0
الثلاثاء 11 كانون الأول 2018 ساعة 19:01

هكذا تستعد الدول العربية لاستعادة العلاقات مع سوريا

هكذا تستعد الدول العربية لاستعادة العلاقات مع سوريا
وفي هذا السياق استانفت الكويت علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا قبل عدة سنوات من خلال إعادة فتح سفارة دمشق في العاصمة الكويتية.

طول أمد الأزمة السورية دفع على مايبدو، دولا في مجلس التعاون بالخليج الفارسي إلى إعادة النظر في قرارها بعدم السماح لسفارات سورية بالعمل على أراضيها، ما يتيح لدمشق استعادة قنوات دبلوماسية جديدة كانت موصدة منذ سنوات .

ورغم ان البعض لا يرغب في إعطاء معنى سياسي لفتح السفارات السورية في العديد من العواصم العربية والاوروبية الا انها مؤشر حقيقي باتجاه تغيير السياسات الخاطئة والمتسرعة في التعاطي مع القضية السورية.

لا تُبدي العربيّة السعوديّة، أيَّ تحفُّظٍ على عودة العلاقات السعوديّة- السوريّة كما يشرح مُحلِّل سياسي خليجي، بل على العكس لا يفهم الكثيرون سر الرِّضا والتَّوافق الذي يُبديه مسؤولون سعوديون تُجاه شخص الرئيس السوري بشار الأسد، فهم في أكثر من مرّة حاولوا التعامل معه خلال تصريحاتهم، الغاية فقط هي إبعاده عن الحكومة الإيرانية ولكن دون جدوى، السعوديّة مُنيت بهزيمة جيشها المسمى "جيش الإسلام" والمجموعات الارهابية الاخرى التابعة لها في سوريا، ويبدو أن ملف العداء مع “نظام الأسد” قد أُقفِل تماماً، عملاً بالتوافقات الدوليّة، وربّما أيضاً لأسبابٍ سعوديّة خفيّة قد يتبيّن وجهها لاحقاً.

حتى الإعلام السعودي، هو أقرب إلى التمنّي بانتصار الجيش السوري في معركة إدلب، كيف لا وهي المحافظة التي تُسيطر عليها التنظيمات التي تتبع قطر وتركيا، وهُما الحليفان، والعدوّان اللَّدودان للسعوديّة اليوم.

المُفاجأة الكُبرى في العلاقات السوريّة- السعوديّة، هي التي فجّرها الكاتب السعودي في صحيفة “سبق” ماجد المالكي، حين أعلن في تغريدةٍ عبر حسابه الرسمي على “تويتر”، عودة الرحلات بين سوريا والسعوديّة، وذلك عبر الحُدود الأردنيّة، وسيُسيِّر هذه الرحلات كما أعلن المالكي مكتب سفريّات في جدّة، في أوّل رحلة باص عائلات- أفراد، وهو ما اعتبره البعض قمّة المُفاجآت في الشأن السوري، وحتى تنشيطاً للاقتصاد السوري بشكلٍ أو بآخر.

السعوديّة إذاً تحاول كسب ود سوريا، العائدة من حرب كونيّة مُنتصرة، القيادة السعوديّة تُدرك تماماً أنّ سوريا دولة محوريّة، وستعود للعب دورها الإقليمي قريباً في الملفّات الدوليّة، وطالما كانت سوريا لاعباً مُؤثِّراً، وربّما ليست من مصلحة السعوديّة يقول عالمون في شأنها، أن تتقارب سوريا أوّلاً مع قطر، فحُلفاء السعوديّة ما عادوا يتعدّون إصبع اليد الواحدة، وإن كان من بين هذه الأصابع الولايات المتحدة الأمريكيّة نفسها.

السعوديّة خلال العام الجاري، استمعت جيّداً لحُلفائها الإماراتيين، والمصريين بخُصوص تخفيف حدّة العداء مع سوريا، فنظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مُتوافق تماماً مع نظيره السوري، وتجمع البلدين علاقات جيّدة، كما تحفّظت مِصر على المُشاركة بأيِّ أعمالٍ هُجوميّة، يُمكن لها أن تُؤدِّي للاصطدام بالجيش السوري.

كما تَستَعِد الإمارات لإعادة فتح سفارتها في العاصمة دمشق، بعد اجتماع جمع رئيس الاستخبارات الإماراتي الجنرال محمد الشمسي، مع اللواء علي مملوك رئيس مكتب الامن الوطني السوري، وتوجّه بالفعل وفد إماراتي ليتفقّد سفارته تمهيداً لفتحها في العاصمة دمشق.

على الصعيد البحريني بادر وزير خارجية البحرين خلال اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة بمصافحة نظيره السوري وليد المعلم.

وجاءت هذه "المصافحة التاريخية" بعد أسابيع من تبدل في الموقف السعودي تجاه سوريا وترحيب دمشق بذلك.

ويرى مراقبون أن البحرين لا يُمكِن أن تُقدِم على خُطوَة كهَذهِ دُون أخذ الضَّوء الأخضَر من السعوديّة و الإمارات.

كما تحدث بعض المراقبين عن عودة "علاقات سرية" بين الحكومة السورية وقطر، بعدما حصلت الدوحة على وعد بأن يكون لها دورا بارزا في إعادة إعمار سوريا بعد نهاية الحرب.

وقال الكاتب البريطاني روبرت فيسك في مقال له في هذا الخصوص "بمجرد انتهاء الحرب في سوريا، تسعى قطر لأن تكون إمبراطورية كبيرة، يفوق نفوذها نفوذ السعودية، بعدما تحصل على أماكن نفوذ على ساحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا، نظير جهودها في إعادة إعمار سوريا".

وزعم الكاتب البريطاني، أنه علم أن الرئيس السوري، بشار الأسد عقد اجتماعا خاصا مع صحفيين سوريين في دمشق، أبلغهم أن العلاقات استؤنفت، على مستوى متواضع، بين قطر وسوريا.

كما زار مؤخرا دمشق وفد برلماني اردني التقى خلالها الرئيس السوري بشار الاسد وكبار المسؤولين السوريين وذلك بعد فتح معبر نصيب الحدودي بين البلدين.

وقال النائب في البرلمان الأردني طارق خوري في هذا المجال أن مجرد القدوم إلى سوريا واللقاء مع الرئيس بشار الأسد يصب في خط إعادة العلاقات الطبيعية بين دمشق وعمان بعد سنوات من الجفاء، بسبب الضغوطات التي مارسها حلفاء الأردن عليه.

واضاف خوري ان "الوفد شعر بالإرتياح بعد لقاء الرئيس الأسد وحديثه عن إدراكه لحجم الضغوطات التي مورست على الأردن، وتأكيده على ضرورة النظر إلى الأمام".

واعتبر أن إيجابية حديث الرئيس الأسد تعكس سلوك المنتصر، الذي ينظر إلى الأمام.

وحول نتائج اللقاء مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال خوري إن المعلم أخبرهم: "أنكم تمثلون الدولة السورية والحكومة السورية أمام الحكومة الأردنية، وتملكون كافة الصلاحيات وحرية التصرف كمفوضين، لمعالجة أي خلاف أو نقطة منغصة للعلاقة بين البلدين".

وشهدت الأشهر القليلة الماضية اتصالات أمنية وسياسية مكثفة بين الطرفين، أفضت لتوقيع اتفاقية فتح الحدود، واستئناف حركة المسافرين ونقل البضائع بين الجانبين، ثم تلتها زيارات متبادلة لوفود تجارية وزراعية، وحركة سياحة أردنية نشطة باتجاه دمشق.

على الصعيد ذاته علمت إحدى الصحف العربية المستقلة من مصادرها الخاصة، أن الأردن رد بشكل إيجابي على الكلمات التي توجه بها الرئيس السوري بشار الأسد مؤخرا حول إعادة تطبيع العلاقات السياسية بين البلدين الجارين.

وقالت صحيفة "راي اليوم" إن رسالة جوابية وصلت من الأردن إلى القصر الجمهوري في دمشق تضمنت عبارة هامة مفادها "نتطلع في وقت قريب إلى التمكن من تبادل السفراء".

وأشارت "رأي اليوم" إلى أن تلك العبارة كانت تمثل مضمون رسالة جواب أردنية وصلت للقصر الجمهوري السوري من الجانب الأردني بعد عودة الوفد البرلماني الأردني مؤخرا من زيارة إلى سوريا استغرقت عدة أيام.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أبلغ رئيس الوفد البرلماني، عبد الكريم الدغمي، بأنه يود منه نقل رسالة علنية للملك عبد الله الثاني مضمونها أنه "لا يتطلع للوراء بل إلى الأمام" بخصوص العلاقات السورية الأردنية.

لتأتي بذلك عبارة "التطلع قريبا إلى تعيين سفراء جدد وتمكينهما من العمل في دمشق وعمان" كرسالة رد جوابية إيجابية حملها موفد أردني مجددا إلى القصر الجمهوري السوري مباشرة قبل عدة أيام.

وقال النائب الأردني عبد الكريم الدغمي، رئيس الوفد البرلماني الأردني الذي زار سوريا، إن الرئيس السوري بشار الأسد قال خلال لقائه الوفد "انقل للملك إنني أتطلع إلى الأمام ولا أتطلع للخلف". بحسب ما ذكره موقع "خبرني" الأردني.

ويرى مراقبون ان القِيادَة السوريّة في دِمشق تَعيش أفضَل أيّامها، فقَد تَمكَّنت مِن استعادَة أكثَر مِن ثمانين في المِئة مِن الأراضِي إلى سِيادَة الدَّولة السوريّة، وهذه الدول التي قادَت تمويل الفصائِل المُسلَّحة للإطاحَة بالحكومة السورية تُحاول اليوم كسب ودّها، من خلال فتح السفارات واقامة علاقات اقتصادية وتجارية معها.
رقم : 766172
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم