1
السبت 15 تشرين الأول 2022 ساعة 04:33

باحث استراتيجي: إيران هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تتبنى فكرة الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية

باحث استراتيجي: إيران هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تتبنى فكرة الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية
وتحدث الاستاذ الجامعي والباحث في القضايا الاستراتيجية الدكتور طلال عتريسي حيث اكد على اهمية موضوع الوحدة الذي يمكن من خلاله ان يجتمع المسلمون على قضايا كثيرة ومهمة ويحدد الأولويات الأساسية بالنسبة للشعوب الإسلامية. 

واشارالى ان النقاشات التي تحصل والتقارب الحقيقي الذي يعيشه ممثلو المذاهب الإسلامية يؤدي حكماً الى أضعاف الصور السلبية النمطية التي تصنعها تارة بعض المؤلفات من الطرفين او وسائل الإعلام، او تروج لها قنوات فضائية مشبوهة تثير الخلاف والنعرات.

وهنا نص المقابلة:
 
١.ما هي أهمية مؤتمر الوحدة الإسلامية في طهران الذی عقد الاربعاء الفائت لاسیما في الظروف الراهنة في المنطقة ؟  

مؤتمر الوحدة الإسلامية الذي يعقد في طهران منذ اكثر من ثلاثة عقود له أهمية دائمة ومنذ تلك السنوات الى اليوم، أولاً : لأن موضوع الوحدة هو موضوع اساسي ومستقبلي بالنسبة للمسلمين وثانيا: بالنسبة للفتنة بين المسلمين هو موضوع أساسي بالنسبة للغرب والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص. وموضوع الوحدة يمكن من خلاله ان يجتمع المسلمون على قضايا كثيرة ومهمة ويحدد الأولويات الأساسية بالنسبة للشعوب الإسلامية. 

وفي هذه الظروف تزداد أهمية هذا المؤتمر خاصة وقد شهدنا في السنوات القليلة الماضية مشروع فتنة كبيرة ودموية وواسعة عملت عليها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال دعم تنظيمات إرهابية تكفيرية لتحويل الصراع في المنطقة إلى صراع بين المسلمين وتغيير الأولوية من مسألة تحرير فلسطين إلى أولوية الاقتتال المذهبية.

ولهذا السبب فإن المؤتمر الذي ينعقد في طهران له أهمية رمزية من جهة وأحياء فكرة الوحدة وله ايضاً أهمية عملية يلتقي فيها قادة وعلماء ومفكرون من كل البلدان الإسلامية، يتباحث هؤلاء حول مختلف الشؤون الثقافية والفكرية والسياسية. هذه هي الاهمية الدائمة والمتواصلة لهذا المؤتمر الذي تعتبره إيران اي تعتبر فكرة الوحدة هي فكرة أساسية بالنسبة إليها وفكرة استراتيجية وليست فكرة ظرفية او دعائية او ما شابه ذلك . 

2- هل استطاعت جهود التقریب أن تصحح التصورات الخاطئة بين المذاهب الإسلامية ؟ 

النقاشات التي تحصل والتقارب الحقيقي الذي يعيشه ممثلو المذاهب الإسلامية يؤدي حكماً الى أضعاف الصور السلبية النمطية التي تصنعها تارة بعض المؤلفات من الطرفين او وسائل الإعلام، او تروج لها قنوات فضائية مشبوهة تثير الخلاف والنعرات، لهذا السبب مجرد انعقاد هذا المؤتمر بشكل دوري يعني هو في كل مرة يحقق جزءاً من اهدافه ويجعل فكرة التقريب فكرة حية ومتواصلة وجهود التقريب هي جهود دائمة لا تنتهي بلقاء. المهم ان التقريب هو صيرورة تحتاج إلى مثل هذه اللقاءات وتحتاج ايضاً إلى تطوير هذه اللقاءات خاصة وان على هامش هذا المؤتمر هناك مؤسسة التقريب التي تنتج الكتب والأبحاث والترجمات والمؤلفات التي تجعل من فكرة التقريب فكرة عملية وواقعية أكثر وبالتالي التقريب مشروع متواصل لا يتوقف لأن الأمة الإسلامية في حركة دائمة. 

3- هل تستطیع الحکومات الإسلامية أن تلعب دوراً في نشر وتعزیز ثقافة التقریب؟

اللقاءات التي كانت تقام منذ سنوات استطاعت ان تصحح الكثير من المفاهيم الخاطئة التي نتجت عن اتجاهات في داخل المذاهب تعتبر ان المذاهب الأخرى هي مذاهب العدو والتكفير، بالاستناد إلى روايات غير صحيحة. اللقاءات المباشرة والنقاشات تتيح المصارحة والاستماع إلى الأفكار التي يحملها كل طرف، وبالتالي هناك فرق بين الحديث في البيئات المغلقة التي غالباً ما تؤدي الى التطرف وإلى شيطنة الأخر بينما الحديث في البيئات المفتوحة يتراجع فيه خطاب التطرف، لأنه مرغم على الاستماع إلى الأخر ومواجهة الأخر ورؤية الأخر كما هو ، وليس كما صنعته بعض الروايات او بعض وسائل الإعلام لذلك فإن جولات التقريب ساهمت بتصحيح هذا المسار .

 الحكومات الإسلامية اذا أرادت تستطيع أن تلعب دورا مهماً واساسياً من خلال المؤسسات والقطاعات التعليمية والتربوية ووسائل الإعلام وانشطتها الثقافية المختلفة وهذا أمر اذا حصل، سيؤدي إلى نتائج كبيرة في التقريب لكن للأسف فلغاية اليوم الحكومات في البلدان الإسلامية لا تبذل الجهود المطلوبة بإستثناء الجمهورية الإسلامية في إيران.

ليس هناك أي دولة بالمستوى الرسمي في العالم الإسلامي تتبنى موضوع الوحدة الاسلامية والتقريب ، ولهذا السبب إيران تبذل هذه الجهود وتحافظ على انعقاد المؤتمر رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها من أجل أحياء فكرة الوحدة لكن لا نلاحظ هناك استجابة على مستوى الحكومات ، وليس هناك من يقول مثلا تعالوا أن ننقل هذا المؤتمر كل سنة إلى دولة من دول العالم الإسلامي وان تتبنى كل دولة هذه الدعوة . فمن هنا هذه الميزة للجمهورية الإسلامية وهذا الحرص منها على فكرة الوحدة الإسلامية والتقريب بين المسلمين.

4 - لماذا تتمرکز جهود التقریب بین النخب والعلماء ولم تنزل إلی الشارع؟

الدور الاساسي يجب ان يلعبه العلماء في هذا المجال لأن الحاجة الى منطق التقريب يستند في الاساس الى القواعد الاسلامية والاحاديث النبوية والروايات والايات الشريفة والنصوص ونحن نعرف ان العلماء اليوم في العالم الاسلامي كما كان الامر سابقاً لهم اهمية رمزية ومكانة فكرية وثقافية في التأثير على الرأي العام . من هنا اهمية ان يقتنع العلماء بموضوع التقريب وان يساهموا في هذا الموضوع، وان يكون لهم الحضور البارز في هذا المجال. النخب من جهتها ايضاً لها تأثير على الرأي العام كالنخب الفكرية والثقافية في الجامعات ومراكز الابحاث والمؤسسات الثقافية والاقتصادية والعلمية وغيرها. وهذا امر طبيعي وضروري ومنطقي ويجب ان يكون هناك في البداية . اما ان ينتقل الى عامة الناس فهذا يحتاج الى ان تكون فكرة التقريب فكرة افقية لا ان تبقى فكرة عامودية . 

الفكرة الافقية بمعنى ان تكون متداولة في المؤسسات والمدارس والانشطة واللقاءات المختلفة يعني جزء من ثقافة وحياة الناس العادية. هكذا تصبح فكرة التقريب فكرة تطال مختلف الناس وتصبح جزءا منهم خصوصاً عندما يكون هناك تقارب وتشارك في المصالح الاقتصادية والامنية والاستراتيجية بين دول العالم الاسلامي فهذا يفرض التقارب ويفرض الوحدة لمصلحة عموم الناس ، يعني نستطيع ان نربط بين الدعوة للتقريب وللوحدة كفكرة اسلامية دينية اصيلة وبين المصالح المشتركة لدول العالم الاسلامي التي تعزز هذه الفكرة وتحميها مثلما تستهدف فكرة التقريب مصالح المسلمين واستقلالهم وتميزهم وحفظ موقعهم في هذا العالم وبين الدول الكبرى.
رقم : 1019273
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم