0
الأربعاء 12 كانون الأول 2018 ساعة 23:38

أحداث فرنسا.. هل لها علاقة بفكرة الجيش الاوروبي؟

أحداث فرنسا.. هل لها علاقة بفكرة الجيش الاوروبي؟
وزارة الداخلية الفرنسية من جهتها اعلنت فجر اليوم رفع مستوى التأهب الأمني في البلاد إلى مستوى عال عقب الهجوم المسلح في سوق بمدينة ستراسبورغ شرقي فرنسا، وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنر" لقد قررت الحكومة للتوّ الانتقال إلى مستوى هجوم طارئ، مع فرض إجراءات رقابة مشددة على الحدود ورقابة مشددة في كل أسواق عيد الميلاد بفرنسا"، وذلك بهدف تجنب خطر حدوث هجوم مشابه لستراسبورغ.

كما أكد إرسال تعزيزات أمنية إلى المدينة حيث لا يزال المهاجم طليقا، مشيرا إلى أن نحو 350 من عناصر الأمن -بينهم قوات خاصة من الشرطة والجيش- مدعومين بمروحيتين، يتعقبون المسلح، وأوضح الوزير أن المسلح قاوم القوات الأمنية مرتين بين الساعة الثامنة مساء الثلاثاء بالتوقيت المحلي والتاسعة مساء، وتبادل إطلاق النار معهم في المرتين، لافتا إلى أنه رغم ذلك ما زال طليقا.

وأضاف الوزير الفرنسي أن المشتبه به معروف لدى الشرطة في جرائم غير إرهابية، موضحا أن الرجل أدين في وقت سابق بكل من فرنسا وألمانيا وقضى وقتا في السجن.
احداث فرنسا.. هل لها علاقة بفكرة الجيش الاوروبي؟
وأفاد مصدر مطّلع على التحقيق لوكالة الصحافة الفرنسية بأن المهاجم يبلغ من العمر 29 عاماً ومولود في ستراسبورغ، وكان مفترضا أن تلقي عليه قوات الأمن القبض صباح الثلاثاء بتهمة محاولة قتل في قضية تم خلالها اعتقال أشخاص آخرين أيضاً.

وبعيد منتصف الليل ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماركون خلية الأزمات المشتركة بين الوزارات التي فعلتها وزارة الداخلية إثر الهجوم.

وقالت وحدة مكافحة الإرهاب في النيابة العامة بالعاصمة باريس إنها قررت بعد تقييم الوضع فتح تحقيق في هذا الهجوم بتهم ارتكاب "جرائم قتل ومحاولات قتل على علاقة بمشروع إرهابي وعصبة أشرار إرهابية إجرامية".

وفي هذا السياق قالت مديرية الأمن في ستراسبورغ التي دعت سكان المدينة إلى "الاحتماء" وملازمة منازلهم، إن "قوات الأمن تبحث بشكل حثيث عن المهاجم" المدرج على قوائم "الأشخاص الخطرين على أمن الدولة".

في غضون ذلك قال رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني إن أعضاء البرلمان الذين يقيمون خارج وسط مدينة ستراسبورغ بإمكانهم مغادرة مبنى البرلمان "على مسؤوليتهم الخاصة".

وأضاف أن وسط المدينة "ليس آمنا"، وأنه يجب على الأعضاء المقيمين هناك أن يتجمعوا ويخرجوا في شكل قافلة بصحبة الشرطة الفرنسية إذا أمكن ذلك.

احداث فرنسا.. هل لها علاقة بفكرة الجيش الاوروبي؟
ويتزامن الهجوم الارهابي مع تعرّض قوات الأمن الفرنسي لضغوط قوية بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من المظاهرات المناهضة للحكومة، حيث نشر نحو 90 ألف شرطي السبت الماضي في الجولة الرابعة من احتجاجات "السترات الصفراء".

تلاحق الاحداث والاضطرابات في فرنسا دفعت المراقبين الى التساؤل عن الدولة الداعمة لزعزعة الاستقرار في فرنسا، ولماذا يجب ان تتعرض فرنسا في هذا الوقت بالذات لضغوط من هذا النوع؟

في غمرة البحث عمن يقف وراء الاحتجاجات الفرنسية والدول التي يمكن ان تكون مستفيدة من زعزعة الاستقرار في فرنسا برزت في الاعلام صورة فتاة فرنسية " بريسيليا لودوسكي " قالت وسائل الاعلام انها التي حركت الشارع الفرنسي وهي التي دعت الى ثورة "السترات الصفراء"

وسائل الاعلام ذكرت عدة اعمال لمفجرة ثورة السترات الصفراء ومنها على سبيل المثال انها بائعة ورد وقالوا انها تدير محلا تجاريا صغير الحجم في قرية سافيني لوتومبل قرب باريس، وقالوا انها كانت تعمل من قبل موظفة صغيرة في أحد البنوك، لكن صور الفتاة تظهرها انها عاملة في محطة للوقود "ولاعيب في ان يعمل احدهم بتلك الاعمال الشريفة"
احداث فرنسا.. هل لها علاقة بفكرة الجيش الاوروبي؟
لكن الشئ غير المعقول هو ان تكون هذه الفتاة هي مفجرة ثورة بهذا الحجم واصبحت اسوة لثورات واحتجاجات في بلدان اخرى مثل الاردن وتونس حيث تم الاعلان عن تشكيل "السترات الحمراء في تونس" و "الشماغات الحمراء في الاردن" و "العمائم البيضاء في الجزائر".

حركة احتجاج بمثل هذا الحجم ومثل هذا التنظيم لايمكن الا ان تكون وراءها عقول كبيرة تقودها نحو تحقيق اهداف سياسية يطمح اليها مدبروا هذه الاحتجاجات.

وفي وصف انصار حركة السترات الصفراء جاء في بعض وسائل الاعلام: إن حركة "السترات الصفراء" تضم مجموعة غير متجانسة من المتظاهرين، الذين تختلف أعمارهم ووظائفهم والمناطق الجغرافية، التي ينتمون إليها.

وتضم الحركة شبابا عاطلين عن العمل ومتقاعدين من ذوي المعاشات المنخفضة وأشخاصا يحصلون على الحد الأدنى للأجور فقط، وهناك أيضا نشطاء ينتمون إلى اليمين المتطرف واليسار المتطرف انضموا إلى الحركة الاحتجاجية.
احداث فرنسا.. هل لها علاقة بفكرة الجيش الاوروبي؟
قصة الفتاة الفرنسية والمفجرة لثورة السترات الصفراء لايمكن تصديقها وقد تأتي هذه القصة في سبيل التغطية عن المؤججين الحقيقيين لهذه الثورة.

فحركة "السترات الصفراء" في فرنسا هي ليست حركة عفوية وذات اهداف مطلبية، ولاشك ان من يقف وراء هذه الحركة هم اناس ذوو خبرة في مجال تشكيل التنظيمات الاجتماعية والسياسية.

لكن الهجوم الاخير الذي تعرضت اليه مدينة "ستراسبورغ"، يكشف بحسب بعض المحللين، ابعادا اخرى مما تتعرض له فرنسا من ضغوط في سبيل تقديم تنازلات في ملفات دولية كثيرة.

ويشير المحللون الى ان الحكومة الفرنسية ازعجت الادارة الاميركية بموضوعين مهمين اولهما معارضتها لاجراءات الحظر التي فرضتها واشنطن على طهران وتوصلها مع المانيا الى اتفاق بشأن الاجراءات المالية التي ستتخذها الحكومتان في مواجهة الحظر الاميركي.

ويرى المحللون أن الولايات المتحدة لن تكون بالطبع مسرورة بموقف باريس المعارض لها بشأن الاتفاق النووي وكذلك الحظر الذي تفرضه على ايران، ولم يسبق لها ان لاقت مثل هذه المعاملة من قبل باريس.
احداث فرنسا.. هل لها علاقة بفكرة الجيش الاوروبي؟
وبحسب هؤلاء فان الشيئ الثاني الذي اثار حفيظة واشنطن والذي ادى الى مهاجمة ترامب لماكرون شخصيا هو اتخاذ فرنسا لقرار تشكيل الجيش الاوروبي ومايمثله من عملية تقويض للزعامة العسكرية للولايات المتحدة ليس على فرنسا فقط بل على اوروبا برمتها.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد طرح فكرته بشأن تشكيل جيش أوروبي مستقل عن الناتو يستطيع الدفاع عن أوروبا خلال الاحتفالات بمئوية الحرب العالمية الاولى.

وأثارت الدعوة غضب ترامب الذي اعتبرها "مهينة جدا" ثم كتب في يوم واحد خمس تغريدات تنتقد ماكرون، وتشير إلى الاحتلال الألماني لفرنسا في الحرب العالمية الثانية.

وقال ترامب "إيمانويل ماكرون اقترح إنشاء جيش خاص لحماية أوروبا من الولايات المتحدة والصين وروسيا، لكن الأمر كان يتعلق بألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية".

وأضاف "كيف يمكن أن يحصل هذا في فرنسا؟ لقد بدؤوا تعلم الألمانية في باريس قبل أن تصل الولايات المتحدة"، مشيرا كما يبدو إلى الاحتلال الألماني لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، وداعيا إلى تسديد المدفوعات لحلف الناتو.

وفي تغريدة أخرى كتب ترامب "المشكلة هي أن إيمانويل ماكرون يعاني من هامش شعبية ضعيف جدا في فرنسا (26%) ومعدل بطالة يقارب 10%".

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهته فقد علق على تصريحات ترامب بقوله : إن فرنسا حليفة للولايات المتحدة لا تابعة لها.
وقال في مقابلة مع محطة "تي أف 1" التلفزيونية على متن حاملة الطائرات شارل ديغول "في كل لحظة من تاريخنا كنا حليفين والاحترام بين الحليفين واجب" مشيرا إلى دعم فرنسا لحرب الاستقلال الأميركية ودعم الولايات المتحدة لفرنسا بالحربين الكونيتين.

وأضاف ماكرون "لا أعتقد أن الفرنسيين يتوقعون مني أن أرد على تغريدات بل أن أمضي في كتابة هذا التاريخ المهم".
احداث فرنسا.. هل لها علاقة بفكرة الجيش الاوروبي؟
وقد حذت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذو الرئيس الفرنسي حين دعت هي الاخرى إلى إنشاء "جيش أوروبي حقيقي"، وذلك بعد أسبوع من إطلاق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدعوة نفسها.

وقالت ميركل في كلمة أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، "ينبغي أن نضع رؤية تجعلنا ننشئ جيشا أوروبيا حقيقيا يوما ما"، مذكرة بدروس الحرب العالمية الأولى والانقسامات التي أدت إلى ذلك الصراع.

وأوضحت ميركل أن هذا الجيش الأوروبي المقترح "ليس جيشا ضد حلف شمال الأطلسي (ناتو)"، مضيفة "يمكن أن يكون مكملا جيدا لحلف شمال الأطلسي، لا أحد يريد التشكيك في العلاقات التقليدية".

ويرى بعض المراقبين ان فرنسا تخطط لتشكيل كيان اوروبا الموحد لتكون في المسقبل قطبا مؤثرا وذا دور كبير في ادارة النظام الدولي الجديد، وهذا الامر بالطبع لاينسجم مع اتجاهات السياسة الاميركية التي تريد ان تكون متفردة في ادارة العالم من دون منازع حتى من قبل حلفائها الاوروبيين.

وبحسب هؤلاء المراقبين فانه يجري الحديث الآن الى نقل تجربة السترات الصفراء الى بلدان اوروبية اخرى هي بلجيكا وهولندا وبريطانيا بما يهدد الوحدة الاوروبية التي تعارضها واشنطن بينما وصفت وسائل اعلام مختلفة التحول الذي فرضته حركة السترات الصفراء بانه سيؤدي الى تسونامي كبير من شانه تحطيم الوحدة الاوروبية.
رقم : 766390
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم