0
السبت 2 آذار 2019 ساعة 14:28

ماذا تطبخ السعودية للفلسطينيين عبر "صفقة ترامب"؟

ماذا تطبخ السعودية للفلسطينيين عبر "صفقة ترامب"؟


بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، لعبت السعودية دورًا محوريًا في المساعدة على تنفيذ رؤيته الجديدة لما سماه بالشرق الأوسط الجديد، وتحديدًا تجاه القضية الفلسطينية التي وصفها "بصفقة القرن" فكبير مستشاري ترامب، جاريد كوشنر قام بإعداد خطة "سلام" بين العرب و"إسرائيل" بالاتفاق مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتتضمن خطة كوشنر تنازلات كبرى من أطراف عربية على رأسها السعودية والإمارات عن العديد من ثوابت القضية الفلسطينية، ويهدف الاتفاق إلى إنشاء دولة فلسطينية مدعومة ماليًا من قبل عدد من الدول على رأسها السعودية، ومن هذه التنازلات حكم ذاتي وتبادل للأراضي مع مصر والأردن.

وكشفت المصادر في تصريحات نشرها موقع "الخليج أونلاين"، أن السعودية إلى جانب الإمارات ومصر يمارسون ضغوطات كبيرة وغير مسبوقة على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من أجل منح الإدارة الأمريكية أملاً جديداً في تنفيذ ما يسمى "صفقة القرن".

المصادر ذكرت أنه من أبرز المواقف التي فاجأت عباس خلال لقائه مع الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، في الرياض 12 فبراير الماضي، طلب الأخير صراحة بأن يحاول أن يعطي فرصة للجهود الأمريكية في المنطقة، وأن يتماشى مع مبادرات "السلام" الجديدة، في إشارة واضحة إلى "صفقة القرن".

وأضافت: الأمر لم يتوقف عند محاولة إقناع عباس بقبول الصفقة الأمريكية فقط، بل تجاوز ذلك حين لمّح الملك سلمان إلى أن السعودية لن تكون قادرة على مساعدة السلطة والالتزام بالدعم المالي الذي يقدَّم لها بصورة شهرية، أو من خلال المساعدات التي تقدَّم لبرامج وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، أو تنفيذ مشاريع اقتصادية وإغاثية داخل الأراضي الفلسطينية.

هذا ونوّهت المصادر إلى أن الرياض ألمحت إلى خطوة التهديد المالي بحجّة أنها ستتعرض لضغوطات من قبل إدارة ترامب في حال واصل الفلسطينيون رفضهم التعامل مع صفقته السياسية، خاصة بعد القبول والتأييد العربي الكبير لها من قبل السعودية والإمارات ومصر والبحرين وسلطنة عُمان.

وتقدم السعودية ما يقارب الـ20 مليون دولار شهرياً لدعم موازنة السلطة، وإضافة لذلك تقدم بعض التمويل لمشاريع متفرقة بأكثر من 10 مليون دولار، وفي حال أوقف الدعم المالي الذي تقدمه للفلسطينيين، فهذا سيدخل السلطة بأزمة طاحنة وكبيرة.

وربطت المصادر الموقف السعودي "المتطور" تجاه السلطة بالتطورات الحاصلة بقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل خمسة أشهر، وأن الرياض لا تريد إغضاب إدارة دونالد ترامب بموقفها الداعم للفلسطينيين، في محاولة لتجاوز العاصفة التي تسببتها القضية والتي لا تزال رياحها الشديدة تضرب الرياض من كل جانب.

وتوقعت المصادر أن تطرح الإدارة الأمريكية "صفقة القرن" مباشرة بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية المقررة أبريل المقبل، موضحةً أن الفلسطينيين يعتبرون الدول العربية شريك واضح في هذه الصفقة المشبوه التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية وتقزيم مكانتها، خدمة لمساعيهم نحو التطبيع الكامل مع "إسرائيل".

وكان محمد بن سلمان اقترح على عباس خلال زيارة مفاجئة في 6تشرين الثاني/نوفمبر2017، الحصول على دولة غير متصلة في الضفة والقطاع من دون أن تكون لديهم السيادة الكاملة على الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم؛ ولن يتم إخلاء معظم المستوطنات اليهودية في الضفة؛ ولن يحصل الفلسطينيون على القدس الشرقية عاصمة لدولتهم؛ ولن يُسمح للاجئين بالعودة إلى فلسطين المحتلة، وإنشاء عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية في أبو ديس، وإضافة أجزاء من شبه جزيرة سيناء المصرية إلى غزة مقابل أراض في الضفة سيتنازل عنها الفلسطينيون.

وقد أفاد موقع "ميدل ايست" في 15 كانون الأول/ديسمبر 2017، أن السعودية مارست ضغطًا على عباس والملك عبد الله الثاني لثنيهم عن المشاركة في القمة الإسلامية التي عقدت في تركيا في 13 كانون الأول/ديسمبر 2017 لبحث إعلان ترامب إزاء القدس، من أجل إضعاف القمة وإفراغها من جوهرها، ولكنهما رفضا.

وفي الزيارة الثانية لعباس إلى الرياض التي تمت في 20 كانون الأول/ديسمبر 2017، كشفت صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية أن بن سلمان، لم يلجأ كما في المرة السابقة إلى التهديد والوعيد، بل لجأ إلى الدبلوماسية من أجل إقناع رئيس السلطة بالخطة التي تعدها الإدارة الأميركية. فوفقًا للصحيفة، بين بن سلمان لعباس بأن الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة التي بإمكانها أن تضغط على "إسرائيل" في أي عملية "سلام"، ولا يمكن لأي جهة أخرى القيام بذلك.

وسخرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الاسرائيلية في 7 كانون الثاني/يناير 2018 من تناقض مواقف نظام الحكم في السعودية المعلنة والسرية من القضية الفلسطينية، حيث أشار مراسلها للشؤون العربية "ليعاد أوسمو"، إلى أنه في الوقت الذي يدعي المسؤولون السعوديون دعمهم للموقف الفلسطيني المتشبث بالقدس عاصمة لفلسطين، فإنهم يعبرون عن مواقف مغايرة في الغرف المغلقة. معلقًا على الضغط السعودي بقبول أبو ديس عاصمة بدلًا من القدس.

وفي نفس السياق، نشر موقع العربي الجديد تقريرًا في 8 كانون الثاني /يناير 2018 بعيد اجتماع الوفد العربي الوزاري المصغر المكلف بمتابعة تداعيات القرار الأميركي بشأن القدس، الذي عقد في الأردن، بأن هناك ضغوطًا ليس فقد من قبل الإدارة الأمريكية على الفلسطينيين وإنما من قبل بعض العرب وتحديدًا مصر والسعودية. فقد رفض وزراء الدول العربية أي مقترح لمواجهة القرار، مما دفع وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي إلى الامتناع عن المشاركة في المؤتمر الصحافي لعرض نتائج الاجتماع. وطلبت كل من السعودية ومصر بشكل مباشر من المالكي عدم مطالبتهما بتبني أي موقف ضد الولايات المتحدة الأميركية.

وبحسب المراقبين يتجلى مما سبق، أن الموقف الرسمي العربي تجاه "صفقة القرن" وقرار ترامب يعتبر بأن العلاقة مع "إسرائيل" أهم من المقدسات الإسلامية والقضية الفلسطينية.

وأكد ريتشارد فولك المقرر السابق للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بفلسطين، أن "صفقة القرن"، محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وأن السعودية تقدم العون في هذا المسعى.

وفي تصريحات لـ "الخليج أونلاين"، قال فولك إن "السعودية تمارس دوراً سلبياً في صفقة القرن بتعاملها السلبي مع القضية الفلسطينية، وتقديمها العون للولايات المتحدة وإسرائيل على حساب حقوق الفلسطينيين".

وأوضح أن هذا الدور نجم عن الضغوط الداخلية والخارجية التي تتعرض لها السعودية عقب اغتيال الصحافي المعارض جمال خاشقجي، وتسليط الضوء على سجلها السيئ في حقوق الإنسان، إلى جانب حاجتها إلى مساندة أمريكا في مواجهة ما تصفه بالتمدد الإيراني في المنطقة.
رقم : 780959
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم