0
الثلاثاء 31 تموز 2018 ساعة 15:39

ساحة حرب جديدة مع ‘‘إسرائيل‘‘ عمادها الإعلام والتطبيع

ساحة حرب جديدة مع ‘‘إسرائيل‘‘ عمادها الإعلام والتطبيع
لاشك بأن كيان الاحتلال يحضر نفسه إلى مواجهات محتملة على الجبهة الشمالية أو الجنوبية ولديه "توجس ورعب" من آخر معركتين حصلتا على هاتين الجبهتين في العام 2006 و2014 وبالتاكيد لايريد ان يعيد نفس التجربة ضمن نفس الظروف التي شكلت بالنسبة له ذاكرة مريرة وطعنة للمؤسسة العسكرية وقادتها، الذين فشلوا في تسويق اي انتصار، وأدركوا حينها أن المقاومة لا زالت تحظى باحتضان شعبي منقطع النظير، على عكس بعض القادة العرب، حتى أن أغلب الاعلام العربي ساهم حينها بإيصال انتصارات المقاومة ما ساهم في ترسيخ فكرة المقاومة وأهميتها لدى الأجيال الشابة، وهذا ما أدركه العدو الصهيوني، لذلك ومنذ بداية العقد الحالي، عمد كيان الاحتلال إلى اختراق الوعي العربي، وإعادة هدمه وتشكيل وعي جديد على المقاس الصهيوني عبر الصحافة التقليدية (الجرائد، التلفاز، والراديو)، وفي شبكة الإنترنت، عبر بث رسائل في الشبكات الاجتماعية، المنتديات، المدونات، والنشر في المواقع.

وبدأت الماكينات الإعلامية الصهيونية والغربية ومعها من تورط من القنوات العربية في كي الوعي العربي وحرفه عن مساره وتشويسه وتلقينه افكار مسمومة بأساليب ناعمة لم تنجح حتى اللحظة مع الشعوب العربية لكنها تمكنت من اختراق بعض القادة العرب ومن خلالهم يسعى كيان الاحتلال لتسويق أفكاره بين المواطنين العرب، ولاشك بأن "اسرائيل" نجحت في اخراج القادة العرب الذين كانوا يتعاطون معها في الظل واظهرتهم لشعوبهم على حقيقتهم علها تتمكن من جذب الشعوب نحوها، ولا تسأل عن الاغراءات ومخاطبة الشعوب من خلال اكتشاف نقاط ضعفها وإثارة مشاعرها والتقرب منها عبر هذه الوسائل، والتي يعد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي افيخاي أدرعي عرابها ووجهها الاعلامي الذي اينما ذهبت تراه أمامك مستخدما أقذر الأساليب للتسويق لكيان الاحتلال وافكاره.

أفيخاي ادرعي يخاطب المواطنين العرب بشكل مباشر عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، كإطلاق العديد من "الهاشتغات" تحت عناوين تهدف لخلق مواجهة بين حزب الله وجمهوره في لبنان، مثل "لماذا ترسل الشباب للموت في سوريا؟"، "أيّ مصلحةٍ لك جرّتك لحربٍ لا طائل للبنان بها سوى مصالح إيران؟" والكثير من العبارات التحريضية.

كما أنه في كل مناسبة دينية يطلّ علينا السيد ادرعي ليبارك للمسلمين سواء بحلول العيد أم دخول شهر رمضان المبارك، وللأسف بدأ البعض يتجاوب مع الخطوات الماكرة للصهاينة في هذا المجال، معتبراً إياها خطوات تجاه السلام والتعايش المشترك مع "أهل الكتاب"، ناسياً أن الموضوع هنا يتجاوز موضوع أتباع ديانة سماوية، بل يتعلق بكيان عنصري مغتصب للحقوق والمقدسات، وممعن في جرائمه قتلاً وتهجيراً ضد أصحاب الأرض الأصليين.

ويجري أدرعي لقاءات صحفية مع صحف ومواقع عربية مثل موقع "ايلاف" السعودي، فضمن لقاء أجراه ادرعي مع هذا الموقع بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس حركة المقاومة حماس، هاجم فيها الحركة واصفاً إياها بأنها "بندقية إيرانية وليست خطراً على إسرائيل فحسب بل على كل دول الجوار أيضاً".

ناهيك عن الحوار الذي أجرته صحيفة "سبق" السعودية مع حاخام يهودي بارز قال فيه إن السلام بين اليهود والعرب قريب، وأضاف إن "إسرائيل" لا يمكن أن تحتلّ أرضاً لشعب آخر دون أن تعطيهم حقوقهم، مشيداً بولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يقود بلاده نحو الازدهار حسب وصف الحاخام.

معركة "اسرائيل" التطبيعية قديمة تعود إلى العقود الأولى من تأسيسها، ولعل بدايتها تعود إلى العام 1978، حينها وجه الرئيس المصري أنور السادات صفعة للجماهير العربية بتوقيعه معاهدة سلام مع كيان الاحتلال حملت اسم "معاهدة كامب ديفيد"، ليتبعها معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في العام 1994 والتي جاءت تحت عنوان "اتفاقية وداي عربة" ليتبعها محاولات اختراق أخرى من قبل كيان الاحتلال للمجتمعات العربية، حتى نصل إلى ايامنا هذه ونشهد تطبيع جديد يمس بكرامة العرب جميعا وقضيتهم المركزية، والذي حمل اسم "صفقة القرن" عرابه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمساعدة دول عربية خليجية وغير خليجية تريد ان تساهم مع الأمريكي والاسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية، وفي الأمس حاول الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، العودة إلى نبض الشارع العربي بعد أن ساهم نجله الامير محمد بن سلمان في حرف مسار بلاده وإظهارها بأنها داعمة لكيان الاحتلال في ممارساته ضد الفلسطينيين، فقد قال  الامير الشاب لمجلة أمريكية في أبريل الماضي إن من حق الإسرائيليين العيش في سلام على أراضيهم، وهو تصريح نادر لزعيم عربي.

وقال دبلوماسيون ومحللون إن الضمانات الخاصة، التي قدمها العاهل السعودي الملك سلمان للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودفاعه العلني عن المواقف العربية الثابتة في الأشهر الأخيرة، ساعد في تغيير تصورات بأن السعودية غيرت موقفها تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولكن حتى اللحظة لا نعلم إن كان كلام الملك عملي وحقيقي أم مجرد فقاعة اعلامية الغاية منها تخفيف الضغط على نجله محمد بعد أن خسر جميع معاركه السياسية والاقتصادية في الداخل والخارج.

في الختام؛ عندما يصبح الإسرائيلي غير عدو، وربّما صديق، تسهل مجازره بحق العرب والمسلمين في أعين العرب والمسلمين أنفسهم، من هنا لا بد من التنبه للاعلام.

ومن السذاجة الاعتقاد بأن وسائل الإعلام ستنحاز بشكل موضوعي للكيان الإسرائيلي، وإن كان اعتقادنا أن الكثيرن منهم سيقعون في هذا الفخ، بل ستعمد إلى سياسة تظهر فيها حرصها على الدماء العربية من جهة، ومحاولة شيطنة المقاومة من جهة أخرى في حال وقوع مقتل المدنيين والمستوطنين من الجانب الإسرائيلي.
رقم : 741493
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم