0
السبت 12 أيار 2018 ساعة 15:33

كيف كان موقف النبي (ص) من صلاة التراويح؟

كيف كان موقف النبي (ص) من صلاة التراويح؟

هناك قرائنُ عديدةٌ تشيرُ إلى أنَّ رسولَ الله (ص)لم يؤدِ نافلةَ شهرِ رمضانَ المسماة بـ ( التراويح ) جماعةً ، بل إنَّه نهى عن الإتيان بها على هذه الكيفية ، وعدَّها ( بدعةً ) محدَثةً ، ومن هذه القرائن ما يلي :

أ ـ النبي (ص) يحث على إخفاءِ النوافلِ في البيوت
إنَّ من الأُمور التي تؤيِّد منافاةَ صلاة ( التراويح ) لمبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها ،وأنَّ رسولَ اللّه( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ )لم يسنَّها ، هو الطائفةُ الكبيرةُ من الأحاديث النبوية التي دلَّت على حثِّ المسلمين على صلاة النوافل عموماً في البيوت؛ لأنَّ هذا الأمرَ أقربُ للإخلاص ، وأدعى للقبول. بل قد وردَ النهي من قبل رسول اللّه ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسلَّمَ )عن صلاة النوافل جماعةً،لمّا رأى بعضَ الأصحاب يصلّون خلفه خِلسةً، ووجَّههم إلى إخفاءِ النوافل، وعدمِ تشريع الجماعةِ فيها ، كما سيأتي بيانُه.

وقد وردَت رواياتٌ كثيرةٌ في كتب مدرسةِ الصحابة تدلُّ على استحباب إخفاءِ النوافل،والإتيانِ بها في البيوت ، وأفتى بهذا الأمر علماءُ هذه المدرسة في مصنفاتهم، فقد وردَ في(صحيح مسلم) أنَّ النبي(ص)قالَ : "إذا قَضى أحدُكم الصلاةَ في مسجدِهِ ، فليَجعلْ لبيتِهِ نصيباً من صَلاتِهِ ، فإنَّ اللهَ جاعلٌ من صَلاتِهِ في بيتِهِ خَيراً ."(صحيح مسلم ، ج : ٢ / ١٨٧ ، باب : استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد).

والذي يتضحُ من ظاهر الحديث أنَّ المقصودَ بالصلاة التي ندبَ رسولُ اللهِ (ص)المسلمينَ إلى إخفائها في البيوت هي ( النوافل ) ، باعتبار أنَّ التي يقضونها في المسجد هي الصلاةُ المكتوبة.

وفي سُنن ( أبي داود ) عنه (ص):" عَليكُم بالصلاةِ في بيوتِكُم، فإنَّ خيرَ صلاةِ المرءِ في بيتِهِ إلاّ المكتوبة)) أبو سنن أبي داود،ج ٢ / ٦٩ ، ح : ١٤٤٧).

ووردَ في ( الترغيب والترهيب ) عن ( عبد اللّه بن مسعود ) أنَّه قال:" سألتُ رسولَ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ :ـ أيُّما أفضلُ : الصلاةُ في بيتي ، أو الصلاةُ في المسجد؟ قالَ :ـ ألا تَرى إلى بيتي ما أقربَهُ منَ المسجدِ، فَلأنْ أُصلّي في بيتي أحبُّ إليَّ من أنْ اُصلّيَ في المسجد، إلا أنْ تكونَ صلاةً مكتوبةً ."

ثمَّ قالَ : "رواه أحمدُ وابنُ ماجة وابنُ خزيمة في صحيحه ."( المنذري، الترغيب والترهيب،ج 1 / ٣٧٩،ح : ٤)

جاءَ فيه أيضاً : " وعن أبي موسى رضيَ اللّهُ عنهُ قالَ : خرجَ نفرٌ من أهلِ العراقِ إلى عمر، فلَّما قَدِموا عليهِ يسألونَ عن صلاةِ الرجلِ في بيتِهِ، فقالَ عمرُ : سألتُ رسولَ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ، فقالَ : أمّا صلاةُ الرجلِ في بيتِهِ فنورٌ ، فنوِّروا بيوتَكُم ".

ثمَّ قالَ :"رواه ابنُ خزيمةُ في صحيحه ."( ."( المنذري، الترغيب والترهيب،ج 1 / ٣٧٩،ح :5).

وجاءَ في مسند  أحمد بن حنبل :" صلّى رسولُ اللّهِ صلاةَ المغربِ في مسجدِ بني الأشهل ، فلمّـا صلّى قامَ ناس يتنفّلونَ ، فقالَ النبيُّ : عليكم بهذه الصلاة في البيوت ."(ابن حنبل، أحمد،مسند أحمد بن حنبل،ج٥ / ٤٢٧).

من هنا رأى بعضُ علماءِ مدرسة الصحابة أفضليةَ قيامِ المرءِ في رمضانَ بيته على صلاةِ ( التراويح ) المدَّعاة ، فقد قالَ مالكُ وأبو يوسفَ وبعضُ الشافعية :
" إنَّ فعلَها ( الصلاةَ ليلاً في رمضانَ ) فرادى في البيت أفضلُ، لحديثِ : خيرُ صلاةِ المرءِ في بيتِهِ إلاّ الصلاةَ المكتوبة ."( صحيح مسلم بشرح النووي ، ج ٦ / ٣٩ ـ ٤٠ ، وفتح الباري للعسقلاني ، ج٤ / ٢٥٢).

 (وقالَ ( ابنُ قدامة ) في ( المغني ) :

" والتطوعُ في البيتِ أفضلُ لقولِ رسولِ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ : عَليكُم بالصلاةِ في بيوتِكُم فانَّ خيرَ صلاةِ المرءِ في بيتِهِ إلا المكتوبة، رواه مسلم، وعن زيد بن ثابت أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ : صلاةُ المرءِ في بيتِهِ أفضلُ من صلاتِهِ في مسجدي هذا إلاّ المكتوبة ، رواه أبو داود ."( ابن قدامة،موفق الدين، المغني،ج١/ ٧٧٥).

ومن هنا أفتى(الشافعي)باستحباب الانفرادِ بنافلةِ شهر رمضانَ،فقالَ" : صلاةُ المنفردِ أحبُّ إليَّ منهُ".

وشنَّعَ( ابنُ داود )على(الشافعي) في هذه المسألة فقالَ : خالفَ فيها السُنَّةَ والإجماعَ ."( الطوسي،أبو جعفر، الخلاف،ج١ / ٥٢٧ ، مسألة : ٢٦٧).

وعن ( الفائق في غريب الحديث)للـ (الزمخشري) :"في حديثِ أنسٍ رضيَ اللهُ تعالى عنه:أنَّه سُئلَ عن التعقيبِ في رمضانَ، فأمرَهم أنْ يصلّوا في البيوت."( الزمخشري،جار الله، الفايق في غريب الحديث،ج٢ / ٣٨٧).

ورُويَ في( شرح نهج البلاغة )عن النبي (ص)أنَّه قالَ:" فَضلُ صلاةِ المتطوِّعِ في بيتِهِ على صلاةِ المتطوعِ في المسجدِ كفضلِ صلاةِ المكتوبةِ في المسجدِ على صلاتِهِ في البيت."(المعتزلي،ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة للإمام علي عليه‌السلام ،ج١٢ /٢٨٤) .

وفسَّرَ ( المحب الطبري ) هذا الحديثَ بالقول :"فيه دلالةٌ ظاهرة على أنَّ النافلةَ في البيت تُضاعَف تضعيفاً يزيدُ على الألف؛ لأنَّ المصطفى صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ فضَّلها على الصلاةِ في مسجده،والصلاةُ فيه بألفِ صلاة ."( المناوي،محمد عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير ،تحقيق : أحمد عبد السلام ، ج ٤ / ٢٩٦).
ولا يخفى على من أدركَ سرَّ العبادات المسنونة في الإسلام ، ودورَها في تهذيب النفس الإنسانية ، ما يهدفُ إليه إخفاءُ النوافل عن الأنظار ، والانفرادُ بها مع خالقه، فهوَ من أبرز مظاهرِ الإخلاصِ بينَ العبد وربه.

يقولُ السيد ( شرف الدين العاملي ):
"إنَّ فائدة إقامتها في البيت فرادى هي أنَّ المصلّي حينَ يؤديها ينفردُ بربِّه عزَّ وعلا ، يشكو إليه بثَّه وحزنه ، ويناجيه بمهماته مهمةً مهمة؛حتى يأتي على آخرها ملحّاً عليه، متوسّلاً بسعة رحمته إليه، راجياً لاجئاً، راهباً راغباً ، منيباً تائباً ، معترفاً لائذاً عائذاً ، لا يجد ملجأً من اللّه تعالى إلا إليه ، ولا منجي منه إلا به؛ لهذا ترك اللّهُ السننَ حرةً من قيد الجماعة، ليتزوّدوا فيها من الانَّفرادِ باللّه ما أقبلت قلوبُهم عليه، ونشطت أعضاؤُهم له، يستقلُّ منهم مَن يستقل، ويستكثرُ مَن يستكثر ، فإنَّها خيرُ موضوع، كما جاءَ في الأثر عن سيّد البشر، أمّا ربطُها بالجماعة فيَحدُّ من هذا النفع، ويقلِّلُ من جدواه.

أضف إلى هذا أنَّ إعفاءَ النافلة من الجماعة يمسكُ على البيوت حظَّها من البركة والشرف بالصلاة فيها، ويمسكُ عليها حظَّها من تربية الناشئة على حبِّها والنشاط لها، ذلك لمكانِ القدوة في عمل الآباء والأُمهات والأجداد والجدّات، وتأثيره في شد الأبناء إليها شدّاً يرسّخها في عقولهم وقلوبهم ."(الموسوي،شرف الدين، مجلة رسالة الإسلام/العدد الثاني).

ولا يمكنُ الإدّعاءُ بأنَّ هذهِ الروايات التي دلَّت على استحباب أداءِ النوافل في البيوت مطلقةٌ ، فتُقيَّدُ بما دلَّ على استحباب صلاة ( التراويح ) المدَّعاة؛ لأنَّه لا يوجدُ أيُّ سندٍ شرعي، ودليلٍ صحيحٍ على كون النبي الخاتَم (ص)قد صلّى هذهِ النافلةَ في حياته الشريفة، أو سنَّها للمسلمين من بعده، غيرَ ما يُدعى بهذا الشأنَّ من النَّزر القليل المفتَعل من الأحاديث التي يتشبثُ بها البعضُ، إذ الغريقُ يتشبثُ بكل حشيش!! بل سيأتي أنَّ النبي (ص)قد نهى أصحابَه عن هذه الصلاة من خلال جملةٍ من المواقفِ والأحاديث.

ب ـ النبي (ص) يصلي نوافلَ شهرِ رمضانَ منفرداً

جاءَ في ( الفقه الإسلامي وأدلته) للدكتور ( الزحيلي ) عن ( ابن عباس) أنَّه قالَ متحدثاً عن صلاة رسول اللّه (ص)في شهر رمضانَ وفي غيره من الشهور :"كانَ يصلي في شهر رمضانَ، في غير جماعة، عشرينَ ركعةً والوتر ."(د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته،ج٢/٤٤).

فقيدُ ( في غيرِ جماعةٍ ) في هذا النَّص مؤشرٌ على أنَّ النبيَّ الخاتَم (ص)لم يشرِّع صلاةَ ( التراويح ) ، ولم يأتِ بها.

وتتحدثُ ( عائشة ) عن صلاة رسولِ اللّهِ (ص)في شهر رمضانَ، فلا نرى في حديثها أيَّةَ إشارةٍ الى( التراويح ) من قريب أو من بعيد ، بل على العكسِ من ذلكَ نجدُ أنَّ حديثَها يدلُّ على أنَّه (ص)كانَ يصلّي نافلةَ شهر رمضان وغيره من الشهور من غير جماعةٍ.

ولو كانَ النبي الخاتَم (ص)قد صلّى هذهِ النافلةَ في المسجد، أو في أيِّ مكانٍ آخر ، لما كانَ يخفى علينا خبرُ هذهِ الصلاة ، ولوردَ نقلُه في كتب الحديث في غاية الوضوح، ولكنَّ رسولَ اللّهِ (ص)لم يشرِّع هذهِ الصلاة ، بل جاءَ العكسُ على ذلك، فقد روى ( البخاري ) عن ( عائشة ) في صحيحه قائلاً :
" حدثنا إسماعيل، قالَ : حدّثني مالك عن سعيد المغبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنَّه سألَ عائشةَ رضيَ اللّهُ عنها :ـ كيفَ كانت صلاةُ رسولِ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ في رمضانَ؟فقالَت :ما كانَّ يزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ على إحدى عشرةَ ركعةً ، يُصلّي أربعاً ، فلا تسأل عن حُسنهِنَّ وطولهِنَّ، ثمَّ يُصلّي أربعاً ، فلا تسأل عن حُسنهِنَّ وطولهِنَّ ، ثمَّ يُصلّي ثلاثاً ، فقلتُ : يا رسولَ اللّهِ أتنامُ قبلَ أنَّ توتر؟ قالَ : يا عائشةُ! إنَّ عينيَّ تنامانِ ولا ينامُ قَلبي ."(البخاري، صحيح البخاري،ج٢ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣).

 
ج ـ النبي (ص) يغضب لالتحاقِ البعضِ به في النافلة خلسةً

وردَ في ( صحيح مسلم ) عن ( زيد بن ثابت ) أنَّه قالَ :
"احتَجرَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ حجيرةً بخصفةٍ أو حصيرٍ(أي أنَّ النبي(ص)قد اتخذ لنفسه حجرةً في المسجد، وقد حوَّطها بحصير ،ليتسنى له الفراغ للعبادة، والانفراد بربِّه ( جَلَّ وَعَلا )،فخرجَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ فيها ، فتتبعَ إليهِ رجالٌ ، وجاؤوا يصلّونَ بصلاتِهِ ، قالَ : ثمَّ جاؤوا ليلةً فحضَروا ، وأبطأَ رسولُ اللّهِ صلّى اللّهُ عليهِ وسلَّمَ عنهم، فلم يخرج إليهم، فرفَعوا أصواتَهم،وحَصبوا الباب(أي إنَّ الصحابة لما رأوا رسول الله(ص)قد أبطأ بالخروج إليهم رفعوا أصواتهم مطالبين بخروجه، ورموا بابه بالحصى!!)فخرجَ إليهم رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ مُغضِباً فقالَ :
ما زالَ بكم صنيعُكم حتى ظننتُ أنَّه سيُكتبُ عليكم، فعَليكم بالصلاةِ في بيوتِكم، فإنَّ خيرَ صلاةِ المرءِ في بيتهِ إلاّ الصلاة المكتوبة ."(صحيح مسلم،ج٢/ ١٨٨، باب: استحباب الصلاة في بيته وجوازها في المسجد.

 فمن هذا الحديث نفهمُ مجموعةً من المداليل التي تأتي في سياقِ عدمِ مشروعيةِ أداءِ نوافلِ شهر رمضانَ جماعةً ، وهذهِ المداليلُ هي :

١ ـ إنَّ النبي (ص)قد اتخذَ إجراءاً احترازياً في أداء نوافل شهر رمضانَ منفرداً، من خلال اتخاذه زاويةً من زوايا المسجد، وتحويطها ، وإبعادِها عن الأنظار.

٢ ـ إنَّ المصلين الذين التحقوا بالنبي (ص)كانوا قد تسلَّلوا إليه في أثناء أدائه للصلاة ، وتتبعوا أثرَه فيها ، من دون علمٍ منه ، فهو (ص)لم ينوِ إمامتَهم في الصلاة ، ولا جمَعهم عليها ، وإنَّما كانَ ذلك فضولاً وتطفُّلاً منهم في ذلك ، أي إنَّ الصلاةَ كانت بمبادرةٍ من طرف واحدٍ فقط ، وهم هؤلاءِ الثلةُ المتطفلون وحسب.

ويؤيدُ ذلك ما ذكره ( الحميدي) في(الجمع بين الصحيحين) في مسند( أنس بن مالك) من( المتفق عليه ) حيثُ يقولُ : " كانَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ يُصلّي في شهرِ رمضانَ، فجئتُ فقمتُ إلى جنبه، وجاءَ رجلٌ آخرُ فقامَ أيضاً، حتى كنّا رهطاً ، فلما أحسَّ النبيُّ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ أنَّا خلفَه جعلَ يتجوَّزُ في الصلاة، ثمَّ دخلَ رحلَه فصلّى صلاةً لا يصليها عندنا ، فقلنا لهُ حينَ أصبحنا :ـ أفطنتَ لنا الليلةَ؟ فقالَ :
ـ نعم ، ذلكَ الذي حمَلني على الذي صنعتُ) ابن طاووس الحسني،رضي الدين علي بن موسى، الطرائف في معرفة المذاهب والطوائف/٤٥٦ و ٤٥٧، والحديث في المسند برقم: ١٠٩ ،ورواه مسلم في صحيحه،ج٢ / ٧٧٥).

ففي هذه الرواية دلالةٌ صريحةٌ على عملية التسلُّلِ في الخفاء، التي كانَ يقومُ بها بعضُ الصحابة في ليالي شهر رمضانَ لقطعِ خلوةِ رسولِ اللهِ (ص)مع الله ( جَلَّ وَعَلا ) ، ومن أجلِ الاقتداء القسري بهِ (ص)على أحسنِ التقادير ، أو الصلاة إلى جانبه كما هو ظاهرِ الحديث ، وأنَّه (ص)بمجرد أنْ فطنَ إلى وجودهم خلفه دخلَ رحلَه الخاصَّ به ، ولم يعاود الخروجَ إليهم!!

فماذا يريد المرء أكثرَ دلالةً وبياناً من هذا الفعل الصريح على عدم مشروعيةِ الاقتداءِ في نافلة شهر رمضانَ؟!! بل فهمَ البعضُ أنَّ الإتمام لم يتمَّ أصلاً ، وإنَّما المقصود من قولِ الحديث : ( وجاؤوا يصلّونَ بصلاتِهِ ) أنَّهم يصلّون( مع صلاته)، فهم يصلّونَ فرادى لا جماعةً.

٣ ـ إنَّ ذلك الإئتمام التطفُّلي ـ على فرضِ حدوثه ـ لم يحصل على ضوء هذه الرواية إلاّ ليلةً واحدةً فقط ، ومن بعدها عالجَ النبيُّ (ص)الموقفَ في الليلة الثانية من دون فصل ، لخطورةِ الأمرِ وفداحته.

وهناك رواياتٌ أخرى قريبةٌ من هذا المضمون أيضاً ، وانْ كانت تختلفُ في عدد الليالي ، وتواليها ، ومواضعِها من شهر رمضانَ، مما يدعو لعدم الوثوق إلاّ بالقدر المتيقَنِ منها على أحسن التقادير ، وهو حسب رأينا عدمُ تجاوزِ الليالي لأصابع اليدِ الواحدة؛ لأنَّها معضَدةٌ برواياتٍ مشابهة وردَت بطرقٍ معتبرة عن أهل البيت عليهم‌السلام ، ولأنَّ أكابرَ علماءِ ( مدرسة الصحابة ) يعتبرونها الشاهدَ الأساسيَّ في المقام.

ومن هذه الروايات ما وردَ في (صحيح البخاري) عن( عائشة) عن رسولِ اللهِ (ص)أنَّه :
"خرجَ ليلةً في جوفِ الليلِ فصلّى في المسجد، وصلّى رجالٌ بصلاتِهِ، فأصبحَ الناسُ فتحدّثوا ، فاجتمعَ أكثرَ منهم ، فصلّى وصلّوا معه، فأصبحَ الناسٌ فتحدّثوا، فكثُرَ أهلُ المسجدِ من الليلةِ الثالثة، فخرجَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ، فصلّى وصلّوا بصلاتِهِ، فلمّا كانت الليلةُ الرابعةُ عجزَ المسجدُ عن أهلِه ، حتّى خرجَ لصلاةِ الصبح، فلمّا قضى الفجرُ أقبلَ على الناسِ فتشهدَ، ثمَّ قالَ : أمّا بعدُ ، فإنَّه لم يخفَ عليَّ مكانُكم ، ولكنّي خشيتُ     أنْ تُفرضَ عليكم فتَعجزوا عنها. فتُوفّيَ رسولُ اللّهِ والأمرُ على ذلك.( البخاري،صحيح البخاري، ج٣ / ٤٥، باب : فضل من قام رمضانَ)
وسواءٌ أكانت ليلةً واحدةً كما في الرواية محل البحث أم أكثر من ذلك بيسير ، فإنَّ النتيجةَ هي أنَّ النبي الخاتَم (ص)قد بادرَ إلى معالجة الموقف، ونهى الناسَ عن أداء النافلة جماعةً بأي نحوٍ من التعليل كان.

وإنْ كانَ لنا تحفُّظٌ على أصل التعليل الوارد في مجموع هذه الروايات، حيثُ إنَّ هذه الروايات قد أناطت رفعَ التكليف عن أداءِ النافلة جماعةً بمخافة النبي (ص)من أنْ تُفرض على الأُمة، وهذا الأمرُ يتنافى مع فهمنا لواقع التشريع الإلهي المرتبط بالمصالح والمفاسد العامة للبشرية في مختلف الأمكنة والأزمنة، والذي لا علاقةَ له بميول ثلةٍ من المصلين ، دفعتهم الرغبةُ الآنيةُ للائتمام بالنوافل في ليالي شهر رمضانَ ، إذ لا يُعقل أنَّه كلما تتولد رغبةٌ عند مجموعةٍ من الناس في أداء عبادةٍ معيّنةٍ فأنَّ ذلك يستدعي قربَ فرضِها عليهم ، ولماذا لا ينهى النبيُّ (ص)أصحابه عن الإتيان ببقية النوافل الراتبةِ خشيةَ أنَّ تُفرض عليهم ، فتصير واجبةً بمجرّد مواظبتهم عليها ، لو كانَّ هناك صدقيةٌ حقيقيةٌ لهذه الصلاة بالكيفية المذكورة ، إذ انَّ ملاكَ الخشيةِ من الافتراض جارٍ في كلتا الحالتين، فمجردُ الخشية من الافتراض لا يمكنُ له أنْ يكونَ مبرراً لعدول النبي الخاتَم(ص)عن تشريعِ أمرٍ إلهي مستحبٍ ، ومرغوبٍ فيه.

4.هذا من جانبٍ ، ومن جانبٍ آخر ، فإنَّ الصلواتِ المفروضةَ على المسلمين قد تمَّ الفراغُ منها ، وحُددت عن طريق القرآنِ الكريم، والأحاديثِ الشريفة ، ومن أبرزِها حديثُ الإسراءِ المشهور، فعن ( أنس بن مالك ) قالَ :" فُرضت على النبي صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ ليلةَ أُسريَ بهِ الصلواتُ خمسين ، ثمَّ نقصت حتّى جُعلت خمساً ، ثمَّ نُوديَ :" يا محمد! إنَّه لا يُبدَّلُ القولُ لديَّ ، وإنَّ لك بهذهِ الخمس خمسين ."( الترمذي، سنن الترمذي،ج١ / ٤١٧.

وعلى فرضِ صحة ما وردَ في هذه الأحاديث من خشيةِ الافتراض ، فلعلَّ المرادَ بها هو : النهي عن التكلُّف فيما لم يَرد فيه أمرٌ ، والتحذيرُ من ارتكابِ البِدعةِ في الدين.( الطبسي، نجم الدين،صلاة التراويح بين السُنَّة والبدعة،/ ١٥).

فالنبي الخاتَم (ص)كانَ يبالغُ في ردع هؤلاءِ المصلين، ويحذرُهم من التمادي في طلبِ الأُمورِ غير المشروعة، والوقوعِ في البِدع ، من خلال هذا اللون من الخطاب.

5.ثم بعد أنْ علمَ رسولُ اللهِ (ص)أنَّ هذه الثلةَ جاءَت مرةً أخرى لأداءِ النوافل جماعةً أبطأَ في الخروج إليهم ،لكي يكونَ في ذلك دليلاً لهم على عدم رغبتِهِ في استمرارهم في هذا الأمر غيرِ المشروع، فـ ( الإبطاءُ ) في الخروج قرينةٌ قويةٌ على عدم مشروعيةِ( التراويح ) أيضاً.

وإذا لاحظنا ( القرآن المجيد ) نجدُ أنه يتنافى مع أمر ( الإبطاء ) هذا فيما لو كان العمل راجحاً، وذلك من جانبين :
فمن الجانب الأول : نرى أنَّ اللهَ( جَلَّ وَعَلا ) يأمر عباده الصالحينَ بالمسارعة في طلب الآخرة والجنة ، ومن ذلكَ قوله جَلَّ وَعَلا{ وَسارِعُوا إلى مَغفرَةٍ من ربِّكُم وَجنَّةٍ عَرضُها السَّمواتُ والأرضُ أُعدَت للمتَّقينَ} (آل عمران/133).

وقولُه جلّ وَعَلا {سابِقُوا إلى مَغفرةٍ من ربِّكُم وجَنَّةٍ عَرضُها كَعَرضِ السماءِ والأرضِ أُعدت للذينَ آمنوا باللهِ ورُسُلِهِ ذلكَ فضلُ اللهِ يؤتيهِ مَن يَشاءُ واللهُ ذو الفضلِ العَظيمِ}(الحديد/ ٢١).

ووردَ وصف الله (جَلَّ وَعَلا ) لهؤلاءِ المؤمنينَ بالقول :{أولئكَ يُسارِعُونَ في الخَيراتِ وَهم لَها سابقونَ }(المؤمنون /61) فلو كانَ أمرُ ( التراويح ) مشروعاً ومندوباً ، فكيفَ يُعقل أن يتباطأ عنه رسولُ اللهِ (ص)مع هذه الدعوة القرآنية الصريحة للـ ( مسارعةِ ) والـ ( مسابقةِ ) في الخيرات التي وجهها الله ( جَلَّ وَعَلا ) لعباده المؤمنينَ ، وهو (ص)على رأس المؤمنينَ؟

ومن الجانب الثاني : نرى أنَّ هذا الإبطاء يتنافى مع الوصف الملازم للأنبياء ، ويدلُّ على أنَّ ( التراويح ) ليست بـ ( خير )، إذ لو كانت ( خيراً ) ؛ لما أبطأَ عنها وهو سيد المرسلين وخاتَم النبيين.

قال( جَلَّ وَعَلا)في وصف أنبيائه :{إنَّهم يُسارِعُونَ في الخَيراتِ وَيدعوننا رَغَباً وَرَهَباً وَكانوا لَنا خاشِعينَ}(الأنبياء/90).

ثم  إنَّ رفعَ هؤلاءِ الثلة أصواتَهم أمامَ بيت النبي (ص)، ومن ثمَّ رشقهم بابَ بيته بالحصى، لهوَ من الأدلة على المستوى الخُلقي والديني المتدنّي الذي كانَ يتصفُ به هؤلاءِ المحتجُّون ، وإنَّ هذا السلوكَ المشين تجاه أطهرِ إنسانٍ أنجبته البشريةُ لهوَ من أقوى الأدلة على أنَّ هؤلاءِ القوم إنَّما أصرّوا على تنفيذ رغباتهم الذاتية ، بقطع النظر عن رضا حاملِ لواءِ الشريعة، ولا شكَ أنَّ هؤلاء هم أكثرُ الناسِ ابتهاجاً بصلاة( التراويح ) التي ابتُدعت فيما بعد في زمن خلافة( عمر بن الخطاب ) ، لأنَّها جاءَت ملبّيةً لرغبتهم الساذجة ، وأهوائهم المضلة، التي دفعتهم إلى انتهاك حرمةِ الساحةِ المقدّسة لمن أرسلَه اللهُ رحمةً للعالمين ، ولا شكَ أنَّ هؤلاءِ كانوا يشكلونَ النواةَ الأُولى لإقامة صلاة ( التراويح )، وهم الذين روَّجوا لها ، وهلَّلوا ، وكبَّروا لاستقبالها؛ لأنَّها أيقظت ما توارى من إصرارهم المبطَّن ، وإلحاحهم الدفين.

جاءَ في كتابِ الله المجيد بصددِ تبجيل رسولِ اللهِ (ص)، وتوقيره ، وتجليله :
{ فَالَّذينَ آمَنُوا بِهِ وَعزَّرُوه وَنَصَرُوهُ واتَّبَعوا النُّورَ الَّذي أُنزِلَ مَعَه أُولئِكَ هُمُ المُفلحُون}(الأعراف/157).

قد ذكرَ المفسرونَ أنَّ المرادَ من ( التعزير ) الوارد في هذه الآية ليس مطلقَ النصرة ، إذ انَّه أُفرد عن قوله : ( نصروه ) ، ولو كانَ بمعنى مطلق النصرة لما كانَ هناكَ داعٍ للتكرار ، فالمراد من ( التعزير ) هو التبجيلُ ، والتوقيرُ ، والتعظيمُ ، أو النصرةُ مَعَ التعظيم ."( قالَ الطباطبائي في تفسير الميزان،ج ٨ /٢٩٦: التعزير : النصرة مَعَ التعظيم ). كما ذكرَ ( القرآنُ المجيد ) الأدبَ الخاص الذي ينبغي أنْ يتعاملَ به المسلمونَ مَعَ رسولِ الإنسانية (ص)، والمكانةَ التي يتحتمُ عليهم حفظُها له ،ورعايتُها بشأنِه ، فقد وردَ النهي عن أنْ يرفعوا أصواتَهم فوق صوته ، أو يجهروا له بالقول؛ لأنَّ ذلك سيكونُ مدعاةً الى أنْ تحبَطَ أعمالُهم ، بخلافِ أولئك الذين يُظهرون أمامَه الأدبَ الرفيع ، ويغضّونَ أصواتَهم عنده،كما يقولُ اللّهُ(جَلَّ وَعَلا:

{يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرفَعُوا أَصواتَكُم فَوقَ صَوتِ النَّبي وَلا تَجهَرُوا لَهُ بالقَولِ كَجَهرِ بَعضِكُم لِبَعضٍ أنْ تَحبَط أَعمالُكُم وَأنتُم لا تَشعُرُونَ * إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصواتَهُم عِندَ رَسُولِ اللّهِ أُولئكَ الَّذِينَ امتَحَنَ اللّهُ قُلوبَهُم لِلتَّقوى لَهُم مَّغفِرةٌ وأَجرٌ عَظيمٌ}(الحجرات/2و3).

كما وردَ النهي في( القرآنِ المجيد ) عن أنْ يُدعى النبيُّ الخاتَم (ص)باسمه كما يُدعى سائرُ الناس ، وذلكَ في قوله ( جَلَّ وَعَلا: { لا تَجعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَينَكُم كَدُعاءِ بَعضِكُم بَعضاً }.(النور/63).

فأينَ هؤلاءِ المحتجّونَ على عدم خروج النبي (ص)لأداء النوافل جماعةً من كلِّ هذا؟!
وماذا يقولُونَ للهِ ( جَلَّ وَعَلا ) بعد أنْ رشقوا بابَ النبي الخاتَمَ (ص)بالحصى ، وتعالت أصواتُهم بالاعتراضِ والاحتجاج؟؟!

٦ ـ ومن القرائن المهمة في هذا المقام هو الهيئةُ التي خرجَ عليها رسولُ اللهِ (ص)، فقد خرج مُغضباً ، ومن دون شكٍ أنَّه (ص)لا يغضبُ لأمور الدنيا ، ولا للتجاوز على حرمته الشخصية ، وإنَّما يغضبُ لأنَّه يرى دينَ اللهِ مهدَّداً من داخل الكيانِ الإسلامي ، ويغضبُ لأنَّ القومَ كانوا يريدون أنْ يبدِّلوا شريعةَ السماء حسبَ أهوائهم ورغباتهم ، ويغضبُ لأنَّه يريدُ أنْ يقولَ للأجيال القادمة : أنْ لا تتلاعبوا بالتشريع ، ولا تجتهدوا في مقابل النص ، ولا يأتينَّ عليكم يومٌ تبدِّلونَ فيه سُنَّتي ، وتُغيِّرون شريعةَ ربِّكم وربي ، فتبتدعوا قيامَ نوافل الليل جماعةً ، وتورِّثوا ذلك للأجيال من بعدكم ، فتختلطَ الأمورُ ، ويلتبسَ الموقفُ ، ويمتزج الحرامُ بالحلال!!.

د ـ النبي (ص) لم يصل التراويحَ في نظرِ كثير من أئمةِ مدرسةِ الصحابة

صرَّح إمامانِ كبيرانِ من أئمة ( مدرسة الصحابة ) وهما ( مالك ) و ( الشافعي ) بأنَّ النبي الخاتَم (ص)قد نهى القومَ عن أداء صلاة ( التراويح ) بالكيفيَّة المذكورة ، وأنَّه قد عنَّفهم على فعلها ، وأمرَهم أنْ يصلّوا النوافلَ في بيوتهم على طبقِ تلك القاعدة العامة.

جاءَ في المغني: "وقالَ مالكُ والشافعيُّ : قيامُ رمضانَ لمن قويَ في البيتِ أحبُّ إلينا، لما روى زيدٌ بنُ ثابتٍ قالَ : احتجرَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ حجيرةً بخصفةِ أو حصير ، فخرجَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ فيها فتتبعَ إليهِ رجالٌ ، وجاءوا يصلّونَ بصلاتهِ.

قالَ : ثمَّ جاءوا ليلةً فحضروا ، وأبطأَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ عنهم ، فلم يخرجْ إليهم ، فرفَعوا أصواتَهم، وحصبوا البابَ ، فخرجَ إليهم رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ مُغضباً فقالَ : "ما زالَ بكم صنيعُكم حتى ظننتُ أنَّه سيُكتبُ عَليكم ، فعَليكُم بالصلاةِ في بيوتِكم ، فإنَّ خيرَ صلاةِ المرءِ في بيتِهِ إلاّ الصلاةَ المكتوبةَ ) ، رواه مسلم ." (ابن قدامة،موفق الدين، المغني،ج١/٨٠٠).

ومما يدلُّ على أنَّ رسولَ اللّهِ (ص)لم يقم بالناس في نافلة شهر رمضانَ ما رُويَ في كنز العمال:"عن أُبي بنِ كعب : أنَّ عمرَ بنَ الخطّابِ أمرَه أنْ يصلّيَ بالليل في رمضانَ ، فقالَ :ـ إنَّ الناسَ يصومونَ النهارَ ، ولا يحسنونَ أنْ يقرأوا ، فلو قرأتَ عليهم بالليل ، فقالَ :ـ يا أميرَ المؤمنينَ! هذا شيءٌ لم يكنْ!! فقالَ :ـقد علمتُ ،ولكنَّه حَسَنٌ! فصلّى بهم عشرينَ ركعةً."(المتقي الهندي،علاء الدين، كنز العمال،ج٨ ،ح ٢٣٤٧١/٤٠٩). جاءَ في ( صحيح البخاري ) في باب ( فضل مَن قامَ رمضانَ :"عن أبي هريرةَ رضيَ اللّهُ عنه انَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ :ـ مَن قامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه. قالَ ابنُ شهاب : فتُوفيَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ والناسُ على ذلك، ثمَّ كانَ الأمرُ على ذلكَ في خلافةِ أبي بكر ، وصدراً من خلافةِ عمر رضيَ اللّهُ عنهما ."( صحيح البخاري،ج٢ / ٢٤٩ و٢٥٠).

 (فقالَ ( العسقلاني ) في ( فتح الباري ) ضمن شرح الحديث ما نصه :
" قالَ ابنُ شهاب : فتُوفيَ رسولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ والناسُ ، في رواية الكشميهني : ـ والأمرُ ـ ( على ذلك ) : أي على تركِ الجماعةِ في التراويح ".

وأضافَ الى ذلك القول" : ولأحمدَ من روايةِ ابنِ أبي ذئب عن الزهري في هذا الحديث : ولم يكنْ رسولُ اللّهِ صلّى اللّهُ عليهِ وسلَّمَ جمعَ الناسَ على القيام ، وقد أدرجَ بعضُهم قولَ ابنَ أبي شهاب في نفس الخبر ، أخرجَه الترمذي عن طريقِ معمَّر بنِ أبي شهاب."(العسقلاني،ابن حجر ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج٤ / ٢٥٢).

فهذا تصريحٌ واضحٌ وصريح من ( ابن حجر العسقلاني ) بأنَّ رسولَ اللّهِ (ص)لم يصلِّ هذهِ الصلاةَ ، ولم يجمعِ الناسَ لها.

ثمَّ يضعِّفُ ( ابن حجر ) بعد ذلك الحديثَ المنتحل الذي يُروى فيه أنَّ رسولَ اللّهِ (ص)قد استحسنَ هذهِ الصلاةَ حين رآها! فيذكرُ أنَّ لضعفه سببين :

الأول : إنَّ فيه ( مسلمَ بن خالد ) وهو ضعيف.

والثاني : إنَّ الحديثَ يذكرُ أنَّ النبي (ص)قد جَمعَ الناسَ على ( أُبي بنِ كعب ) ، بينما المعروف أنَّ ( عمرَ ) هو الذي صنع ذلك."(العسقلاني،ابن حجر،فتح الباري،ج٤ /٢٥٢).
كل هذه الأدلة و مواقف الرسول (ص) تؤكد أن صلاة التراويح لا مشروعية لها و أن الرسول(ص) لم يصلها و نهي عنها بشدة.
 
رقم : 724103
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم