0
الأربعاء 7 تشرين الثاني 2018 ساعة 19:13

بين الجبهة والجبهة، السيسي يفتح جبهة... !!!

بين الجبهة والجبهة، السيسي يفتح جبهة... !!!
تصريحات الرئيس المصري جاءت في إطار ختام أعمال منتدى الشباب العالمي الذي استضافه منتجع شرم الشيخ على مدى أربعة ايام، وضمن جلسة كانت حملت عنوان "ما بعد الحروب والمنازعات"، حيث إكتظت القاعة بآلاف الشباب الذين قيل أنهم حضروا المنتدى من 160 دولة، إضافة إلى حضور عدد من الوزراء والمسؤولين، ورؤساء، ورؤساء حكومات بعض الدول المدعوة للمشاركة فى فعاليات المنتدى.

تصريحات السيسي هذه الهبت الشارعين السوري والعربي، على حد سواء والجدير بالذكر أن كلا الجهتين المعارضة والمواكبة لتصريحات السيسي كان لهما حضور ملحوظ حول "التصريحات"، ولا يمكن التطرق اليها من دون التعرف على اهم ما تناقلته وسائل الإعلام، ونكتفي بما أورده موقع "سبوتنيك" في هذا الإطار: "إن مصر لن تشارك في إعادة إعمار سوريا، أليس السوريون هم من خربوها؟ لماذا إذًا أصلِّحُها لهم؟ لا لن أُصلحها لهم، أنا أهتم بإصلاح بلدي، وبناء بلدي وشبابي، لكن أنتم من تفعلون هذا في بلادكم وتخربون بلادكم"، "أقول كلام لن تسمعوه من أحد أبدا". إن إعادة إعمار سوريا، تحتاج من 300 مليار إلى ترليون دولار أمريكي لإنجازها. هل يمكن أن تكون هناك دولة في العالم يمكن أن تسلم 300 مليار دولار لدولة ما، الدول تدخل في صراعات من أجل 10 مليار دولار فقط، والصراع الموجود في العالم مبني على النفوذ والمصالح".

وقبل التطرق إلى ما قاله السيسي فإن التصريحات هي وحدها تكشف زيفها وعدم إرتباطها بأي صورة من الصور بالقضية التي يتكلم عنها، فالكل يعرف مصر وأوضاعها الإقتصادية التي دفعتها قبل أكثر من أربعين عاما للرضوخ والإستسلام للهيمنة الصهيو-امريكية وذهاب رئيسها السادات الى كمب ديفيد محاولة لإنقاذ البلاد من الفقر المدقع والإنهيارات الإقتصادية المتتالية. وهذه حقيقة سجلها التاريخ للسادات الذي حاول التنصل عن الحضور الى مؤتمر قمة الدول العربية في بغداد عام 1975 والتي عقدت من أجل ردع السادات عن الدخول في مسيرة التساوم مع كيان العدو المحتل لفلسطين.

فما هي الدوافع التي حملت السيسي للتفوه بمثل هذا الكلام الخطير والذي يعتبر مسؤولية اكبر من ان تتحملها حكومة السيسي التي مازالت الكثير من علامات الاستفهام تلاحق شرعية وصولها الى السلطة.

وما لايخفى على المتابعين ان السيسي كباقي زعماء الأنظمة العربية الرجعية، إجتاح الساحة السياسية المصرية بسطوته العسكرية وارتباطاته المخابراتية، ليطيح بأول حكومة مصرية منتخبة عرفها التاريخ المصري بعد الاستقلال، حتى تمكن من تسيير الامور لصالحه عبر الآليات التي إعتمدها حتى الآن.

وبالرغم من انه لم يتمكن من إقناع الرأي العام المصري بشرعية سلطته، اراد القفز على تطورات الجبهة الداخلية، وقبل ان يتعرض لتساؤلات لعدم إكتراثه بما يلحق من تدمير بسوريا من قبل الجماعات الارهابية الدخيلة عليها، قام بفتح جبهة اخرى ليبعد الأنظار عن تقاعسه حيال محاربة الإرهاب، ويتهم سوريا وشعبها بتدمير البلاد.

لكن حقيقة الأمر تبقى اكبر من الدور المصري المغيب عن الساحة المصرية، فقد كان السوريون داخل وخارج سوريا بالمرصاد للسيسي وتصريحاته اللامسؤولة، ودافعوا عن بلادهم كما ان الشارع العربي هو الآخر، ذكر السيسي بأن سوريا ومصر هما عضوان مؤسسان لجامعة الدول العربية، لكن شاءت الأقدار أن تكون مصر يوما خارج الجامعة العربية، ومن بعدها تكون سوريا هي الأخرى خارج هذه الجامعة، لكن الظروف هي التي تكشف حقيقة إبعاد البلدين عن الجامعة، ومتى كانت الجامعة اقرب الى الشعوب والقضايا العربية.

فعندما طُردت مصر من الجامعة العربية كانت كل الدول العربية وكذلك الدول الإسلامية تؤكد ان مصر وقعت في شراك المصائد الصهيو امريكية، ويجب إبعادها عن المجتمع العربي والإسلامي، لكن حين حاول اللاهثون وراء التطبيع مع عدو يغتصب ارضا عربية اسلامية إبعاد سوريا عن الجامعة العربية، لم ينجحوا في مؤامرتهم.

المهم ان الدولة السورية التي تشهد اليوم تطورات الساحة لها بالنجاح في مكافحة الإرهاب والجماعات الداخلة على سوريا، رأت في تصريحات السيسي كلاما فاضيا لا يستحق الرد عليه، بالرغم من ان نواب الشعب طالبوا الحكومة وبالتحديد الخارجية السورية، بإستدعاء القائم بالأعمال المصري ومطالبته بتقديم تصريحات رئيس حكومته اللامسؤولة.

كما يعتقد المراقبون ان مقولة رئيس مجلس الشعب السوري، "إن الشارع العربي أصبح كاشفا لمثل هذه الشخصيات المزيفة"، هي افضل رد على تصريحات السيسي حول إعادة إعمار سوريا.

ويبقى للمراقبين دورهم الإيضاحي وطرحهم تساؤولات لتنوير الرأي العام عن ضرورة الإدلاء بمثل هذه التصريحات في الوقت الراهن؟

ولماذا إتهم السيسي الشعب السوري بتدمير بلاده، فهل إنه لا يعرف شيئا عن الجماعات الارهابية المسلحة الدخيلة على سوريا امثال: جبهة النصرة، وجماعة نور الدين الزنكي، والحزب التركستاني، وعلى رأسها جماعة داعش الارهابية التي اعترفت المخابرات الأمريكية وعلى لسان كبار مسؤوليها بصناعتها بمساعدة السعودية؟

ألم تكتو مصر بنار الجماعات المتطرفة بدءا من الهجمات الدموية التي عرفت بـ"واقعة الجمل" قبيل إنهيار نظام مبارك البائد وما تلتها من أحداث دموية لم يكن لمصر فيها لاناقة ولا جمل؟

فإذا تأملنا قليلا، نجد ان مصر التي حاولت النأي بنفسها عن الأزمة السورية كي لا تستفحل الخلايا المتشددة النائمة على اراضيها، أطلت اليوم بهذا التصريح كي يتسنى للاعبين الغربيين، التشبث بالمواقف العربية، والزعم بأن العرب أولى من غيرهم في المشاركة بإعادة إعمار سوريا، لتكون هذه الفكرة منطلقا لإبعاد أصدقاء سوريا الذين وقفوا معها في محنتها لأكثر من سبع سنوات، وإقحام آليات وأدوات مثل مصر والسعودية التي لاطائل منها سوى الحضور والاستحلاب السياسي او المالي.

لكن التطورات السائدة للساحة السورية تؤكد، ان سوريا وبعد إستكمالها مكافحة الإرهاب تنهض اليوم لتقوم على أكتاف أبنائها وتستعين من شاطرها مكافحة الإرهاب قولا وفعلا، وإنها لن تقع في شراك المتصيدين كما يحدث لبعض الأنظمة العربية اليوم.
رقم : 759935
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم