0
الاثنين 11 آذار 2019 ساعة 16:05

إلى أين تتجه الجزائر بعد عودة بوتفليقة؟

إلى أين تتجه الجزائر بعد عودة بوتفليقة؟
عاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى بلاده الأحد بعد قضاء أسبوعين في مستشفى سويسري "لإجراء فحوص طبية روتينية"، بحسب الرئاسة الجزائرية.
وكان بوتفليقة، البالغ من العمر 82 عاما، سافر إلى جنيف في 24 فبراير/شباط بعد يومين من خروج عشرات الآلاف من الجزائريين في مظاهرات احتجاج ضد ترشحه لولاية رئاسية خامسة.

وقد أكدت الرئاسة الجزائرية تقارير تداولها الإعلام المحلي عن نزول طائرة الرئيس في مطار بوفاريك العسكري، غربي العاصمة الجزائرية.

ونشرت تعزيزات أمنية في محيط المطار، في الوقت الذي تشهد فيه عدة مدن جزائرية توقفا للعمل، بما في ذلك فروع لشركة سوناطراك التي تدير الموارد النفطية للبلاد، بعد دعوات للإضراب لخمسة أيام.

يأتي ذلك وسط مخاوف من تصاعد الاحتجاجات التي ترفض ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، ودعوات من قبل حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم إلى جميع الأطراف السياسية للعمل معاً لإنهاء الأزمة.

وهناك عدة سيناريوهات يمكن توقعها بحسب بعض المراقبين بعد عودة بوتفليقة الى الجزائر ابرزها فيما يلي:

1- تمسك الرئيس بوتفليقة بترشحه وسيره قدما في طريق العودة إلى كرسي الرئاسة لولاية خامسة. وهذا الخيار قد يزيد طين الأزمة السياسية في البلاد بلة وصعوبة، ويدفع إلى مواجهات أكثر وأقوى بين رافضي ترشح بوتفليقة والمتمسكين به من قوى الجيش والأمن والنخب السياسية.

2- إقالة الحكومة وتأجيل الانتخابات ضمن مسار حوار وطني شامل يدفع القوى الحاكمة إلى ترتيب أوراقها بشكل مدني والعمل على إقامة مجتمع وسلطة ما بعد بوتفليقة ضمن توافقات ذات أبعاد مختلفة، تضمن عدم انزلاق الجزائر إلى مستنقع الفوضى وعدم انزلاق الرئاسة إلى حلف المعارضة.

وقد تحدث بعض وسائل الإعلام الجزائرية عن هذا السيناريو، حيث نقل موقع "دزاير براس" عن مصادر وصفها بالعليمة أن قرارا اتخذ بتنحية رئيس الوزراء، وإجراء تغيير حكومي واسع، وتأجيل الانتخابات المقررة إلى الشهر المقبل. وأكد أن هذه القرارات ستعلن بعد عودة الرئيس من جنيف.

3- خروج بوتفليقة من المشهد السياسي وترك الأمور تسير في طريقها نحو الحوار والتفاهم بين القوى السياسية من أجل إعادة ترتيب المشهد السياسي من جديد، وهو خيار غير مستبعد واقعيا، رغم صعوبة إعلانه، نتيجة للأسوار العسكرية والسياسية التي تحيط بالرجل ابن الـ82 ربيعا.

4- عودة المؤسسة العسكرية للإمساك المباشر بزمام السلطة مرة أخرى، وقد يحدث هذا الخيار إذا رفض الرئيس سحب ترشحه، وتمسك الجزائريون برفضهم للعهدة الخامسة، وسارت الأمور نحو الفوضى من خلال قوة الصدام بين الشارع وقوى الأمن، ما يتيح للجيش الفرصة للعودة إلى السلطة بشكل مباشر وفرض فترة انتقالية.
الامر المؤكد أن الشريحة السياسية في الجزائر والجيش لن يستطيعوا اليوم تجاهل أصوات الجزائريين الذين خرجوا الى شوارع كبريات مدن البلاد بحثا عن حياة سياسية جديدة أكثر حيوية وديمقراطية.

حيث يرى مراقبون أن صدوعا بدأت تظهر فيما يوصف بـ"حصن بوتفليقة"، وذلك بعد تغير لهجة الجيش الجزائري وأعضاء في الحزب الحاكم تجاه "مستقبل" الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي يواجه مطالب شعبية حاشدة ترفض ترشحه لولاية خامسة.

وشكّل تصريح رئيس الأركان، الفريق قايد صالح، بشأن اصطفاف الجيش في صف الشعب، منعطفا في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ضد ترشح بوتفليقة.

وتجنب صالح الحديث عن الاحتجاجات، لكنه قال، الأحد، إن "الجيش الجزائري والشعب لديهما رؤية موحدة للمستقبل"، مضيفا أن الجزائريين يعرفون كیف يحافظون على وطنهم.

وتابع "الجيش يفتخر أنه من صلب هذا الشعب.. نشترك معا في نفس الميزات والمواصفات".

واعتبر مراقبون أن تصريح رئيس أركان الجيش يعتبر أوضح مؤشر حتى الآن على تعاطف قادة الجيش مع عشرات الآلاف من الجزائريين الذين يريدون تنحي بوتفليقة.

وتابعوا أن لهجة صالح تغيرت عن تلك التي تحدث بها قبل أيام، حين حذر المتظاهرين من أن الجيش سيضمن الأمن في البلاد ولن يسمح بعودة الجزائر إلى حقبة سفك الدماء.
وذكر آنذاك أن "بعض الأطراف يزعجها بأن تكون الجزائر آمنة ومستقرة، بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألم وسنوات الجمر".

وغالبا ما يوصف الجيش الجزائري بـ"حصن بوتفليقة" الذي يدعم الرئيس ويقف خلف وجوده، إلا أن تصريح رئيس أركانه يوم أمس قد يكون "بداية نهاية العلاقة التي تربط الطرفين".

وفي السياق ذاته أكدت تقارير إعلامية جزائرية إن الصدوع ظهرت كذلك بين حلفاء بوتفليقة، ومنهم أعضاء في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، الذين انضموا إلى الحشود الداعية لتنحي الرئيس.

وقال معلق على قناة النهار، القريبة من الدائرة الخاصة بالرئيس إن نظام بوتفليقة قد انتهى.

وكشف موقع "الخبر" الجزائري أن هذه المؤشرات تدل على أن "الحلفاء تخلوا عن بوتفليقة وانحازوا للشعب"، مشيرا إلى أن المؤسسة العسكرية على الخصوص "يبدو أنها استوعبت احتجاجات المتظاهرين".

من جهته، ذكر موقع "كل شيء عن الجزائر" أن الأحداث في البلاد تتسارع بشكل غير مسبوق، مشيرا إلى أن كل السيناريوهات باتت محتملة بعد تغير لهجة "حلفاء بوتفليقة".

وقال موقع "ليبيراسيون" الفرنسي في مادة تحليلية إن الجيش الجزائري وجد نفسه أمام خيار تاريخي، مضيفا "المصالح الاستراتيجية للبلد تتطلب من الجيش الوقوف إلى جانب الشعب في سبيل التوصل إلى الحل".

وتابع "الجيش الجزائري يعتبر تاريخيا مصدر قوة في البلاد، وبالتالي عليه أن يلعب دول ميسّر التحول الديمقراطي".

اقتصاديا، نزلت قيمة الدينار الجزائري إلى مستوى تاريخي غيرمسبوق.

وقالت صحيفة "الخبر" الجزائرية، إن العملة المحلية تنهار، منذ الأيام الماضية، بوتيرة متسارعة، حيث تقدر قيمتها في السوق الموازية مقابل العملة الأوروبية بـ218 دينار مقابل يورو واحد.

وأوضح المصدر أن هذا الانهيار سيؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، على اعتبار أنه سينعكس على أسعار المنتجات.

وذكرت الصحيفة "العملة الوطنية تعاني من تقهقر قد يدفعها في نهاية المطاف إلى تحمل تبعات غير سلبية من الناحية الاقتصادية"، مضيفة "المستوى المسجل في الوقت الراهن لم يبلغه الدينار الجزائري حتى خلال فترات الذروة التي تعرف بارتفاع الطلب على العملة الصعبة".

وقال تجار العملة الصعبة في السوق الموازية إن سبب ما يحدث يعود إلى تداعيات الاحتجاجات التي تشهدها الجزائر منذ أسابيع، مشيرين إلى أن الطريقة التي تنخفض بها العملة الوطنية حاليا لم تشهدها في السابق.

وفي تطور آخر على صعيد الازمة الجزائرية أعلن أكثر من ألف قاض جزائري، اليوم الاثنين، رفضهم الإشراف على الإنتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شهر أبريل المقبل، إذا شارك فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وقال القضاة في بيان، إنهم يعملون على إنشاء هيئة قضائية جديدة.
وتشهد المدن الجزائرية مظاهرات رافضة للولاية الخامسة، منذ تقديم بوتفليقة لأوراق ترشحه رسميا بداية الشهر الجاري.
رقم : 782673
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم