمع والاغتيال، وإذا لم ينجح ذلك الأسلوب ينبغي انتهاج أسلوب فرض العقوبات، على الأقل في المملكة المتحدة، حيث يقيم اثنان من مؤسسي حزب المجلس الوطني السعوديّ.
رقم : 945139
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم