0
الثلاثاء 26 آذار 2019 ساعة 09:31

الجولان المحتل .. لماذا قد يكون ترامب الخاسر؟

الجولان المحتل .. لماذا قد يكون ترامب الخاسر؟
لم يغير اعتراف ترامب بسيادة كيان الاحتلال من واقع كان مترسخا طوال خمسة عقود وهو ان الجولان منطقة سورية محتلة، وذلك باثبات القرارات الاممية وابرزها القرار 497 الصادر عام 1980. وقرارات اخرى من الجمعية العامة للامم المتحدة.

البعد الثاني

من خلال اعترافه بسيادة كيان الاحتلال على الجولان، بات ترامب امام اجماع دولي رافض لخطوته التي تزيد المخاوف والهواجس لا سيما لدى حلفائه الاوروبيين من تبعات سياساته المبنية على اسس مخالفة لما تاسست عليه القواعد الثابتة في السياسة الدولية.

البعد الثالث

بنى ترامب قراره الذي اعلن انه درسه جيدا قبل اتخاذه على اساس ان الكيان الاسرائيلي من حقه الدفاع عن نفسه في مواجهة ايران في سوريا، وبالتالي فانه يدخل قضية متفق عليها دوليا وامميا في خصوصيات المنافسة الاميركية الروسية في الملف االسوري.

بناء على ذلك، يمكن القول ان معطيات عديدة ستكون حاضرة في المرحلة المقبلة
المعطى الاول هو ان قرار الاعتراف بسيادة الاحتلال على الجولان ليس ضرورة ملحة لمصالح واشنطن في المنطقة، ولا حتى في سوريا. بل هي وكما تقول التقارير ورقة لعبها ترامب لمساعدة حليفه وصديقه المقرب بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال.

فنتنياهو هو الذي التمس المساعدة من ترامب لاعلان الاعتراف بسيادته على الجولان، ما سيمنح نتنياهو ورقة قوية يحاول استغلالها لاستعادة التاييد في الشارع قبل الانتخابات التشريعية في كيان الاحتلال الشهر المقبل. ونتنياهو حتما سيستغل هذه الورقة حتى الاخير حيث سيظهر نفسه الاقدر على حماية مصالح الكيان الاسرائيلي ومنحه ما لم يستطع الحصول عليه طوال عقود من خلال علاقته الممتازة مع ادارة ترامب.

المعطى الثاني هو ان تبعات هذه الخطوة لم تدرس جيدا من قبل الادارة الاميركية التي لا ترى امامها الا تنفيذ اجندتها المرتبطة مباشرة بمصالح كيان الاحتلال وتحديدا نتنياهو. لكن احتمالات ارتداد الخطوة سلبا على ترامب وفريقه كبيرة.

فاستخدام الخطوة هذه للتمهيد لتمرير صفقة ترامب المتعلقة بالقضية الفلسطينية عبر الانتقال لانهاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين كمرحلة ثالثة بعد مرحلتي الجولان والقدس، سيدفع باتجاه المزيد من التازيم في مسار واحد وهو انفجار قد يتمثل بمواجهة عسكرية من الممكن ان تتجاوز قدرة الاحتلال الاسرائيلي على التحكم بمسارها وتوقيت انهائها.

كما ان استخدام ورقة الجولان للضغط على روسيا في الملف السوري لن يحقق اهدافه، فالورقة الايرانية ليست بيد موسكو رغم المصالح المشتركة الكثيرة بين البلدين، بل هي في يد طهران ودمشق. اضافة الى ان الحقيقة التاريخية الثابتة في سوريا هي ان الجولان ارض سورية محتلة ولا بد من تحريرها، وهذا امر من الصعب على اي طرف تغييره لدى دمشق.

اضافة لذلك، بخطوته هذه يكون ترامب قد منح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورقة مجانية لطالما استغلتها واشنطن للضغط على موسكو وهي الورقة الاوكرانية وتحديدا القرم. فبعد اعترافه بسيادة الاحتلال الاسرائيلي على الجولان لم يعد منطقيا ان يطالب ترامب بوتين بالانسحاب من القرم باعتبارها ارضا محتلة، وهذا ما سيتضح مستقبلا عندما تدخل القرم مجددا في بازار التجاذب الاميركي الروسي.

وفوق كل ذلك، في سبيل مساعدة صديقه نتنياهو، وضع ترامب نفسه ونتنياهو في دائرة الضوء دوليا، فالكيان الاسرائيلي لم يكن تحت الضغط دوليا للانسحاب من الجولان وكان هناك ما يشبه الصمت حيال احتلال الجولان، امام الان فقد اصبح نتنياهو وترامب في دائرة الاتهام والمطالبات بانهاء احتلال الجولان، وفتحا على نفسيهما نفذة من المؤكد انهما لا يريدانها الان.

كل ذلك يشير الى ان النتائج العكسية على ترامب قد تكون اكثر مما توقع، وانه سيحتاج لتقديم تنازلات مستقبلا لتصحيح الامر، وهذا ما سيتضح اكثر في المرحلة المقبلة.
رقم : 785204
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم