0
الاثنين 10 كانون الأول 2018 ساعة 11:06

هروب نتانياهو عبر أنفاق لبنان

هروب نتانياهو عبر أنفاق لبنان
الملاحظ أن العدو الإسرائيلي بدأ بالإعلان عن عملية عسكرية ومن ثم اضطر للتراجع خطوتين للوراء منهياً بذلك أي نية للاشتباك العسكري مع المقاومة اللبنانية وهذا إن دل على شيء يدل على مدى الخوف والهلع الذي أصاب العدو الإسرائيلي، بسبب تعاظم قوة حزب اللـه اللبناني واعترافه بأن حزب اللـه بات يملك من القوة التي تؤهله لتطهير منطقة الجليل بكاملها في أي حرب قادمة.

استحضر العدو الإسرائيلي عدة الشغل والحفر مصحوبة بدعاية إعلامية إلى شمال فلسطين وذلك للإعلان أنه نجح في اكتشاف نفقين تم حفرهما من الداخل اللبناني باتجاه الأراضي المحتلة وتحديداً من منطقة كفركلا في أقصى جنوب لبنان.

صحيح أن العدو الإسرائيلي سجل تراجعاً للوراء من خلال تصريحات الخارجية الإسرائيلية في أقل من يوم واحد وهذا التراجع كان أشبه بتنفيذ هبوط اضطراري وذلك لعدم وجود إمكانية إسرائيلية بإكمال مهمته التي خطط لها، بيد أن المعروف عن العدو أنه لا يقوم بأي مهمة عسكرية أم غير عسكرية قبل تجهيز المسرح الدولي وحشد كل التأييد لما ينوي القيام به.

ولو عدنا إلى شريط تحرك وزيارات الموفدين ومضمون رسائلهم إلى لبنان لاكتشفنا الآتي:

1- رئيس وزراء "إسرائيل" بنيامين نتنياهو، في أيلول الماضي ظهر على منبر الأمم المتحدة حاملاً صوراً جوية لما زعم أنه مصانع أو مخازن صواريخ قرب مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وكان رجال استخباراته ودبلوماسيته يجوبون العالم، ويُكثرون من الصراخ، للحديث عن الأمر نفسه.

2- نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد زار لبنان في شباط الماضي، بذريعة البحث عن حل لـ«الخلاف الحدودي بين لبنان وإسرائيل محذراً الحكومة اللبنانية بتحمل المسؤولية إثر اكتشاف مصانع الصواريخ الدقيقة لحزب اللـه إضافة إلى الأنفاق المحفورة على الحدود مع إسرائيل».

3- الموفد الرئاسي الفرنسي أوريليان لو شوفالييه أتى إلى بيروت من تل أبيب مطلع تشرين الثاني الماضي ناقلاً تهديداً إسرائيلياً وبلغت به الوقاحة أن طلب موعداً عاجلاً من مرجع أمني لبناني قائلاً له: أبلغَنا الإسرائيليون أن عمليات نقل للصواريخ إلى حزب اللـه تتم بوتيرة متسارعة وعليكم إبلاغ رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة بضرورة اتخاذ الخطوات المناسبة لمنع ذلك وإلا فإن "إسرائيل" ستتصرّف.

كل تلك الرسائل والجولات كانت لتهيئة المسارح والمناخات الدولية لإطلاق يد العدو الإسرائيلي ضد لبنان وضد حزب اللـه تحديداً، ورغم ذلك ازدادت المقاومة اللبنانية قوة ومنعة وصلابة وتجهيزاً واستطاعت تحقيق توازن الردع مع العدو الإسرائيلي.
كثرت التكهنات لمعرفة ما تخبئه "إسرائيل" وإذا كان الكشف عن الأنفاق سيطلق يد العدو الإسرائيلي بشن حرب على حزب اللـه أم لا وهنا لابد لنا من إبراز بعض النقاط ليتبين لنا إمكانات الحرب من عدمها.

1- إن الاجتماع الذي حصل على عجل مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بروكسل جاء بناء على طلب من نتنياهو نفسه وقد شارك فيه رئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شافات، وسكرتير نتنياهو العسكري. وجاء في البيان الختامي أن الاجتماع عالج كبح النشاطات الإيرانية في منطقة الشمال الإسرائيلي، ولم يذكر الداخل اللبناني في ترجمة فعلية لبيان الخارجية الإسرائيلية بعدم وجود نية بالتصعيد مع لبنان.

2- إيهود أولمرت رئيس حكومة العدو السابق قال: استهجن إعلان نتنياهو الآن وبهذا التوقيت عن اكتشاف الأنفاق لأننا كنا نعلم بوجودها منذ 2013.
بمعنى أن إعلان الكشف عن الأنفاق ما هو إلا لخدمة نتنياهو نفسه ولصرفه بالداخل الإسرائيلي.

3- لم نتعود من العدو كشف وإعلان هدف عسكري واصطحاب سفراء ومحطات إعلامية بجولة على مراكز عسكرية بل تعودنا منه أن يقوم بضرب الأهداف التي تهدد أمنه دون أي سابق إنذار وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على ضعف إسرائيلي متزايد ودليل على فقدان المبادرة العسكرية.

4- لقد ظهر العدو الإسرائيلي بصورة مدير المدرسة الذي يشكو أرباب عمله من اختراق مدير مدرسة مقابلة لمدرسته وهذا دليل ضعف ودليل عدم قدرة على المواجهة.

5- لجوء إعلام العدو إلى إطلاق مصطلح «أنفاق هجومية» هو للإيحاء بأن "إسرائيل" باتت مهددة وعلى وشك ترقب الهجوم من تلك الأنفاق وهذه هي الدعاية الإعلامية وبذلك تحول الجيش الإسرائيلي إلى جيش في موقع الدفاع ولم يعد جيشاً يمتلك المبادرة العسكرية.

6- إن المواجهة العسكرية الأخيرة في غزة ومفاجأة الكورنيت للمقاومة الفلسطينية إضافة إلى كثافة صواريخها وتهديدها للعدو الإسرائيلي بالوصول إلى ما بعد ما بعد شريط غزة إلى تل أبيب والتأكد من إخفاق عمل القبة الحديدة أظهرت مدى هشاشة ووهن الجبهة الداخلية للعدو وهذا ما يجعل العدو الإسراع بإعادة حساباته ألف مرة قبل المغامرة مع حزب اللـه والعدو متيقن من عدم قدرته على تحمل تبعات مثل هذا الأمر.

إذاً لن يجرؤ العدو الإسرائيلي على شن حرب على لبنان، وإن صراخه هو صراخ الخائف والمرعوب، وما قام به العدو من عمليات حفر وبحث في شمال فلسطين المحتلة المقابلة لمنطقة كفركلا اللبنانية مدعياً اكتشاف أنفاق ترتبط بجنوب لبنان لهو تضليل إعلامي موجه للداخل الإسرائيلي وذلك بهدف حرف أنظار الداخل الإسرائيلي عن إخفاقه العسكري مع غزة ولصرف الانتباه عن صراع أجنحة العدو جراء تآكل جبهته الداخلية عسكرياً وسياسياً ومن ثم توجيه رسالة لدول الغرب وأميركا للإيحاء بأن "إسرائيل" تواجه خطراً داهماً من الجهة الشمالية ما يعني تهديداً من حزب الله.

لقد بات العدو الإسرائيلي مسكوناً بعقدة الخوف والهلع نتيجة إدراكه عدم امتلاك القدرة والجرأة على أي مواجهة عسكرية مع حزب اللـه وخصوصاً بعد رسالة المقاومة اللبنانية المصورة التي حملت للعدو رسالة واضحة ورادعة عنوانها: إن تجرأتم فستندمون.

إن ما قام به العدو الإسرائيلي لا يعدو كونه دعاية إعلامية للهروب من إخفاق المواجهة العسكرية الإسرائيلية مع غزة التي أصابت كرسي وموقع وصورة نتنياهو شخصياً بالاهتزاز وهروب من صراع الرؤوس الحامية في جبهة العدو الداخلية.

نستطيع القول إن الأمر لا يعدو كونه عملية هروب لنتنياهو من أزماته الداخلية المتعددة عبر أنفاق لبنان.
رقم : 765864
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم