QR CodeQR Code

أزمة المشتقات النفطية في سوريا .. قراءة متأنية

اسلام تایمز , 20 نيسان 2019 09:18

دمشق (اسلام تايمز) - لماذا لا تقدم روسيا النفط ومشتقاته لحليفتها الإستراتيجية لسوريا وهي من أهم مصدري النفط في العالم؟ وما هو تفسير “التريث” السوري إزاء هذا الملف؟ وهل للإتهامات التي أغرقت السوشيال ميديا والتي تكال بشكل مباشر وغير مباشر من قبل من لا نشك بوطنيتهم ومن قبل أعداء الوطن على حد سواء ضد روسيا ودورها في سوريا وضد الحكومة السورية نفسها؟


أسئلة مشروعة وملحة لا بد قبل الإجابة عنها من توضيح بعض الحقائق التي ربما خفيت عن أعين المواطن العادي، لكنها لا يمكن أن تخفى عن ذهن أي دارس أو محلل منصف وعلى قدر أدنى من المسؤولية.

أولاً: روسيا حليف استراتيجي لسوريا لا يمكن أن يشكك في عمق علاقته ومصداقيتها بعد التضحيات الكبيرة التي قدمها الجيش الروسي على الأرض السورية دفاعاً عن وحدة وسلامة الأراضي السورية في أحلك الأوقات، كما لا ننسى الدعم الغير مسبوق في المحافل الدولية.

ثانياً: روسيا هي جزء من تحالف أوسع ولد مع تطور الأزمة السورية يضم بالإضافة إلى الجانبين الروسي والسوري جمهورية إيران.

ثالثاً: في إطار هذا التحالف هناك توزيع للأدوار والمهمات الملقاة على عاتق كل حليف. وتأمين احتياجات سوريا من النفط ومشتقاته كان من مسؤولية الحليف الإيراني، الذي أدى هذه المهمة على أكمل وجه خلال كل السنوات الماضية رغم الصعوبات والعراقيل الأميركية وحتى العربية.

من هنا يجب أن نفهم أن الأزمة النفطية التي ظهرت مؤخراً في سوريا هي أزمة مستجدة نتيجة لتكثيف الضغوط الأميركية على الجمهورية الإسلامية وعلى سوريا في نفس الوقت. وأحد تجليات هذه الضغوط كانت محاولة منع تصدير النفط من إيران أو تحجيمه إلى أدنى المستويات من جهة وتجريم كل من يحاول إيصاله إلى الموانئ السورية من جهة أخرى. لكن قد يقول قائل: ”وما يهمنا من كل هذا الكلام في المحصلة، نريد حلاً للموضوع فأين الحليف الروسي؟ “.

وهنا لا بد أن نفهم أن توريد النفط من روسيا لم يكن مطروحاً قبل ذلك للأسباب التي أوردناها سابقاً، وبالتالي لم يكن هذا مدروساً من قبل الحلفاء. لكن الآن وقد تغيرت الظروف، لماذا لا نسير بهذا الحل؟

ليس هناك أي أدنى شك أن هذا الملف الساخن مطروح اليوم على طاولة البحث بين الحلفاء وأنه يجري التشاور في إيجاد مخرج سريع (بل إنقاذي) من هذه الأزمة.

وقد يتراود إلى ذهن المواطن البسيط أن الحل يكمن في استبدال النفط الإيراني بالنفط الروسي، حيث من المستبعد أن تتجرأ أميركا على الإعتداء على السفن الروسية.

لكن لا يمكن أن يخفى عن ذهن أي محلل يتحلى بالحد الأدنى من الموضوعية والمعرفة بتفاصيل النقل البحري، أنه ليس لدى روسيا موانئ نفطية على شواطئها على البحر الأسود مما يجعل عمليات النقل غير مجدية (بل بخسارة كبيرة) نظراً لأن توريد النفط من روسيا عبر المحيطات بالمقارنة مع النفط الإيراني القريب سيكون أمراً مكلفاً.

لكن هل يعني هذا أن لا حل؟ بالطبع لا. بكل بساطة هناك عدد من الحلول المطروحة يجري تداولها على طاولة البحث وحتى الحل الروسي (على ارتفاع كلفته) مطروح أيضاً. والمسألة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل. ولكي نوضح الأمر أكثر أعرض عليكم بعضاً من الحلول التي قد تكون أيضاً مجدية:

1. إنشاء خط إمدادي من العراق إلى سوريا بدءاً بالشحن البري بالشاحنات وانتقالاً للنقل بالسكك الحديدية أو إعادة تشغيل أنبوب النفط العراقي وصولاً لمصفاة بانياس. وهذا سيكون رداً استراتيجياً على العراقيل الأميركية وخاصةً أن النفط الإيراني سيجد له منفذاً إلى البحر المتوسط عبر العراق.

2. اعتماداً على العلاقات الروسية المتوازنة مع دول الخليج (الفارسي) واستغلالاً للتناقضات بين هذه الدول، قد يكون من الممكن أن تقوم ناقلات روسية (أو حتى خليجية بأعلام روسية) بتزويد سوريا بالكميات المطلوبة.

3. أن تتدخل روسيا لدى مصر لتذليل الصعوبات الشكلية وتسهل مرور النفط الإيراني إلى سوريا.

4. مساعدة روسيا للحكومة السورية لاسترجاع السيطرة على حقول النفط التي تخضع حتى الآن لسيطرة الأكراد. وربما نرى اليوم بعض البوادر.

وعلى كل حال، فإن الأزمة الخانقة في الداخل السوري والتي بلا أدنى شك تستغل من قبل أعداء سوريا للتشكيك في حلفائها من جهة وتشويه الحكومة والدولة السورية، لا يمكن أن تحل بين ليلة وضحاها نظراً للتعقيدات الإقليمية والدولية، ومن الحكمة أن نتحلى بالصبر. ولعل أحد الحلول في طريقه للتنفيذ. ولا يسعني في النهاية إلا أن أقول:

لا تقدموا لأعداء الوطن مجاناً ما كانوا يعملون على تحقيقه خلال ثمان سنوات من الحرب والتضليل وهو تمزيق الوحدة الوطنية وتقويض التحالف الإستراتيجي مع روسيا وإيران.


رقم: 789614

رابط العنوان :
https://www.islamtimes.org/ar/news/789614/أزمة-المشتقات-النفطية-في-سوريا-قراءة-متأنية

اسلام تايمز
  https://www.islamtimes.org