0
السبت 11 أيار 2019 ساعة 19:45

الملك سلمان يتلقى الإهانة العاشرة من ترامب

الملك سلمان يتلقى الإهانة العاشرة من ترامب
وقال ترامب، الاربعاء الماضي، في خطاب ألقاه أمام جموع من مناصريه في ولاية فلوريدا: "دولة مثل السعودية غنية جدًا وليس لديها سوى المال.. صحيح .. فأعتقد أن بإمكانهم دفع النقود مقابل الدفاع عنهم صحيح".

وأضاف: "سيقومون بالدفع.. فهم يشترون الكثير منا.. يشترون كمية كبيرة من المعدات مقابل 450 مليار دولار".

وتابع "بصراحة عندما أطلب منهم ينظرون إليّ قائلين: لا أحد طلب منا ذلك.. لا يقولون ذلك بالمعنى الحرفي لأنهم أذكياء ولكن يمكنك أن تشعر بذلك".

وعلى الرغم من دفع السعودية مئات المليارات من الدولارات لشراء موقف ترامب ووقوفه في صفها، إلا أن ذلك لم يحد من انفتاح شهية الأخير ليستمر في مسلسل ابتزازاته واستنزافه للأموال السعودية، وبشكل مهين في العلن.

ففي الـ28 من أبريل/نيسان الماضي، أي قبل قرابة عشرة أيام، وجّه ترامب إهانة تضاف إلى سلسلة إهاناته المتكررة للعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، بكشفه عمّا دار بينهما من حوار بشأن دفع "الرياض" ثمنًا للحماية العسكرية التي توفرها لها واشنطن.

وخلال كلمة له أمام حشد في ولاية "ويسكونسن"، شرقي أميركا، كشف الرئيس الأمريكي أنه اتصل بالملك، وقال له: "أيها الملك، لقد أنفقنا الكثير ونحن ندافع عنك، وأنت تملك الكثير من المال"، مضيفًا بأن الملك أجابه بقوله "لكن لماذا تتصل بي؟ لا أحد أجرى معي اتصالاً كهذا في السابق"، "هذا لأنهم كانوا أغبياء"، يقول ترامب.

وأضاف ترامب: "السعودية دولة ثرية جدًا، ندافع عنها، ونقوم بتمويلها، ليس لديها سوى النقود، وهي تشتري الكثير منا"، مشيرًا إلى أن "هناك أشخاصا يريدون مقاطعة السعودية، في حين أنها اشترت منا ما قيمته 450 مليار دولار، لا أريد أن أخسرها"، في إشارة إلى الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وسط مطالبات عديدة لمشرعين في الكونغرس لوقف الدعم عن المملكة.

ويمر النظام السعودي حاليًا بأسوأ مراحل الابتزاز الأمريكي الذي خرج عن إطار الغرف المغلقة وحدود السرية التي تحفظ الاحترام لقادتها، ليصبح على وسائل الإعلام وبشكل رسمي. ويصرِّح ترامب بإهاناته في ظل مطالباته المستمرة بمزيد من الدفع.

ويأتي التشهير بالملك سلمان في ظل العلاقة الجيدة التي يتمتع بها النظام السعودي مع إدارة ترامب، وقد جعلت الأسرة الحاكمة من علاقاتها المباشرة مع رؤساء أمريكا المتعاقبين ركنًا أساسيًا من أركان السياسة السعودية بحكم أن هذه العلاقات تصنع مسندًا قويًا يرزح عليه النظام.

ومنذ الرئيس روزفلت ولقائه الشهير بالملك عبدالعزيز عام 1945، مرورًا بعلاقة نجله سعود بالرئيس آيزنهاور، والملك فيصل بليندون جونسون ثم بنيكسون لاحقًا، والملك فهد بكارتر وريغان، ثم علاقة بوش الابن بالملك عبدالله، إلى أن تشكلت العلاقة بين ترامب والملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، هناك في سلسلة المحطات هذه ما يجعل العلاقة بين النظام السعودي والبيت الأبيض قائمة على مبدأ الدفع مقابل البقاء.

وتحتمي المملكة بأمريكا على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، كما بدا واضحًا في مايو/ أيار 2015، أثناء زيارة ترامب إلى المملكة، وعقد صفقات وصفها ترامب بـ"التاريخية"، وصلت إلى استثمار ما يقارب 460 مليار دولار، بين البلدين، ذهبت منها 110 مليارات لصالح المبيعات العسكرية، كما تم توقيع 34 عقدًا في مجالات مختلفة تجاوزت أكثر من 380 مليار دولار.

وجاءت تلك الصفقة، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، بعد أن تم إيقاف صفقات السلاح بين الطرفين في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، بدعوى أنها تعرّض المدنيين في اليمن للخطر. لكن ترامب وجد في السعودية شريكًا فعَّالاً ومُرضيًا ومُدرًّا للمال، فأعاد تلك الصفقات مجددًا.

وقد سجَّلت الموازنة السعودية لعام 2018، عجزاً بقيمة 52 مليار دولار، بالإضافة إلى إنفاقها ضمن بدلات غلاء المعيشة نحو 13.33 مليار دولار، ويأتي الإنفاق العسكري الضخم ليتصدَّر قائمة المغامرات الاقتصادية المكلفة التي يخاطر بها النظام السعودي، فقد خُصص ثلث الموازنة لحساب القطاعين العسكري والأمني، حتى بلغت ميزانية الإنفاق حوالي 83 مليار دولار، وهي ثلث الموازنة العامة المقدَّرة بـ261 مليار دولار، وقد نتج هذا الاضطراب عن المبالغ الطائلة التي تدفعها المملكة لأمريكا من أجل تزويدها بالوقود، وللمستشارين الأمريكيين الذين يساهمون في التخطيط للعمليات العسكرية في اليمن.

وورد في تقرير أصدره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، أن المملكة احتلّت المرتبة الثانية بعد الهند كأكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال الفترة 2008 و2017، وتبلغ نسبة الأسلحة المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية 98% من واردات المملكة.

حيث قال ترامب، في اجتماع حكومي، في واشنطن بوقت سابق، إن السعودية لا تملك شيئًا آخر غير المال.

وسبق أن صرّح ترامب بأنه لولا الحماية الأميركية للسعودية لانهار نظامها في وقت قصير، وأن على الرياض أن تدفع أموالا طائلة مقابل دفاع أميركا عنها طيلة العقود الماضية.

تصريحات ترامب جاءت في وقت طرح فيه أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قرار يطالب بمنع أميركا من مدّ السعودية بتكنولوجيا السلاح النووي.

ابتزازات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للنظام السعودي ليست وليدة اللحظة، فمنذ حملته الانتخابية في الولايات المتحدة، إلى الوقت الراهن ، يواصل ابتزازات النظام السعودي ، ففي 13 أكتوبر العام الماضي، قال إن "السعودية ثرية جداً وما كان لها أن تكون موجودة لولا حماية الولايات المتحدة لها"

وأمام تجمُّع شعبي بولاية فرجينيا تساءل ترامب قائلاً "الله وحده يعلم ماذا سيحدث للسعودية بدون حمايتنا".

لم يكتف ترامب بذلك، ففي 29 سبتمبر/أيلول 2018، قال ترامب مخاطبًا السعودية "ربما لن تكون قادرًا على الاحتفاظ بطائراتك؛ لأن السعودية ستتعرض للهجوم، لكن معنا أنتم في أمان تام، لكننا لا نحصل في المقابل على ما يجب أن نحصل عليه".

أما في 3 أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، ومن أمام تجمُّع شعبي بولاية مسيسيبي، وجه ترامب استفزازًا جديدًا للنظام السعودي بالقول "نحن نحمي السعودية. يمكننا القول إنهم أثرياء. وأنا أحب الملك، الملك سلمان. ولكنني قلت: نحن نحميكم. قد لا تبقى هناك أسبوعين بدوننا. يجب أن تدفع تكاليف جيشك".

ويواصل مسلسل استفزازاته وابتزازه للسعودية، ففي 13 من اكتوبر/تشرين الأول 2018 واصل ترامب إهانة النظام السعودي، ومن أمام تجمُّع شعبي بولاية آيوا مخاطباً الملك سلمان "إيران كانت ستسيطر على الشرق الأوسط في غضون 12 دقيقة قبل أن أتسلم الرئاسة، وإن كنا سنحميك يجب أن تدفع".

أما في 5 من أكتوبر/تشرين الأول أيضًا، ومن ولاية مينيسوتا قال ترامب: "قلت للملك سلمان وهو صديقي: أعذرني هل تمانع الدفع مقابل الجيش؟ فأجاب الملك: لم يطلب أحد مني ذلك من قبل، فقلت: أنا أطلب منك أيها الملك، فأجاب الملك: هل أنت جاد؟، فقلت: أنا جاد للغاية ثق بي في ذلك"، وواصل ترامب: "سيقومون بالدفع".

وكان ترامب قد وصف السعودية، بـ"فاحشة الثراء"، وقال إنها وافقت على الإنفاق والتمويل اللازمين لإعادة إعمار سوريا بدلاً من الولايات المتحدة.

وأضاف، في تغريدة نشرها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2018: "أليس من الجيد أن تقوم دول فاحشة الثراء بمساعدة جيرانها عوضاً عن دولة عظمى كالولايات المتحدة على بعد 5000 ميل؟"، وتابع: "شكراً للسعودية".

ويأتي تصريح ترامب هذا بعد أيام من إعلانه سحب القوات الأمريكية من سوريا، وما صاحب ذلك من انتقادات داخلية وخارجية اشتدت حِدَّتها إلى درجة استقالة وزير دفاعه ومبعوثه للتحالف الدولي في سوريا، جيمس ماتيس.

ولم يذكر ترامب ما إذا كانت السعودية تعهَّدت بتمويل جديد أم سابق، فقد أعلنت الأخيرة، في أغسطس/ آب الماضي، أنها قدمت مساهمة مالية لصالح التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا بمبلغ 100 مليون دولار، للتصدي لتنظيم داعش الإرهابي في المناطق المحررة من التنظيم شمال شرقي سوريا.

ويأتي تدفيع السعودية ثمن "إعادة إعمار سوريا" بناءً على سياسة استغلال الأزمات التي ينتهجها الرئيس ترامب، إذ تضرب التقارير مثلاً بالحرب على اليمن، وتقول إن إدارة ترامب رغبت في استمرار حرب اليمن لفترة طويلة لاستنزاف الأموال السعودية.

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قد نشرت تقريراً في مارس/ آذار الماضي 2018، قالت فيه إن ترامب قال للملك سلمان بن عبدالعزيز، أن من الضروري تعجيل خروج الولايات المتحدة من سوريا مقابل دفع السعودية مبلغاً مالياً قدره 4 مليارات دولار.


وقالت الصحيفة إن ترامب خلال مكالمة هاتفية جرت في ديسمبر/ كانون الأول 2017، عرض على الملك فكرة تسريع إنهاء التواجد العسكري الأمريكي في سوريا، مقابل المليارات الأربعة، وأكد على ضرورة أن تدفع السعودية المبلغ لإنهاء الالتزامات الأمريكية في سوريا.

ويستمر استنزاف ثروات السعودية، الذي هو أبرز سياسات ترامب تجاه الدول الخليجية، وبرز الاستنزاف في تصريحاته التي قالها عندما كان مرشحًا للرئاسة الأمريكية في سبتمبر/ أيلول 2015، إذ وصف السعودية بـ"البقرة الحلوب، التي متى جف حليبها سنذبحها"، حد تعبيره.

كما أنه، وخلال زيارة ابن سلمان إلى أمريكا، في مارس/ آذار 2018، قال إن "السعودية دولة ثرية جدًا، وسوف تعطي الولايات المتحدة بعضاً من هذه الثروة".

وكل سياساته الاستنزافية التي يتخذها ترامب إزاء الدول الخليجية، ولا سيما السعودية، انطلقت من تصريحاته قبل ثلاثين عاماً، إذ طالب في مقابلة تلفزيونية عام 1987، بربع أموال الدول الخليجية مقابل الحماية الأمريكية، وأكد أنه إذا أصبح رئيساً للولايات المتحدة يوماً ما فإنه سيجعل الدول الخليجية تدفع أموالاً طائلة مقابل هذه الحماية.
رقم : 793682
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم