0
الاثنين 8 تموز 2019 ساعة 22:50

قطار التطبيع من حيفا إلى الرياض وأبوظبي!

قطار التطبيع من حيفا إلى الرياض وأبوظبي!
وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي ووزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، طرح خلال زيارته مؤخراً إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، مبادرة لربط السعودية والدول العربية في الخليج الفارسي مروراً بالأردن بخط السكك الحديدية وصولاً إلى حيفا، وفق ما بينت صفحة "إسرائيل بالعربية" التابعة لخارجية الاحتلال.

وكشفت في تغريدة امس الأحد (7 يوليو الجاري)، أن المبادرة "تتمخض عن طرق تجارة إقليمية أقصر وأرخص وأكثر أماناً، من شأنها دعم اقتصادات الدول".

وكانت صحف عبرية نشرت، في 1 يوليو الجاري، صوراً للوزير الصهيوني كاتس من باحة أحد أكبر مساجد العالم، خلال زيارته أبوظبي نهاية شهر يونيو الماضي.

ويأتي هذا الإعلان عقب علاقات متسارعة بين "تل أبيب" والإمارات، وسط زيارات متبادلة، حققت قفزة كبيرة بينهما، وعقب بدء ظهور العلاقات السرية للعيان، وتمثلت آخر حلقاتها بدعمها ومشاركتها في ورشة البحرين الخاصة بالشطر الاقتصادي لـ"صفقة القرن".

وسابقاً كان كاتس متفاخراً حين تحدث بكل صراحة عن المشروع الذي سيتم الكشف عنه في 2019، وكشف في أبريل 2018 عن مخطط لإنشاء خطة سكة حديدية تربط بين فلسطين المحتلة ودول الخليج الفارسي العربية مروراً بالأردن والسعودية، تحت اسم "مشروع سكة السلام الإقليمي"، في خطوة قد تبدو متوقعة لعملية تطبيع متسارعة بين الاحتلال ومحيطه العربي، والذي يرتكز على الرياض.

ووفق الخريطة التي عرضها كاتس، فإنّ "سكة السلام الإقليمي" ستنطلق من مدينة حيفا إلى بيسان (داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48)، لتمر عبر جسر الشيخ حسين الذي يربط بالأردن، ومن هناك إلى مدينة إربد شمالاً، ومن ثم إلى الدول العربية في الخليج الفارسي .

وكشف "كاتس" حينها النقاب عن أن هناك محادثات مهمة مع دول عربية بشأن مشروع السكة، مضيفاً أنه "متفائل جداً" من احتمالية الدفع بالمشروع.

وزعم أن المشروع سيُساهم في تقوية الأردن وتحويله إلى مركز مواصلات، إذ ستُمكن السكة ليس فقط من الوصول إلى موانئ حيفا، وإنما أيضاً إلى كل أنحاء دول الخليج الفارسي العربية ، كما ستكون بمنزلة جسر بري لمواطني الدول العربية المذكورة، يسهل عليهم الوصول براً إلى ساحل البحر المتوسط، بحسب تعبيره.

ولفت حينها إلى أن مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخاص إلى المنطقة، جيسون غرينبلات، أعجب جداً بالمشروع، ووعد بطرحه على ترامب تمهيداً لتنفيذه على أرض الواقع بعد أن كان حلماً.

محللون وخبراء في الشأن الإسرائيلي أكدوا سابقاً في أحاديث ، أن السعودية ودولاً عربية أخرى مثل مصر والإمارات قد فتحت فعلياً صفحة علاقات جديدة مع الاحتلال، وخط القطار سيكون بداية لعصر ذهبي جديد بين الطرفين.

وقال محمد مصلح، الخبير في الشأن الإسرائيلي: إن "السعودية قد نجحت في تحقيق حلم الاحتلال بالقطار الذي سيكون عابراً للقارات ويخترق العواصم العربية "المعتدلة"، ليجتاز كل الحدود والعقبات الإقليمية التي كانت تجعل تحقق هذا الحلم صعب الحدوث".

"الدول العربية تجاوزت فعلياً مرحلة التطبيع وبدأت بمرحلة أكثر خطورة تتمثل بإنشاء تحالفات أمنية واستراتيجية واقتصادية مع الكيان الاسرائيلي، وهذا بالنسبة للاحتلال انتصار كبير قد تحقق في اختراق كل الدولة العربية برضا وقبول زعمائها"، وفق ما أضاف مصلح.

ولفت النظر إلى أن "خط سكة الحديد في حال تم افتتاحه فعلياً العام 2019 سيكون ضربة قوية وموجعة للقضية الفلسطينية، ويكشف كذلك زيف الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، التي تتغنى بالقضية الفلسطينية وتتحدث عن الدعم وتقديم المساعدات للفلسطينيين".

ومنذ توليه منصب ولاية العهد في يوليو 2017، رسم محمد بن سلمان صورة لمستقبل العلاقات الاقتصادية بين الرياض وتل أبيب، وقال: إن "إسرائيل تشكّل اقتصاداً كبيراً مقارنة بحجمها، كما أن اقتصادها متنامٍ".

ممَّا أثار الكثير من ردود الفعل الغاضبة، ودل على أن التطبيع السعودي مع الاحتلال بدأ يأخذ شكلاً علنيّاً.

التصريحات التي صدرت عن بن سلمان لمجلة "أتلانتيك" الأمريكية، والتي أعرب فيها عن "إيمانه بأن الفلسطينيين والإسرائيليين من حقهم أن تكون لهم أراضيهم الخاصة".
وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن قطار التطبيع قد قطع مسافة كبيرة، ولا يمكن للاحتلال أن يعلن عن هذا المشروع الضخم والأول من نوعه إلا بعد حصوله على ضمانات عربية ودولية لتشغيله، وكذلك توفير مصادر تمويله من نفس الدول العربية التي وافقت عليه.

وأشار إلى أن الكيان الاسرائيلي لم يبق عدواً للكثير من الدول العربية وعلى رأسها السعودية، بل بات حليفاً هاماً في المنطقة، وهو ضمن مخطط "الشرق الأوسط" الجديد، الذي تكشفت ملامحه في "صفقة القرن" التي تعتمد على تهميش القضية الفلسطينية بعيداً عن حل الدولتين واللاجئين، وتوطيد العلاقات العربية والخليجية بـالكيان الاسرائيلي .
وذكر أن "السكة الحديدية" التي يتم الحديث عنها هي جسر سياسي واقتصادي بين الدول العربية والاحتلال، وصورة من التطبيع العلني في المنطقة، متوقعاً أن يكون "القطار" مجرد بداية لمراحل أقوى في اللقاءات والعلاقات والمشاريع الاقتصادية والأمنية والاستراتيجية أكثر تأثيراً، وقد تغير وجه المنطقة بأكملها.

وباتت العلاقات الإسرائيلية مع السعودية والبحرين والإمارات تتسارع بشكل كبير، ومؤخراً عقد مؤتمر بالعاصمة المنامة شارك فيه مسؤولون وصحفيون إسرائيليون.

"ورشة البحرين" كانت بمنزلة تطبيع صريح من قِبل دول لها ثقلها بالمنطقة العربية، ما شكَّل صدمة مدوية في الأوساط السياسية وكان منبع قوة لموقف الكيان الاسرائبلي الذي يسعى جاهدا بمساعدات عربية وغربية لبسط نفوذه بفلسطين، وسرقة حقوق الفلسطينيين.

وحاولت الإمارات والسعودية الترويج للمؤتمر الذي كشف الجانب الاقتصادي من "صفقة القرن" وللعلاقة مع الكيان إلاسرائيلي عن طريق مسؤولين أو ناشطين صغار، لتجاوُز الإعلان الرسمي عن الانفتاح مع الاحتلال، في حين اختارت البحرين الوضوح أكثر وفضح تودُّدها إلى تل أبيب.

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية كشفت النقاب عن زيارة الوزير يسرائيل كاتس للعاصمة الإماراتية أبو ظبي قبل نحو أسبوع، حيث ناقش مع مسؤول إماراتي كبير الجوانب الإقليمية والعلاقات بين الجانبين.

وأضافت الوزارة في بيان أن وزير الخارجية الإسرائيلي زار أبو ظبي للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون البيئة، وأنه طرح مبادرة "مسارات السلام الإقليمي" التي تشمل ربط المجالين الاقتصادي والإستراتيجي بين السعودية ودول الخليج الفارسي العربية عبر الأردن بشبكة السكك الحديدية في الكيان إلاسرائيلي .

ونقل البيان عن وزير خارجية الكيان الاسرائيلي قوله خلال زيارته: "أنا متحمس للتواجد هنا في أبو ظبي لتمثيل مصالح دولة إسرائيل مع دول الخليج (الفارسي) . هناك تقدم ملحوظ في العلاقة بين إسرائيل ودول المنطقة. وسأواصل العمل مع رئيس الوزراء نتنياهو لتعزيز سياسة التعاون بناءً على قدرات إسرائيل في المجالات المدنية، الأمن والمخابرات".

و قال البيان، "التقى وزير الخارجية الإسرائيلي مسؤولا إماراتيا كبيرا لم يكشف مكتبه عن اسمه، وناقش معه الخطر الإيراني على المنطقة عبر برنامج طهران النووي، وصواريخها الباليستية، وتمويلها للإرهاب في المنطقة" حسب وصفه.

وسبق أن عرض كاتس -حين كان وزيرا للاقتصاد العام الماضي- مشروعا لخط سكة حديد يربط كيانه والبحر المتوسط بالدول العربية في الخليج الفارسي ، ومنها السعودية.

وفي أواخر العام الماضي، طرح كاتس، خلال مؤتمر النقل الدولي بالعاصمة العمانية مسقط، على دول الخليج الفارسي العربية وعدد من الدول العربية، مشروع سكك حديد يحمل اسم "سكة حديد السلام"، يربط دول الخليج الفارسي العربية بفلسطين المحتلة مرورا بالأردن.

كاتس، الرافض لقيام دولة فلسطينية، لفت إلى "الفائدة" التي ستعود على الفلسطينيين من خلال هذه الخطة، عبر ربطهم بميناء حيفا ودول الخليج الفارسي العربية.

وحسب عرض للمشروع نشره كاتس عبر حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، تستند "المبادرة إلى فكرتين أساسيتين: إسرائيل تكون جسرا بريا، والأردن مركزا إقليميا لنقل البضائع".

وجاء بالعرض أن "الخطة من شأنها أن تخلق مواصلات أقصر وأسرع وأقل كلفة وأكثر أمنا، وتساهم في اقتصادات الأردن والسلطة الفلسطينية والسعودية ودول الخليج الفارسي العربية" حسب زعمه.

ولفت إلى خط الحجاز الرابط بين حيفا وعسقلان، الذي تم افتتاحه العام 1916.
وقال: "سيمتد هذا الخط شرقا إلى معبر الشيخ حسين (الحدود الأردنية الإسرائيلية)، ويتجه جنوبا إلى معبر الجلمة في الضفة الغربية؛ بحيث يمكن للفلسطينيين الارتباط به لتصدير واستيراد البضائع عبر ميناء حيفا، وأيضا باتجاه الشرق نحو الأردن والسعودية ودول الخليج الفارسي العربية ".

ووفق المصدر نفسه، ستتم إقامة منطقة حديثة كبيرة للبضائع في اربد لإنعاش الاقتصاد الأردني ومن هناك، يتجه خط سكة الحديد جنوبا إلى العاصمة السعودية الرياض، بطول 1590 كم، ومنها إلى ميناء الدمام بالمملكة، بطول 450 كم، ثم ميناء الجبيل (بالمملكة أيضا) بطول 970 كم.

ومن السعودية يمتد الخط إلى دبي في دولة الإمارات .

وحسب العرض، فإنه "في غضون عقد من الزمن، ستبدأ عوائد الخط بالظهور". ففي العام 2030، يتوقع أن تبلغ قيمة النمو المتوقع للاقتصاد الإقليمي 15 مليار دولار للأردن، و25 مليار دولار للعراق، و80 مليار دولار للسعودية، و85 مليار دولار للإمارات، و45 مليار دولار للكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان.

أما حجم التجارة المتوقعة عبر المسار، سيصل في العام 2030 إلى 250 مليار دولار.
ويتضح من المخطط أنّ الربط مع الكيان إلاسرائيلي لا يقتصر على سكك الحديد إذ يمتد أيضا إلى البحر.

وحتى الآن، لم تعلن الدول التي يشملها المخطط موقفها من خطة الكيان الإسرائيلي.
رقم : 803935
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم