0
السبت 5 كانون الثاني 2019 ساعة 11:28

البشير وشبح التظاهرات

البشير وشبح التظاهرات
فقد انطلقت في مدينة ام درمان عاصمة السودان القومية عقب صلاة الجمعة تظاهرات حاشدة شارك فيها زعيم المعارضة الصادق المهدي لكن سرعان ما تفرق المتظاهرون عقب اطلاق قوات الامن الغاز المسيل للدموع واعتقال العشرات . الرئيس السوداني عمر البشير الذي حكم البلاد منذ العام الف وتسعمائة وتسعة وثمانين اي قرابة الثلاثين عام اتهم داوئر استخبارية وسفارات اجنبية لم يسمها بالوقوف خلف هذه التظاهرات وافتعال ازمة كما اتهم احزاب كانت بالامس حليفة له بالفقز المبكر من سفينة حسبوها لامحالة غارقة بعد ان أصدر 22 حزباً سياسية تتمثّل غالبيتها في البرلمان القومي، ومعها كتلة برلمانية مستقلة، مذكرة موجّهة للبشير، تطالبه فيها بالتنحي.

وجاءت مطالب تلك الأحزاب بعدما توحّدت في جسم واحد باسم "الجبهة الوطنية للتغيير". هذه الاحزاب بطبيعة الحال لايعول عليها الشعب السوداني كثيرا لاسيما ان مواقفها كانت دائما سلبية تجاه قضايا المواطن ويعتقد الكثير من السودانين ان انضمامها الى ركب الانقاذ كان لامآرب شخصية ومصالح لاتمت بقريب صلة الى مصالح المواطن المغلوب على امره .
الشعب السوداني تحمل الكثير خلال ثلاثة عقود من حكم البشير وكانت جل تطلعاته تأمين حياة كريمة كما وعد بها خلال بيان الانقلاب العسكري التي تلاه البشير نفسه يوم الثلاثون من يونيو حيث اشار الى سوء الاوضاع الاقتصادية وانهيارها وانشغال ساسة ذلك الزمان بصراعاتهم واهمالهم الكامل للشعب وعدم توفير ادنى مستوى لحياة كريمة يطمح اليها المواطن .

الاوضاع التي صورها البشير لتلك الحقبة الزمانية تكاد تكون صورة طبق الاصل ان لم تكن افضل من الاوضاع التي يعيشها المواطن اليوم ،مواطن تلك الفترة كان باستطاعته الحصول على الخبز الامر الذي اصبح من الكماليات اليوم وتحصيله يكاد يكون مستحيل .

في تلك الفترة كان السوداني يستطيع الخروج الى الشارع في اي وقت وانتقاد حكومته دون خوف لان تلك الحكومة رغم علاتها كانت منتخبة من قبل المواطن نفسه ولم يتبقى لانتهاء صلاحيتها عشية الانقلاب العسكري الا اشهر قلائل . نفس المواطن خرج في مسيرات تأييد ومباركة لانقلاب البشير بعد الوعود الوردية التي اطلقها وكان سندا حقيقيا له بعد ان وقفت اغلب الدول العربية ان لم تكن كلها ضده لخلفيته الاسلامية فمنذ شهور الانقاذ الاولى عادت صفوف الوقود وصفوف الخبز وغيرها من الصفوف فلم تجد الحكومة الوليدة نصير لها في محيطها العربي والافريقي غير الجمهورية الاسلامية الايرانية وحركات المقاومة الاسلامية و الفلسطينية، ربط المواطن الاحزمة وتخندق مع قيادته لانه رأى بام عينه حجم المؤامرة والاستهداف وتحمل في سبيل ذلك الغالي والرخيص وبذل فلذات اكباده في ساحات الدفاع عن الوطن او الجهاد كما كان يحلو لهم تسميتها في حرب الجنوب ومضت الايام والسنوات وتبدد الحلم فلم يعد ذلك المواطن يتطلع الى عيش كريم واكتفى فقط بلقمة العيش ولم يحرك ساكن غير القليل من التحركات والمطالبات التي اخمدت في مهدها .

الاوضاع المعيشية ازدادت تفاقما والمشروع الحضاري ثبت فشله ، والاطروحات الاسلامية التي كانت تلهب مشاعر المواطن لم تعد تجدي بعد ان تبين له انها مجرد شعارات ومطايا تستخدم لشحذ الهمم في مواضع والتخدير في مواضع اخرى . البشير لايزال عدد كبير من المواطنين يعتقدون انه بامكانه فعل شيء ما للتغيير ويعتقد هؤلاء ان بطانة السوء تحول دون ذلك . تلك البطانة التي جرت اقدامه الى حضن العربية السعودية والامارات حيث تلقى وعودا كبيرة بحلحلة مشاكل بلاده المستعصية و اخراجها من دائرة العقوبات الاميركية وملاحقة المحكمة الدولية ، فاقدم الرئيس البشير على خطوات خطيرة وزج بقواته في حرب لا ناقة لها فيها ولابعير وقلب ظهر المجن لاصدقاء الامس ، فما لبثت ان تبددت الوعود الى سراب .

الكرة الان في ملعب الرئيس البشير وحده وهو الذي يستطيع الخروج بالبلاد الى بر الامان واعادة الامور الى نصابها واحقاق حقوق الشعب التي طال انتظارها
رقم : 770353
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم