0
الجمعة 6 أيار 2011 ساعة 19:58

CIA بين الجاسوسية والاباحة الداعرة

CIA بين الجاسوسية والاباحة الداعرة
CIA بين الجاسوسية والاباحة الداعرة
وتعتبر وكالة المخابرات الأمريكية أحد أهم الأجهزة الرئيسية للتجسس ومقاومة التجسس في الولايات المتحدة، وأُنشئت إبَّان الحرب العالمية الثانية بأمرٍ من الرئيس الأمريكي "هاري ترومان" لتحل محل "مكتب الخدمات الإستراتيجية" الذي كان أسسه الرئيس "فرانكلين روزفلت" تحت ضغط الاستخبارات العسكرية ومكتب المباحث الفدرالي.

ويعد رؤساء (CIA) من أهم مؤسسي الجاسوسية الأمريكية، وتتلخص مهامهم في الحصول على المعلومات الخارجية بصفة خاصة وتجميعها وتقسيمها، وكذلك تدبير العمليات السرية التي ترى أنها تحقق أهدافها السياسية، سواء أكانت عسكرية أو مؤامرات سياسية، وتوازي ميزانيتها السنوية ميزانية عدة دول نامية، كما يقدر عدد العاملين فيها بحوالي 250 ألف موظف وجاسوس يقدمون خلاصة أعمالهم بتقرير صباح كل يوم، يطلع عليه الرئيس الأمريكي شخصيًّا.

وينسب إلى وكالة المخابرات المركزية سلسلة طويلة من العمليات السياسية والعسكرية في العديد من دول العالم، وخاصةً في أمريكا الوسطى والجنوبية وغرب إفريقيا والشرق الأوسط والأدنى؛ حيث جرى العديد من الانقلابات العسكرية والتصفيات الفردية والجماعية.

كما تلعب الوكالة دورًا كبيرًا في التنظيمات النقابية والثقافية عن طريق التدخل في نشاطاتها؛ حيث تولت حركة الطلاب في الولايات المتحدة، وتدخلت في حركة الجامعة في ولاية "ميشجن"، وفي البرامج الجامعية للجامعات الأمريكية وفي النقابات، إضافةً إلى تمويلها العديد من دور النشر لنشر الكتب المؤيدة لسياسات الولايات المتحدة، وتستخدم شخصيات ذات اطلاع وكفاءة عالية لتسويق أفكارها ومعتقداتها خدمةً للسياسة الأمريكية.

وتستخدم الوكالة مختلف وسائل التجسس الحديثة، كطائرات التجسس من طراز طائرة U.2 التي استخدمت فوق الأراضي السوفيتية من أجل التصوير والتقاط الرادار، كما تستخدم السفن البحرية مثل "بيوبلو" التي قُبض عليها في كوريا عام 1968م، بالإضافة إلى استخدام العملاء المباشرين سواء كانوا دبلوماسيين أو غير دبلوماسيين بغية الحصول على المعلومات كحصولهم على نسخةٍ من التقرير الذي تقدَّم به خروتشوف إلى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي، والذي ندَّد فيه بجرائم "ستالين"، وكذلك البولندي جوزيف سوتيلو الذي كان يحتل موقعًا متقدمًا في بلده، وغيرهم من الذين ما زالوا يعيشون بحماية المخابرات المركزية؛ نظرًا للخدمات الكبيرة التي قدموها لهذه المؤسسة.

وتمثل (CIA) العمود الفقري لسائر الدوائر الرسمية العليا والقيادات العسكرية الأمريكية الرئيسية، إذ لا يوجد برنامج إلكتروني يتعلَّق بتسيير العمل في هذه الأجهزة، إلا ويوضع تحت إشرافها، وتحمل مسئولية تأمينه من أي اختراق خارجي، وقد اتسع نطاق مهامها عندما أضيف إليها عام 1972م- أي قبل الكشف عن وجودها بعشرة أعوام- ما يُسمَّى جهاز الخدمات الأمنية المركزية (CSS)، فأمكن بذلك جمع سائر جهود البحوث العلمية والجهود الاستخباراتية الإلكترونية بين القطاعين المدني والعسكري، إذْ كان الجهاز المذكور يعمل على مستوى القوات العسكرية الأمريكية ويعتبر نقطة التقاء الخدمات الأمنية للمشاة والبحرية وسلاح الطيران والآليات، بهدف ضمان تكامل عملياتها العسكرية.

وأصبح المدير العام لوكالة أمن الدولة رئيسًا للجهاز التوأم أيضًا، مؤكدًا أنَّ التفوق الأمريكي عالميًّا رهنٌ بالتفوق "المعلوماتي" والقدرة على البحث والتحليل وتوظيف النتائج، وهذا بصورة موازية للحيلولة دون تحقيق مثل ذلك من جانب أعدائهم.

ورد في "الصيغة الإستراتيجية القومية" للولايات المتحدة الأمريكية عام 1999م، أن "القدرات الأمريكية في ميادين التقنيات الذكية هي الوسائل الأساسية لتوفير طاقة قادرة على تنفيذ الأهداف الإستراتيجية"، وأشارت "اللجنة الأمنية المشتركة" إلى دور الوكالة بهذا الصدد على أساس أن أنظمة المعلومات وشبكاتها هي الساحة الرئيسية لمسائل الأمن خلال العقد الحالي من السنوات وربما لفترة طويلة من القرن الميلادي الجديد، من حيث ضمان الأمن الذاتي والتعرّف على الأخطاء المحتملة.

يقول د. سمير محمود قديح، الباحث في الشئون الأمنية والإستراتيجية: إن (CIA) لا يمكن لها أن تنجح في مهامها إلا بواسطة أمرين، تجنيد الجواسيس لاختراق الدول والمؤسسات والجماعات، والتنصت على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر.

وأوضح أن هناك ست خطوات أساسية لعملية التجنيد والاختراق تبدأ باكتشاف الجاسوس، وتحديد الأجانب من غير الأمريكيين وغيرهم من الأشخاص الذين يكونون مستعدين للتجسس لحساب الوكالة؛ حيث يقوم رجل الاستخبارات بالاختلاط مع السكان المحليين في البلد الذي يعمل فيه أملاً في اكتشاف عملاء محتملين وهو يركز جهوده عادةً على المسئولين في الحكومة المحلية وعلى أفراد القوات المسلحة وممثلي دوائر الاستخبارات في البلد المضيف، خاصةً أن معظمهم يعملون بالسفارات الأمريكية؛ لأن الستار الدبلوماسي يوفر لهم الفرصة المناسبة للوصول إلى أهدافهم عن طريق أعداد لا تُحصى من المسئولين، كما أن الاتصالات الاجتماعية التي تتميز بها حياة الدبلوماسي حتى وإن كان دبلوماسيًّا وهميًّا يعمل لوكالة الاستخبارات المركزية تعطيه فرصةً ذهبيةً للوصول إلى الأهداف والبعثة الدبلوماسية وحدها هي التي تعطي الغطاء لموظفي الوكالة للعمل في أي بلد.

ويتلقى رجل الاستخبارات تعلميات تستند إلى دراسات يقوم بها خبراء الوكالة أو أساتذة الجامعات المتعاقدين مع الوكالة، حول نوعية الناس الذين يتأثرون بسرعة بدسائس الجاسوسية وإستراتيجيتها وتتفاوت شخصية الجاسوس المحتمل بين بلد وبلد وبين حالة وحالة, غير أنه تم تحديد أصناف معينه لأنواع العملاء سريعي التأثر الذين تفضلهم الوكالة, وهم المسئولون الأجانب غير الراضيين عن سياسات بلدانهم، واللذين يتطلعون إلى الولايات المتحدة طالبين الإرشاد والتوجيه منها, فضلاً عن أن المال يساعد كثيرًا في الحصول على معلومات وعلى الأخص في دول العالم الثالث.

ولا يبحث رجل المخابرات دومًا عن عملاء محتملين بين أولئك الذين يشغلون مناصب ذات أهمية، ويعتبر الطلاب عادةً أهدافًا قيمة في هذا المجال وعلى الأخص في بلدان العالم الثالث؛ حيث يرتقي خريجو الجامعات إلى مناصب حكومية رفيعة بعد تخرجهم.

وتبدي وكالة الاستخبارات اهتمامًا خاصًّا في البحث عن عملاء داخل القوات المسلحة؛ لأن العسكريين هم العنصر المتحكم في هذه البلدان أو السيطرة عليها، ومن هنا جاء التركيز على استخدام أساتذة الجامعات التي يكثر فيها الطلاب الأجانب، وكذلك على مدارس القوات المسلحة ومعاهد التدريب التي تستقبل الضباط الأجانب في دورات تدريبية.

وبعد اكتشاف الجاسوس المحتمل، تقوم الوكالة بدراسة دقيقة عنه لتقرير ما إذا كان سيصبح في وضع يستطيع معه تقديم معلومات مفيدة أم لا، فإذا عثر على أي معلومات عن العميل المترقب تصل هذه المعلومات إلى ضابط الميدان الذي يواصل في غضون ذلك دراسة احتمال التجنيد، ويقوم بتحريات خفية لرسم الصورة الحقيقية عن هذا العميل، وقد يوضع الجاسوس المرشح تحت المراقبة لمعرفة المزيد عن عاداته وآرائه، ثم تبدأ دراسة أخرى لمعرفة الدوافع وراء قبوله العمل كجاسوس، وهل هي عقائدية أم نفسانية أم مادية، وإذا لم يكن له مثل هذا الدافع فإن الوكالة ستلجأ إلى وسائل أخرى كالتهديد، والضغط وعلى الضابط المسئول عن عملية التجنيد هذه أن يقرر إن كان الجاسوس المترقب حقيقة أم أنه عميل للعدو "عميل مزدوج".

وعند انتهاء فترة تقييم العميل التي قد تمتد لأسابيع أو أشهر، تقرر رئاسة الوكالة بالتشاور مع عناصر الميدان إن كان يجب الاتصال مع العميل المرتقب كي يبدأ العمل، فإذا كان القرار إيجابيًّا فمن الطبيعي أن يتصل رجل من الوكالة من الخارج بالعميل المترقب لترتيب اجتماع بينهما.

ومتى جُند العميل يذهب الضابط المسئول إلى اختبار ولائه ومدى الاعتماد إليه فيعهد إليه في مهمات معينة تعطي له في حالة تنفيذها تكون الدليل على ولائه، وإخلاصه كما تبرهن على قدراته.

عندما تنتهي عملية اختبار العميل يبدأ تدريبه للمهارات الخاصة التي يطلبها عمله كجاسوس، ويختلف نوع التدريب ومكانه وطبيعته باختلاف ظروف العملية، ويكون التدريب السري في بعض الحالات دقيقًا, وقد يفتقر في حالات معينة إلى العتاد اللازم فيترك للعميل حرية العمل معتمدًا على غريزته وموهبته وعلى كفاءة ضابطه وسعة إطلاعه.

وأثناء فترة التدريب يتعلم الجاسوس طرق استعمال الأجهزة والآلات التي قد يحتاج إليها كجهاز تصوير دقيق مصغر لالتقاط صور الوثائق ووسائل الاتصالات السرية والكتابة السرية وغيرهما، وقد يلتقي بعض العملاء تدريبًا خاصًّا في استعمال أجهزة استراق السمع، أو استخدام الحلقة السرية المتسلسلة للاتصالات وتقتضي عملية التدريب عزلة العميل لمدة أيام أو أسابيع بعيدًا عن أهله ومجتمعه.

وبعد التدريب، يمكن تطبيق طريقتين في العمل السري على عمليات التجسس التقليدية، وعلى عمليات العملاء بوجه عام، وهما الاتصالات السرية والاتصالات المباشرة، ويفضل كثير من العملاء نقل معلوماتهم شفويًّا إلى الضابط المسئول لأنهم يرون أن ذلك أكثر أمنًا وسهولةً من تضمين هذه المعلومات أوراقًا رسميةً أو استخدام أجهزة تجسس قد تدينهم بالجريمة إذا اكتشفتهم السلطات المحلية.

وبحسب د. قديح، لا بد لكل عملية سرية من نهاية سواء كانت قصيرة الأمد أو طويلة، فقد يموت العميل لأسباب طبيعية أو نتيجة لحادث، وقد يعتقل ويسجن أو ربما يعدم، وفي مثل هذه الحالة ينصب اهتمام رجال الوكالة على حماية مصالح مؤسستهم، ويكون هذا عادة بإنكار كل زعم بأن ذلك الرجل كان عميلاً سريًّا للحكومة الأمريكية، فتضطر الوكالة نفسها في بعض الأحيان إلى إنهاء العملية بالتخلص من العميل، ويمكن شراء العميل العديم الفائدة وغير المستقر إذا اقتضت الضرورة ثم إسكاته عن طريق التهديد.

كما كشف "غوردون توماس" الكاتب الفرنسي المتخصص في مجال الاستخبارات في كتابه "الكتاب الأسود للمخابرات الأمريكية" غوردون توماس، بعضًا من الجرائم التي ارتكبتها كالاعتداء على حقوق الأشخاص سواء أكانوا أمريكيين أم أجانب أو المتعلقة بالدول والأمم الأجنبية.

وعرض بعض هذه الجرائم كالإطاحة برئيس "جواتيمالا" واغتيال لومومبا في عام 1954، وتسببت في إعادة استعمار الكونغو الديمقراطية وتحويل اسمها إلى زائير عام 1971، وتجعلها قاعدة للوكالة، كما شاركت وساعدت في اغتيال كاسترو عام 1963.

وعلاقات وكالة الاستخبارات الأمريكية مع المخدرات لها تاريخ طويل، أثناء حربي أفغانستان وفيتنام، فقد لا تمارسها بنفسها، ولكنها في بعض الأحيان من تاريخها تركت حلفاءها الظرفيين يقومون بالأمر، من دون أن تطرح سؤالاً من هو من سيستهلك هذه المواد في نهاية المطاف.

كما كان لوكالة الاستخبارات الأمريكية نشاط في الدول الصديقة، كما حدث في فرنسا حين توجه وزير الداخلية الفرنسي شارل باسكوا إلى مقر السفارة الأمريكية ليلتقي السفيرة الأمريكية باميلا هاريمان ويسلمها ملفًّا ضخمًا عن الأنشطة السرية للمخابرات الأمريكية في فرنسا.

وجاء في التقرير الذي سلمه الوزير الفرنسي للسفيرة الأمريكية: "كان اهتمام العملاء الأمريكيين يرتكز في فرنسا على التوجهات الاقتصادية والتجارية الفرنسية الكبرى، وخصوصًا في الميدان السمعي البصري ووسائل الاتصالات، وأن الطرق المستخدمة من قبل عملاء وكالة الاستخبارات الأمريكية تتراوح ما بين التأثير المفتوح التعامل السريّ للأعضاء".

/ إنتهى التقرير /
المراسل : خالد كروم
رقم : 70217
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم