0
الخميس 21 آذار 2019 ساعة 15:42

جولة بومبيو ومعضلة المواقف الاميركية المتضاربة

جولة بومبيو ومعضلة المواقف الاميركية المتضاربة
ولمعرفة المزيد عن احتمالات النجاح والفشل لهذه الجولة نذهب الى الكويت حيث اعلنت الخارجية الاميركية أن بومبيو ثمن خلال لقائه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد التزامها الإيجابي بعدد من القضايا الإقليمية، بما فيها الأزمة الخليجية وأزمتا سوريا واليمن.

وجاء في بيان مشترك في ختام الحوار الإستراتيجي الثالث بين الولايات المتحدة والكويت أن مسؤولي الدولتين بحثوا أكثر القضايا السياسية إلحاحا في المنطقة، وعلى رأسها الأزمة الخليجية وعملية السلام في الشرق الأوسط، كما أكد بومبيو دعم بلاده وساطة الكويت لحل الأزمة الخليجية.

وكشف بومبيو ، في مؤتمر صحفي مع نظيره الكويتي صباح خالد الحمد الصباح ، توصل الولايات المتحدة الى تفاهمات مع الكويت بخصوص الامن السيبراني مشيرا الى ان "الاخطار بخصوص الأمن السيبراني تهدد أمننا واستقرارنا وازدهار شعوبنا على حد سواء"، مشيرا إلى أن أمريكا والكويت يكثفان الاسهامات بصورة كبيرة لمنع التهديدات السيبرانية.

الكويت محطة بومبيو الاولى في قطار جولته
جولة بومبيو ومعضلة المواقف الاميركية المتضاربة
كما اشار بومبيو الى وجود نوع من الشراكة بين واشنطن والكويت موضحا أن "الكويت شريك قوي وعلاقتنا الدفاعية هامة بشكل خاص"، مضيفا أن الكويت تستضيف آلاف الجنود الامريكيين وهي شريك قوي لمكافحة داعش والقاعدة وغيرها من المجموعات الإرهابية.

وبغض النظر عن الكلام الانشائي الذي ادلى به بومبيو حيال زيارته الى الكويت لكن تبقى القضية المركزية التي جلبته للكويت هي الازمة الخليجية بين قطر وجيرانها.
وفي هذا الخصوص قال بومبيو :" بحثت اثناء زيارتي للدول الخليجية هذه الأزمة ، ونحاول جميعا أن نجد حلا ونحن بحاجة أن تعمل دول مجلس التعاون سويا حيث إن هناك تهديدات من الجماعات الارهابية ومن الجمهورية الايرانية" . بحسب تعبيره.

لكن احتمالات نجاح بومبيو في وضع حد للازمة الخليجية هي بعيدة نوعا ما، فبومبيو لم يأتي بجديد في اطار هذه الازمة التي تتعقد يوما بعد يوم من دون ان تلامس الحلول الموجودة واقع المشكلة.

فالازمة مابين قطر وجيرانها هي في حالة تضخم واذا كانت في السابق هناك فرصا لحلها فإن هذه الفرص اصبحت اليوم قليلة اذا لم نقل معدومة خاصة مع تصلب المواقف بشأن اهم القضايا التي تعاني منها الازمة.

وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر أعلنت قطع علاقاتها مع قطر في يونيو من عام 2017، واتهمتها بدعم وتمويل الإرهاب، وهي اتهامات تنفيها الدوحة، ومنذ ذلك الحين تقوم العديد من الدول، وعلى رأسها الكويت، بجهود وساطة، لكن دون جدوى.
الاراضي المحتلة هي المحطة الثانية في جولة بومبيو
جولة بومبيو ومعضلة المواقف الاميركية المتضاربة
المحطة الوحيدة التي يمكن لبومبيو ان يحقق مكاسب فيها هي محطته في الاراضي المحتلة حيث نجد هناك تطابقا في الافكار والمواقف مابين رئيس الوزراء الصهيوني بينيامين نتنياهو وبين الرئيس الاميركي دونالد ترامب وبالتالي وزير خارجيته مايك بومبيو.
واذا ذهبنا الى اللقاء الذي عقده بومبيو مع نتنيناهو والمؤتمر الصحفي الذي عقداه في القدس المحتلة نجد ان الطرفين يحاولان ان يستفيدان من مواقف بعضهما الآخر من اجل كسب التأييد والدعم الانتخابي.

فترامب الذي يواجه المزيد من الفضائح في واشنطن واحتمالات جره الى المحاكمة هو بحاجة الى دعم اللوبي الصهيوني هناك، ومن هنا هو يرى من المناسب ان يظهر ويبرز بوضوح الدعم الذي قدمه لحكومة نتنياهو على كافة الصعد.

اما بالنسبة لرئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يواجه هو الآخر تحديا كبيرا في الانتخابات القادمة من المفيد بالنسبة اليه ان ياتي بومبيو للاراضي المحتلة لكي يعلن عن الخدمات الكبيرة التي قدمتها الادارة الاميركية للصهاينة وعلى راسها اعتبار القدس عاصمة للاحتلال.

ولذا كانت تصريحات بومبيو ونتنياهو خلال لقائهما تصب في مصلحة احدهما الآخر فقد اعلن بومبيو في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو إنه "على الشعب الإسرائيلي أن يثق في أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي من المقرر أن يقدم خطة للسلام بعد الانتخابات الإسرائيلية التي ستجرى بعد ثلاثة أسابيع- سيحافظ على علاقة قوية مع إسرائيل".

وأضاف موجها حديثه إلى نتنياهو "أعلم أن علاقة العمل بينكم وبين الرئيس متميزة، لقد أرسلني إلى هنا للبناء على هذه العلاقة ولتمثيله هنا أيضا"

ووجه بومبيو انتقادات إلى الديمقراطيين في بلاده، وذلك بعد تعليقات للنائبة الديمقراطية المسلمة إلهان عمر انتقدت فيها دعم الولايات المتحدة "لإسرائيل"، وقال مخاطبا نتنياهو "يجب على جميع الدول -خصوصا في الغرب- التصدي للموجة المظلمة من معاداة السامية التي تتصاعد في أوروبا والولايات المتحدة".
بدوره، قال نتنياهو "ندرك أن تحالفنا في الأعوام القليلة الماضية كان الأقوى على الإطلاق"، مضيفا "أتطلع لزيارة واشنطن الأسبوع المقبل، حيث سألتقي مع الرئيس ترامب، وأثق أنه بإمكاننا مواصلة تعزيز هذه العلاقة"
كما أوضح نتنياهو أنه بحث مع بومبيو في بداية محادثاتهما سبل تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، في حين قال بومبيو إنه سيشارك في اجتماع مع مسؤولين يمثلون "إسرائيل" واليونان وقبرص لدعم أمن الطاقة ومناقشة جهود التصدي لإيران وروسيا والصين، موضحا أن اللقاء يدخل في إطار الجهود الأميركية لبناء تحالفات إقليمية.
وبخصوص التحالفات التي يتحدث عنها نتنياهو يجب ان نتذكر مؤتمر وارسو الذي حشدت اليه الوالايات المتحدة على امل التوصل الى صيغة لمواجهة ايران نجد ان المؤتمر فشل حتى في اصدار بيان نهائي مما يدل على العجز الاميركي في معالجة المتناقضات في اطار السياسة الاميركية.
بومبيو ومحطته الصعبة في لبنان
جولة بومبيو ومعضلة المواقف الاميركية المتضاربة
واذا انتقلنا الى المحطة التالية التي سيزورها بومبيو وهي لبنان سنجد ان زيارته الى هذا البلد تهدف الى تحقيق هدف واحد ومحدد وهو محاصرة حزب الله اللبناني ومنع لبنان من توسيع علاقاته مع الجمهورية الاسلامية.

ومع دخول حزب الله اللبناني ضمن التركيبة الحكومية للبلد لايجد بومبيو متسعا من الفرص لمواجهة الحزب الا من خلال ضرب القوى السياسية بعضها بالبعض الآخر وتحريض الاطراف ضد بعضها لخلق فرصة التصادم بين الاطراف اللبنانية.

بومبيو يستخدم لغة التهديد مرة من خلال فرض العقوبات، والتطميع مرة من خلال المساعدات المالية ويحاول بشتى الطرق محاصرة حزب الله ومنعه من ممارسة نشاطه السياسي، هذه السياسة مآلها الفشل وذلك ان حزب الله اصبح اكثر تجذرا في الارض اللبنانية ولن يستطيع بومبيو حتى وان استخدم اسلوب التطميع والترهيب ان يحد من تأثير الحزب في الساحة اللبنانية، وبالعكس كلما غاصت واشنطن في الصراع مع حزب الله على الساحة اللبنانية كلما وجدت نفسها في حالة من الغرق ومن تقليص النفوذ.
واذا خرجنا من الاطار اللبناني ونظرنا الى جولة بومبيو بصورة شاملة سنلاحظ انه مأزقا في التوفيق ما بين متناقضات السياسة الاميركية، فادارته التي عجزت في الماضي من حل هذه المعضلة في مؤتمر وارسو ستكون اعجز اليوم لاسيما مع نيتها في طرح مشروعها التسووي في المنطقة.
فدفاع الولايات المتحدة المستميت عن سياسات نتنياهو والرضوخ لكل متطلباته هو يتضارب تماما مع مصالح البلدان العربية، فتلك البلدان لديها محدودية في تقديم التنازلات خاصة وان الشعوب العربية تعارض الكثير من هذه المواقف الحكومية بل واصبحت هناك خطوطا حمراء لدى هذه الشعوب وتشمل بلا شك التنازل عن الارضي العربية المحتلة مثل القدس والجولان و باقي الاراضي المحتلة.
التعارض بين محاولات استمالة الحكومات العربية لعملية التسوية من جهة ورضوخ الادارة الاميركية للاشتراطات الاسرائيلية وتعارضها مع مصالح الشعوب العربية من جهة ثالثة سيكون هو العامل الرئيسي الذي يفشل اية محاولة لتشكيل حلف اميركي يضع العرب و "اسرائيل" في خانة واحدة.
رقم : 784433
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم