0
السبت 14 أيلول 2019 ساعة 10:06

ما لا تعرفه عن عبد الفتاح مورو المرشح الرئاسي في تونس

ما لا تعرفه عن عبد الفتاح مورو المرشح الرئاسي في تونس
26 مرشحا يتسابقون في هذا الاستحقاق الانتخابي أملا في دخول قصر قرطاج خلفا للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.. 26 شخصية من كل الاتجاهات والمشارب من ساسة ورؤساء حكومة إلى رجال أعمال وأكاديميين.. وقد اختارت حركة النهضة الإسلامية بزعامة راشد الغنوشي خوض غمار الانتخابات بمرشّح ليس كغيره، هو الشيخ عبد الفتاح مورو. فهل ترى الحركة في هذا الترشيح خشبة خلاص لتنظيم تراجعت أسهمه كثيرا في السنوات الأخيرة؟

من هو عبد الفتاح مورو؟

هو الرئيس المؤقت للبرلمان أو كما يُعرف في تونس بمجلس نواب الشعب. وقد شغل مورو هذا المنصب خلفًا لـ محمد بناصر الذي أدّى اليمين وفقا للدستور لشغل منصب رئيس الجمهورية بعد وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي في 25 تموز يوليو الماضي.
هو محام في الواحدة والسبعين من عمره، وُلد في 1 يناير كانون الثاني 1948 بالعاصمة تونس. متزوّج وأب لأربعة أبناء.

ورغم أن له باعا طويلا في ردهات السياسة ودهاليزها، فإنه لم يكن يومًا يفكّر في خوض سباق الدخول إلى قصر قرطاج. وهو يُعتبر من الأعضاء المؤسسين لحركة النهضة الإسلامية ويُنظر إليه على أنه شخصية توافقية.

ترشيح مفاجئ وعلى مضض بالنسبة للبعض
قال الشيخ عبد الفتاح مورو في إحدى الحوارات الإعلامية إنه فوجئ باختياره في 6 أغسطس آب 2019 مرشّحا عن حركة النهضة الإسلامية في الاستحقاق الرئاسي.

ورغم انتمائه للتنظيم، فإنه لا يشاركه كلَّ آرائه السياسية وهو يقول إن له آراء أكثرَ انفتاحا من الكوادر الذين يشكلون النواة الصلبة في الحركة. لذلك فإن ترشيحه لم يحظ بالإجماع داخل النهضة. ففيما كانت أغلبية أعضاء المجلس الاستشاري تريد شخصية من الحركة، سعت المجموعة القريبة من راشد الغنوشي لتزكية رئيس الوزراء الحالي يوسف الشاهد.

فالنهضة قد دأبت في الماضي على أن تبقى بعيدا عن مغازلة كرسيّ الرئاسة وارتأت تزكية مرشّحين آخرين. حيث فضّلت إلقاء ثقلها في الانتخابات التشريعية لنيل الأغلبية في البرلمان وتشكيل الحكومة.

"الجبّة والشاشية"

كلّما جاء ذكر عبد الفتاح مورو تتبادر إلى الذهن صورة ذلك الرجل بالزيّ التقليدي التونسي (الجبّة والعمامة أو الشاشية كما يسميها التونسيون وأهل المغرب العربي عامة). وقد اعتمد الشيخ هذا الزي منذ أن كان يافعا في سن الثامنة عشرة.

يُعتبر من أبرز وجوه الثورة التونسية وعلى قدر عال من الثقافة والاطلاع. خطيبٌ مفوّه وبعيد عن اللغة الخشبية التي يعتمدها أهل السياسة ما جعله محطّ اهتمام الصحافة.

يتميز مورو بتعاطيه المرن مع غيره. فهو يخاطب من أمَامَه باللغة التي يفهمها، كلٌّ وفق مستواه وخلفيته. كما أن للشيخ أسلوبا فريدا في الحديث المفعم بروح الفكاهة، متنقلا بين الفصحى والدارجة التونسية عكس ما دأب عليه الساسة ذوو التوجه الإسلامي.

"معتدل" وعلى مسافة وخلاف أحيانا مع حركة النهضة

عُرف عن الشيخ حبُّه للمسرح والموسيقى التي خاض غمارها حين كان شابّا، ويقول إنه لا يزال يمارِسُها في بعض المناسبات. وهو يمثل تيارا محافظا معتدلا ومتسامحا قد يجعل التونسيين يأمنون جانبه.

ظهرت بوادر خلاف بين عبد الفتاح مورو وبين القيادة السياسية لحركة النهضة وتحديدا مع الشيخ راشد الغنوشي ما دفع ابن تونس العاصمة لتشكيل قائمة مستقلة عن الحركة في انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011 لكن لم يكتب لها النجاح فعاد إلى حركة النهضة.


التعليم والنشأة والبدايات

كان مورو تلميذا في المدرسة الصادقية قبل أن يدخل كلية الحقوق والشريعة بالجامعة التونسية ويتخرّج منها عام 1970 حاملا شهادتي ليسانس، واحدة في الحقوق والثانية في العلوم الإسلامية. وهو يتقن الفرنسية كما درس أيضا اللغة الألمانية.

بعد الشهادة دخل مورو سلك القضاء حتى عام 1977 ثم استقال ليتحول إلى مهنة المحاماة إلى يومنا هذا.

من الصوفية إلى الجماعة..

خطا الشيخ عبد الفتاح مورو أولى خطواته في ميدان العمل الإسلامي بالاهتمام أولا بالفكر الصوفي حيث كان من أتباع "الطريقة المدنية" التي تأسّست في بداية القرن العشرين وكانت تدعو إلى رفض الوجود الأجنبي في تونس. بعد ذلك تحوّل مورو عن الصوفية إلى فكر جماعة الإخوان المسلمين.

العمل السياسي والملاحقة الأمنية

تعرّف الشيخ على راشد الغنوشي في نهاية ستينيات القرن الماضي واتفق الاثنان على تأسيس حركة إسلامية في تونس. في عام 1973 ألقت أجهزة الأمن القبض على مورو أثناء محاولته تنظيم اجتماع يضم نحو 100 شخص في مدينة سوسة. وهناك قرّر الشيخ إنشاء تنظيم سرّي أطلق عليه اسم الجماعة الإسلامية التي كانت تنشط في المساجد والجامعات وقد أصدرت جريدة بعنوان "المعرفة" كانت تُباع في بعض الأكشاك والمكتبات القريبة من مقر التنظيم. وقد أصبح مورو بعدها من أهم خطباء تونس العاصمة.

أسس مع راشد الغنوشي وصلاح كركر عام 1989 حركة الاتجاه الإسلامية وكان يشغل فيها منصب الأمين العام. وقد تغيّر اسمها فيما بعد إلى حركة النهضة. وسرعان ما أصبحت الأخيرة في دائرة استهداف السلطات بعد اتهامها بالوقوف وراء حريق باب السويقة الذي استهدف مقر حزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم في ليلة من ليالي شباط فبراير من عام 1991، وقُتل في ذلك الحادث حارسُ المقر وأصيب آخر بجروح بالغة. وقد أُلقي القبض حينها على مورو وحُكم عليه بسنتين سجنًا.

نأيٌ عن حركة النهضة وتنديدٌ بالعنف

حاول المحامي الإسلامي الابتعاد عن الحركة بعد تلك الحادثة وتبنى نهجا تصالُحيّا أكثر. حيث ندّد بالعنف وعلّق عضويته فيها كما أعلن توقّفه عن ممارسة أي عمل سياسي حيث اكتفى بمزاولة مهنته كمحام.

سقوط بن علي وعودة إلى السياسة

في 30-01-2011 وإثرسقوط الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بعد 24 عاما قضاها في سدّة الحكم، أعرب الشيخ عبد الفتاح مورو عن رغبته في العودة إلى العمل السياسي وتزامن ذلك مع عودة راشد الغنوشي إلى تونس.

أعلن الأخير أن مورو سيتولى قيادة الحملة الانتخابية عن حركة النهضة لاختيار أعضاء المجلس التأسيسي، لكن الشيخ أوقع الغنوشي في الحرج حين أعلن طلاقه مع الحركة. فقد دخل السباق بقائمة مستقلة تحت عنوان التحالف الديموقراطي المستقل وقد انضمت لها أحزاب أخرى لكن لم يكتب النجاح لها.

عودة إلى رفقاء الأمس والدرب

في شهر تموز يوليو 2012، عاد مورو إلى النهضة مجدَّداً أثناء انعقاد مؤتمر الحركة حيث أصبح أمينا عاما للمكتب التنفيذي ومستشارا للغنوشي.

حادثة الاعتداء

وبعد شهر من تلك العودة (أغسطس 2012) تعرّض الشيخ لحادثة اعتداء على يد أحد المتشدّدين فأصابه في رأسه.

مورو يدخل البرلمان نائباً ونائبَ رئيس

في خريف 2014، تم انتخاب مورو نائبا عن حركة النهضة في مجلس نواب الشعب بعد الانتخابات التشريعية التي شهدتها تونس في أكتوبر تشرين الأول من تلك السنة كما اختير ليشغل منصب النائب الأول لرئيس المجلس.

بين مورو والسبسي.. الاختلاف لا يفسد للود قضية

وقد ربطت الإسلاميَّ المحافظَ بالرئيس الباجي قايد السبسي علاقةٌ أساسُها الاحترامُ والمودّة بدتْ واضحةً في أول خطاب لمورو بعد توليه الرئاسة المؤقتة للبرلمان إثر وفاة السبسي.

ألقى الشيخ خطابًا مؤثّرا بُثّ على الهواء مباشرة، وتوجّه فيه مورو للرئيس الراحل بقوله: " يا باجي يا سي الباجي يا بجبوج.. يا أستاذ الباجي.. يا سيدي الرئيس.. ناديتُك بالألقاب التي أعلمها والتي تُنادَى بها في كامل حياتك ولكنك على خلاف العادة لا تجيب. (..) آه يا باجي أتعبتني وأتعبت الذين عايشوك. أتعبتنا ليس لأنك مُتعِب بل لأننا لم نستطع أن نحيط بشخصيتك.. من أنت يا باجي؟"

كما ارتأى عبد الفتاح مورو السيرَ على قدميه وراء الموكب الجنائزي الذي كان يُقلّ جثمان السبسي، ومشى من قصر قرطاج إلى مقبرة الجلاّز استجابة لرغبة الرئيس الراحل الذي مازح مورو يوما بقوله: "أتمنى أن تسير خلف جنازتي حين أموت".
رقم : 816114
شارک بتعلیقک
الإسم الثلاثي

البريد الإلكتروني
تعليقك

أهم الأخبار
إخترنا لکم