0
السبت 13 نيسان 2019 ساعة 09:17

يوميات الثورة السودانية

يوميات الثورة السودانية
ودقت ساعة الصفر ، وظهر جنرال على شاشات التلفاز ليعلن البيان ، الفريق عوض بن عوف وزير الدفاع والنائب الاول للرئيس عمر البشير يعلن على الملأ اقتلاع النظام والتحفظ على رأسه في مكان آمن وتشكيل مجلس عسكري يدير دفة الامور لمدة عامين اضافة الى حل مؤسسة الرئاسة واعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال الليلي.

فسرعان ما تحولت الفرحة الى غضب ممزوج بحالة احباط كبيرة لدى السودانيين ، فقد سرقت ثورتهم ، عوض بن عوف رئيس اللجنة الامنية التي عينها البشير لقمعهم واخماد ثورتهم ، وهو نائبه ووزير دفاعه ، اذا هناك مؤامرة كبيرة احيكت بليل ، فماكان من هذا الشعب الا ان قرر مواصلة الاعتصام لاعادة الامور الى نصابها ، "تجمع المهنيين" الذي يدير الحراك اعلن رفضه التام للعملية واعتبرها محاولة يائسة للالتفاف على مطالب الثوار وطالب بمواصلة الاعتصام حتى تحقيق الاهداف المنشودة .

مصادر سودانية من داخل الجيش اكدت ان العملية كانت مجرد توافق بين البشير ونائبه ولم يكن هناك اي انقلاب عسكري على البشير ، فعادة مايصحب الانقلابات اجراءات عسكرية يعرفونها جيدا. وقال بعض الضباط من داخل القيادة العامة للجيش انهم تفاجأوا بالامر عندما سمعوه مؤكدين ان التحول كان توافقي وقد تم في القصر الرئاسي ولا علاقة للجيش بالامر برمته .

واكدت مصادر اخرى ان مهندس العملية كان رئيس جهاز الامن والمخابرات صلاح قوش وتم برعاية واشراف سعودي اماراتي .

وما يؤكد هذه الفرضية بقاء قوش في منصبه بل وتعيينه ضمن المجلس العسكري الجديد . وبالنسبة للدور السعودي الاماراتي فالجميع يعلم حجم الاستثمارات السعودية والاماراتية في السودان ونفوذهما الكبير بين اوساط الحزب الحاكم وتغلغلهم في مفاصل الدولة في الفترة الاخيرة ، اضف الى ذلك علاقاتهم المميزة مع قادة الجيش السوداني في الاونة الاخيرة من خلال مشاركة الاخير في العدوان السعودي الاماراتي على اليمن الجريح وارسال عدد كبير من الجنود السودانيين والزج بهم في اتون تلك المعركة الظالمة. وقد تناغم الموقف الاميركي مع العملية ، وجاء بيان الخارجية الاميركية باهت اقوى عبارته تلك التي طالبت الجيش بتسليم السلطة باسرع ما يمكن للشعب وتناست واشنطن عمدا ان عوض بن عوف نفسه على قائمتها السوداء لمرتكبي جرائم الحرب والابادة الجماعية في دار فور ، وهذا بالطبع لم يكن يحصل لولا الضغط السعودي الاماراتي للقبول بهذا الرجل .

الثوار المعتصمون امام القيادة العامة للجيش السوداني واصلوا اعتصامهم وكسروا حظر التجوال في يومه الاول متحدين قرار القيادة الجديدة للبلاد ، واللافت هنا ان ليلة الثاني عشر من ابريل كانت ليلة هادئة لم يتعرض لهم فيها اي احد ولم يعكر صفوها شي .

الثاني عشر من ابريل تواصل الاعتصام والالتحام بين افراد الشعب السوداني في ساحة الاعتصام وتوافدت الحشود المليونية الى الساحات في الخرطوم وباقي ولايات البلاد لزيادة الضغط على المؤسسة العسكرية ، فكان هناك مؤتمر صحفي للمجلس العسكري بدا للوهلة الاولي تصالحي ودعا خلاله رئيس الدائرة السياسية في المجلس العسكري عمر زين العابدين الاحزاب للتواصل لصياغة بنود المرحلة القادمة وعرض مقترحاتهم ورؤيتهم للحل ، واكد خلو وفاضهم من اية حلول ، فضحك واضحك العالم وزاد يقين الثوار بمواصلة الضغط للخروج من عنق الزجاجة، ومازاد الطين بلة كان اعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حمدتي رفضه لعضوية المجلس العسكري مايعني فعليا انكشاف ظهر الفريق بن عوف وانذار قوي له بان الجيش ليس كله معه واحتمالات الانشقاق باتت قريبة.

ليل الثاني عشر من ابريل ، بيان مرتقب آخر لرئيس المجلس العسكري عوض بن عوف اعلن خلاله تنازله من رئاسة المجلس واقالة نائبه وتسليم مقاليد الامر الى الفريق اول عبد الفتاح البرهان المفتش العام للجيش ، قرار استقبلته الجماهير بالاحتفالات ولكن بحذر هذه المرة مع التأكيد على مواصلة الاعتصام ، ورقة الضغط الرابحة ، والانتظار لمعرفة ماستؤول اليه الامور وماذا في جعبة الرئيس الجديد ، والمطالب بالنسبة لهم واضحة وفي مقدمتها حل الحزب الحاكم وحل جهاز الامن ومحاكمة رموز النظام السابق وتشكيل حكومة مدنية من قبل الموقعين على اعلان الحرية والتغيير .

الشعب السوداني اثبت للعالم انه شعب واعي ولا تنطلي عليه الاعيب الساسة ، فهل سينجح في المحافظة على مكتسباته التي مهرها بدم خيرة شبابه ، هذا مانتمناه .
رقم : 788381
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم