0
الجمعة 22 شباط 2019 ساعة 00:13

ما وراء جولة ابن سلمان الآسيوية؟

ما وراء جولة ابن سلمان الآسيوية؟
وبدأ ابن سلمان جولته من العاصمة الباكستانية إسلام آباد، ثم توجه الى العاصمة الهندية نيودلهي، وأخيراً محطته التي وصل اليها اليوم هي الصين، حيث تعد هذه الجولة هي الأولى منذ توليه ولاية العهد في 2017 وهي بالغة الأهمية بالنسبة للسعودية لأسباب استراتيجية واقليمية حساسة.

في وقت يعبر معلقون سعوديون عن تفاؤلهم بالتعاون السعودي الآسيوي، هناك آراء تختلف تماما عن التفاؤل والمدح بهذه الجولة وأهدافها، وتقول إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يبحث من خلال جولته الاسيوية عن تبييض وجهه بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول أواخر العام الماضي.

ومن باكستان، حضر محمد بن سلمان إلى إسلام آباد ومعه وعود بالمليارات، إذ يرى محللون أن باكستان بالغت في إظهار حفاوة استقبالها لولي العهد السعودي، في ظل ما تعانيه من نفاد في الاحتياطيات الأجنبية، ومن عجز متزايد في الموازنة، ومن صراع لتأمين مستقبلها المالي. إذاً، من السهل الوقوف على سرّ حاجة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان للأموال، وعلى وجه السرعة.

وفور دخول موكب طائرات ابن سلمان الأجواء الباكستانية مساء الأحد، سارعت إلى اصطحابه طائرات مقاتلة باكستانية من طراز JF-17 Thunder في حين توقفت جميع رحلات الطيران الأخرى.

وحظي بن سلمان باستقبال عمران خان وقائد الجيش الباكستاني، حيث بُسطت له السجادة الحمراء بمطار عسكري وأطلقت المدفعية 21 طلقة تحية للضيف السعودي.

وقاد عمران خان بنفسه محمد بن سلمان إلى مقر الإقامة الرسمي لرئيس الوزراء، حيث لا يقيم خان فعليا ولكن لزيارة محمد بن سلمان، وهي المرة الأولى التي ينزل به ضيف في زيارة رسمية. وأشارت تقارير من ترتيبات الزيارة إلى اطلاق آلاف الحمائم لدى استقبال ابن سلمان. وخُصّصت مئات الغرف فئة الخمس نجوم في إسلام آباد للوفد المرافق لولي العهد والبالغ تعداده ألف شخصية بارزة.

ومنذ تنصيبه في أغسطس/آب الماضي طلب عمران خان، لاعب الكريكيت السابق المرموق، مساعدات مالية من الدول الصديقة، وألحّ في سؤاله تقليص حجم المساعدات المالية التي قد تحتاجها باكستان من صندوق النقد الدولي، في ظل ظروف بالغة الصعوبة.

وتسعى باكستان إلى الحصول على حزمة الإنقاذ الثالثة عشرة منذ حقبة الثمانينيات، وكانت السعودية قد أقرضتها ستة مليارات دولار.

وتأتي زيارة بن سلمان في أعقاب زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان لباكستان، حيث تعهدت الإمارات العربية المتحدة بتقديم قرض قيمته ستة مليارات دولار لدعم اقتصاد باكستان المتأزم.

لكن السعودية ترفع السقف وتعلن في تقارير إعلامية عن توقيع اتفاقيات مؤقتة بقيمة 20 مليار دولار.

وتتمثل درة تاج تلك الاتفاقيات إبرام اتفاق لبناء مصفاة نفط جديدة بقيمة 10 مليارات دولار في ميناء غوادار الجنوبي. ويعتبر ميناء غوادار بمثابة المركز العصبي للممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني الذي تبلغ تكلفته 60 مليار دولار.

وتحظى الأموال الصينية بالكثير من التقدير من جانب الحكومة الباكستانية، لكن محللين يقولون إنها تأتي مصحوبة بقيود؛ حيث تشترط الصين أن يتولى عمال صينيون أعمال بناء المشاريع الصينية، فضلا عن مخاوف من ازدياد نفوذ بكين. وعليه، فإن الأموال القادمة من دول مجلس التعاون تحظى بترحيب بالغ في باكستان.

بينما يسهل الظن أن باكستان بلد ينتفع من سخاء حلفائه على حساب سيادته، فإن المسألة ليست بهذه السهولة، بل إن السعودية أيضا تحتاج باكستان.

حيث تأتي جولة ابن سلمان في وقت شديد الخصوصية بالنسبة للمملكة إذ تعاني في الوقت الراهن من أزمة عالمية تتعلق بسُمعتها جراء دورها الخاص بالكارثة الإنسانية في حرب اليمن ومقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول.

في ظل هذه الظروف، تعتبر الزيارة خطوة ذكية من محمد بن سلمان، الساعي إلى تعزيز العلاقات مع حلفاء محل ثقة عبر توزيع الأموال. ومن الأهمية كذلك عدم نسيان ما تمثله باكستان من أهمية بالغة للسعوديين.

وكذلك، أمر ولي العهد السعودي أثناء زيارته لباكستان ولقاء عمران خان، بالإفراج “فورا” عن 2107 باكستانيين يقبعون في سجون المملكة.

أما في المحطة الثانية لجولة ابن سلمان وهي الهند، أمر ابن سلمان بالعفو عن 850 هنديا في سجون المملكة بالتزامن مع زيارته وبناء على طلب من رئيس الوزراء "ناريندرا مودي" بحسب الخارجية الهندية.

ويقيم في السعودية نحو 2.7 مليون هندي، ما يمثل أكبر جالية أجنبية في السعودية. ويعمل الكثيرون منهم في وظائف بأجور زهيدة في قطاعات منها البناء والخدمات المنزلية وتجارة التجزئة، وهي وظائف يرفض السعوديون شغلها. ويوجد أكبر عدد من السجناء الهنود على مستوى العالم في سجون السعودية.

وتشير بيانات وزارة الخارجية الهندية إلى أن عدد السجناء الهنود في السعودية حتى يناير كانون الثاني الماضي بلغ 2224 سجينا بعد إدانتهم في جرائم من بينها القتل والخطف والرشوة والنصب وجرائم أخرى ذات صلة بالمخدرات والخمور.

وكل ذلك يحدث في الوقت الذي يقبع بالسجون السعودية مئات الدعاة والعلماء والاكاديميين من أبناء الدولة، الذين بدأوا إضرابا مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على سياسة اعتقالهم.

وركزت الصحف الغربية أيضا، وتحديداً الغارديان البريطانية، على جولة ولي العهد السعودي الأسيوية. وذكرت صحيفة الغارديان أن جولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الاسيوية محاولة لمواجهة منتقديه في الغرب، والايحاء بأنه ليس منبوذا سياسيا، لافتة إلى أن الهند وباكستان والصين كانت من الدول التي لم تعلق على مقتل خاشقجي.

وأبرزت الصحيفة فكرة أن زيارة ولي العهد إلى الشرق تأتي في وقت لم تعد فيه الزيارات محتملة للعواصم الأوروبية في المستقبل القريب، ومن هنا فإن زيارته للصين والهند وباكستان هي مناسبة للأمير السعودي لإثبات أنه لا يزال رجل دولة مقبولا.

ويُنظر إلى جولة بن سلمان الآسيوية، على أنها ضمن جهد لتحسين صورته دوليا بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتعد هذه ثاني جولة خارجية لولي العهد السعودي في سياق محاولات الخروج مما يصفها مراقبون بـ”عزلة خاشقجي”.
رقم : 779336
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم